مذكرة قانونية صادرة عن رئاسة المجلس التشريعي بخصوص استحداث القوة التنفيذية
نشر بتاريخ: 10/01/2007 ( آخر تحديث: 10/01/2007 الساعة: 21:31 )
جنين - معا - اصدرت رئاسة المجلس التشريعي مذكرة قانونية وقعت في نهاية المذكرة تحت اسم "د. احمد بحر رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني بالنيابة" تعقيبا ً على التصريح الصادر من النائب عزام الأحمد رئيس كتلة فتح البرلمانية المنشور في الصحف المحلية يوم الاثنين الموافق 8/1/2007م بشأن موقف رئاسة المجلس التشريعي من تشكيل القوة التنفيذية.
واضافت المذكرة " وتوضيحاً لبعض المغالطات في فهم نصوص القانون، فإن رئاسة المجلس وانطلاقاً من حرصها الدائم على مراعاة تطبيق أحكام القانون الأساسي المعدل بحسب ما كفله لها النظام الداخلي للمجلس وفي إطار الدور الرقابي للمجلس التشريعي الفلسطيني؛ وبعيدا عن المناكفات الحزبية والشخصية التي تقف وراءها البعض وتجافي الحقائق والواقع نود أن نقدم رداً قانونياً ".
أولا: إن مسؤولية الحفاظ الكامل على ( الأمن الداخلي والنظام العام ) بكل حيثياته وأبعاده وتفاصيله، إنما تقـع في صلب اختصاص مجلس الوزراء بموجب أحكام نص المادة (69) فقرة (7) من القانون الأساسي المعدل، وهـو اختصاص دستوري تنفيذي ينبغي عدم تجاهلـه، أو إسقاطـه، مـن أيّ تعليق علـى تصريحات رئاسـة المجلس التشريعـي بهـذا الخصوص".
ثانيا: إن تحديد اختصاصات ومهام ( كافة ) الهيئات والمؤسسات التابعة للجهاز التنفيذي في السلطة الوطنية الفلسطينية، وما في حكمها، إنمـا يقع فـي صلب اختصـاص مجلس الوزراء بالنص الصريـح الوارد في المادة (69) فقرة (10) من القانون الأساسي المعدل واجب الاحترام".
ثالثا: إعمالاً للصلاحيات الدستورية المخولة لمجلس الوزراء ( الحكومة ) بحفظ الأمن الداخلي والنظام العام، بل والإشراف الكامل على الجهاز التنفيذي برمته في سبيل تحقيق الأمن والنظام والاستقرار، فقد جاء قانون الخدمة في قوى الأمن الفلسطينية رقم (8) لسنة 2005م منسجماً تماماً مع نفسه عندما أكد في نص المادة (10) منه على أن وزير الداخلية هو الذي يترأس قوات الأمن الداخلي، وهو الذي يمثل المرجعية الدستورية والقانونية العليا بكل ما يتعلق "بالصلاحيات التنفيذية" الخاصة بقوى الأمن الداخلي، كهيئة أمنية نظامية، من حيث المهام والوظائف والاختصاصات. هذا بالإضافة إلى صلاحياته الدستورية المؤكد عليها من خلال نص المادة (71) فقرة (1) و (2) من القانون الأساسي المعدل باعتباره المرجعية العليا في كل ما يتعلق برسم السياسة العامة في وزارته ( وزارة الداخلية ) وإقرارها والإشراف على تنفيذها وإصدار كافة القرارات والتعليمات اللازمة لضمان حسن سير العمل فيها على أكمل وجه".
رابعا: وبناء على ما سبق ذكره، وتأكيداً على الصلاحيات الدستورية والقانونية المناطة بمجلس الوزراء على وجه العموم، ووزير الداخلية على وجه الخصوص، بكل ما يتعلق بالأمن الداخلي والجهاز التنفيذي في السلطة الوطنية، يكون قرار السيد وزير الداخلية باستحداث قوة أمنية ( القوة التنفيذية ) تعمل ضمن قوى الأمن الداخلي وتحديداً " جهاز الشرطة " منسجماً تماماً مع نص المادة (3) من قانون الخدمة في قوى الأمن الفلسطينية رقم (8) لسنة 2005م والتي جاءت على النحو التالي: (( تتألف قوى الأمن من:
1. قوات الأمن الوطني وجيش التحرير الوطني الفلسطيني.
2. قوى الأمن الداخلي.
3. المخابرات العامة.
وأية قوة أو قوات أخرى موجودة أو تستحدث تكون ضمن إحدى القوى الثلاث )).
وقد بات واضحاًً، بأن المشرّع الفلسطيني لو أراد الاكتفاء بقوى الأمن الرئيسة الثلاث الواردة في النص المذكور، لما أضاف إليها صراحة عبارة " وأية قوة أو قوات أخرى موجودة أو تستحدث تكون ضمن إحدى القوى الثلاث " وهي التي شكلت بالانسجام مع النصوص الدستورية والقانونية سالفة الذكر وغيرها الأساس القانوني السليم في استحداث القوة التنفيذية وأدائها لمهامها ضمن إحدى القوى الأمنية الرئيسة الثلاث ألا وهي قوى الأمن الداخلي وتحديداً جهاز الشرطة كجهاز تنفيذي.
خامساً: جديرٌ بالذكر، أن المادة (39) من القانون الأساسي المعدل والتي تنص على أن رئيس السلطة الوطنية هو القائد الأعلى للقوات الفلسطينية، والتي يُكتفى بالإشارة إليها في هذا المقام، لا تمنح رئيس السلطة الوطنية " صلاحيات تنفيذية " تخوله إنشاء أو إلغاء قوة أمنية تابعة لقوى الأمن الداخلي وتخضع مباشرة لصلاحيات مجلس الوزراء ووزير الداخلية بصريح النصوص الدستورية والقانونية. وغني عن البيان، أن السلطات والمهام والصلاحيات التنفيذية لرئيس السلطة الوطنية تكون دوماً على الوجه المبين في القانون الأساسي المعدل بتأكيد نص المادة (38) من القانون الأساسي والتي جاءت على النحو التالي: (( يمارس رئيس السلطة الوطنية مهامه التنفيذية على الوجه المبين في هذا القانون )). والقول بخلاف ذلك، من شأنه أن يهدم كافة النصوص الدستورية والقانونية سالفة الذكر والتي أكدت صراحة على اختصاص مجلس الوزراء والوزير المختص في كل شأن يتعلق بالأمن الداخلي.
سادساً: وجدير بالذكر أيضاً، أنه حتى في النظام البرلماني البريطاني حيث يسود الملك ولا يحكم، وسلطاته وصلاحياته التنفيذية في الحكم رمزية، نجد أن ملكة بريطانيا "إليزابيث الثانية" هي القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومع ذلك فإن الصلاحيات التنفيذية الفعلية لهذا المنصب تبقى في يد مجلس الوزراء والوزير المختص. كما أن الحاكم العام في أستراليا هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، حسب نص المادة 68 من الدستور الأسترالي، ومع ذلك فإن الصلاحيات التنفيذية الفعلية لهذا المنصب تبقى بيد الحكومة وتحديداً وزير الدفاع.
سابعاً: وزيادة في الإيضاح، فإن جميع مواد القانون الأساسي المعدل لعام 2003م وتعديلاته لعام 2005م، وقانون الخدمة في قوى الأمن الفلسطينية رقم (8) لسنة 2005م، والتشريعات ذات الصلة، تخلو تماماً من أيّ نص دستوري أو قانوني يعطي رئيس السلطة الوطنية صلاحية إلغاء قرار صادر عن وزير الداخلية باستحداث القوة التنفيذية، والذي يعتبر صادراً عن جهة "ذات اختصاص" من الناحية الدستورية وجاء وفقاً للأصول القانونية واجبة الاتباع.
ثامناً: ودرءاً لأيّ شُبهة قانونية في فهم نصوص وأحكام القانون الأساسي المعدل، وهو التشريع الأسمى، فقد أكدت المادة (63) من القانون الأساسي صراحة على أنه فيما عدا ما لرئيس السلطة الوطنية من اختصاصات تنفيذية، يحددها القانون الأساسي، فإن جميع الصلاحيات "التنفيذية والإدارية" تكون من اختصاص مجلس الوزراء، وينبغي أن تمارس حسب الأصول الدستورية والقانونية.
تاسعاً: وختاماً، فإن احترام قواعد وأحكام القانون الأساسي المعدل، والابتعاد عن ثقافة القفز على أحكامه ونصوصه تارة، واجتزائها تارة أخرى، لكفيلٌ بتثبيت مبدأ سيادة القانون كأساس
للحكم في فلسطين، وللتوافق الوطنـي الراسخ والسليم، وللسعي قدمـاً فـي بناء دولـة القانون والمؤسسات.