صلبوه على الجدار وقتلوه: سفيان ابو زايدة يروي تفاصيل الهجوم الحمساوي على منزله ولحظات تصفية صديقه العقيد محمد غريب
نشر بتاريخ: 12/01/2007 ( آخر تحديث: 12/01/2007 الساعة: 20:06 )
بيت لحم- ترجمة خاصة بـ معا- حتى القيادي الفتحاوي البارز والوزير السابق الذي خاض في حياته معركة او اثنتين لم يستطع الهدوء وتجاوز اثار المعركة الدامية التي دارت يوم الخميس الماضي في ازقة وحواري مخيم جباليا حيث انقضت مجاميع القوة التنفيذية على منزل جاره العقيد في الامن الوقائي محمد غريب وقتلته شر قتله اضافة الى صور الهجوم على منزله الشخصي وتدميره.
وحاول ابو زايدة تفريغ جزء من الغضب المعتمل في صدره من خلال حديث صحفي اجرته معه صحيفة هآرتس الاسرائيلية حيث قال :" ان مستقبلنا حالك السواد لا يوجد لدينا اي خيار لقد انقلبت حياتي رأسا على عقب خلال يوم واحد ، لا يزال اولادي وزوجتي ينامون خارج المنزل ولا اعرف فيما اذا كنت سأعود يوما الى عملي لقد كان محمد غريب صديق طفولتي تلقينا تعليمنا سويا حيث كنت اسبقه بصف واحد وتجاورنا بالسكن وأكلنا سويا ، لكنني لا استطيع الشكوى فمصيري بالنسبة لما حل بمحمد جيد .
لقد اكتفوا فقط بتفجير منزلي لكنهم - اي نشطاء حماس - اعدموا محمد والابتسامات تعلوا وجوههم لقد ضحكوا وتبادلوا النكات فيما بينهم ومن ثم اطلقوا عليه النار واوثقوا بعد ذلك يدي ابن اخته البالغ من العمر ستة عشر عاما وحين طلب منهم الماء ليشرب اعطوه مادة سائلة مشبوهة, الامر الذي اثار شكوك الولد الذي رفض ان يشربها فسكبوا المادة على يديه, فتبين انها مادة حامضية كاوية, هل تدرك الان مدى الحقد والكراهية ؟ موجها السؤال للصحفي افي زخروف الذي اجرى الحديث ".
وهنا تساءل صديق سفيان, سليم ابو صفية مدير المعابر " من يصدق ذلك؟!! من يصدق ان سفيان المعروف بنضاله الوطني ضد الاحتلال تحاول حماس تصفيته ؟!! ولم ينقذه من الموت الا الله وانا".
واضاف ابو صفيه " في ذلك اليوم توفي والد صديقنا ايهاب الاشقر وقلت لسفيان يجب ان نذهب لتقديم التعازي ظهرا كون ساعات الليل غير امنة وليست مضمونة العواقب فوافق سفيان وذهبنا الى بيت ايهاب وفور وصولنا تلقينا نبأ المعركة حيث اتصلت زوجة سفيان, وقالت هناك اطلاق نار لا تأتي الى المنزل وبقيت زوجته لمدة ست ساعات تحت وابل من الرصاص فأتخذت الارض درعا ".
وهنا استرجع ابو زايدة الذكريات القاسية, وقال :" بعد ذلك اقتحمت عناصر حماس المنزل وارادوا اختطاف ابني لكن تدخل الجيران منعهم من ذلك لكنهم زرعوا عبوة ناسفة في المنزل الجديد الذي اقوم بتشييده ودمروه ".
وتدخل ابو صفية للمرة الثانية, وقال " هل تفهم ؟ ان من يطلبون رأس سفيان لا تتجاوز اعمارهم الثامنة عشرة او العشرين عاما حتى اسرائيل حين تعتقل استشهاديا تتعامل معه افضل مما تعاملت حماس مع محمد غريب ".
ويرقد في مستشفى برزلاي الاسرائيلي خمسة من نشطاء فتح اصيبوا برصاص حماس اثناء الهجوم على منزل غربب حيث تواجد هؤلاء الذين يروون بعض تفاصيل الساعات الرهيبة التي مرت عليهم في منزل العقيد غريب حيث قال الناشط "أ" الذي رقد في المستشفى الاسرائيلي خلال محادثة هاتفية مع صحيفة هأرتس " حوالي الساعة الثالثة من بعد ظهر اليوم الذي سبق المعركة اعاق حاجز عسكري اقامته القوة التنفيذية سيارة سافر فيها ثلاثة من مرافقي العقيد غريب وطلبوا اعتقال احدهم دون اي سبب ، هكذا ، فقط لانه احد رجال حركة فتح لكن ثلاثة رفضوا ذلك وفر احدهم من السيارة فيما اعتقل الثاني واطلقت النار على الثالث الذي حاول الفرار واصيب بجراح ومن ثم اعتقل وفي رد فعل عما حدث قامت عائلتنا عائلة غريب بخطف احد افراد القوة التنفيذية فتدخلت الجبهة الشعبية وسعت بيننا فتم الافراج عن المخطوفين من كلا الطرفين واعتقدنا ان القصه انتهت عند هذا الحد ".
وحاول "أ" مغالبة دموعه واخذ نفسا عميقا قبل ان يواصل روايته وقال " لكن المعارك استؤنفت في اليوم التالي حيث قامت مجموعة تابعه للقوة التنفيذية كانت تستقل سيارة من نوع " تندر " حوالي الساعه الثانية من بعد الظهر بالتموضع بالقرب من منزل عائلة غريب واطلقت النار باتجاهه حيث رد عليهم حراس المنزل بالمثل وقتلوا احد رجالهم لكن الرد لم يتأخر كثيرا حيث قاموا باستدعاء عشرات المسلحين وخلال ساعة احاط بالمنزل مئات منهم اضافة الى الحواجز التي اقامها عناصر حماس في شمال القطاع ومدينة غزة بهدف منع وصول تعزيزات من فتح او الامن الوقائي وفي البداية حاصر عناصر حماس منزلين للعائلة وبعدها توسع حصارهم ليشمل مجموعة المنازل المحيطة بمنزل العقيد بهدف عزله عن محيطه وفي حوالي الساعه الثالثة شرعوا باطلاق نار مكثف على المنازل ".
اما الناشط الفتحاوي "ر" الذي يتلقى العلاج هو الاخر في مستشفى برزلاي الاسرائيلي بسبب اصابته في تلك المعركة لم يستطع نسيان صور المعركة التي لم تفارق مخيلته .
وروى جزء من قصة منزلين في جباليا حيث قال: " في البداية اطلقوا باتجاه المنزل الكبير اكثر من 50 قذيفة ار-بي- جي قبل ان يتحولوا الى المنزل الصغير حيث اختبأ محمد غريب في احدى الغرف واطلقوا عليه اكثر من عشرين صاروخا وتحول المنزل الى قطعه من جهنم لا يمكنك ان تسمع داخله شيئا او ترى شيئا او حتى تتنفس حيث عبقت الغرفة الصغيرة برائحة البارود والدخان ومن فترة الى اخرى دفعنا الابواب باقدامنا حتى يدخل علينا قليلا من الهواء وطوال هذا الوقت حاولنا استدعاء النجدة لكنهم اي عناصر حماس اغلقوا الطرق ومنعوا حتى سيارات الاسعاف من الوصول الينا او الاقتراب من ساحة معركتهم ".
المواطن "ع" وهو احد ابناء عائلة غريب الذي انضم الى مسيرة سلمية غير مسلحة انطلقت من جباليا بهدف خلق حاجز بشري بين عناصر حماس وضحاياهم المحاصرين ومنع قتلهم ووقف الاقتتال هرب الى داخل المنزل بعد ان فتح عناصر حماس النار باتجاه المسيرة السلمية واصابوا العشرات بجراح ليكون شاهدا على جزء من قصة منزلين الدموية حيث قال: " دخلت الى المنزل وصعدت الى الطابق الذي يتواجد فيه الجميع حيث كان هناك ما يقارب الخمسين شخصا موزعين على غرفتين واستمر اطلاق النار خاصة الصواريخ وكل انفجار كان يسقط جزء" من جدران المنزل وفي المقابل بدأت مفاوضات حول استسلامنا لمقاتلي حماس لكننا لم نصدقهم ولم نثق بوعودهم بان لا يمسونا بسوء في حال استسلمنا لهم لكنهم اقسموا على القرن وبالله وكونهم رجال متدينين صدقناهم فطلبوا منا الخروج من المنزل رافعين ايدينا وكنت انا والعقيد محمد غريب من ضمن اول خمسة افراد خرجوا من المنزل ورفعنا ايدينا على جدار المنزل حيث انتظرتنا مجموعة من الملثمين قيدتنا وانهالت علينا بالضرب تحت وقع صرخاتهم التي تؤكد انتمائهم لكتائب عز الدين القسام التي لم تهزم ولو مرة واحدة وهنا تلقى احد الملثمين اتصالا هاتفيا فرد عليه واغلق الخط وسأل اين محمد غريب ؟ وهنا وقف العقيد غريب على قدميه وقال انا محمد غريب وخاطبهم بالقول اعملوا فيّ ما تريدون فقط اطلقوا سراح الشباب ".
واضاف "ع" طلب منا عناصر حماس خلع السترات التي نرتديها " الجاكيتات" حتى يتأكدوا من عدم حيازتنا سلاح وهنا اعتقدنا بان القصه انتهت لكن ثلاثة منهم صلبوا العقيد غريب على الجدار واطلقوا النار على قدميه واعتقدت بانهم سيكتفون بذلك على اعتبار ان الاعلان عن نجاحهم باسره سيعتبر انجازا لهم لكن الثلاثة تراجعوا الى الخلف ليفسحوا المجال لثلاثة اخرين اقتربوا من غريب واطلقوا النار على قدميه مرة اخرى وهنا صاح العقيد غريب وقال لهم" انا لم افعل لكم اي سوء ولم الحق الاذى باي واحد على الاطلاق واخذ ينطق بالشهادتين وهنا تكرر المشهد حيث حضر ثلاثة اخرين واطلقوا النار على قدمي غريب مرة ثالثة وحتى هذه المرحلة كان العقيد على قيد الحياة وهنا توجه القتلة الى ابن اخت العقيد الفتى ثائر البالغ من العمر 16 عاما الذي دأب على مرافقه خاله في حله وترحاله وسألوه هل انت ثائر ؟ واجلسوه الى جانب خاله الذي كان حينها على قيد الحياة واطلقوا عليه النار فأردوه قتيلا الى جانب غريب الذي كان في النزع الاخير ".
ويضيف "ع" قائلا" لم يشف مقتل ثائر غليل عناصر حماس فأخذوا يتبادلون النكات على غريب النازف ويقولون له " انت لا تخجل حين تذكر الشهادتين ؟ انت كافر استحي على نفسك وقد بدت على وجوههم الفرحة التي حلت مكان الغضب والعصبية .
وهنا كان غريب في النزع الاخير من حياته يسرق انفاسه الاخيرة من بين سحاب الدخان ورائحة البارود واقدام الجلادين الذين لم يكتفوا باطلاق عشرات الرصاصات على قدميه فأطلقوا النار على رأسه وظهره وتركوه جثه هامدة ليسألوا عن ضحية جديدة باسم خالد غريب فأطلقوا عليه النار الا ان يد القدر تدخلت وانقذت حياته حيث يصارع الموت في غرفة العناية المكثفة في مستشفى برزلاي .
وبعد هذا المشهد الدموي ورقصة الموت استمر استسلام المتواجدين في المنزل والذين انتظروهم عناصر حماس خارج المنزل واطلقوا النار على ركبة كل شاب خرج من المنزل مستسلما واقتيد بعضهم على يد مسلحي حماس في جولات داخل شوارع غزة ومن ثم القوا بهم في شوارعها مصابين نازفين" .