الأسير عدنان عصفور مواقف وأحداث وتاريخ
نشر بتاريخ: 14/07/2012 ( آخر تحديث: 14/07/2012 الساعة: 13:07 )
فؤاد الخفش -كاتب وباحث مختص في شؤون الأسرى الفلسطينيين
مرة أخرى أعود للكتابة عن هذا الرجل الذي لم ألتقِ به في أي اعتقال سابق ، ولم يكتب لي شرف معرفته عن قرب ، ولكن موقفاً ما سأحدثكم عنه الآن أثار في قلبي شجوناً وعاطفة نحوه دفعتني مرة أخرى للكتابة عنه وتسليط الضوء على روحه المتألقة ونفسه التواقة للحرية .
كررت غير مرة أن الحب قد ينتقل من شخص لشخص دون أن يكون هناك لقاء وقد تكون هذه صفة امتاز به أهل فلسطين الذين شاء لهم الله أن يكونوا أسرى ومبعدين ومطاردين وشهداء .
وذكرت مرات ومرات أن التاريخ في فلسطين والقصص تتناقلها الأجيال عبر ذكر مواقف لأشخاص في أحداث مفصلية ، وهي في الحقيقة ليست مجرد مواقف بل هي أحداث وتاريخ ... وأقول ستصبح تاريخاً مع الوقت يجب أن يسجل ويحفظ.
الأسير الإنسان عدنان عصفور والذي تجاوزت اعتقالاته ال16 مرة والذي يتربع في وسط صحراء النقب والمنحدر من مدينة نابلس أثبت أن القائد ليس تصريحات ومقابلات ولقاءات بل القائد موقف والموقف كما قلت تاريخ والتاريخ قصص والقصص عبر ودورس يتعلم منها ويستفاد تقلد وتحاكى .
الموقف الذي كان سبباً في هذا المقال هو موقف الأسير عدنان بالإضراب الأخير ، فبالرغم من أن عمره (50) عاماً وبالرغم من إصابته بالعديد من الأمراض والتي تحول دون تمكّن الشخص من الإضراب وبالرغم من أن السجن الذي كان به عدنان عصفور لم تكن خطوة الإضراب مفعلة لديه ولم يشارك في إضراب الكرامة إلا أن القائد عدنان أضرب عن الطعام .
رفض أن يكون هناك أسرى يعرفهم ويعرفونه يحبهم ويحبونه مضربون وهو يأكل الطعام فقرر الإضراب .. قالوا له أنت أصلاً غير مُلزم بالإضراب ، عمرك وضعك الصحي ومعتقل إداري.. لم يصغِ لكل هذا الكلام وأضرب عن الطعام ليس لمطلب شخصي ، فقط لأن له إخوة في سجون أخرى مضربون فقال لا عشت إن لم أكن معكم أشعر بشعوركم وأتألم مثلكم كيف لا ونحن أصحاب وطن واحد .
كل من التقاه أشاد لي بهذا الموقف الذي يجب أن يُسجل للرجل الخمسيني عدنان عصفور وقال لقد أعطانا درساً مميزاً من دون خطب أو كلام .
حدثني الدكتور محمد غزال عن مواقف مشرفة للشيخ الأسير عن قدراته في التحليل عن بعد نظره عن إخلاصه (هكذا نحسبه ولا نزكي على الله أحداً) عن تفانيه وعمله المستمر الأمر الذي جعلني أحب هذا الرجل دون أن ألقاه.
نقل لي ذات الصورة الأسير محمد صبحة والأسير معتصم سمارة اللذين عملا معه داخل السجون عن قرب فقالا بحقّ الرجل كلاماً جميلاً عن تسامحه عن حبه للآخرين عن مدى حبه لمن مضوا من الشهداء رفاق دربه ، عن بعد نظره في السياسة والتحليل .
عدنان عصفور استطاع وهو أسير أن يكسب ودّ الجميع وأن لا يحسب نفسه على طرف دون الآخر وأن ينأى بنفسه عن كل صغيرة وأن يضرب صورة جميلة وطيبة للقائد حين يصبح أسيراً دون مهام أو تكاليف
عدنان عصفور الإنسان ليست عنك ولا لك موجهة هذه الكلمات وإن كنت أتشرف بالكتابة عن أمثالك ولكنها اليوم موجهة لي ولنا نتعلم من خلالها أن القائد موقف وحدث وتاريخ يكتب وينقل ويسجل .