الثلاثاء: 12/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الأسير يحيى سلامه- خمس سنوات من السجن والاهمال الطبي

نشر بتاريخ: 10/06/2012 ( آخر تحديث: 10/06/2012 الساعة: 23:16 )
سلفيت-معا- عهود الخفش - صابرة رغم المشقة والمرض والتعب ... حزنها ملامح ثابتة... تعتصر بداخلها لوعة الفراق والخوف على ابنها الأسير الذي يعاني من مرض داخل زنزانة الاحتلال ... الأب يجلس كل يوم بعد شروق الشمس في حالة ترقب... يداعب أنفاسه المستسلمة في صدره وعيناه تذرف دمعا, بينما يديه ممدودتان للسماء تبتهل بصوت عال "يا رب اشفي ابني يحيى"... الزوجة يعتصر قلبها آلما ولهفة لرؤية زوجها بينهما ... الابنة تردد أغنيتها "عد يا أبي إلينا قريبا " لماذا حرموك من العيش معنا في بلدتنا بروقين .

ما بين الصلاة والدعاء تقضيأسرة الأسير "يحيى كمال سلامة" من بلدة بروقين قضاء سلفيت, يومهم بانتظار الاطمئنان على صحة ابنها, التي تتدهور حالته الصحية كل يوم, لعدم موافقة إدارة السجون تقديم العلاج اللازم له. وبصوت مخنوق أخذت والدة يحي تحدث زميلتنا عهود الخفش قائلة" لم يهدأ لنا بال منذ اعتقال يحيى وكل يوم يزداد خوفنا عليه وعلى صحته, فهو يعاني من دهنيات في كتفه الأيمن منذ أربع سنوات وكل يوم تزداد صحته سوءا, وفي المقابل إدارة السجن ترفض معالجته, وأنا رأيتها آخر زيارة لي, مع أن يحيى كان يرفض رؤية يده, ولكن من كثر إلحاحي رأيتها , فصدمت من منظر يده, وكانت تعاني من ورم كبير ويزداد الورم كل يوم, إضافة إلى ذلك يعاني يحيى من ماسور وضغط,

تتوقف والدة يحيى عن متابعة حديثها لتكون الدمعة لغتها, لملمت ذاتها ومسحت دمعتها لتعود لمواصلة حديثها قائلة":إن شاء الله بسمع أخبار لأطمئن على صحته , وتكمل":كان يحيى موظفا في الأمن الوطني وهو من مواليد 9/6/1985 ,متزوج وكان يسكن هو وأسرتهفي بيت مستقل, ومنذ اعتقاله بتاريخ 27 /4/2007 وعائلته المكونة من ثلاثة أطفال ووالدتهما, يسكنون معنا في نفس البيت , فكيف نتركهم يعيشون بعيدين عنا",صمتت وأخذت باحتضان احد ابناءه, وبدأت بالبكاء مرددة بين شفتاها "هذول من ريحة الحبايب, ان شاء الله بحضن ابوكم عن قريب ".

وما بين حزنها واشتياقها ولهفتها للاطمئنان على صحة يحيى تواصل والدته حديثها عن كيفية اعتقاله قائلة": يوم اعتقاله كان يحيى في زيارة أهل زوجته في بلدة كفر الديك, وأثناء توجهه للدوام إلى رام الله صباحا , وعند وصوله حاجز عطارة, قام الجيش بإيقاف السيارة التي كان فيها, دون إيقاف أي سيارة أخرى, وقام احد الجنود بفتح الباب قائلا" للركاب يحيى سلامة موجود ينزل" ليجيبه يحيى أنا هو, فقال له الجندي أعطيني بطاقتك وخذ حقيبتك وانزل من السيارة", وتم اعتقاله وأخذه إلى معسكر حواره, وقمنا بوضع محامي للدفاع عنه, ولكن دون جدوى وتم الحكم عليه ب10 سنوات بعد ما كان محكوميته16 عاما".

وبعد تنهيدة طويلة واصلت والدة يحيى حديثها عن تنقلاته داخل السجون الإسرائيلية قائلة": تم نقل يحيى من معسكر حواره إلى سجن الجلمة ومكث فيه 58 يوما, وهي فترة التحقيق إلى أن تم إصدار الحكم بحقه, وبعدها إلى سجن مجدو وما زال فيه, وأثناء التحقيق تم استخدام أساليب التعذيب بحقه, وتواصل بحسرة قلب الأم ما أصعب فراق الابن عن حضن والدته" .

مناشدة علها تصل
ويبكي والد يحيى بمرارة كلما ذكر اسم يحيى أمامه أو عند رؤية صورته, لشوقه الكبير لعناقه ورؤيته بصحة جيدة حرا طليقا , فهو كما يقول والده ": لم اعد قادرا على التحمل وحيى يعاني من مرض, وإدارة السجون ترفض علاجه, لم اترك بابا إلا وطرقته, ناشدت ووزارة شؤون الأسرى ووزيرها عيسى قراقع, والصليب الأحمر, من اجل الضغط على إدارة السجون بتقديم العلاج ليحيى, ولا من مجيب, ويتابع " كل يوم يزداد خوفي على ابني وما يزيد من حسرتي عدم السماح بزيارته بحجة أنني مرفوض امنيا من قبل سلطات الاحتلال, فمنذ اعتقاله ولغاية الآن وأنا مرفوض امنيا, وزيارتي له مرة في السنة حتى أخوانه الذكور وزوجته ممنوعين من زيارته, ومن يزره فقط والدته وأخواته البنات.

ويتابع حديثه بمناشدته قائلا " تتدهور حالة يحيى الصحية دون أن نسمع صوتا ينتصر له ونطالب بعلاجه بأسرع وقت, لذلك نناشد كل المؤسسات التي تعنى بقضايا الأسرى وحقوق الإنسان الضغط على إسرائيل من اجل تقديم العلاج ليحيى ومتابعة وضعه الصحي"

معاناة الزيارة
"من اجل رؤيته كل شيء يهون" بهذه الكلمات واصلت والدة يحيى حديثها عن معاناتها في زيارتها لابنها, وتكمل"معاناتي تبدأ من الصباح الباكر إلى ساعات متأخرة من الليل, وأنا أعاني من أزمة صدرية, لتتضاعف معاناتي عند وضع ما يقارب ال24 شخصا من أهالي الأسرى في غرفة واحدة مساحتها 6 م تقريبا, وليس لها متنفس, ولا يوجد فيها مياه للشرب, وبالتالي نتضايق, ويكون وضعنا صعبا للغاية, وخصوصا كبار السن والذين يعانوا من أمراض, علاوة على ذلك التفتيش وطريقته المستفزة, وفيه أهانه للإنسان لدرجة انه في إحدى الزيارات قامت إحدى المجندات باصطحابي إلى غرفه خاصة وقامت بتعريتي تماما بحجة أن معي سلاح,

صمتت وكأنها تستذكر تلك الحادثة ,دقائق تعود لمواصله حديثها دون توجيه أي سؤال لها قائلة": وما يزيد من الطين بلة "آلة التفتيش" التي يتم وضع جميع أهالي الأسرى صغارا وكبارا فيها لفحصه,

يقاطعها زوجها ليحدثنا عن تلك الآلة قائلا": وهي عبارة عن ماكنه تعمل عن طريق أشعة الليزر, يتم إدخال كل شخص فيها الكبير والصغير, ويكون مكان الأرجل ظاهرا, ويتم رفع الأيدي لفوق, يعني يكون الشخص "كالمشبوح" وتقوم الماكنة بالدوران بالشخص لمدة دقيقتين, أي يتم فحص الجسم لدرجة أن الهيكل العظمي للإنسان ظاهرا, وكل شيء في الجسم يتم رؤيته , وهذه الإشعاعات التي تصدر من خلال الماكنة خطرة على صحة الإنسان, وقد تسبب السرطان, وينهي حديثه قائلا": هذا هو الاحتلال قهر وإذلال للفلسطينيين وعدم احترامه لحقوق الإنسان

بتعبيرات وجهها الشاحب وبصوتها الحزين أخذت زوجة يحي تحدثنا قائلة":بقوم بدور الأم والأب مع أبنائي, فاشعر بحسرة تقتلني عند رؤيتهم وهم يأخذون ويقلبون صورة والدهم, بل ويحدثونه من خلال الصورة فلا استطيع رؤية هذا الموقف, وخصوصا ابنتنا يسرى والتي دائما تسألني متى سيعود أبي لنا, ونعيش معا,وتبقى تنشد أنشودتها المفضلة "عد لي يا أبي حرموني منك أنا بحاجة لك" أما كمال ودعاء يتفقدونه في كل مناسبة وخصوصا في الأعياد ويبقى السؤال متى سيعود أبي لنا؟ ويكون معا كأطفال جيراننا ؟ ولماذا حرمنا الاحتلال الإسرائيلي منه ؟ لتكون إجابتي سيعود لنا قريبا ".

وبتنهيدة حارقه شعرنا بلهيبها المحرق تتابع حديثها قائلة": أنا مرفوضة امنيا وزيارتي له في السنة مرة واحدة, وخوفي يزداد كل يوم على صحته, والتي آخذه بالسوء بسبب إصابة يده بمرض, لم نعرف ما هذا المرض الذي يعاني منه زوجي يحيى, وسلطات الاحتلال ترفض علاجه , وتنهي حديثها متسائلة ألا يكفي الاحتلال ما يفعله بنا من حرماننا كنساء من أزواجنا وحرمان الأطفال من إبائهم , ولماذا لم يقوموا بعلاجه, أين الإنسانية مما هم فيه.؟؟"