الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

رحلة علاج من أريحا لغزة تعيد النطق لمريض بعد معاناة عامين

نشر بتاريخ: 14/07/2012 ( آخر تحديث: 14/07/2012 الساعة: 14:26 )
غزة-معا- "الحمد لله رب العالمين" أول كلمات نطقها بعد ما يقارب عامين من المعاناة والانعزال عن المجتمع, حياة عادت له بعد أن فقد معناها, وأكثر ما أسعده كلمات طفله "بدي بابا يحكي معي".

محمد عواجنة 44 عاماً من مدينة أريحا في الضفة الغربية, جاء مع زوجته للعلاج في غزة ليعود إليه النطق والكلام بعد رحلة عذاب ومحاولات كثيرة.

الأمر يبدو غريباً بعض الشيء أن يأتي مريضاً من الضفة للعلاج في غزة, والمعروف دائماً أن يتم العكس, ولكن بعد إصرار من زوجته توجه للعلاج عند طبيب مختص في مستشفى الشفاء بغزة.

وبين عواجنة لـ"معا" بنبرة لازالت ضعيفة وبكلمات متقطعة أنه كان رافض في البداية التوجه إلى غزة, أو حتى محاولة العلاج من جديد, مبيناً أنه يأس من محاولاته السابقة دون جدوى التي كانت في مستشفيات الضفة وأكبر مستشفيات إسرائيل.|182342|

وبين أن الأطباء في إسرائيل لم يقبلوا التعامل مع حالته, مبينين له أن علاجه صعب بسبب مضي وقت طويل بعد الحادثة التي تعرض لها عندما كان يقوم بتصليح في أحد خطوط الهاتف المعطلة بشركة الاتصالات الفلسطينية التي يعمل بها , وعند فتحه إحدى الصناديق خرج منها غاز سام وكثيف مما أفقده وعيه, ليستيقظ في المستشفى وهو لا ينطق.

وأضاف "الحمد لله الذي أعاد لي الحياة من جديد , لم يكن لدي أمل,لم أكن متوقع أن يعود لي النطق بعد أيام قليلة من العلاج لدى الطبيب أحمد الجذبة, الذي تعامل معي كأخ وصديق قبل أن يعالجني".

وأوضح أن أبناءه غمرتهم فرحة كبيرة لدى سماعهم صوته, مشيراً إلى أن أصغرهم ليان ويامان لم يصدقا ذلك وسمعا أخيراً كلمة بابا, مضيفاً " بعد ما كان يقول لي ابني يامان ابعد عني, لأني لم أستطيع أن أتحدث إليه أو ألاعبه , الآن يتصل بيقول بدي أحكي مع بابا".

وببسمة رسمت على شفتيه بين أن أهله وأصدقائه في أريحا لم يصدقوا وتفاجأوا بعودة النطق له في أيام معدودة, مبيناً تلقيه اتصالات منهم ليسمعوا صوته الذي عاد مجدداً.

وتوجه المريض بالشكر إلى الطبيب المعالج, مشجعاً كل من لديه مشكلة في النطق أو الأحبال الصوتية التوجه له, مبيناً أنه تعامل معه معاملة جيدة للغاية, هيأه نفسياً قبل البدء عملياً,كما توجه بالشكر إلى شركة الاتصالات الفلسطينية التي ساعدته للوصول إلى غزة, ووفرت له كافة الاحتياجات والتسهيلات.|182340|

وعن الصعوبة التي يعانيها في العمليات التي لا زالت مستمرة أشار إلى أن الألم يكون بعد العملية, مما يتطلب منه راحة, مبيناً أنه لا زال يعاني من صعوبة عند النطق, متأملاً أن تتحسن حالته نحو الأفضل.

زوجة عواجنة "أم موسى "أوضحت أنها شاهدت برنامجاً يعرض حالة مثل حالة زوجها, وأن الطبيب الغزي قام بعلاجها وعاد النطق إليها, مما دفعها للإصرار على زوجها للمجيء للعلاج بغزة.

وأشارت إلى أنهم واجهوا صعوبات كثيرة للوصول إلى غزة, مبيناً أن الاحتلال الإسرائيلي رفض إعطائهم تصاريح للسفر عبر معبر ايرز, مما دفعهم للسفر إلى الأردن , ومن ثم إلى مصر وصولاً إلى غزة.

وبينت أن وصولهم لغزة كان يوم الأربعاء الماضي, وفور وصولهم جاء الطبيب للتعرف عليهم, مشيرة إلى أنه عاملهم معاملة جيدة قبل البدء بعلاجه في صباح اليوم التالي.

وأوضحت أن بداية العلاج كانت بمناظير تشخيصية ومن ثم علاجية, مبينة أن حالته تتحسن كل يوم عن ما سبق, قائلة "الحمد لله كان إعجاز في أيام قلائل".
|182339|
وبينت أن أكثر ما يؤلم زوجها عدم قدرته على التواصل مع أبنائنا, مبينة أنه الآن متواصل معهم بشكل مستمر من خلال الاتصالات التلفونية.

وعن حالته خلال فترة معاناته أوضحت أنه كان يعيش حالة انعزال واكتئاب, وأنه أصبح لا يحب الاختلاط بالناس, ورفض العلاج في الفترة الأخيرة.

الطبيب أحمد الجذبة أخصائي مناظير الحنجرة والقصبة الهوائية بين أنه فور تلقيه الاتصال من زوجة المريض طلب منها إرسال تقاريره الطبية لدراسة حالته المرضية, ومن ثم طلب منهم المجيء لغزة.

وأشار الى أنه فور وصولهم توجه للتعرف على المريض, ولطمأنته والتخفيف من حالة التوتر الموجودة لديه,ليقوم بعمل التحاليل اللازمة له في صباح اليوم التالي.

وبين الجذبة أن العلاج بدأ بعمل تبخيرات ومناظير استكشافية للمريض, ومن ثم إجراء عمليات "مناظير علاجية", وإعطائه الأدوية اللازمة, بالإضافة إلى جلسات تعلم النطق الصحيح ,مبيناً أن بداية النطق لديه كانت صعبة للغاية.

وأوضح الجذبة أنه يقوم يومياً بعمل جلسات علاجية للمريض تصل إلى 7 ساعات متواصلة, مبيناً أنه وصل لدرجة جيدة من العلاج, متأملاً أن يعود له نطقه كما كان سابقاً.
|182338|
وبين أن أطباء غزة ذو كفاءة عالية, مبيناً أن ما يميز دول العالم هو الأجهزة الحديثة التي تفتقدها مستشفيات قطاع غزة,مضيفاً" الكادر الطبي موجود ولكن الأجهزة قديمة لذلك لا يستطيع الأطباء التعامل مع كل الحالات المرضية , ويلجئون لتحويلها للخارج".

الجدير ذكره أن الطبيب الجذبة قام بعلاج 8 حالات شبيهة بحالة عواجنة, مبيناً أن جميع الحالات كانت الفترة الزمنية التي فقدت فيها النطق قليلة, ولكن حالة عواجنة وحالة سيدة أخرى من مخيم الشاطئ كانت طويلة ,فعمرها 64 عاماً و فقدت نطقها مدة 14عاماً ليعود لها مجدداً بعدما قام بعلاجها.
|182337|
|182336|