الجمعة: 20/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

الهيئة المستقلة تطالب بوضع نظام قانوني متوازن للأخطاء الطبية

نشر بتاريخ: 13/06/2012 ( آخر تحديث: 13/06/2012 الساعة: 23:27 )
رام الله - معا - أوصى تقرير صادر عن الهيئة المستقلة لحقوق المواطن، بوضع نظام قانوني متوازن للأخطاء الطبية، باعتبار الأخطاء الطبية ظاهرة عالمية وليست ظاهرة محلية فحسب، غير أن طرق التعامل معها يختلف من دولة إلى أخرى على كافة المستويات الإدارية والقضائية والتشريعية.

جاء ذلك في ورشة عمل للتعليق على تقرير أصدرته الهيئة حول الأخطاء الطبية بعنوان:"نحو حماية قانونية متوازنة لأطراف الأخطاء الطبية"، عقدت بمقر الهيئة بمدينة رام الله، مساء اليوم الأربعاء.

وأوضح التقرير إلى أنه لا يوجد في النظام القانوني الفلسطيني أية أحكام تشريعية خاصة بموضوع الأخطاء الطبية، وإنما ينطبق عليها الأحكام القانونية الإدارية والمدنية والجزائية العامة التي تنطبق بالعادة على مخالفة الأسس المهنية المتبعة من أصحاب المهن المختلفة، والتي يمكن أن تندرج في إطار التقصير أو الإهمال.

وقال التقرير أنه ليس هناك تصنيف لدى مجلس القضاء الأعلى الفلسطيني للأحكام القضائية والدعاوى الموجودة لديه، يمكن من خلاله معرفة كامل الأحكام القضائية والدعاوى الخاصة بموضوع الأخطاء الطبية المحكوم فيها أو المنظورة، وليس هناك أحكام قضائية صادرة عن محكمة النقض الفلسطينية تتضمن مبادئ قضائية مميزة في موضوع الأخطاء الطبية، ويكون من شأنها أن تدفع بالمشرع الفلسطيني إلى تبني تشريعات خاصة في هذا الشأن.

وأشار التقرير عن لا يوجد في النظام القانوني الفلسطيني أية أحكام قانونية تلزم أصحاب المهن الصحية أو المؤسسات الصحية بالتأمين ضد الأخطاء أو الحوادث الصحية التي قد تقع منهم.

وخلص التقرير إلى أنه ليس هناك أرقام إحصائية دقيقة عن حجم الأخطاء الطبية التي تقع في قطاع الصحة الفلسطيني الخاص أو العام، وإنما توجد بعض الأرقام المتناثرة هنا وهناك (لدى الهيئة أو لدى وزارة الصحة أو نقابة الأطباء أو النيابة العامة أو القضاء)، والتي يمكن من خلالها الاستدلال على وجود عدد، ليس بالقليل، من قضايا الأخطاء الطبية التي وقعت في المؤسسات الصحية العامة والخاصة.

وأشار التقرير إلى إنه ليس هناك معلومات واضحة عن توزيع قضايا الأخطاء الطبية بين القطاع الصحي الخاص والقطاع الصحي العام، فمن مجمل الشكاوى التي اطلعت عليها الهيئة من واقع الشكاوى المقدمة لها بشأن الأخطاء الطبية والقضايا التي تنظرها النيابة العامة أو غيرها من المعلومات في ذات الشأن، يلاحظ انها توزعت بين كافة القطاعات الصحية الحكومية والأهلية والخاصة على السواء، ولا يوجد أي قطاع صحي في فلسطين يخلو من الأخطاء الطبية.

وكشف التقرير عن عدم وجود نظام متكامل لتوثيق قضايا الأخطاء الطبية، ودراستها، وأنه ليس هناك تقبل حقيقي للتعامل مع قضايا الأخطاء الطبية، وفي أغلب الحالات التي أعترف فيها بوقوع خطأ طبي، لم يتجاوز الإجراء المتخذ بحق من ثبت وقوع الخطأ منه اتخاذ إجراءات تأديبية فحسب.

وبين التقرير إن هناك مشكلة حقيقية في التحقيقات الإدارية التي تجري من لجان التحقيق الطبية الفلسطينية، حيث أنها قليلا ما تدين أحدًا بوقوع خطأ طبي، وإذا تطلب ذلك، ليس بشكل مباشر، وإنما من خلال جملة الإجراءات التي توصي باتخاذها في المؤسسة الصحية المشكو منها.

وأشار إلى أنه لا يوجد لدى نقابة الأطباء أو لدى وزارة الصحة لجان طبية فنية دائمة للتحقيق في الحوادث الطبية التي تقع في المؤسسات الصحية العامة أو الخاصة، وإنما يتم تشكيل لجان للتحقيق في الحادثة الطبية لدى وقوعها فقط.

وشدد التقرير على ضرورة العمل على تطوير معالجة متوازنة بين الأطراف المختلفة في قضايا الأخطاء الطبية، ومراعاة التكلفة المالية اللازمة لإنفاذ توصيات هذه الدراسة، فإنه لا بد من القيام بمجموعة من الإجراءات التشريعية والقضائية والإدارية بشكل متدرج، في حين يتم العمل على التطبيق العاجل لبعضها.

وأكد التقرير أن هناك حاجة ماسة للشروع الفوري في عملية توثيق الأخطاء الطبية في فلسطين، كمقدمة ضرورية لمعالجة مشكلة الأخطاء الطبية من قبل الجهات الرسمية وغير الرسمية كافة، وأنه من الضروري الشروع الفوري في تشكيل لجنة فنية عليا دائمة.

وأوضح التقرير إنه يجب التركيز على أن المسؤولية عن الخطأ الطبي ليست مسؤولية فردية، بقدر ما هي مسؤولية مشتركة بين الأفراد والمؤسسات والنظام الطبي والعلاجي معا، حيث أن الخطأ لا يصيب المريض إلا بعد مروره بعدة خطوات وبعدد من الأشخاص والأدوات والإجراءات، تضافرت في مجملها على تكوينه.

وشدد التقرير على ضرورة تشجيع الأطباء وكافة العاملين في القطاع الصحي للإبلاغ الطوعي عن الأخطاء الطبية، وتعزيز دورهم في هذا الشأن، من خلال البحث في وضع طريقة مناسبة وفعالة تساعدهم في الإبلاغ، ضرورة أن يقوم مجلس القضاء الأعلى بتصنيف القضايا التي ينظرها وما يصدر عنه من أحكام على أساس حقوقي وموضوعي.

وتحدث التقرير عن ضرورة بلورة قانون يلزم المؤسسات الصحية بالتأمين ضد المسؤولية المدنية عن الأخطاء الطبية، بحيث يكون قانونا متوازنا من شأنه حماية المؤسسات الصحية والعاملين فيها من الأخطاء الطبية، وفي ذات الوقت حماية حقوق المرضى في هذا المجال.

وكان افتتح الورشة المفوض العام للهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن د. أحمد حرب، بحضور وزير الصحة د. هاني عابدين، بالتأكيد على أن ازدياد الشكاوى المقدمة للهيئة حول الأخطاء الطبية أدى إلى توجه لإعداد هذا التقرير.

وأكد د. عابدين على أن الوزارة تسعى للقضاء على الأخطاء الطبية ولكن النواقص التي تعاني منها الوزارة وضعف البنية التحتية ونقص الكوادر يحول دون ذلك، وطالب باستحداث قانون يحدد العلاقة بين المريض والطبية من جهة وبين المريض ومؤسسته الطبية من جهة اخرى، أنه يجب أن يكون هناك أيضا تأمين على الطبية والمرافق الصحية.

من جانبه، أكد المفوض العام السابق للهيئة د. ممدوح العكر أن المسألة ليست هجوما على الأطباء بل مراعاة لحقوق الطبيب والمؤسسة الصحية مع وصول المواطن لحقوقه في الطرف المقابل، والتقرير يؤكد أن الخطأ الطبي لا يمكن منعه.

وأشار القاضي محمود أبو جاموس رئيس محكمة بداية وصلح رام الله إلى أنه يجب النظر للأخطاء الطبية من جوانب عديدة أهمها أن الخطأ الطبي خطأ بشري وارد، ولكن يجب عدم التعامل معه على أنه قضاء وقدر بل يجب التحقيق والتحري به.

وطالب أبو جاموس بالعمل على خلق إجراءات وقائية للحد من الأخطاء الطبية كما ونوعا صيانة لحقوق الموطن، وضرورة إلزام الأطباء والمؤسسات الصحية بوليصات تأمين ضد الأخطاء الطبية.