الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

الانفلات الأمني... انعطافة حادة قبل نهاية العام .. 34 حالة قتل منها 18 على خلفية الصراع السياسي

نشر بتاريخ: 28/12/2006 ( آخر تحديث: 28/12/2006 الساعة: 19:14 )
نابلس - معا - شكل شهر كانون أول 2006 انعطافة خطيرة في عدد حوادث الانفلات الأمني في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، وقد أتى هذا التصاعد على خلفية اندلاع الصراع السياسي الدامي بين حركة حماس وحركة فتح، وخصوصا فيما يتعلق بعدد حالات القتل التي وقعت خلال الشهر، بالإضافة إلى ارتفاع في حالات الاختطاف والاعتداء على المؤسسات والأملاك العامة والشخصية، والاعتداء على الأمن الشخصي للمواطنين، وقد حدث كل ذلك في ظل غياب الإجراءات الرسمية والقانونية.

فمنذ بداية كانون أول وحتى تاريخ 27/12/2006 رصدت الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن مقتل 34 مواطنا على خلفية الانفلات الأمني وغياب سيادة القانون، وكان من القتلى 26 مواطنا قتلوا في قطاع غزة وثمانية مواطنين قتلوا في الضفة الغربية، ويتبين من خلال الاطلاع على كافة الحوادث أن 31 شخصا من بين القتلى قتلوا بالرصاص، وأن 26 شخصا قتلوا خلال عشرة أيام من تاريخ 11/12/2006 وحتى تاريخ 21/12/2006.

وكان خمسة من بين القتلى سقطوا على خلفية فوضى وسوء استخدام السلاح، وثلاثة آخرين سقطوا على خلفية شجارات عائلية وثأر، واثنان على خلفية جنائية، واثنان آخران قتلا على خلفية العبث بمخلفات لقوات الاحتلال داخل منزلهما.

وشهد هذا الشهر كذلك ارتفاعا هائلا في عدد المواطنين الذين قتلوا على خلفية الصراعات السياسية والتي انطلقت بين فتح وحماس وتركزت بشكل أكبر في قطاع غزة، حيث سقط 18 مواطنا من بين القتلى على هذه الخلفية، وكانت شرارة هذا الاقتتال اندلعت بتاريخ 11/12/2006 على خلفية مقتل الأطفال الثلاثة من عائلة بعلوشة.

"جريمة قتل الأطفال الثلاثة"

حيث وبتاريخ 11/12/2006 قتل الأطفال الأشقاء أحمد، إسلام، وأسامة بهاء بعلوشة 7،4،و9 أعوام ، وذلك في عملية اغتيال كان تستهدف والدهم المقدم في جهاز المخابرات العامة بهاء بعلوشة، حيث تم مهاجمة السيارة التي تعود لوالدهم والتي كانت تقلهم صباحا إلى المدرسة من قبل عدد كبير من المسلحين الملثمين الذين أمطروا السيارة بوابل من الرصاص من الأسلحة الرشاشة دون أن يتنبهوا إلى أن هدفهم ليس في هذه السيارة مما أدى إلى مقتل الأطفال الثلاثة ومرافقهم محمود عبد الله الهبيل 22 عاما، وجرح طفلة أخرى من ركاب السيارة، وجرح كذلك خمسة أطفال أخرين كانوا في طريقهم إلى المدرسة جراء إطلاق النار العشوائي في المكان.

وقد اندلعت اشتباكات مسلحة عنيفة في قطاع غزة بين مسلحين من أنصار حركة فتح من جهة ومسلحين من أنصار حركة حماس من جهة أخرى عقب مقتل الأطفال الثلاثة.

"إطلاق النار على موكب رئيس الوزراء"

وكذلك فقد شكلت عملية إطلاق النار التي تعرض لها رئيس الوزراء إسماعيل هنية ومرافقوه أثناء دخوله إلى قطاع غزة من خلال معبر رفح بتاريخ 14/12/2006، والتي قتل فيها أحد مرافقيه وهو عبد الرحمن يوسف صالح 20 عاما، وجرح نجله عبد السلام ومستشاره السياسي أحمد يوسف، شرارة أخرى لتزيد اشتعال الاقتتال بين أنصار الطرفين ( حماس وفتح).

وحسب إحصائيات الهيئة فقد تبين أن 14 شخصا من أنصار الطرفين ومن المواطنين غير المسلحين قتلوا في الاشتباكات التي أعقبت الحادثين المذكورين أعلاه.


"مؤشر أخر على تدهور الأمن الشخصي للمواطنين"

المؤشر السابق يمكن أن يضاف إليه مؤشر أخر يثبت تدهور الأمن الشخصي للمواطنين، حيث وخلال الشهر أيضا جرح مئات المواطنين جراء الاشتباكات المذكورة أعلاه ، بالإضافة لحدوث عشرات الاعتداءات على المؤسسات العامة والخاصة والأملاك الشخصية يضاف إليها عشرات من عمليات الخطف.

حيث ومنذ بداية كانون أول سجلت الهيئة 33 حادثة سقط بها مصابون بشكل فردي وجماعي جراء الاقتتال الذي شهده قطاع غزة بين فتح وحماس، وقدرت الإصابات ب 220 إصابة مختلفة.

ومن أبرز الحوادث التي سقط خلالها جرحى بالعشرات، حادثة تفريق مسيرة لحركة حماس في مدينة رام الله بتاريخ 15/12/2006 من قبل الأجهزة الأمنية، والتي انطلقت من مسجد جمال عبد الناصر في مدينة البيرة صوب ميدان المنارة وذلك بمناسبة الاحتفال بالذكرى التاسعة عشرة لانطلاقة حركة حماس، حيث استخدمت العصي وأطلقت النار بالهواء من قبل أفراد قوات الأمن وأحيانا أطلقت النار باتجاه المشاركين بالمسيرة، واستخدم المشاركون الحجارة والزجاجات الفارغة لمهاجمة قوات الأمن التي قالت أنها تعرضت لإطلاق النار أيضا، مما أدى لسقوط 35 جريحا خلال هذه المواجهات، بعضهم أصيب بالرصاص.

وقد أصيب خلال الشهر أيضا عدد أخر من أنصار الحركتين بالرصاص في محاولات اغتيال، لم يعرف منفذوها.

وتصاعدت كذلك خلال كانون أول حالات الاختطاف، حيث رصدت الهيئة عشرة حوادث اختطاف فردية وجماعية طالت 37 مواطنا، وكانت هذه الحالات جرت على خلفية احتدام الصراع بين فتح وحماس، حيث جرت عمليات اختطاف متبادلة بين الطرفين تركزت في قطاع غزة، وكانت تهدف إلى إجبار كل طرف للأخر على أخلاء سبيل أنصاره من المختطفين.

فبتاريخ 18/12 جرت 18 حادثة اختطاف في قطاع غزة طالت أفرادا وقياديين من الجانبين، وكان من أبرز المختطفين سفيان أبو زايدة وزير شؤون الأسرى السابق والقيادي في حركة فتح، ولم يتم إطلاق سراح المختطفين إلا عقب تدخلات ووساطات قام بها قياديين من تنظيمات سياسية أخرى.

وقد شكلت حوادث الاعتداء على المؤسسات والأملاك العامة والشخصية، ارتفاعا كبيرا خلال هذا الشهر أيضا، فقد رصدت الهيئة 40 حادثة اعتداء طالت مؤسسات ومقرات رسمية ومنازل وأملاك شخصية لوزراء ومواطنين، ومحلات تجارية وبنوك، وكانت مجموعة من هذه الاعتداءات جاءت على خلفية الاقتتال بين حركتي فتح وحماس، وجزء أخر نفذ من قبل مجهولين، حيث شهد قطاع غزة خلال الشهر عدة حوادث تفجير وإحراق لمحلات تجارية لبيع الأجهزة الخلوية والأشرطة الموسيقية والإكسسوارات وعدد من مقاهي الانترنت، مملوكة لمواطنين، وكان هذا النوع من الاعتداءات سجل بالعشرات خلال شهر تشرين ثاني كذلك.

"غياب الإجراءات الرسمية"

من خلال متابعة وتوثيق الهيئة لكافة الحوادث سابقة الذكر لوحظ غياب للإجراءات الرسمية والقضائية التي كان يجب أن تتخذ في إطار معالجة مختلف الحوادث التي جرت خلال الشهر ، حيث لم تلمس الهيئة جهداً حقيقياً لأجهزة الأمن والشرطة الفلسطينية وللقوة التنفيذية التي تتبع وزارة الداخلية، لإنفاذ القانون، ووقف التدهور الأمني ، وحماية أرواح وممتلكات المواطنين، بل كانت هذه الأجهزة عاملا رئيسيا في هذه التدهور كونها شاركت في الاشتباكات التي حدثت بشكل طرفي، مما يؤكد على استمرار حالة ضعف جهود السلطة الوطنية في تبني سياسات واتخاذ إجراءات فاعلة على الأرض لوقف استمرار وتصاعد حالة الانفلات الأمني، فكما تعودنا فقد تم الإعلان عن تشكيل العديد من لجان التحقيق في كثير من الحوادث والجرائم التي سقط فيها ضحايا أبرياء، إلا أن هذه اللجان لم تعلن عن نتائج التحقيق التي توصلت إليها، وإذا ما أعلنت فأن هذه النتائج لم تتبلور لتصبح إجراءات قانونية وقضائية بحق مرتكبي الجرائم والاعتداءات.

بناء على ما ذكر سابقا وعلى ما هو متوفر من توثيق وإحصائيات لدى الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن فأن الهيئة تشير إلى أن شهر كانون أول شهد تنام مطرد في حالة الانفلات الأمني في الأراضي الفلسطينية، لذلك توصي الهيئة بما يلي:

ضرورة تضافر الجهود الرسمية والأهلية في إطار معالجة هذه الظاهرة، وتؤكد على ضرورة قيام التنظيمات السياسية بواجبها المركزي في هذا المجال، من خلال ضبطها لعناصرها المسلحة لكي لا يساء استخدام هذا السلاح.

ضرورة قيام الجهات الرسمية بالإعلان عن النتائج التي توصلت إليها لجان التحقيق وبلورة هذه النتائج في إطار إجراءات قانونية وقضائية بحق من يثبت تورطه في هذه الأحداث.

تعزيز سيادة القانون والقضاء، والإسراع في تنفيذ القرارات الصادرة عن المحاكم بكافة أنواعها، لكي لا يكون عدم تنفيذ هذه القرارات ذريعة لأي طرف أو شخص لأخذ القانون بيده.

وضع حد لمظاهر فوضى ا لسلاح بكافة أشكاله والمنتشر بين أيدي المواطنين بشكل كبير، وخصوصا في قطاع غزة، دون رقيب أو حسيب.

ضرورة تفعيل دور المجلس التشريعي في مجال الرقابة على الأجهزة الأمنية، وكذلك تفعيل دوره في مسائلة السلطة التنفيذية حول أدائها في مواجهة هذه الظاهرة، وحول اتخاذها الإجراءات اللازمة لمعالجة الحالة الأمنية الداخلية، بما يكفل رفع حالة الشعور بالأمن لدى كافة المواطنين.