أمير النهار إذا لم يغثه قسيس فسينهار
نشر بتاريخ: 19/06/2012 ( آخر تحديث: 20/06/2012 الساعة: 09:58 )
الخليل-معا- يقولون بأن الغيرة والحقد قد تدفع بالبعض منا لفعل اشياء مشينة بحق اشخاص آخرين، فكيف إذن بعدو اسرائيلي يتربص للفلسطينيين في كل مكان اتجهوا صوبه، وهذا ما حدث مع الفنان التشكيلي الفلسطيني عيسى اعبيدو منذ ما يقارب الاربعة أعوام .
بداية الحكاية:
اثناء وجود عيسى في احدى معارضه الفنية في مدينة رام الله، جاءه أحد المعجبين برسوماته وفنه الراقي حسب ما ادعى وقال له : رسوماتك جميلة جدا، مقدما له علبة من العطر الفاخر، هدية كانت بمثابة القنبلة الموقوتة التي انفجرت وسببت لعيسى مشاكل في العصب البصري بعد أن رش المعجب على عينيه منها، رائحتها الجميلة لم تجعل عيسى يفكر حينها بأنها مادة أخرى قد تجعله يفقد بصره.
بعد يوم من الحادث شعر عيسى بتعب وإرهاق ودموع غزيرة بدأت تسقط على غير المعتاد، ما دفعه للذهاب لأحد اطباء العيون في الخليل، والذي تفاجأ بحالته، قائلا:" ما الذي حدث معك؟ أجابه: عطر قدمه لي احد المعجبين ورش على عيني منه.
الطبيب أكد له بأن ما رش على عينيه ليس عطرا وإنما مادة غريبة خطرة، وبعد الفحوصات تبين وجود خلل في العصب عنده.
عيسى ضابط متقاعد خدم قوات الـ 17، ذلك دفعه بالاتصال بقيادات بالسلطة الوطنية لشرح وضعه الصحي عله يجد من يساعده ويحكي لهم عما حدث معه، وبعد معاينة حالته من قبل اطباء مختصين تبين وجود مشكلة في العصب فعلا،" وكان وضعي حساس جدا" يقول عيسى، لذلك تقرر ارساله لروسيا للعلاج، وهناك أكد له الاطباء الروس بأنه تعرض لمادة اشعاعية في العين، والتي أثرت على العصب البصري لديه،حيث بدأ العصب يموت في عينه اليسرى والعين اليمنى في طريقها لذلك .
يتابع اعبيدو حديثه:"بقيت في موسكو لفترة خضعت خلالها لعلاج اوقف من خلاله الاطباء الروس موت العصب على أمل أن اعود للعلاج بعد 6 أشهر".
مناشدة بحاجة لمن يسمعها.
فمنذ ما يزيد عن السنتين وفناننا التشكيلي يتقدم بمناشدات للمسؤولين، فلم يترك لا المحافظ ولا رئيس الوزراء ولا حتى الرئيس محمود عباس إلا وبعث لهم بمناشدات لمتابعة وضعه الصحي، حتى يذهب لروسيا لاستكمال علاجه.
"أمير النهار وهو لقب أطلقه عليه وزير شؤون الاسرى والمحررين عيسى قراقع يواجه خطر العمى، بهذه الكلمات بدأت داليا ابنة عيسى الاصغر كلماتها مناشدة الرئيس محمود عباس بإيجاد حل لمشكلة والدها الصحية،وتابعت :"نحن ابناء الاسير المحرر الفنان التشكيلي عيسى اعبيدو نناشد سيادتكم بإنقاظ نور عيني بابا ، التي أصبحت لا تستطيع التفريق بين وجوهنا، ونتمتى انقاظ عينه من العمى المؤكد، لقد ارسلتموه مشكورين الى موسكو على امل استكمال علاجه بعد ستة اشهر ، ومضت سنتان كاملتان وهو يناشدكم برسائل محتلفة من خلال محافظ الخليل والوزير سلام فياض بلا مجيب ونعود نناشدكم ونستصرخكم بإنقاظ نور عيني بابا قبل فوات الاوان".
فكل ما يحتاجه عيسى اعبيدو توقيع على شيك بقيمة 15 الف دولار من قبل احد العاملين في وزارة المالية الفلسطينية، تمكنه من العودة لروسيا مجددا أملا في ابقاء عينه اليمنى تبصر وتضيء النور عليه.
فالتعديلات الوزارية الاخيرة في الحكومة الفلسطينية ، زادت الطين بلة خاصة بعد تغيير وزير المالية، فكلما يذهب عيسى ليسأل عن التحويلة يأجلونه ليوم ويومين وفي المرة الاخيرة اجلوه لشهر، وحتى هذه اللحظة لم يحصل اعبيدو على جواب يشفي غليله.
وعند سؤاله هل تعرف الشخص الذي قام بتلك الفعلة :"أشار اعبيدو إلى أنه سبق وشاهده في مدينة القدس، "وأتذكر ايضا أنه عندما اعتقلني الاحتلال الاسرائيلي وأرسلوني لغرفة التحقيق كان موجود هناك وكان الضباط الاسرائيليون يحققون معه"،وقال عيسى بأنه التقى به بغرفة السجن وهدده لفظيا بأنه سيقوم بإيذائه."
حادثة اثرت على عيسى ومنعته من مزاولة مهنته كفنان تشكيلي، ومنذ تلك الحادثة واعبيدو لا يستطيع القراءة ونظره في تراجع حاد.
الفنان التشكيلي عيسى اعبيدو، أسير سابق قضى في سجون الاحتلال الاسرائيلي 12 عاما ، وأفرج عنه في صفقة التبادل التي تمت عام 1985، واعبيدو مؤسس مركز الفنون التشكيلية في الخليل، وعضو رابطة الفنانين التشكيليين، واستاذ الفن التشكيلي والخط العربي بمدارس رابطة الخريجين، وقد شارك في العديد من المعارض الفنية على المستويين العربي والدولي، وحصل على جوائز كثيرة تقديراً لإبداعاته المتميزة، وقد ورد أسلوبه الفني في الموسوعة العالمية، وفي كتاب الفنان التشكيلي الفلسطيني إسماعيل شموط.
عيسى اعبيدو الذي لطالما عشق الرسم وأبدع فيه ريشته ستشتاق لتلك الانامل التي كانت تخط برسومات جميلة أعجبت الكثيرين، لوحات عبر من خلالها عن بطولات شعبٍ وصمود أسرى في وجه غطرسة السجان الاسرائيلي.