هل يكون بدء عمل لجنة الانتخابات مسماراً في نعش الانقسام ؟
نشر بتاريخ: 27/05/2012 ( آخر تحديث: 28/05/2012 الساعة: 09:19 )
رام الله- خاص معا- تبدو زيارة وفد لجنة الانتخابات المركزية إلى قطاع غزة المقررة صباح يوم الاثنين، هي الفرصة الأخيرة لتنفيذ آخر اتفاق للمصالحة تم التوافق عليه، بعد أن تم خرق الاتفاقات السابقة، ولم تر النور، واخترقت حتى قبل أن يجف الحبر.
لجنة الانتخابات المركزية ستزور غزة إيذاناً ببدء تطبيق اتفاق القاهرة الأخير، وهي تعمل على تحديث سجل الناخبين الفلسطينيين، ومن ثم ستبدأ المشاورات لتشكيل حكومة تكنوقراط يرأسها الرئيس محمود عباس، تكون مكلفة بإنجاز ملف الانتخابات، وإعادة الوحدة الوطنية، وهي حكومة سقفها الزمني من ستة أشهر.
ويرى البعض أن جولة الأعادة للانتخابات المصرية قد تلقي بظلالها على الحوارات القريبة بين الرئيس محمود عباس، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، عبر تعطيل التطبيق في انتظار الرئيس المصري القادم.
ورغم التراشق الاعلامي البسيط، إلا أن حالة من التفاؤل تسود الجميع بتنفيذ الاتفاق هذه المرة، وتحقيق اختراق حقيقي في جدار الانقسام السميك.
"معا" تقرأ في فرص تطبيق الاتفاق الأخير، وترصد إمكانية التنفيذ
وفي هذا الصدد، أكد الناطق باسم حركة فتح أحمد عساف، إن الكرة باتت في ملعب حركة حماس في قطاع غزة، بأن تلتزم بما تم الاتفاق عليه بالسماح للجنة الانتخابات المركزية بالعمل في قطاع غزة، وأن تتوقف عن الاشتراطات التي صدرت عن أحد قياداتها صباح اليوم بتسمية نائب رئيس وزراء من الحركة والوزارات السيادية، واعتبر أن هذه اشتراطات أعاقت سابقاً تنفيذ اتفاق الدوحة، الذي وقع في شهر شباط الماضي.
وشدد عساف على أن الاتفاق واضح بأن على لجنة الانتخابات المركزية أن تعمل في قطاع غزة، وبعدها تبدأ مشاورات تشكيل الحكومة، والتي وافق الرئيس محمود عباس على ترأسها من أجل حل عقدة الحكومة التي تأخرت، وتنفيذ الاتفاق الذي يقضي بأن تكون حكومة كفاءات "تكنوقراط" غير فصائلية، وأن تعمل الحكومة على توحيد مؤسسات الوطن، وإنهاء مظاهر الانقسام، ولها مدة محددة بستة أشهر.
وأضاف عساف: هذه الأمور واضحة وفق ما اتفق عليه في القاهرة وفي الدوحة والاتفاقات السابقة، وأي اشتراطات جديدة هي شروط نعتبرها إعاقات جديدة في طريق المصالحة، والمطلوب أن تلتزم حماس بما اتفق عليه في السابق، بالسماح للجنة الانتخابات المركزية بالعمل، وتعيئة الأجواء لأن تعمل بحرية لأنها لجنة مستقلة، وكل الفصائل رشحت أعضاء اللجنة، ومن ضمنها حماس، قبل أن يصدر الرئيس مرسوماً بتشكيل، وجزء من الأسماء في اللجنة هي من ترشيح حماس.
وشدد عساف على أنه من المعيب أن يبقى هذا الانقسام في ظل التحديات التي تجابه القضية الفلسطينية، من حيث التنكر الإسرائيلي للحقوق الفلسطينية، والانشغال العربي بالقضايا الداخلية، والتجاهل الدولي لحقوق الشعب، ليؤكد أنه من الضروري أن تكون الجبهة الفلسطينية موحدة خلال هذه الفترة لمجابهة كل هذه التحديات.
وبين عساف أن الشعب مل من حالة الانقسام، كونه هو من تضرر وهو الذي دفع ثمن الانقسام الباهظ، إضافة إلى تأثيرات الانقسام المدمرة على القضية الفلسطينية، وأكد أنه من الطبيعي أن يكون الشعب موحداً وأن تكون المؤسسات موحدة، لمواجهة كل التحديات.
وشدد عساف على أن الشعب لن يرحم الطرف الذي يعطل المصالحة، لأنه مطلع على أدق التفاصيل، وهو يراقب ما يجري في غزة من حيث سماح حماس للجنة الانتخابات المركزية بالعمل وفق ما تم الاتفاق عليه، داعياً الشعب إلى البقاء متيقظاً ومراقبة هذه الاتفاقات، وأن يحمل المسؤولية لأي طرف يعطل الاتفاقات.
وجدد عساف التأكيد على أن موقف حركة فتح واضح وهي ملتزمة بكل ما وقعت عليه منذ العام 2009 لغاية اليوم من اتفاقات، وأنها لن تتراجع قيد أنملة عنها، مؤكداً التزام الحركة بإنجاز كل ما وقعت عليه.
ودعا عساف الراعي المصري للاتفاقات بمتابعة عملية التنفيذ لحظة بلحظة، وأن تعمل على تحميل المسؤولية للطرف الذي يعيق التنفيذ، كما دعا الفصائل الفلسطينية بالخروج من مربع الحياد، وتوقف تعاملها كالصليب الأحمر، وأن تعلن موقفها الواضح والمحدد من الطرف الذي يعيق التنفيذ، لأن عدم تسمية من يعيق التطبيق يشكل إعطاء جائزة مجانية لمن يعيق، لأنه يعلم أنه يتحمل المسؤولية ولكن لا أحد يحمله المسؤولية، وشدد على أن الفصائل إن كانت حريصة على إنهاء الانقسام أن تتحدث بلغة واضحة ومسؤولة، لأن القضايا الوطنية مطلوب فيها اتخاذ موقف، لا البقاء حيادياً.
من جهته، أكد عضو المجلس التشريعي عن حركة حماس أحمد عطون أنه لا يوجد حديث صريح بتحديد الوزارات لأن ذلك يدخل في باب المناكفات والاشتراطات، لا سيما ان المطلوب اليوم القيام بخطوات واضحة تتمثل في تحديث السجل الانتخابي، ويعقبه الحديث عن حكومة وحدة وطنية، لأن الحديث ليس عن حكومة تقاسمية بين فتح وحماس، بل حكومة يتفق عليها الكل الفلسطيني برعاية عربية، ولها هدف واضح ومحدد وهو إجراء الانتخابات وإعادة إعمار غزة.
واعتبر عطون أن الحكومة هي حكومة انتقالية وتنتهي صلاحياتها بعد إتمام مهامها المتفق عليها، وهي ليست صاحبة برنامج سياسي.
وأضاف عطون: "لا توجد اشتراطات، لأننا إن أردنا أن نخلق ذرائع فيمكن أن نعطل أي إجراء، ولكن إن كانت هناك إرادة سياسية حقيقية ونوايا صادقة للخروج من الحالة التي نعيشها يمكن لنا أن نجتاز ذلك بعيداً عن كل المناكفات السياسية أو التصريحات، ولا يحق أن تكون المصالحة رهينة اشتراطات".
وشدد عطون على وجود نية حقيقية لدى حركتي فتح وحماس للوصول إلى المصالحة، لا سيما في ظل تعطل العملية السياسية، لذا فإن المطلوب هو أن يتم ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وإنهاء الخلافات، لمواجهة مشاريع التهويد والاستيطان.
وأبدى عطون تفاؤله من تنفيذ الاتفاق هذه المرة، لأن المصالحة هي ضرورة شرعية، ومصلحة وطنية، وأنه لا يمكن الحديث عن المصالحة وتطبيقاتها كإجراء تكتيكي أو المناورة عليه.
ويعيد عطون تفاؤله إلى الضغط الشعبي الممارس بغية تحقيق الوحدة، ولأنها المرة الأولى التي يتم فيها الاتفاق على جدول أعمال وبتواريخ واضحة ومحددة، ورأى أن المحك العملي يكمن في تحديث السجل الانتخابي على أرض الواقع تمهيداً لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الرئيس.
من ناحيته، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين وجود فرصة حقيقية للبدء بتنفيذ الاتفاقات عبر بدء عمل لجنة الانتخابات المركزية في غظة، وبدء المشاورات لتشكيل الحكومة، مبيناً أن الحل السحري الذي ورد في الاتفاق الأخير هو التزامن بين الخطوتين، وهو ما يتيح إمكانية التقدم باتجاه تشكيل حكومة الوفاق الوطني.
ولكن شاهين طرح سؤالاً يتعلق بما إذا كان هذا المسار المتبع لتحقيق المصالحة سيؤدي إلى تحقيق ما يريده الشعب الفلسطيني من خلال إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني بشكل موحد وعلى مستوى السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير.
وأشار شاهين إلى وجود شكوك كبيرة تحيط بالمصالحة، ليس فقط في ضوء التجربة السابقة المتكررة لتوقيع اتفاقيات لا تحظى بالتنفيذ، بل في ضوء المسار نفسه الذي يقفز عن البرنامج السياسي الذي يجب أن يتم التوافق عليه لصيانة أي اتفاق يوقع.
وبين شاهين أن المهمة الرئيسية التي تم تجاهلها في الاتفاقات السابقة هي إعادة توحيد وهيكلة المؤسسات الأمنية والمدنية، مشيراً إلى أنه بدون توفر هذين العاملين الهامين، فمن الصعب أن يؤدي هذا المسار إلى ما يريده الشعب الفلسطيني من مصالحة حقيقية.
ودعا شاهين إلى ضرورة العودة إلى التوافق على المربع السياسي والخيارات الفلسطينية المتاحة، وإعادة بناء منظمة التحرير من خلال إعادة تشكيل المجلس الوطني عبر الانتخابات حيث أمكن ذلك، وضرورة العمل على إعادة توحيد المؤسسات القائمة في الضفة وقطاع غزة.
وتطرق شاهين إلى الانتخابات الرئاسية المصرية وتأثيراتها على المصالحة، وقال: ربما تؤثر المرحلة الراهنة حتى حدوث جولة إعادة الانتخابات الرئاسية المصرية على اتفاق المصالحة، فثمة إمكانية أن تلجأ حماس إلى التعطيل بانتظار نتائج جولة الإعادة، خصوصاً أن حماس ربما ترى أن حظوظ مرشح الأخوان المسلمين محمد مرسي باتت كبيرة، وأنه يمكن أن يصبح رئيساً، وبالتالي قد تمسب إلى جانبها رئيساً يقترب منها بالمعنى الأيديولوجي والسياسي، في المقابل فإن فتح ربما ترى أن التعطيل قد يكون منطقياً في المرحلة المقبلة في انتظار النتائج لأنها قد تحمل إلى سدة الحكم على مستوى الرئاسة شخصية قريبة من المجلس العسكري، وتقترب أكثر بالمعنى السياسي من موقف فتح.