سياسات الحكومة الاسرائيلية المتعاقبة تهدف الى تهويد مدينة الخليل وتسكين 550 مستوطن مكان 170 ألف فلسطيني
نشر بتاريخ: 14/01/2007 ( آخر تحديث: 14/01/2007 الساعة: 13:05 )
الخليل- معا- محمد العويوي- مرة أخرى تعود للأضواء قصة إستئصال 550 مستوطناً من قلب 170 ألف فلسطيني يعيشون في مدينة الخليل.
مركز المعلومات الاسرائيلي لحقوق الانسان في الاراضي المحتلة " بيتسيلم " أصدر مؤخراً بيانا حول وضع الاستيطان في مدينة الخليل، جاء فيه "ان اعتداءات المستوطنين في الخليل على الفلسطينيين تقع على مرأى من الجنود الذين لا يملكون الاوامر بوقفها وفي بعض الاحيان يتم توجيههم الى الامتناع عن الدفاع عن الضحايا، كما تمتنع الشرطة الاسرائيلية عن توفير الرد المناسب على عنف المستوطنين".
كما وأصدر رئيس بعثة التواجد الدولي المؤقت في الخليل، آرني هوسا، بياناً في ذات السياق، ذكر فيه " لقد طالبت بعثة التواجد الدولي المؤقت في الخليل السلطات الإسرائيلية ولعدة مرات بضرورة توفير وسائل وإجراءات حماية فعالة تساعد في فرض الأمن والنظام في المناطق الخاضعة تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية (H2) في مدينة الخليل وخصوصاً في منطقة تل الرميدة وبيت هداسا، بالرغم من التواجد المكثف والدائم لقوات الجيش الإسرائيلي بالقرب وحول المستوطنات الإسرائيلية في المدينة فإن تقاريرنا تظهر بأن عدد المرات التي حاولت فيها قوات الجيش الإسرائيلي بالتدخل بشكل جدي هي قليلة جداً".
وأضاف هوسا في بيانه "أن معظم الأحداث التي قامت بعثة التواجد الدولي المؤقت في الخليل بكتابة التقارير عنها تتضمن الكثير من الإعتداءات اللفظية، بالاضافة الى هدم وتخريب الممتلكات وقذف الحجارة والزجاجات الفارغة ضد الفلسطينيين.
وأشار الى أن القسم الأكبر من هذه التقارير المتعلقة بحوادث الإعتداءات تقع في منطقة تل الرميدة في مدينة الخليل، كما أن بعثة التواجد الدولي المؤقت في الخليل ومن خلال تواصلها مع السلطات الإسرائيلية ومناقشتها لهذه الحوادث والإعتداءات ضد المواطنين الفلسطينيين لطالما طالبت وألحت على السلطات الإسرائيلية بضرورة التدخل لمنع وإيقاف هذه الإعتداءات".
ويوجد في داخل المدينة حاليا خمسة مواقع استيطانية يهودية وهي مستوطنة تل الرميدة، والدبويا، ومدرسة أسامة بن المنقذ وسوق الخضار والاستراحة السياحية قرب الحرم الإبراهيمي الشريف، بالإضافة إلى التجمع الاستيطاني اليهودي على حدود المدينة الشرقية.
واحتلت إسرائيل مدينة الخليل عام 1967، ومنذ ذلك التاريخ شرع المستوطنون اليهود بالاستيطان في محيط المدينة ثم في داخلها، حيث بدأت المحاولة الأولى للاستيطان عام 1968، ثم صادر الجيش الإسرائيلي أرضاً شرق الخليل وأقام عليها مستوطنة كريات أربع عام 1972.
وفي عام 1979 احتلت مجموعة من المستوطنين مبنى الدبويا الكائن في شارع الشهداء واستوطنت فيه، ولا زلت أذكر العام 1982 حينما كنت تلميذاً في الصف الثاني بمدرسة أسامة بن منقذ الابتدائية الواقعة على مدخل البلدة القديمة "باب البلدية القديمة"، حينما طردنا المستوطنون منها، لنلجأ للمدرسة الابراهيمية الواقعة في شارع السهلة القريب من الحرم الابراهيمي في الخليل، لنعود اليها بعد ثلاثة أشهر، لكن فرحتنا بعودتنا لمدرستنا والذهاب اليها مبكراً كل يوم، لم تدم طويلاً فتم طردنا للمرة الاخيرة منها ولم يعد اي تلميذ فلسطيني يتلقى التعليم فيها، حيث أصبحت مدرسة فيما بعد للمتدينيين المستوطنين.
ولم يكتف المستوطنون وجنود الاحتلال الذين يقدمون الحماية لهم بذلك ففي عام 1983 هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي (12) مبنى في البلدة القديمة خلف سوق الخضار وأقامت تجمعاً استيطانياً يهودياً قي ذلك الموقع أسمته " أبراهام أفينو " الذي أحكم السيطرة تدريجياً على سوق الخضار الوحيد في المدينة بعد طرد أصحابه وتشريدهم في شوارع المدينة.
وتصاعدت وتيرة بناء المستوطنات بشكل مضطرد في الخليل، ففي عام 1983 بدأت الحكومة الإسرائيلية بإقامة مستوطنة "جفعات خارصينا" إلى الشمال من مستوطنة كريات أربع وشرق مدينة الخليل، وفي عام 1984 بدأت بإقامة مستوطنة "بيت حاجاي" على الحد الجنوبي لمدينة الخليل، وفي العام نفسه 1984وضع المستوطنون مجموعة من البيوت المتنقلة (كرافانات) الجاهزة في موقع تل الرميدة فوق الموقع الأثري وأقاموا فيها، وفي تلك الفترة كان لزاماً على جنود الاحتلال بأن يكونوا قريباً من هذه البؤر الاستيطانية، فقاموا بالاستيلاء على محطة الباصات الوحيدة الواقعة في شارع الشهداء وتحويلها الى ثكنة عسكرية، ليتسنى لهم مساعدة المستوطنين وتوفير الحماية لهم في كافة مراحل توسيع الاستيطان اليهودي داخل الخليل، ويبلغ عدد المستوطنين حالياً في الخليل 350 مستوطناً بالإضافة إلى 200 طالب في المدرسة التلمودية في مدرسة أسامة بن منقذ، يحرسهم ما يزيد عن 1200 جندي إسرائيلي.
المستوطنون اليهود في الخليل من غلاة المتطرفين اليهود أمثال باروخ مازيل ونوعام فدرمان ومن وسطهم خرج السفاح باروخ غولد شتاين الذي قتل 29 مصلياً في الحرم الإبراهيمي فجر يوم الجمعة 25/2/1994، والذي فجر الاوضاع في المدينة، لتعاقب الضحية، ويتم تقسيم المدينة الى قسمين ومنع الفلسطينيين من الحركة والتحرك في شارع الشهداء على الرغم من وجود إتفاقية بين الحكومة الامريكية والاسرائيلية لاعادة تأهيل الشارع وفتحه أمام حركة عبور الفلسطينيين.
ومنع الفلسطينييون فيما بعد من عبور شارع السهلة والمرور من سوق الخضار القديم نهائياً، لتتحول تلك المنطقة بالكامل لسيطرة المستوطنين ووضعت لافتات باللغة العبرية على جدران المنطقة تشير الى أسماء تلك الشوارع منها "شارع الملك داوود " مكان شارع الشهداء.
لم يسهم بروتوكول الخليل عام 1994، بين الحكومة الاسرائيلية والمجتمع الدولي، القاضي بنشر قوات مراقبين دوليين هناك بالحد من تطرف المستوطنين واستمرارهم في نهج الإرهاب والتسلط ضد المواطنين العرب في الخليل وذلك على مرأى ومسمع قوات الجيش والشرطة الإسرائيلية.
وأثناء مفاوضات السلام في العام 1997 التي دارت بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية في العاصمة النرويجية أوسلو تم المطالبة بإعادة إنتداب بعثة التواجد الدولي المؤقت في الخليل للقيام بالمساعدة في إعادة الحياة الى طبيعتها في مدينة الخليل، تضم أعضاء من ست دول مختلفة هي النرويج، إيطاليا، السويد، الدنمارك، سويسرا و تركيا.
مع بداية انتفاضة الأقصى والأحداث التي شهدتها مدينة الخليل والبلدة القديمة وإطلاق النار الإسرائيلي العشوائي على منازل الفلسطينيين خارج البلدة القديمة، انتهج المستوطنون سياسة اتسمت بطرد المواطنين العرب من المنازل المجاورة للبؤر الاستيطانية والاستيلاء على عقاراتهم، وكان لاستلام شارون رئاسة الحكومة الإسرائيلية اثر كبير في تصاعد الأعمال الإستيطانية وتنامي الدعم الحكومي الإسرائيلي لها، إن الأعمال الإستيطانية أوصلت الوضع في البلدة القديمة إلى حالة صعبة، أصبح فيه الجيش والمستوطنون يمارسون سياسة تقاسم الأدوار لتسهيل السيطرة على العقارات العربية وطرد المواطنين العرب منها.
وأكد مركز المعلومات الاسرائيلي لحقوق الانسان في الاراضي المحتلة "بيتسيلم " في بيانه "بتسيلم تؤكد ان العنف في الخليل ليس تقصيراً موضعياً، بل هو ناتج عن سياسة متعاقبة تنهتجها الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة منذ سنوات، من أجل تمكين المستوطنين من المس بالفلسطينيين بهدف ترحيلهم".
تواصل الحكومة الإسرائيلية سياستها بإيجاد تواصل استيطاني بين البؤر الاستيطانية في مدينة الخليل وكريات أربع والتي كان من ضمنها إصدار أمر عسكري من أجل شق طريق للمستوطنين تم بموجبه هدم مجموعة من المباني التاريخية في حارة جابر في البلدة القديمة وعمل طريق خاص للمستوطنين من كريات أربع حتى الحرم الإبراهيمي الشريف، ممنوع على العرب المرور فيه, وكذلك صدر أمر عسكري بإنشاء طريق آخر يصل المستوطنين في تل الرميده بشارع الشهداء وباقي المستوطنات
وتتسبب الإجراءات الأمنية من قبل قوات الجيش الإسرائيلي وإعتداءات المستوطنين بتهجير السكان الفلسطينيين من المباني الملاصقة والمجاورة للبؤر الإستيطانية تمهيداً لإقامة حي استيطاني يهودي داخل مدينة الخليل القديمة خالٍ من أي تواجد عربي.