باحث فلسطيني في القاهرة يكتب لمعا عن سبب تقدم احمد شفيق
نشر بتاريخ: 26/05/2012 ( آخر تحديث: 26/05/2012 الساعة: 12:38 )
تحت عنوان ( عوامل خدمت الفريق أحمد شفيق في الجولة الأولى من الانتخابات المصرية ) كتب د.محمود خلوف وهو صحفي وباحث إعلامي في القاهرة لوكالة معا :
كانت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المصرية مفاجئة لكثيرين من المراقبين والمصريين، على صعيد انحصار المنافسة بين د.محمد مرسي، والفريق د.أحمد شفيق، وكان اللافت أيضا في هذه الانتخابات بروز قوة المرشح حمدين صباحي، فيما جاء ترتيب عبد المنعم أبو الفتوح مخالفا لتوقعات غالبية استطلاعات الرأي وآراء المراقبين.
وإن كان سبب تبوء مرسي المركز الأول معلوما للكثيرين؛ نظرا لأنه يمثل حزب الحرية والعدالة، هذا الحزب الذي لديه قاعدة جماهيرية ملتزمة ومنظمة ويمتلك إمكانات ضخمة تجير لخدمة مصالح جماعة الإخوان المسلمين وطموحاتها، إلا أن الفريق شفيق كان مفاجأة بالنسبة للكثيرين.
إن النتائج أبرزت شفيق علامة بارزة في هذا السباق، ما يتطلب التفكير بالأسباب التي دفعت بالناخب المصري لدعم هذا المرشح رغم كل ما يتعرض له من حملات تحريض واتهامات في مقدمتها بأنه يحاول انتاج النظام السابق وأنه مع أعمدة الفلول، وغير ذلك.
كنت بالصدفة في أحد صالونات الحلاقة في مدينة الجيزة المصرية قبل أسبوعين، وسألني المتواجدون بالمكان عن توقعاتي كصحفي ومراقب غير مصري، وتفاجأوا عندما قلت لهم بأن أحمد ىشفيق منافس شرس،...وتوقعي هذا لم يكن عفويا، بل جاء بناء على مشاهدات نتيجة التدقيق في الدعاية الانتخابية للمرشحين، ومتابعة المناظرات التي استضافتها بعض القنوات التلفزيونية المصرية..
إن الفريق شفيق اتسم بثلاثة أمور أساسية جعلته مقبولا بالنسبة للناخب المصري، أولهما تركيزه على عنصر الأمن الذي افتقده المواطن المصري كثيرا وأصبح كابوسا يلازمه في الليل والنهار، وثانيا وضوح قوة شخصيته بما يتناسب مع منصبه السابق كضابط كبير في القوات المسلحة، وقدرته على إعطاء انطباع للمواطن المصري بأنه لا يكذب، وهذا ظهر جليا عندما سُئل عن علاقته بنظام مبارك، وعندما تحدث عن تسلمه رئاسة الحكومة في فترة رفض الكثيرون هذا المنصب وأنه لم يتبوأ هذا المنصب في ذلك الوقت بالذات إلا لحبه لمصر ورغبته في محاولة التخفيف من أزمة كبيرة وخطيرة كانت قائمة...في المقابل كان آخرون مثل عمرو موسى يتهربون من علاقتهم بنظام مبارك...
كما أن الفريق شفيق ركز في دعايته الانتخابية على أمر مهم أغلفه غالبية المرشحين وتمثل بضرورة تحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام الناجم عن الثورة، وتكاتف جهود الجميع للنهوض في مصر وبنائها والارتقاء بمكانتها..
إن ما حصل مع الفريق شفيق ومع السيد حمدين صباحي في الجولة الأولى تظهر بأن الشعب المصري ركز على السمات الشخصية في الاختيار، فهما تمتعا بصفات افتقد لها على سبيل المثال مرشح الإخوان د.محمد مرسي الذي لا يتمتع بحضور كبير لدى الشارع المصري، والذي بدا في أكثر من مقابلة تلفزيونية بأنه في موقف دفاعي.
وكان واضحا بأن ما دفع بمرسي لصدارة المركز الأول استفادته من الكتلة التصويتية الكبيرة لحركة الإخوان المسلمين، ولا يعني هذا أنني استهين بمقدرة حركة الإخوان على حشد التأييد لمرشحها في الجولة الثانية، التي ستخدم مرسي فيها عوامل عديدة لم تكن متوفرة له في الجولة الأولى، وفي مقدمتها إمكانية حصوله على أصوات كثيرين ممن دعموا د.عبد المنعم أبو الفتوح والسيدين حمدين صباحي وعمرو موسى في الجولة الأولى.
أي المتابع للخطاب الإعلامي لحركة الإخوان المسلمين وحزبها السياسي يدرك أنها تستخدم بقوة فزاعة الفلول، وضرورة التكاتف للحفاظ على مكتسبات الثورة، وحتى الحفاظ على الدولة المصرية، وأن الأمة فى خطر، ...لقناعتها بقوة الخصم، الذي استفاد من وجود خوف لدى الشارع المصري من "الإسلام السياسي"، وتكرار تجربة حكم الحزب الواحد.
إن من تابع المؤتمر الصحفي مساء الخامس والعشرين من مايو لحزب الحرية والعدالة وتعليق القيادي د.عصام العريان على وجود أحمد شفيق بالمنافسة بالقول: "إننا نشعر بأن الوطن والأمة في خطر.. ومن هنا نعلن عن مبادرة لاستكمال الثورة وإنقاذها"، يدرك بأن المعركة في الجولة الثانية ليست سهلة، وأن حركة الإخوان قد تشرع في اتفاقات وحتى صفقات مع قوى وأحزاب مختلفة بما يضمن فوز مرشحها في جولة الإعادة.
وتبقى الزاوية التي ينظر من خلالها الناخب للمرشح هي الأساس في تحديد خياره، فهل يتم النظر إلى مرسي بأنه يمثل الدولة الدينية، وأن أحمد شفيق يمثل الدولة المدنية؟، أم إلى أن مرسي الحامي للثورة، وشفيق هو من سيعيد ترميم النظام السابق؟، أم سيركز على الصفات الشخصية لكلا المرشحين بحيث يختار من يرى بأنه رجل دولة؟.