الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

"مرشحون" لم يتولّوا رئاسة مصر لكنهم يُضحكون الملايين

نشر بتاريخ: 05/07/2012 ( آخر تحديث: 05/07/2012 الساعة: 11:12 )
القاهرة- معا- عن الحياة اللندنية- محمد باكوس، زكي لوغو، محمود سكموني، إبراهيم ننّس، الدكتور خلفاوي، شحرور العِترة، وأحمد شوارع...

هذه ليست سوى نماذج لأسماء أشخاص أعلنوا ترشيح أنفسهم لرئاسة الجمهورية المصرية، وبات تتبّعهم الآن أسهل، بعد مرور الاستحقاق الرئاسي في البلاد بسلام، لا سيما أن تسجيلات الفيديو التي رفعوها على الإنترنت ما زالت متداولة بكثرة بين المستخدمين، مصريين وعرباً، على سبيل الطرفة. والأحلى من التعرّف إلى هؤلاء «المرشحين» الظرفاء، خلال عملية البحث عنهم وسؤالهم عن «مصدر إلهامهم»، كانت المفاجأة بأن «مسرحهم الانتخابي» لم يكن سوى «سطوح» مبنى «الجندول» الشهير الذي كان مِلْكاً للموسيقار محمد عبدالوهاب قبل أن يُعرف على السطح نفسه، بعد بيع المبنى، بمقهى يجتذب المثقفين والفنانين. ولعل التقاطع هنا هو ما جعل الموضوع أكثر إثارة للاهتمام.

باكوس وخلفاوي وسكموني ولوغو وغيرهم، أعلنوا برامجهم «الساخنة» عبر مواقع إلكترونية مختلفة، وكلُّ على طريقته. بعضهم ممثل مغمور، عُرف من خلال هذه التسجيلات أكثر مما ساعده التلفزيون أو السينما في تكريس وجهه واسمه لدى الجمهور. ظهر بعضهم أمام مجموعة من الشباب لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، ليقول إنه حظي بتأييد الملايين. وظهر آخرون، وأمامهم ميكروفونات هي في الحقيقة عبوات عصير معلّب، ليؤكدوا أن أسرهم شجّعتهم على الترشّح فاقتنعوا بأهمية الخطوة وأقدموا. فيما يقول أحدهم إنه سيعطي كل من ينتخبه «سندوتش حواوشي» وكوب شاي.

خلال رحلة البحث عن «المرشحين»، فوجئنا بأن بعضهم اختار «سطوح» مبنى «الجندول» وسط القاهرة، حيث كان يقطن الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب، والذي تحول لاحقاً صالوناً أدبياً وثقافياً، ثم كافيتريا يتردد عليها مطربون وملحنون وشعراء وممثلون مغمورون.

«سطوح» الزمن الجميل

يقول العمّ محمد صالح، المقيم شبه الدائم، منذ أكثر من 40 سنة في الفندق الذي يحتضنه المبنى: «بحكم عملي في تجارة الملابس في بورسعيد، أتردد على القاهرة باستمرار، فأمضي فيها بضعة أيام وأعود إلى مدينتي، وهكذا اتخذت من الفندق مقراً لإقامتي في القاهرة، وبتّ أعرف كل شيء عن المكان». ويضيف: «شيّد عبدالوهاب هذا المبنى ذا الطبقات الـ12 عام 1938، وأطلق عليه اسم الجندول نسبة إلى أغنيته الشهيرة. ركّب ثلاثة مصاعد، الأول للسكّان، والثاني لنقل الأغراض والمفروشات، والثالث خاص به لا يستقله سواه وأفراد أسرته. وبعدما بيع المبنى، خُصّص المصعد الأخير لروّاد الفندق الذي يحتل ثلاث طبقات». ويلفت العمّ محمد إلى أن «عبدالوهاب جعل، في الطبقة الأخيرة، ثلاث شقق: الأولى لأسرته، والثانية لضيوفه، والثالثة استوديو يلحّن فيه ويتردد عليه أشهر النجوم، ما كان يغري الناس في المنطقة بالوقوف أمام المبنى لاقتناص مشاهدتهم داخلين وخارجين. إضافة إلى السطح الذي قسّمه جزأين، الأول يجالس فيه أصدقاءه صيفاً، وآخر للشتاء لطالما صوّر فيه أغاني جميلة ما زلنا نستمتع بها حتى اليوم». ويشرح أن مَن اشتروا المبنى بعد ذلك، حولوا السطح كافيتريا، يتردد عليها عشاق الفن، وتقام فيها ندوات وأمسيات ثقافية وأدبية.

مفاجآت الترشيحات

أما الشاعر وليد فاروق، الذي ظهر على «يوتيوب» ومواقع أخرى باسم د. خلفاوي وأعلن ترشّحه لرئاسة الجمهورية، فيقول: «كنت أتردد على هذا المكان قبل 20 سنة، وأنا في بداية الطريق، وكانت تقام في الكافيتريا على السطح ندوة شعرية تنظّمها الأميرة فايزة (من أسرة الملك فاروق)، وتبيّن لي أن غالبية نجوم الثمانينات والتسعينات بدأت من هنا، وما زال المكان يحتفظ برونقه القديم، إذ يحرص على إمتاع الحضور بأغاني عبدالوهاب وأم كلثوم وعبدالحليم وفايزة أحمد ونجاة وفريد الأطرش وعبدالمطلب وآخرين». أما عن أسباب إعلان ترشحه الساخر لرئاسة الجمهورية، من هذا المكان، فيقول فاروق: «قبل فتح باب الترشح، فوجئنا بأن كثيرين يرغبون في ذلك، ولا يسأل أي منهم نفسه هل هو ملائم لهذا المنصب الحساس، وفوجئنا بنماذج غريبة تتقدم، وبلا برامج، كل منهم يتخيل أن في استطاعته إدارة شؤون البلاد ببساطة. وبعدما بلغ الموضوع درجة هزلية، قررنا صنع عرض كوميدي يحمل إسقاطات ما يحدث، فابتكرتُ شخصية الدكتور خلفاوي، ورحت أعبّر عن نفسي كواحد من هؤلاء المرشحين، لكني لم أتخيل أن الموضوع سيجذب آلاف الشباب في مصر، والملايين خارجها، لمشاهدته وتحميله على هذا النحو!».

ويقول مرشح آخر هو الممثل زكي لوغو: «أعمل في مجال التمثيل منذ سنوات، وبصدق حققت شهرة كبيرة بعد ترشحي المزعوم عبر الإنترنت، تفوق الشهرة التي حققتها من عملي في الكثير من المسلسلات والأفلام والمسرحيات، على رغم أن فكرة الترشّح كان القصد منها تقديم برنامج يسخر مما يحدث في الشارع المصري. استفزتنا الأسماء المجهولة للمرشحين، وأردنا القول إن أي شخص بات في مقدوره الترشّح، ببساطة، حتى لو كانت برامجه الانتخابية تافهة وسطحية وأحياناً وهمية، فاستعرنا هذا المزاج وانتزعنا ضحكات الناس وسط الظروف الصعبة التي نعيشها».

وعما إذا كانوا مـتـأثرين بـأيٍّ من الـمـرشـحـين الـســاخرين قبـلـهـم، على غـرار مـحـمد باكـوس وغـيره، يـقـول زكـي إن هـذا لـم يـحـدث، «فقد قـدّمـنا الـكوميديا بطريـقـتـنـا، ولم نـتوقـف عـنـد الشكل الذي ظـهـر فـيـه الآخرون».