الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

خلال لقاء عقده مركز "شمس"الدعوة إلى تعزيز الحماية الدستورية والقانوني

نشر بتاريخ: 14/07/2012 ( آخر تحديث: 14/07/2012 الساعة: 13:53 )
جنين -معا- عقد مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية " شمس" حول مدى انسجام القوانين الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان،حضر اللقاء عدد من طلبة الجامعات ،وقد افتتح الورشة عدلي الديك من مركز "شمس"،معرفاً بالمركز والمشروع، وقال أن الورشة تأتي ضمن برنامج تعزيز مفاهيم حقوق الإنسان وسيادة القانون لدى طلاب الجامعات،بدعم وتمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

من جانبها قالت الناشطة النسوية تمام قنيوي أن بعض الحكومات حاولت ، التذرع بالمعايير "الوطنية" وإعلاء شأنها على حساب المعايير الدولية، بتأكيد أسبقية وأولوية القانون الداخلي على القانون الدولي، وذلك في محاولة للتحلل أحياناً من الالتزامات الدولية التي تمليها مواثيق حقوق الإنسان من جهة وقواعد القانون الدولي من جهة أخرى.

وقالت أنه غالباً ما تثار مسألة العلاقة بين القانون الوطني والقانون الدولي من جهة أخرى، ويكون الأمر كذلك وعلى وجه الخصوص عندما يتعلق الموضوع بقضايا حقوق الإنسان، فالحكومات تشـدد على «أحقيّتها» في تشريع قوانينها الداخلية متعكزة على قواعد قانونية دولية كاحترام مبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وغيرها من قواعد القانون الدولي، التي يقرها ميثاق الأمم المتحدة ووثائقها الأساسية، حيث تعتبر هذه المبادئ قواعد آمرة، أي ملزمة في القانون الدولي. في حين أن مؤسسات المجتمع المدني تشدد هي أيضاً على ضرورة مراعاة الحكومات والتزاماتها الدولية وبشكل خاص احترام الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والحريات والحقوق الأساسية، وعدم التجاوز عليها بحجة الخصوصية الثقافية والدينية وغيرها.

وأوضحت قنوي أن الجزء المثير للجدل في هذا الميدان هو «قانون المعاهدات» الصادر وفقاً لاتفاقية فيينا لعام 1969، ويتجاوز هذا القانون، في الكثير من الأحيان، نطاق القانون الوطني، ليحدّد معايير دولية تتطلب احترامها ومراعاتها في ما يتعلق بالتشريعات الوطنية. حيث تثور مسألة التوافق أو تكييف القوانين الوطنية وفقاً للمعايير والقواعد الدولية، على نحو واسع في قضايا حقوق الإنسان وبشكل خاص عند الحديث عن الحريات والحقوق الأساسية، ومنها حق التعبير وحق الاعتقاد والحق في التنظيم الحزبي والنقابي والمهني والحق في المشاركة في إدارة الشؤون العامة ، وكذلك في موضوع فصل السلطات وتغوّل السلطة التنفيذية على تبعية السلطات والانتقاص من استقلال القضاء .

وبينت قنيوي أن هناك اتجاهات ومدارس فقهية وقانونية متعارضة بخصوص العلاقة بين القانونين الداخلي والدولي،الاتجاه الأول الداخلي،وهو أسبقية القانون الوطني على القانون الدولي، وهو الذي يذهب إلى القول إن القانون الوطني (الداخلي) يتقدم على القانون الدولي، وبالتالي يمكن الأخذ من القانون الدولي ما يتناسب مع القوانين الوطنية وتكييفه ليصبح منسجماً مع الدستور الوطني.

أما الاتجاه الثاني الدولي حول أسبقية القانون الدولي على القانون الوطني، وهذا الاتجاه يعاكس الاتجاه الأول، وهو الذي يحدد أسبقية وأولوية قواعد القانون الدولي، على القوانين الوطنية في كل من الأحكام الدولية والوطنية.وهذا الاتجاه يدعو لتكييف القوانين الوطنية لتصبح منسجمة مع القانون الدولي ، وبالتالي فإنه لا يضع حدوداً من السلطة الوطنية على القانون الدولي ، ذلك أن صلاحيات الدول مستمدة من فكرة القانون، وهذا الأخير هو الذي يمنحها ولاية ممارسة هذه الصلاحيات، الأمر الذي يجعل القانون الدولي والوطني متلازمين في إطار نظام واحد هو «القانون».

وحول الاتجاه الثالث قالت وهو ما يمكن أن نطلق عليه «المدرسة الثنوية » وهو ما ذهب إليه الفيلسوف الألماني هيغل، فالقانون الدولي والقانون الداخلي (الوطني) مجالان مختلفان للإجراءات القانونية، ولا ينبغي أن يكون هناك تنازع بينهما، فهما مختلفان بسبب الاختلاف في: مصادرهما: في القانون الداخلي يشكل العرف، الذي نشأ داخل حدود الدولة والقوانين التي سنتها سلطة إصدار القانون (التشريع الداخلي) المصدر الأساسي، أما في القانون الدولي فإن العرف بين الدول، إضافة إلى المعاهدات (التشريع الدولي)، الأساس في مصادر القانون الدولي. علاقة تنظيمهما: القانون الداخلي ينظم العلاقة بين الأفراد في ذات الدولة والعلاقة بين الدولة والفرد، أما في القانون الدولي فإن المجال الأساسي هو تنظيم العلاقات بين الدول، إضافة إلى المنظمات الدولية وبشكل محدود الأفراد.جوهر القانون: القانون الداخلي هو قانون الدولة ذات السيادة على الأفراد الخاضعين لها، أما القانون الدولي فتشكّل فكرة وقاعدة العلاقة بين الدول ذات السيادة على أساس التوافق والتعايش، جوهر حيثياته وليس الخضوع أو التبعية.

أما الاتجاه الرابع التوفيقي، فالمدرسة التوفيقية ترفض الاتجاه الواحدي (الداخلي) أو الواحدي (المعاكس) أي «الدولي» ولا تتفق مع الاتجاه « الثنوي» ، وتفترض هذه المدرسة عدم وجود تنازع بين القوانين الداخلية والدولية، إذ إن نقطة البدء هي الإنسان وعلاقته بالدولة والقانون، ويقع الفرد في نطاقهما، ويذهب أصحاب هذا الاتجاه للقول: إن القانون الدولي والداخلي (الوطني): هما مجموعتان منسجمتان من المبادئ، وكل منهما مستقل عن الآخر، لأنه موجّه إلى مجال محدد للسلوك الإنساني ومنفرد إلى حد ما، لكنهما متفقتان في أن القواعد العامة في مجملها تهدف إلى تحقيق رفاهية أساسية للإنسان.

وختمت قناوي بالقول أنه استناداً إلى هذه الاتجاهات، فإن بعض الدول تضع الاعتبار الداخلي أولاً وقبل كل شيء، والأخرى تضع القانون الدولي في المقدمة، أما الاتجاه الثالث فإنه يفترض «ثنوية» وعدم تنازع لاختلاف المصادر والعلاقات التي ينظمها، وجوهر ومحتوى القاعدة القانونية، أما البعض الآخر فيحاول إيجاد نقطة توافق بين القانونين بافتراض عدم وجود تناقض، وإذا كانت اتفاقية فيينا حول قانون المعاهدات لعام 1969، قد دعت لإيجاد توافق وانسجام وتكييف للقوانين الوطنية مع المعايير والالتزامات الدولية، فإن العديد من دولنا العربية، قد غضّت الطرف عن هذه القضية الملزمة، التي ترتبها اتفاقية فيينا رغم توقيعها عليها، خصوصاً المواءمة بين التشريع الوطني والتشريع الدولي بما فيها قانون المعاهدات.

وفي نهاية اللقاء أوصى المشاركون بضرورة أن تكون السياسات والممارسات المطبقة تراعي كافة المعايير الدولية لحقوق الإنسان من كافة النواحي،وإلى أهمية الشراكة لتعزيز حقوق الإنسان وذلك بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني سواء المنظمات المحلية أو الدولية.والاستفادة من تجارب الدول مجال تعزيز حقوق الإنسان ،وإلى ترسيخ حقوق الإنسان وتوطيد الديمقراطية وتقوية دولة الحق والقانون.وتقوية الرقابة الدستورية للقوانين، وإلى تعزيز الحماية الدستورية والقانونية والقضائية لحقوق الإنسان.