السبت: 16/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

حين ينتقل المستشفى إلى أحضان الطبيعة

نشر بتاريخ: 30/06/2012 ( آخر تحديث: 30/06/2012 الساعة: 17:40 )
بيت لحم- معا- في أحضان الطبيعة الفلسطينية الخلابة ووسط شلالات واد الباذان وبين الحفر اليانعة عاش نزلاء مستشفى الدكتور كمال للطب النفسي يوما مميزا وتحرروا من كافة القيود العلاجية و اختفت الفوارق بينهم و بين الأطباء والممرضين والمشرفين و الأخصائيين النفسيين حتى وجدت نفسي غريبا و غير قادر على التمييز بين طاقم العاملين و الموظفين وبين النزلاء.

هكذا بدأت الرحلة الترفيهية العلاجية التي نظمها واعد لها منسق لجنة الجودة في مستشفى الدكتور كمال للطب النفسي,فكانت نقطة البداية عندما بدا النزلاء بالتجمع أمام المستشفى ذي المبنى الأثري و التاريخي الذي يضفي لمسة جمالية على مدينة بيت لحم بمبانيه و بواباته الأثرية و حدائقه الجذابة.

عندما بدأ النزلاء بالصعود إلى الحافلات تبادر لذهني المجموعات الكشفية وهي تستعد للتخييم و الاستكشاف ، حيث بدا الفرح على الوجوه جليا ، ولعل من أدل العبارات و أكثرها تأثيرا التي سمعتها من احد النزلاء ، مطالبا سائق الحافلة بالتوج إلى " الفالوجة" ، فيما طالب نزيل اخر قائلا " بدنا على المسمية " و بدأت المبارزة فمنهم من ذكر يافا و حيفا و الآخر ذكر "مغلس" و بيت نتيف و غيرها من قرى و مدن فلسطين المحتلة عام 1948.

وبالرغم من طول المسافة بين بيت لحم والباذان إلا انه لم تحصل أي مشاكل أو مشادات أو حالات طارئة في أوساط أكثر من خمسين نزيلا و نزيلة ، يتلقون العلاج في المستشفى ، بل سادت اجواء المرح ىوصدحت الحناجر بالأغاني والأهازيج والنكات مما جعلني ارغب بتكرار المشاركة في هكذا رحلات ونشاطات, بل و صرت افكر بالمبادرة الى تنظيم رحلات اخرى شبيهه.

في وادي الباذان ترجل الركاب إلى المتنزه وسارع كل منهم ليساهم في عمل ما , فمنهم من حمل المياه و المشروبات ، فيما انزل اخر المأكولات ووزعوا الأدوار وكأنهم خريجي معسكر كشفي متخصص.

ثم انطلق الجميع للمرح واللهو ، فهذا يمارس هوايته في السباحة والآخر متمدد في ظل شجرة ، و مجموعة تلعب الكرة ، في حين انهمك اخرون في إعداد وجبات طعام خفيفة وتوزيعها على المشاركين.

وعندما جاء وقت الدواء ، بدأت ملائكة الرحمة بتوزيع حبات العلاج على المرضى والمريضات وهم منهمكون في لهوهم وانشغالهم ، ولم يبد احد أي اعتراض وكأنهم يتناولون الحلوى ، كما مرر المرضى كؤوس الماء على بعضهم البعض.

والملاحظ انه ، وفي ظل هكذا أجواء ، لم تكن حاجة لمتابعة أو مراقبة أو إغلاق أبواب , فالجميع هنا كأفراد الأسرة المتحابة , ولم يستدعي الامر لان يتخذ الأطباء و المشرفون اي إجراءات احتياطية كأن يعزلوا المرضى في أماكن خاصة , بل انخرط النزلاء في المتنزه وتعاملوا مع الزوار القادمين من مناطق مختلفة, وعند استراق السمع إلى أحاديث الناس لا تسمع احتجاجا من نوع ما أو تخوف , فلم يحدث شيء من هذا القبيل, ولعل هذا يعود إلى انه لم يبدو على المرضى أي شيء يلفت الانتباه أو تصرفات غريبة أو مؤذية أو تضايق الآخرين.

وعند توجيه سؤال للدكتور إبراهيم اخميس منسق لجنة الجودة و المشرف على الرحلة حول الموضوع أجاب ، بأن المرضى وبمجرد شعورهم وإحساسهم بأنهم يعاملون بإنسانية كالآخرين ويمنحون قدرا من الحرية يزول الكثير من التوتر و يمنحهم ثقة بالنفس و يشعرون بالمسؤولية , مما يؤدي إلى انخراطهم في الأنشطة وتفاعلهم مع المحيط الذي يبدي تفهما لهم ولا ينبذهم , ومن هنا تعكف إدارة المستشفى ولجنة الجودة على تكثيف الأنشطة والفعاليات التي تهدف إلى محاربة الوصمة و دمج المرضى والنزلاء في المجتمع وإعادة تأهيلهم ليخرجوا من جديد إلى الحياة والواقع و يمارسوا حياتهم بشكل طبيعي والعمل على دعمهم ومساندتهم لتحصيل حقوقهم المجتمعية والقانونية , مما يحتم على المجتمع المحلي دعم و مساندة الأنشطة المختلفة التي تنظمها لجنة الجودة بتوجيهات من مدير المستشفى الدكتور عصام بنورة ، لتكون عامل مساعد وتساهم في الإسراع في العلاج والحد من فترة مكوث المرضى في المستشفى لأقصر مدة ممكنة.

وعند السؤال عن الجهات الداعمة لهذا النشاط قال الدكتور إبراهيم اخميس أن الفضل يعود إلى توجيهات ومساندة إدارة المستشفى وعلى رأسها الدكتور عصام بنورة ,بالإضافة إلى الدعم المتواصل من وزارة الإعلام الفلسطينية ممثلة بالسيد خالد خنه الذي دعم من قبل نشاطات أخرى بالإضافة إلى مرافقته و دعمه لنشاط هذا اليوم والاعلامي زهير الطميزي , و لا ننسى الدعم المتواصل من جهاز الأمن الوقائي ممثلا بالعقيد وجيه الرجوب مدير الأمن الوقائي في بيت لحم والمقدم ضرار مرعب مدير العلاقات العامة لمساعدتهم في توفير وسائل النقل بتبرع من السادة شركة باصات بيت ساحور و شركة العرقوب للنقل السياحي و باص آخر مقدم من الفاضل يوسف اخميس صاحب مدرسة الفاروق,ولا يمكننا هنا إلا أن نشكر أيضا مسئول العلاقات العامة في شرطة محافظة بيت لحم الرائد عاهد حساين لمتابعته و توصياته المستمرة بالاهتمام بهذه الفئة المهمشة في المجتمع , كذلك كانت هناك تبرعات سخية من فاعلي الخير و بعض الموظفين . وانتهزد. اخميس الفرصة ليشكر كل من شارك في تنظيم و ترتيب الرحلة وخاصة مديرة التمريض السيدة عفاف أبو عجمية وطاقم التمريض المرافق و رئيسة قسم العلاج الوظيفي السيدة ديالا العواودة وجميع عمال و موظفي المستشفى وطاقم المطبخ , كما قدم شكر المستشفى للسيد ياسر الفارسي صاحب منتزه الطواحين الذي تبرع باستضافتهم لهذا اليوم.

وهكذا أيضا كانت العودة حيث كانت حركة الجميع من موظفين و مرضى مثل خلية النحل و عادت الحافلات إلى مدينة السلام بيت لحم بسلام وأمان وقد ظهرت على الجميع علامات الرضا والفرح وكلمات الشكر الكثيرة , بالإضافة إلى المطالبة بتكرار مثل هذه النشاطات.