الخميس: 03/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

وزارة الأسرى تنشر تقريرا حول اعتداءات الاحتلال على الاسرى خلال حرب 67

نشر بتاريخ: 04/06/2012 ( آخر تحديث: 04/06/2012 الساعة: 15:40 )
رام الله - معا - أصدرت وزارة شؤون الاسرى والمحررين تقريرا في الذكرى الـ45 لنكسة حزيران، حيث سلطت وزارة الأسرى الضوء على واقع الأسرى الفلسطينيين خلال هذه الحرب، والظروف التي واجهها الأسرى الفلسطينيون والعرب الذين أسروا على يد سلطات الاحتلال في أعقاب الاحتلال العسكري للضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.

معطيات وأرقام
تضاربت المعطيات والأرقام حول أعداد الأسرى والمفقودين جراء حرب عام 1967، فقد أورد الباحث الفلسطيني عارف العارف أن أكثر من 6000 فلسطيني قد اعتقلوا خلال الحرب، وأن أكثر من 1000 شخص قد ابعدوا إلى خارج الوطن، بينما ذكر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر كما ورد في كتاب حرب 67 للباحث أحمد العلمي أن عدد الأسرى المصريين قد بلغ 11 ألف أسير مصري وأن أكثر من 200 منزلا تم نسفها في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة.

واضاف تقرير وزارة الاسرى، ان هزيمة الجيوش العربية على كافة الجبهات أدت إلى بروز ظاهرة الفدائيين والمقاومة لسلطات الاحتلال، حيث ظلت مقاومة الفلسطينيين للحكم العسكري الإسرائيلي سمة ملازمة للاحتلال، وتفجرت أشكال مختلفة من المقاومة قادت إلى زيادة البطش الإسرائيلي من إبعاد رؤساء بلديات وجامعات وإجلاء السكان وتهجيرهم وزج الآلاف في السجون في محاولة لفرض إجراءات وقوانين الحكم العسكري على السكان الفلسطينيين.

الواقع القانوني بعد الحرب
سيطر الاحتلال على السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في المناطق المحتلة في أعقاب حرب 1967، فقد صدر الأمر العسكري رقم 2 لسنة 1967 الذي نص على إلغاء أي قوانين سارية المفعول في المناطق المحتلة في حال تعارضها مع الأوامر الصادرة عن إدارة الاحتلال، وبعد نشر الأمر العسكري رقم 347 لسنة 1981 نقلت جميع الصلاحيات القانونية والإدارية إلى ما سمي الإدارة المدنية.

ومنذ عام 1967 احتفظت المحاكم العسكرية واللجان العسكرية المشكلة بولاية كاملة على قضايا ومسائل جنائية معينة، وجميع منازعات الأراضي والضرائب والمصادر الطبيعية، وبمعنى آخر تناولت الأوامر العسكرية تنظيم كافة جوانب الحياة.

وبدأت تخضع إجراءات اعتقال الفلسطينيين في المناطق المحتلة وطريقة معاملتهم لسلسلة من الأوامر العسكرية تصدر عن القادة العسكريين في كل من الضفة وغزة.

وترفض المحاكم العسكرية الإسرائيلية تطبيق تعليمات القانون الدولي بالرغم من أن القوانين الدولية تلزم الدول المحتلة بتطبيقها، وترفض التعامل مع الأسرى كأسرى حرب، وتتعاطى معهم كمجرمين وإرهابيين وتفرض عليهم أحكاما قاسية.

واقع الأسرى عام 1967
ورث الاحتلال الإسرائيلي السجون عن الانتداب البريطاني وبدأ بتشغيلها وزج الآلاف من الأسرى فيها، إضافة أنه حول مواقع إسطبلات الحيوانات إلى زنازين وأماكن للاحتجاز، كما أنه قام بإنشاء معتقلات جديدة، وأشهر هذه المعتقلات سجن الخليل، سجن رام الله، سجن صرفند، سجن جنين، سجن نابلس المركزي، سجن عتليت، سجن الفارعة، سجن بيت ليد، سجن عسقلان، سجن بئر السبع، سجن الرملة، سجن شطة، سجن الدامون، سجن النساء وغيرها.

واضاف التقرير، لقد كان العنف والقمع الجسدي الوحشي والعشوائي والإذلال والتحقير المعنوي هو ما وسم سياسة القمع الإسرائيلي إزاء الأسرى في مرحلة البدايات والمخاض بعد الاحتلال عام 1967، ولم يكن عنف الاعتقال ولا عنف التحقيق هو السائد فقط، وإنما ذلك العنف المنظم والممنهج الذي اتبعته إدارة السجون بعد انتهاء مرحلة التحقيق وإعلان المحاكم العسكرية أحكامها الجائرة، ذلك العنف والإذلال اللذين يستهدفان تدمير الأسير سياسيا وإنسانيا وإلغاءه من القاموس الوطني والإنساني.

لقد اتبعت إدارة السجون في هذه المرحلة كل الأساليب الممكنة بهدف تطويع الأسير وإخضاعه تمهيدا لشطبه وطنيا وإنسانيا، فسياسة الاستنزاف العصبي وسياسة التجويع النفسي والمادي والحرمان المطلق من كل الضرورات الأولية بحياة بشرية معقولة وسياسة الإسقاط الوطني والاستهداف الأمني، وسياسة التجهيل والمحو الثقافي وغيرها من السياسات التي استهدفت كسر إرادة الأسرى وعزائمهم.

وتقول المحامية فليستيا لانغر في كتابها بأم عيني أن إسرائيل أرادت استهداف و قصم ظهر حركة التحرر الوطني العربية وتصفية حقوق الشعب الفلسطيني من خلال الاعتقالات، نسف مئات البيوت واستباحة دم الشعب الفلسطيني وتحطيم إرادة أبطاله الأسرى لتسجل في كتابها مئات الشهادات عن المعاملة الوحشية التي تلقاها الأسرى والأسيرات في سنوات بداية الاحتلال الإسرائيلي.

آثار التعذيب لا زالت على جسده منذ 45 عاما
الأسير المحرر احمد ابوسرور 61 عاما، سكان مخيم عايدة شمال بيت لحم الذي اعتقل في 12/12/1967 وكان عمره 19 عاما وحكم عليه بعشرين عاما أفرج عنه في صفقة تبادل الأسرى عام 1985 أفاد انه تعرض لتعذيب وحشي في سجني الخليل وصرفند واستخدمت كل الأساليب المحرمة دوليا والشاذة أخلاقيا خلال استجوابه، وأن آثار البيض المسلوق الذي وضع تحت إبطيه لا زالت موجودة حتى ألان عندما استخدم المحققون هذا الأسلوب من التعذيب لانتزاع اعترافات منه، وقال: إن المحققين استخدموا عشرين بيضة مسلوقة في تعذيبه وكلما بردت بيضة وضعوا غيرها على جسده حتى تركت آثار حروق لا زالت ظاهرة حتى الآن.

وتحدث أبو سرور عن استخدام الصعقات الكهربائية والتعليق وأسلوب الهز ووضع الأسير في مكان بارد جدا أو حار جدا وغيرها من الأساليب الحاطة من الكرامة، ووصف أبو سرور التحقيقات في تلك الفترة بأنها انتقام من كل فدائي ومقاوم فلسطيني ولا يوجد أسير اعتقل في حينها إلا وتعرض للضرب الشديد وللتعذيب الجهنمي.

أحكام بدون محاكمة
الأسير أبو سرور حكم 20 عاما دون أن يمثل أمام المحكمة ولم يستدع لأي جلسة محكمة، وقد ابلغ بالحكم وهو قابع في سجن الخليل على يد السجانين، وقال أن أسيرا آخر واسمه عودة الله ابوغياظة من نحالين حكم أيضا بنفس الطريقة بدون أية إجراءات قانونية، موضحا أن الأحكام الصادرة هي أحكام مخابراتية لا علاقة لها بالقضاء والمحاكمة النزيهة لهذا فان 95% من الأسرى الذين اعتقلوا في سنة الحرب حكموا بأحكام رادعة وقاسية لا تتناسب مع التهم التي اعتقلوا بشأنها.

وأوضح أن معظم الاعترافات قد انتزعت من الأسرى بسبب التعذيب القاسي والوحشي الذي تعرضوا له وتحت الضغط والتعذيب.... ولم يكن هناك دور فاعل للصليب الأحمر الدولي أو لجان حقوق الإنسان في متابعة وضع الأسرى فالأسير المعتقل كان في عالم آخر معزول لا احد يسأل عنه بسبب ظروف الحرب وهذا أعطى فرصة للمحققين بالاستفراد بالأسرى دون أية رقابة حقوقية أو ضجة إعلامية مما أدى إلى أن يدفعوا ثمنا غاليا من أعمارهم وصحتهم، وقدر أبو سرور انه خلال عام 1967 كان يتواجد في معتقلات الاحتلال مما يقارب 1000 فلسطيني.

شهادات تقشعر لها الأبدان
إن سجناء الحرية خلال حرب 1967 مروا في رحلة عذاب لا تصور على الورق واستخدمت معهم أساليب تعذيب لا حصر لها مثل الضرب بالأسلاك الكهربائية على الأعضاء الجنسية، الاغتصاب، وضع الأسيرات مع مومسات جنائيات.... واعتقال أفراد الأسرة، الكي بالنار وإعقاب السجائر، تعريض الرأس للتيار الكهربائي، نتف شعر الرأس والشاربين، خلع الأظافر، إعطاء المعتقلين أكواب من الشاي مملوءة بالبول وأطلق المعتقلون منذ ذلك الوقت على معتقل المسكوبية بالمسلخ.

واضاف التقرير ان شرطة السجون اعترفت في ذلك الوقت أنها تستلم المعتقلين بعد التحقيق وهم شبه أموات، وفي عدد من الحالات كانت نتيجة التحقيق الموت الفعلي وفي غيرها العاهات البدنية الأبدية وفي غيرها التشويه النفساني والجنون، وان المحققين حسب شهادات الأسرى كانوا على استعداد أن يفعلوا بالجسم البشري أي شيء فهو بالنسبة لهم مادة عليها فقط أن تنطق.

وفيما يلي شهادات بعض الأسرى والأسيرات مع الاحتفاظ بالأسماء ومنها

1- النباح كالكلاب: (حلقوا شعره كي لا يعلم احد كمية الشعر الذي انتزعوه بأصابعهم، وجعلوا منه تسلية، حيث ربطوا سرواله بقطعة من حبل على شكل ذنب وأرغموه على الزحف على أطرافه والنباح كالكلاب، ثم رموا له بفتات الخبز بين فكيه.)

2- الكوي بالنار: ( محقق اسمه ابرس المهمة الوحيدة له الضرب، هددني أن يحضروا شقيقاتي وأمي وان يضاجعهن أمامي، وفي تلك الليلة أملوا علي رسالة وكأنني عازم على الانتحار، الرسالة كانت موجهة إلى زوجتي، ثم حملوني في سيارة وفي الطريق آخذو يضربونني حتى وصلنا إلى معسكر للجيش أدخلوني في زنزانة، ضربوني على بطني وكوني بالنار وضربوني على رأسي حتى سقطت على الأرض وقلت سأوقع على كل ما تريدون، لم استطع أن احتمل أكثر من هذا.)

3- الضرب على الأعضاء التناسلية: ( استجوب من قبل محقق يدعى غفيل الذي ضربه بهراوة وعلقه بالسقف وضربه أيضا بسلك كهربائي على أعضائه الجنسية، يقول إنني فقدت الوعي وعندما استيقظت وجدت أن جسمي كله مبللا، أدخلوني إلى غرفة أجلسوني على كرسي وداسوا على الاغلال التي كانت رجلاي مقيدة بهما. )

4- إدخال كرة الثلج في الشرج: (قال انه ضرب بمسطرة مسمرة وان المحقق ضربه على عينه وكذلك ادخلوا كرة الثلج في شرجه.)

5- عيدان الكبريت المشتعلة: ( استخدموا ضدي تيارا كهربائيا وضربوني بالهراوات، كانوا يقربون عيدان الكبريت المشتعلة من شفتي )

6- إدخال عيار ناري في الشرج: ( حسب قول محاميه:انه تعرض للعذاب الشديد ونتيجة لذلك أصيب في جسده وعقله بشكل فقد معه وعيه وأصيب بخلل في عقله وحتى ألان لم يعد إلى كامل قواه، الأسير المذكور عذب بواسطة الكي بالسجائر المشتعلة وادخلوا عيارا ناريا في شرجه وذلك في معتقل المسكوبية.)

7- غرف المومسات: ( قالت: بعد اعتقالي أدخلت إلى غرفة سجنت فيها المومسات، هؤلاء هاجمنني وضربنني بقوة حتى فقدت الوعي، لقد مزقن ملابسي أمام رجال الشرطة وبقيت عارية، إنني حامل في الشهر الثاني وبدأت انزف دما، طلبت طبيبا، المحققون قالوا لي: عندما تتكلمين سيجيء الطبيب).

8- التصفيات أو الطرد : (مارست إسرائيل التصفيات للمعتقلين الفلسطينيين الذين اعتقلوا عام 1967، وحسب شهادة احمد أبو سرور أن عددا من الأسرى الذين اعتقلوا وشوهدوا في سجون التحقيق في صرفند قد اختفت آثارهم".

وقال أن كثير من أسرى الدوريات الذين تسللوا من خارج حدود فلسطين وتم القبض عليهم، حيث لم تكن هناك أية جهة تلاحق او تراقب عمليات الاعتقال، وكان الجيش الاسرائيلي يعلن دائما أن الفدائيين قد قتلوا خلال الاشتباكات وان بعضهم حاول الهرب من السجن فتم قتله.

وقال في عام 1967 عمدت سلطات الاحتلال إلى سياسة الاعتقال الإداري واغلبهم من القادة السياسيين في الحركة الوطنية الفلسطينية ، والمئات من هذه الشخصيات تم طردها خارج الوطن فشهد عام 1967 موجة من الاعتقال الإداري والإبعاد خارج حدود الوطن.

العسكرة والنظر إلى العرب عبر فوهة البندقية
الكتابات الإسرائيلية التي صدرت بعد حرب 1967 كان من بينها كتاب(حديث المقاتلين) للكاتب الإسرائيلي (إبراهيم شبيرا) ، فيه يمكن أن نقرأ أوصافا تعبر عن روح العسكرة ونزع الإنسانية لدى الجنود الإسرائيليين ، حيث يكتب عن قتل العرب الذين حاولوا العودة إلى بيوتهم وقراهم بعد انتهاء الحرب ويقول:(عندما شاهدنا شخوصا آتين من جهة الأردن، وبعد أن صحنا قف، أمرت بإطلاق النار فقتلنا واحدا، وعندما انهينا الأمر وتوجهت لفحص ما جرى رأيت فلاحا عربيا لم تكن له أيه علاقة بالجيش، خالجني شعور سيء بشكل غير انطباعي عن رد فعل الجنود الذين نصبوا الكمين وقاموا بعملية القتل، أن النظر إلى العرب والمشكلة العربية كان عبر فوهة البندقية).

الكاتب الإسرائيلي ديفيد عزوسمان هو من أكثر الكتاب الإسرائيليين الذي وصف بشكل صريح عملية العسكرة التي اجتاحت المجتمع الإسرائيلي عشية حرب 1967، في كتابه (الزمن الأصفر)، يصف نتائج الحرب والاحتلال والسلوك الهمجي لقوات الاحتلال في مخيم الدهيشة قائلا: (يستيقظون وهم في حالة ذعر، ضوء المصباح يغشي عيونهم، أطفال يصرخون، أحيانا يكون هناك زوجان يمارسان الحب، جنود يطوقون الباب، بأحذيتهم التي يلطخها الوحل من السير في أزقة المخيم ، يدوسون على الفراش الدافئ، وبعضهم يصعدون على سطوح التنك).

الكتابات الإسرائيلية التي وصفت حرب 1967 تحدثت كثيرا عن معاملة الأسرى، والتنكيل بهم ومعاملتهم بطريقة وحشية فالكاتب ( اسحق باريوسف) يحكي قصة جندي إسرائيلي يحقق مع أسرى وهو في غرفة العمليات أثناء الحرب في منطقة غور الأردن فيقول( أفضل شيء التحقيق معهم عندما يكونون مرتبكين من إطلاق النار وعندما يرون رفاقهم يسقطون إلى جانبهم ، مع كل الدم النازف).