مزارعي غزة يعزون تردي الاوضاع الزراعية لممارسات قوات الاحتلال و الجمعيات التعاونية الزراعية
نشر بتاريخ: 02/08/2005 ( آخر تحديث: 02/08/2005 الساعة: 16:19 )
غزة _ معاً _ تشكل شريحة المزارعين في جميع أنحاء العالم إحدى الشرائح الميسورة بخلاف المزارع الفلسطيني المهضوم الحق في كل الأحوال وليس في هذا الاختلاف ما يدفعنا للمقارنة فليس في مجتمعاتنا ما يحاكيهم ولكن المنطق يفقد منطقيته وتفقد العدالة شموليتها حينما لا يجد المزارع ما يسد جوعه وهذا هو حال مزارعي التوت الأرضي على وجه الخصوص ..
في العام الماضي فقط جرفت قوات الاحتلال ما يعادل 270 دونماً في قطاع غزة ودمرت كذلك 40 بئراً منها 26 بئراً في شمال القطاع وحده .
زارت وكالة معاً- بعض المزارعين في الشمال لتسليط الضوء على معاناتهم لا سيما أولئك في بلدة بيت لاهيا المنتج و المصدر الرئيسي للتوت الأرضي " الفراولة" لأوروبا ....
معاناة المزارعين:
تحدث المزارع محمد العطار من بيت لاهيا عن معاناته قائلا:" تكلفني زراعة دونم من التوت ما يقارب التسعة آلاف شيقل وأنتظر تحقيق ربح مثلها تقريباً في التسويق الطبيعي الأمر الذي لم يحدث منذ الانتفاضة الثانية, فمنذ بدء الانتفاضة إن لم أخسر فلم أحقق ربح إطلاقاً بسبب الإغلاقات الإسرائيلية والتجريفات".
وعن تجربته العام الماضي قال محمد خسرت 2000 شيقل في كل دونم توت بالإضافة إلى تعبي أنا وزوجتي وأولادي طوال الموسم الذي يمتد إلى ما يقارب ستة أشهر ففي بداية الموسم سوقت الإنتاج محلياً لمدة أسبوعين إلى أن فتحت شركة جريسكو الإسرائيلية أبوابها للمزارعين فصدرت عن طريقها الإصدار الثاني ومع نضج الإصدار الثالث أقفل المعبر ما يقارب الأسبوعين فظلت الفراولة في الثلاجات مدة طويلة ولم أتمكن من قطف الثمار عن الشجرة لعدم وجود سوق ففسدت الثمار على الأشجار وفي الثلاجات وكانت خسارتي فادحة كحال جميع مزارعي التوت الأمر الذي دفع الإغاثة الزراعية لشراء كل الثمار من المزارعين بأسعار رخيصة كنوع من المساعدة , ناهيك عن الأراضي التي تم تجريفها و تبلغ حوالي 87 دونماً فكلها عوامل أثرت على المزارع سواء التجريفات أو الإغلاقات أو غلاء
المبيدات و الأراضي :.
أما المزارع نائل فقال أن سلطات الاحتلال أثرت كثيرا على زراعة التوت فقد منعت بعض أجود أنواع الأسمدة بسبب استخدامها في صناعة المتفجرات الأمر الذي دفع المزارعين لاستخدام أنواعاً أقل جودة وبأسعار أغلى, كما أن الإغلاقات تسد السوق الخارجي أمام المزارعين وتضطرهم للتسويق محليا بأسعار زهيدة و بفتح المعبر بعد فترة إغلاق طويلة تتشكل زحمة على المعبر مما يجبر المزارع على دفع ما يعرف بالأرضية لحجز الدور.
دور الجمعيات:
وعن دور الجمعيات الزراعية التعاونية قال نائل هذه الجمعيات تعتبر الوسيط بيننا وبين شركة جريسكو
وبسبب الوضع الاقتصادي المتردي نضطر لاستدانة السماد والنايلون والمبيدات منهم وعند التصدير يتم التصدير من خلال هذه الجمعيات والتي تخصم بدورها سعر هذه المواد بسعر أغلى من التاجر بالرغم من كونها تعاونية.
واتهم نائل الجمعيات التعاونية باستيراد شتلات توت فاسدة من رأس الناقورة بسعر منخفض جداً و بيعها للمزارع بما يقارب الست أضعاف محققةً ربح منه يخدم مصالحهم الشخصية المحضة بعد تحول هذه الجمعيات إلى شركات خاصة تخدم أصحابها حسب المزارع.
وفي نفس سياق الاتهامات وجه المزارع اتهاماً صريحاً للجمعيات التعاونية بسرقة الضريبة المضافة على المزارع و البالغة 17% و عدم إرجاعها له بعد استحقاقه لها.
من جهته قال عز الدين الدهنون ( أمين سر جمعية غزة التعاونية الزراعية لإنتاج وتسويق الخضار ) عن دور الجمعية في خدمة المزارع , فقال أن: " الجمعية تقدم مساعدات وخدمات للمزارع على جميع الأصعدة من خلال تقديمها جميع المستلزمات الخام و تنظيم حسابات المزارعين تجاه وزارة المالية في عملية إرجاع الضريبة المضافة كما تساهم الجمعية في تقديم أكثر من مشروع في جميع المجالات سواء البيئية أو التثقيفية" مضيفاً أن للجمعية دور كبير في مجال استصلاح الأراضي الزراعية ومساعدة أبناء المزارعين في دفع الرسوم الدراسية بالإضافة لبذل كل الجهود مع وزارة الزراعة والممولين لتعويض المزارعين لو جزء من خسارته.
مشاكل اخرى:
أما عن المشاكل التي تواجه الجمعية قال الدهنون :"مشاكلنا هي نفسها مشاكل المزارع سواء من ارتفاع أسعار المواد الخام أو من كثرة الإغلاقات التي تعرقل عملية التصدير والمزارع ما لم يجد سوقاً خارجياً فهو خسران بطريقة كبيرة عن طريق تصديره في السوق المحلي" مؤكداً أن الاقتصاد الفلسطيني مرتبط تماماً بالسياسة الإسرائيلية .
وحول اتهامات المزارعين للجمعيات الزراعية بتحصيلها عمولات منهم وعدم إرجاعها للضريبة المضافة الخاصة بهم أو فيم يتعلق بفساد الشتلات التي تبيعها الجمعيات للمزارعين و بأسعار مرتفعة قال الدهنون لمعاً :" للأسف فكرنا لم يرتق لفكر العمل الجماعي التعاوني فمزارع عليه ديون لإحدى الجمعيات يأتيك ليصب اتهاماته عليها بدون أي نوع من المنطق أو المصداقية نحن جمعيات تعاونية وليست خيرية هدفنا خدمة المزارع و تحسين أوضاعه في إطار طاقاتنا وصلاحياتنا ولا نسعى لتحقيق أي أرباح منه,, الضريبة المستحقة تعود لأصحابها و الفواتير الدالة على ذلك موجودة , أما بالنسبة للشتلات فما من شك أنها صالحة
ولا ضرر فيها و إلا لاشتكى الجميع وأجبرنا على إرجاعها و في ما يتعلق بسعرها فالمزارع يجد في السوق مثلاً شتلات من أنواع أخرى و بأسعار أقل فيجزم انه تعرض للنصب متناسياً الجودة والمواصفات التي يحصل عليها".
وطالب الدهنون وزارة الزراعة بتنظيم ندوات وورش عمل تخدم المزارع و تثقفه كما طالب المزارعين بالتوجه قدر الإمكان نحو الزراعة البيولوجية الطبيعية لأنه أصبح مطلب عالمي و عربي يخدم صحة وسلامة الأفراد مؤكداً على ضرورة التزام المزارعين بتوصيات وإرشادات المهندسين الزراعيين.
وزارة الزراعة:
المهندس بسام شقورة من وزارة الزراعة أشار إلى دور الوزارة المنحصر في تقديم النصائح للمزارع وتوجيهه إلى كيفية استخدام المبيدات واستعمالها الأمر الذي لا يلتزم به المزارع غالباً ضاراً نفسه وأرضه وغيره، موضحاً أن الوزارة تعقد الكثير من الندوات و ورش العمل لتثقيف المزارع و تطويره في مجال استخدام المبيدات وكيفية استخدام الأجهزة الجديدة والعمل عليها .
من جهةٍ ثانية أكد شقورة أن الوزارة تنفذ مشروع إنشاء مختبر تحليل المبيدات الحشرية تحت رعاية أوروبية موضحا أن المشروع سيخدم المزارع كثيراً حيث سيتم فحص المبيدات المستوردة من إسرائيل إن كانت توافي الشروط أو لا حيث سيتم إعادتها للشركة إذا لم تطابق المواصفات أو سيتم إحراقها لضررها البالغ على المزارع والمستهلك، داعياً المزارعين للالتزام بالتوصيات والاستخدام المقنن للمبيدات الحشرية وضرورة حضور أي ندوات وورش عمل تعقدها الوزارة.
هذا هو حال مزارع التوت الأرضي في القطاع شبيه بحال كل الزراعات الأخرى بل والقطاعات الثانية, أحوال متردية, أوضاع صعبة وظروف سيئة يعيشها المزارع الفلسطيني بفعل قوات الاحتلال الإسرائيلية التي تضرب بيدٍ من حديد كل مصدر حيوي وطبيعي يخدم الاقتصاد الفلسطيني فإلى متى سيظل الواقع الفلسطيني يشتكي ترديه إلى آذان أصابها الصم منذ زمن , وهل سيشكل منتصف الشهر الحالي مفترق طرق لواقع الزراعة الفلسطينية أم صدمة لآمال فلسطينية علقت على شماعة الانسحاب.