الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مصر أمام انتخابات من نوع جديد... بلد بلا دستور ولا برلمان

نشر بتاريخ: 15/06/2012 ( آخر تحديث: 16/06/2012 الساعة: 02:59 )
القاهرة - تقرير معا - منار زيود - تجري انتخابات الرئاسة المصرية التي تنطلق غدا السبت في محافظات جمهورية مصر العربية ألـ 28 وسط تنافس كبير بين القوى الدينية والمدافعين عن خيار الدولة المدنية.

ونشطت القوى السياسية والقائمين على الحملات الخاصة بالمرشحين الفريق أحمد شفيق (آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس السابق محمد حسني مبارك)، ومرشح حركة الإخوان المسلمين د.محمد مرسي.

ففي الوقت الذي نشرت فيه جماعة الإخوان المسلمين آلاف العناصر للقيام بجولات على المقاهي العامة وبعض الأماكن العامة لشرح برنامج مرسي، ودعوة المواطنين "للدفاع عن الثورة" ورصد ما وصوفه بـ"هجوم الفلول" المتمثل ببقاء أحمد شفيق في جولة الإعادة، نشط المؤيدون لشفيق بتحذير المواطنين من مخاطر الدولة الدينية، مظهرين مميزات شفيق كشخص "معتدل ومؤمن بالحرية والدولة المدنية".

وبعد انتهاء صلاة الجمعة انتشرت مجموعات من الجيش والشرطة المصرية على محاور الطرق الرئيسية في عدد من المحافظات وألزمت سائقي السيارات على إزالة صور ويافطات تتناول البرامج الخاصة بالمرشحين سواء شفيق أو مرسي.

كما لوحظ وجود انتشار شرطي وعسكري مكثف عند لجان الانتخابات، وفي المناطق الاستراتيجية منعا لأي طارئ، كما سارت آليات عسكرية تابعة للجيش في الأحياء الكبيرة والشوارع بمختلف المحافظات لإذاعة بيانات تحث المواطنين على المشاركة في العملية الديمقراطية وتطمئنهم بأن الانتخابات ستكون نزيهة.

ومن الواضح من خلال متابعة نبض الشارع المصري أن هناك "قوى ثورية" عديدة مستاءة من مجريات الأمور، وأنها تدفع باتجاه مقاطعة الانتخابات، ولكن من المرجح بأن يكون تأثيرها محدودا.

وقد عبر رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبق د.محمد البرادعي ووكيل مؤسسى حزب "الدستور" تحت التأسيس عن وجود غضب لديه ولدى الأخيرين من إجراء الانتخاب قبل وضع دستور البلاد بقوله :" إن انتخاب رئيس في غياب دستور وبرلمان هو انتخاب رئيس له سلطات لم تعرفها أعتي النظم الديكتاتورية".

وذكر أن الحل الأول لهذا الأمر هو التوافق على مجلس رئاسي يشكل لجنة تأسيسية وحكومة إنقاذ وطني ويشرف على انتخابات برلمانية ورئاسية بعد إقرار الدستور، وأن الحل الثاني هو الاتفاق على رئيس مؤقت مع حكومة إنقاذ وطني يشكل لجنة توافقية لوضع الدستور ثم انتخابات برلمانية ورئاسية بعد إقرار الدستور.

وفي سياق متصل، دعت حملة "حمدين صباحي رئيسا لمصر"، جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة بسحب د.محمد مرسي من جولة الإعادة بانتخابات الرئاسة.

وقد ترددت أنباء عديدة عن وجود خلافات داخل جماعة الإخوان المسلمين بعد حكم المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب وعدم دستورية قانون العزل السياسي، بشأن المطالبة بانسحاب الدكتور محمد مرسي مرشح الجماعة من سباق الرئاسة وعدم خوضه لجولة الإعادة.

ومن المقرر بأن يحسم الموقف النهائي للجماعة اليوم الجمعة، مع أن المؤشرات تظهر وجود تيار قوي لدى الإخوان يدعم استمرار خوض مرسي لجولة الإعادة.

كما أعلن الأكاديمي وعضو مجلس الشعب (ليبرالي) د.عمرو حمزاوي، عن مقاطعته جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة، التى ستبدأ السبت، مؤكدا أنه لن يقوم بتأييد الفريق شفيق أو الدكتور محمد مرسى خلال جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية.

وشدد حمزاوي في تصريح له بالقاهرة على أن كل ما أثير عن قيامه بتأييد أي من المرشحين لا أساس له من الصحة، مؤكدا أن هذا الأسلوب يستغل في الدعاية الانتخابية واصفا إياه بالأسلوب "غير الأخلاقي".

وجاءت هذه الدعوة احتجاجا على قرار المحكمة الدستورية واستمرار وجود أحمد شفيق في السباق الرئاسي وعدم عزله سياسيا.

كما يشهد الشارع المصري نقاشا على مختلف المستويات الشعبية والحزبية والنقابية حول الجهة التي سيؤدي الرئيس الجديد اليمين الدستورية أمامها، نظرا للقرار المحكمة الدستورية بالنسبة لحل البرلمان، وقد تفاوتت وجهت النظر بين المطالب بأداء القسم أمام المجلس العسكري، وبين الداعي إلى أداء الرئيس القسم أمام المحكمة الدستورية.

ومن الواضح بأن هذا النقاش مبرر نظرا لوجود مشكلة قانونية حيث إنه طبقا للمادة 30 من الإعلان الدستوري يحلف الرئيس المنتخب اليمين الدستورية أمام مجلس الشعب، وفي ضوء قرار المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان، أصبح الأمر بحاجة إلى توافق آخر بين القوى السياسية المختلفة والمجلس العسكري.

ولم تأبه مختلف مؤسسات الدولة للنقاش الحاد في الشارع المصري ولدعوات مقاطعة الانتخابات بسبب عدم وضع دستور يحكم الرئيس الجديد، وعدم وجود برلمان في ضوء قرار المحكمة الدستورية يوم أمس.

فقد أعلن رئيس لجنة الانتخابات الرئاسية عن اكتمال الاستعدادات لبدء توجه 50 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع في 13 ألف و99 لجنة فرعية وتحت إشراف قضائي كامل من 14 ألف قاض من بينهم 1200 قاضية للكشف عن شخصية الناخبات المنتقبات في اللجان النسائية.

وأكد المستشار فاروق سلطان رئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية أن اللجنة أتمت استعدادها لجولة الاعادة الحاسمة بطباعة 50.5 مليون بطاقة اقتراع مسلسلة ومختومة بختم ضاغط غير قابلة للتقليد، بالإضافة إلى الصناديق البلاستيكية المؤمنة وزجاجات الحبر الفسوري الذي يضمن عدم تكرار التصويت.

وقال سلطان في تصريح للصحفيين انه تم انتداب 70 ألف موظف من وزارتي العدل والتربية والتعليم للمعاونة داخل اللجان وتنظيم الطوابير خارج اللجان، مشيرا إلى أن كافة ضمانات النزاهة مكفولة ولا مجال لأي تزوير وليس لأحد مصلحة في ذلك.

كما أعلنت وزارة الداخلية والجيش ووزارة الصحة بأنه تم تهيئة الظروف بما يضمن سير الانتخابات بطريقة سلسة وبعيدا عن أي أمور قد تعكر سيرها.

الداخلية بحالة استنفار
وقد أعلن اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية المصري عن أن الوزارة وضعت خطة أمنية مشددة لتأمين جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية، وأي عمل من شأنه تعكير صفو العملية الانتخابية سيتم مواجهته باجراءات قانونية رادعة، وجميع الجرائم الانتخابية التي وقعت خلال الجولة الأولى من الانتخابات تم تحرير مذكرات بها بالتنسيق مع القضاة المشرفين على اللجان واحالتها الى التحقيق.

وأشار الى أن الخدمات الأمنية ستبدأ مع أول ضوء من نهار يوم الانتخاب، لافتا الى أنه سيتم تعزيز الخدمات الأمنية في المناطق التي وصفها بـالملتهبة في بعض مديريات الأمن، والتي تم تحديدها جغرافيا لإضافة مزيد من القوات فيها خلال يومي الانتخاب.

وأوضح اللواء إبراهيم أنه عقب انتهاء اليوم الأول سيتم تأمين الصناديق الانتخابية داخل مقار الاقتراع طوال الليلة وحتى فتح اللجان في اليوم الثاني, وعقب انتهاء الاقتراع يتم تأمين عملية الفرز داخل مقار الاقتراع, ثم تأمين عملية نقل الصناديق برفقة القضاة المشرفين علي مقار الاقتراع من اللجان الفرعية الي اللجان العامة, مع تحديد خطوط سير بديلة لنقل الصناديق في حالة ورود معلومات عن وجود اي تهديد لسلامة الصناديق.

وذكر أن خطة تأمين جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية, الأول تأمين الدعاية الانتخابية وتتمثل في تأمين مقار إقامة مرشحي الرئاسة ومقارات الدعاية الانتخابية الخاصة بحملاتهما بكافة المحافظات على مستوى الجمهورية, وأيضا تأمين تحركاتهما وجولاتهما الميدانية وما شهدته من مؤتمرات وندوات حتى وقت الصمت الانتخابي المقرر قانونا قبل بدء التصويت بيومين وفقا لقرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية, وهي الفترة التي ستنتهي في تمام الساعة12 ظهر غد الجمعة.

وأضاف اللواء إبراهيم أن المحور الثاني في خطة تأمين العملية الانتخابية يتعلق بتأمين مجريات العملية الانتخابية; حيث تضطلع وزارة الداخلية بدورها إداريا وآخر أمنيا، ويتمثل الجانب الإداري في إعداد وتجهيز المقرات واللجان الانتخابية بكافة المستلزمات من مطبوعات وصناديق الاقتراع, وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية, بينما يتمثل الجانب الأمني في قيام أجهزة الشرطة وبالتنسيق مع القوات المسلحة بتأمين المقارات واللجان الانتخابية من الخارج فقط, وهو ما يسمي بحرم المقر الانتخابي والمناطق المحيطة والمنافذ والطرق المؤدية إليه لاجهاض أي مخطط يسعى للتأثير بأي صورة من الصور علي العملية الإنتخابية.

وتابع: إن المحور الثالث فيتعلق بتأمين مرحلة ما بعد عملية الإنتهاء من الفرز وإعلان النتائج, ويشهد انتشارا أمنيا لمواجهة كافة المردودات الإيجابية والسلبية لنتائج الانتخابات; لفرض الأمن وعدم حدوث أية تداعيات ومواجهة أية خروج علي الشرعية أو شغب أو إخلال بالأمن بكل حزم ووفقا للقانون.

حالة طوارئ لدى أجهزة وزارة الصحة
من جهتها، أعلنت وزارة الصحة والسكان، عن وضع خطة طبية شاملة لتأمين جولة الإعادة لانتخابات رئاسة الجمهورية، حيث تم تجهيز 1815 سيارة إسعاف لتقديم الخدمات الإسعافية، ورفع درجة الاستعداد بجميع المستشفيات وأقسام الطوارئ على مستوى الجمهورية ورفع كفاءتها ومنع الإجازات والراحات.

وقال الدكتور أحمد الأنصاري، نائب رئيس هيئة الإسعاف المصرية، إن الخطة تهدف إلى تحديد مستشفيات الإخلاء ورفع كفاءتها والتنسيق مع المستشفيات الجامعية ومستشفيات القوات المسلحة وتجهيز فرق الانتشار السريع والتنسيق مع هيئة الإسعاف المصرية والمستشفيات وتأمين وتدعيم الأدوية والمستلزمات والتجهيزات وتوفير كميات من أكياس الدم ومشتقاته ورفع درجة الاستعداد بغرفة العمليات المركزية.

وقال: كما تم رفع درجة الاستعداد بمديريات الشؤون الصحية بالمحافظات بجميع المستشفيات وأقسام الطوارئ ومرفق الإسعاف ومنع الإجازات والراحات، إضافة إلى مخاطبة أمانة المراكز الطبية المتخصصة وهيئة المستشفيات التعليمية وهيئة التأمين الصحي للتنبيه برفع درجة الاستعداد القصوى بالمستشفيات التابعة لهم بكل المحافظات.

وأشار الأنصاري إلى أن الوزارة قامت بتجهيز غرفة عمليات المركزية لإعداد تقارير مختصرة كل ساعة بأعداد المصابين - إن وجدت- والمستشفيات التي تم تحويل الحالات عليها كذلك تقارير مفصلة بعدد الحالات وعدد المصابين والمستشفيات، كما يشمل التقرير الاسم الكامل للمصاب والسن والجنسية والتشخيص والإجراء العلاجي الذي يتم له.

وأضاف: كما تعتمد الخطة أيضاً على رفع درجة الاستعداد بجميع مرافق الإسعاف والطوارئ على مستوى الجمهورية حتى إعلان النتيجة، مع التأكد من حالة جميع السيارات وصلاحيتها للعمل وصلاحية أجهزة اللاسلكى وجميع الأجهزة الطبية بها وتوافر جميع المستلزمات الطبية بالكميات المناسبة.

مجانية في المواصلات يومي الانتخابات
من جهتها، أعلنت الدكتورة فايزة ابو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولي عن أن الحكومة المصرية قررت اعتبار يومي 16 و17 من الشهر الجاري اجازة رسمية مدفوعة الأجر للعاملين بالدولة والقطاع العام أما القطاع الخاص فوزير القوى العاملة وافق على حصول العاملين على إجازة أحد اليومين بالتناوب، وذلك في إطار تقديم كافة التيسيرات للمواطنين لممارسة حقوقهم السياسية.

وأوضحت أن الحكومة قررت خلال يومي انتخابات جولة الإعادة أن تكون كافة وسائل النقل العام على مستوى الجمهورية بين المحافظات مجانا وتخفيض 50% علي الوسائل المكيفة بين المحافظات ابتداء من الساعة الرابعة بعد ظهر اليوم (الجمعة) وحتى نهاية يوم الاحد القادم مشيرة الى عدم شمول هذا القرار قطارات النوم المكيفة.

وتبقى الأنظار تتجه إلى مصر ومدى مقدرة شعبها وقواه السياسية وأجهزة الدولة المختلفة على تجاوز الأزمات والصعوبات المتلاحقة، التي أرهقت اقتصاد البلاد، من ضمنها البورصة التي تكبدت أمس خسائر فادحة وكذلك مختلف جوانب الحياة.