التوصية بوضع خطة وطنية للنهوض بواقع حقوق الإنسان
نشر بتاريخ: 30/06/2012 ( آخر تحديث: 30/06/2012 الساعة: 14:40 )
القدس -معا- عقد مركز حقوق الإنسان والديمقراطية " شمس" ورشة عمل كلية الشريعة في جامعة القدس حول لحقوق والحريات الأساسية ، وذلك ضمن أنشطة مشروع تعزيز مفاهيم حقوق الإنسان والحكم الصالح لطلبة كليات الشريعة في الجامعات الفلسطينية بدعم من مؤسسة المستقبل ،وقد افتتح الورشة المنسق إبراهيم العبد من مركز "شمس" معرفاً بالمركز والمشروع .
من جانبه بين الباحث عماد موسى أن الحماية القانونية والدستورية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية تحظى باهتمام دولي وإقليمي ومحلي فهي معترف بها في النظم القانونية الوطنية والدولية .
وقال أن موضوع الحماية القانونية والدستورية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية من التعسف والاضطهاد و يحتل دوراً رئيسياً في إطار القوانين الوطنية والدولية ،وقد أدرك المجتمع الدولي أن الاهتمام بقضية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية لا بد وان يعالج من الناحيتين القانونية والقضائية ،فبدأ التفكير في تدوين قواعد حقوق الإنسان وإفراغها في قالب تشريعي دولي، وان كان الكل يؤمن بأن وضع القاعدة القانونية وحده غير كفيل بمنع خرقها ،ولكن لا مناص من التدوين والتشريع كإجراء دولي ،وهكذا عرف العالم عدة مواثيق وعهود عالجت مختلف مواضيع حقوق الإنسان.
وقال أن بموازاة الحماية الدولية تقع الحماية الوطنية الداخلية التي تعود إلى سلطات الدولة التشريعية و التنفيذية والقضائية بتوفيق التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان و تطبيق أحكامها عمليا وحمايتها من قبل القضاء الوطني، وترد الحماية الإقليمية بين الحمايتين الدولية والوطنية ، وقد وردت الحماية الإقليمية في كل من الاتفاقيات الأوروبية و الأمريكية والإفريقية لحقوق الإنسان .
وأوضح أن الحريات العامة كتعبير عن واقع قانوني تجد مجالها داخل الدولة في القوانين التي تتولى تنظيمها وحمايتها وتعرف أبعادها على المستوى الدولي في أنها تشكل الجيل الأول من حقوق الإنسان. وبهذا فإن الحرية القانونية هي إحدى تجليات الحرية، والحرية العامة مظهر خاص للحرية بصفة عامة، منظمة قانونياً بواسطة النصوص الوطنية، الدستورية و التشريعية والتنظيمية وكذا الدولية وتخضع لحماية قانونية فعلية.
وشدد الباحث موسى على أن دعم وتعزيز الحقوق والحريات أمام سلطة الدولة لا يتأتى إلا بإعطائها طابعاً وضعياً، وهو ما يصب في اتجاه سمو نظام الحق وتأكيد مبدأ الشرعية، إنه يجسد الانتقال من الحريات المعلن عنها أو المطالب إلى الحريات المعترف بها في قوانين الدولة.إن إقرار الحقوق والحريات العامة في أسمى قانون الدولة وهو القانون الدستوري وذلك بعد المصادقة عليها من طرف الدولة، ويعني بأن الإقرار يسير في اتجاه دعم وتعزيز الحقوق والحريات وبالتالي دولة القانون،وبهذا يشكل الاتجاه إلى دستور الحقوق والحريات العامة ظاهرة عالمية.إن إقرارها بواسطة الدستور ينبع من اعتباره القانون الأسمى، وبهذا فهو بمثابة الأداة الفعالة لضمانها ضد تجاوزات السلطة التشريعية والتنفيذية، كما يرتبط بمفهوم معين لدولة القانون. إنها الدولة التي تلتزم بحقوق الإنسان، الأمر الذي يتطلب تضمينها في قوانين الدولة.
وقال أن الاعتراف بالحقوق والحريات الفردية كأحد مقومات الدولة القانونية فإنه الهدف الأساسي من قيام الدولة القانونية،ومتى اختفت الحقوق والحريات الفردية أو انعدمت في النظام القائم كنا أمام دولة بوليسية ومتى وجدت ولكن كان من حق الحاكم أن يعصف بها ويستبد بأمور الأفراد كنا أمام دولة استبدادية، وفي الحالتين لا وجود للدولة القانونية.فمع هذا المفهوم للاعتراف بالحقوق الفردية كأحد مقومات الدولة القانونية يتعذر أيضاً تصور دولة قانونية ليس للأفراد فيها حقوق ولا حريات، ومن هنا كان للاعتراف بتلك الحقوق والحريات أحد مقومات الدولة القانونية، لا قيام لها إلا به.
وقال إن حقوق الإنسان وحرياته الأساسية في صلب وثيقة الاستقلال الوطني الصادرة بتاريخ عن المجلس الوطني الفلسطيني بالجزائر والتي تمثل قمة التسلسل الهرمي في النظام القانوني للدولة الفلسطينية، يعني إعطاء هذه الحقوق قدسية خاصة، كما تعتبر في ذات الوقت وسيلة فعالة لضمان حماية هذه الحقوق. واعتبرت وثيقة الاستقلال بمثابة ميثاق جديد لمنظمة التحرير الفلسطينية قائمة على الشرعية الدولية، كما أرست الوثيقة أساس نظام الحكم في فلسطين القائم على الديمقراطية والتعددية والمساواة بين المواطنين واحترام مبادئ حقوق الإنسان والتداول السلمي بين السلطة واحترام الأديان.
كما وتم التأكيد في مقدمة القانون الأساسي المعدل على الأسس الثابتة التي تمثل الوجدان الجماعي للشعب الفلسطيني، بمكوناته الروحية وعقيدته الوطنية، وانتمائه القومي، كما اشتمل في أبوابه على مجموعة من القواعد و الأصول الدستورية المتطورة سواء فيما يتصل بضمان الحقوق والحريات العامة والشخصية على اختلافها بما يحقق العدل و المساواة للجميع دون تمييز، أو فيما يخص مبدأ سيادة القانون، وتحقيق التوازن بين السلطات، مع توضيح الحدود الفاصلة بين اختصاصات كل منها، بحيث تكفل لها الاستقلالية من ناحية والتكامل في الأداء من ناحية أخرى، وذلك في سبيل المصلحة الوطنية العليا التي هي رائد الجميع.
وقال :"لقد حرص المشرع الفلسطيني على تضمين القانون الأساسي للسلطة الوطنية الفلسطينية العديد من النصوص الدستورية التي تضمن الحقوق و الحريات العامة وبينت نطاقها وضرورة احترامها. مثل الحق في الحرية، وعلى عدم إلقاء القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر قضائي وفقاً لأحكام القانون، ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطي ولا يجوز الحجز أو الحبس في غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون".
وفي نهاية اللقاء أكد المشاركون على أن أي اعتداء على الحقوق و الحريات العامة أو حرمة الحياة الخاصة يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون.وعلى أهمية تقوية المراقبة الدستورية للقوانين، وضمان محاسبة و مساءلة منتهكي القوانين ،واستكمال التشريعات والقوانين الضامنة للحقوق المدنية والسياسية الواردة في القانون الأساسي ، وتفعيل الدور الرقابي المشترك للمجلس التشريعي والمجتمع المدني، ووضع خطة وطنية للنهوض بواقع حقوق الإنسان، والإسراع بتشريع القوانين الضامنة للحقوق والحريات كقوانين حرية التعبير وحرية الوصول للمعلومة وحرية التجمع والتظاهر، وإلغاء القوانين التي تتعارض معها.