فياض: الصمود على الأرض هو العُنوان لإنهاء الاحتلال
نشر بتاريخ: 06/06/2012 ( آخر تحديث: 06/06/2012 الساعة: 16:59 )
رام الله- معا- أكد رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض على أن شعبُنا تصدى بعناد لممارسات وسياسات أطول احتلال عرفه العصر الحديث، ورسم في مراحل نضاله المختلفة صورةً أصيلة في الوحدة والتلاحم للدفاع عن أرضه وهويته.
وشدد على أنه قد تركز في وعي أبناء شعبنا بأن البقاء والصمود والثبات على أرضهم هو العُنوان الأبرز والمُربع الأول في أي جهدٍ حقيقيّ لإنهاء الاحتلال، مُشيراً إلى أن الانتفاضة المجيدة عام 1987 كانت الفصل الأبرز والأكثر وضوحاً في إظهار طبيعة الصراع الدائر على حقيقته، بين شعبٍ مُصممٍ على نيل الحرية في مواجهة احتلالٍ إحلاليّ استعماريّ، وقال:" مثلت انتفاضة عام 1987 ذروة كفاح شعبنا ضد الاحتلال وطغيانه، ودفاعاً عن حقه في الحرية والكرامة، حيث تميزت بطابعها الديمقراطيّ والمشاركة الشعبية الواسعة في مختلف فعالياتها، الأمر الذي مكنّها من فتح أبواب العالم والرأي العام الدوليّ أمام عدالة قضيتنا وحقوقنا الوطنية المشروعة".
وشدد فياض على أن شعبنا الفلسطيني سطر قصصاً في الصمود الأسطوري والقدرة على الثبات على أرضه، وحماية وصون هويته الوطنية وقال: "خمسة وأربعون عاماً مرت على احتلال إسرائيل لأرضنا الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وعلى مدار هذه السنوات الطويلة، سطّر شعبنا يومياً قصصاً في الصمود الأسطوريّ والقدرة على البقاء، لا بل والإصرار العنيد على حماية وصون وإعادة بلورة هويته الوطنية، وتمسكه الثابت بحقوقه الوطنية المشروعة، وفي مقدمتها حقه الطبيعي في العيش على أرض وطنه وفي كنف دولته المُستقلة".
وأكد فياض على أن قصص الصمود هذه، وهذا الكفاح العنيد، هما جزء من حكاية شعب فلسطين التي لم يعُد بإمكان أحد أن يتجاهلها، بما في ذلك إسرائيل نفسها، وقال: "ننحي أمام هذا الصمود البطوليّ لشعبنا هنا على أرض فلسطين، كما في مخيمات الشتات واللجوء، كما وننحي إجلالاً لأرواح شهدائنا الذين سقطوا دفاعاً عن أرضهم وعن حق شعبنا في البقاء والحياة والحرية والاستقلال، وننحي أيضاً لتضحيات أسرى الحرية الذين قدموا زهرة شبابهم من أجل حرية الوطن وانعتاق الشعب".
وأكد رئيس الوزراء أنه ورغم هول الهزيمة التي نجم عنها احتلال ما تبقى من فلسطين، وتفاقم معاناة شعبنا أثر نكبة 1948، وما حملته من آلام التشرد واللجوء، إلا أن ذلك شكّل منعطفاً لحمل لواء الوطنية الفلسطينية بأيدي أبناء شعبنا تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية للخلاص من الاحتلال وتحقيق أهداف مشروعنا الوطنيّ، والمُتمثلة أساساً في تمكين شعبنا من ممارسة حقه في تقرير المصير، وحقه في العودة، وحقه في إقامة دولته المستقلة على كامل أرضنا الفلسطينية التي احتُلت عام 1967، وقال: "راكم شعبنا طوال تلك السنوات خطواتٍ جوهرية جعلته يقترب يومياً من ساعة الخلاص من نير الاحتلال وتجسيد دولة فلسطين واقعاً على الأرض"، وأشار إلى أن نشوء السلطة الوطنية عام 1994 كأول سلطةٍ وطنية، شكّل ثمرةً للانتفاضة ولتضحيات شعبنا ومسيرة عشرات الآلاف من شهدائه الأبرار، وبوابةً للاستقلال الوطنيّ وحجر أساس هذه الدولة العتيدة.
وشدد فياض على أنه ولتحقيق هذا الهدف، ركز شعبُنا وسلطته الوطنية، في السنوات الأخيرة، على العمل على مسارين أساسين، مسار المقاومة الشعبية السلمية، ومسار استكمال بناء مؤسسات وركائز دولة فلسطين وبنيتها التحتية، وقال: "في الوقت الذي كان يُناضل فيه شعبُنا ويُكافح من أجل البقاء والثبات على أرضه والتصدي لممارسات الاحتلال الإسرائيلي وسياساته، كان أيضاً يبني ويُعمّر ويُرسّخ وجوده وهويته، ويضع اللبنات الأساسية لدولته المُستقلة".
واعتبر فياض أن هذه الإستراتيجية نجحت في النهوض بعناصر القوة الذاتية لشعبنا وتعزيز قدرته على حماية أرضه، وشكّلت الرافعة الأساسية للنضال السياسي الذي تقوده منظمة التحرير الفلسطينية في المحافل الدولية لحشد المزيد من الدعم لعدالة قضيتنا وحقوق شعبنا، ولضمان تدخل المجتمع الدولي لإلزام إسرائيل بالانصياع لقرارات الشرعية الدولية وقواعد القانون الدولي والتسليم بحقوقنا الوطنية المشروعة كخُطوةٍ لا بديل عنها لضمان إنهاء الاحتلال، والتوصل إلى حلٍ عادل ودائم يضمن لشعبنا حقوقه في الحرية والاستقلال والعودة.
وأكد على أن إستراتيجية عمل السلطة الوطنية خلال الأعوام الماضية في إطار خطتها "فلسطين: إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة"، والوثيقة المُنبثقة عنها "موعد مع الحرية"، نجحت في تحديد احتياجات وأولويات المواطنين، وبلورة التدخلات الحكومية في كافة القطاعات، وبناء الوقائع الايجابية على الأرض لتعزيز صمود شعبنا، وإنجاز جاهزيتنا الوطنية لإقامة الدولة، والتي بات العالم يُقر بحقنا في إقامتها، وعليه أن يُقر أيضاً بمضمونها وفقاً للشرعية الدولية، وقال: " يتطلب هذا الأمر منا عدم الاستكانة ومواصلة تعميق الجاهزية الوطنية وتوسيع نطاقها وخاصةً في القدس الشرقية، والمناطق المُسماة (ج)، بما فيها الأغوار، والتي تُشكل حوالي 60% من أراضي دولة فلسطين القادمة، هذا بالإضافة إلى ضرورة توسيع نطاق هذه الجاهزية في قطاع غزة أيضاً".
وأكد رئيس الوزراء خلال حديثه الإذاعي على أن المعيار الأساس لاستكمال الجاهزية الوطنية لإقامة الدولة سيبقى إنهاء الانقسام وإعادة الوحدة للوطن ومؤسساته، وقال: "رغم نجاحنا في انتزاع الإقرار الدولي بجاهزيتنا الوطنية، وبقدرة مؤسساتنا على القيام بمهامها كمؤسسات دولة، وبما يفوق قدرة مؤسسات دول قائمة، إلا أن معيارنا الأساسي لاستكمال هذه الجاهزية يتمثل في إنهاء الانقسام وإعادة الوحدة للوطن ومؤسساته، والذي يُعتبر انجازه، بالإضافة إلى تفعيل التدخل الدولي لإلزام إسرائيل بحقوقنا الوطنية، المفتاح الرئيسي لإنهاء الاحتلال وانتزاع حقوق شعبنا، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المُستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف".
وحول الأولويات الوطنية في هذه المرحلة، شدد فياض على أن تحقيق المزيد من عناصر الصمود لشعبنا واستنهاض طاقاته للنهوض بعناصر القوة الذاتية، وتحصين استقلالية قرارنا الوطني وتعزيز منعته في مواجهة أي ابتزازٍ مُحتمل هو أبرز أولويات السلطة الوطنية في هذه المرحلة، وأشار إلى أن النجاح في هذا الأمر يتطلب توظيف الانجازات التي تحققت، وتطويرها واستثمارها لتقريب لحظة الخلاص من الاحتلال، وقال: "هذا هو الوقت الذي نحتاجُ فيه إلى استنهاض كامل طاقاتنا وجهودنا على الساحتين المحلية والدولية لضمان الوصول بمشروعنا الوطني إلى نهايته الحتمية في الحرية والكرامة، وإقامة دولة فلسطين المُستقلة وتجسيد سيادتها على الأرض".