الأحد: 17/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

تقييم زيارة أسرى غزة ..

نشر بتاريخ: 24/07/2012 ( آخر تحديث: 24/07/2012 الساعة: 11:02 )
بقلم: عبد الناصر عوني فروانة

في الثاني عشر من تموز الجاري أعلن " باترك جايزاست " مدير البعثة الفرعية للجنة الدولية للصليب الأحمر بغزة خلال اجتماع ضم لجنة الأسرى وممثلي المؤسسات عن استئناف برنامج الزيارات لأهالي قطاع غزة لـ ( 47 ) زائراً فقط من الزوجات والآباء والأمهات لـ ( 25 ) أسيراً من سجن ريمون ، وذلك يوم الاثنين ( 16-7 ) .

وأن هذه الزيارة ستكون تجريبية ، وأن قائمة المسموح لهم بالزيارة ( أسرى وأهالي ) قد أعدت من قبل الجانب الإسرائيلي .

وأضاف في ذات الجلسة : بأن الدفعة الثانية ستشمل ( 50 ) أسيرا من سجن نفحة وستكون يوم الاثنين القادم .

ويوم الخميس الماضي ( 19-7 ) نفت " نادية الدبسي " الناطقة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في حديث لـ " الجزيرة نت " تلقي أي معلومات رسمية من الجانب الإسرائيلي أو علمها بموعد زيارة الدفعة الثانية ، وبعد سويعات أعلن " أيمن الشهابي " الناطق باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بغزة ، بأن الدفعة الثانية ستكون يوم الإثنين ( 23-7 ) وستشمل ( 40 ) أسيراً فقط من سجن نفحة ..!.
وبالأمس ووفقا لما تسرب الينا من معلومات مؤكدة فان الدفعة الثانية تشمل ( 45 ) زائراً لـ ( 29 ) اسيراً .

لا حظوا وانتبهوا جيداً ... في الدفعة الأولى سمح لـ ( 47 ) زائراً ، فيما مَنْ توجهوا لمعبر بيت حانون / ايرز وتمكنوا من زيارة أبنائهم هم فقط ( 40 ) زائراً ، بمعنى تخلف ( 7 ) أشخاص لأسباب مختلفة وهذا يحتاج الى وقفة .

وفي الدفعة الثانية وبالرغم تناقص الأعداد تدريجياً وتناقض التصريحات ، فانه كان من المفترض أن تكون لـ ( 45 ) زائراً لـ ( 29 ) اسيراً في سجن نفحة الصحراوي .

ولكن مجموعة من الزوار وعددهم ( 12 ) شخصاً تغيبوا عن الحضور لأسباب كثيرة كما حصل في الدفعة الأولى ، ومن تمكنوا من اجتياز المعبر وزيارة أبنائهم هم فقط ( 33 ) زائراً وليس ( عائلة ) كما صرح الناطق باسم الصليب الأحمر بغزة اليوم - لـ ( 24 ) أسيراً .

وبالتالي نحن أمام أرقام تثير العديد من التساؤلات ، وتستدعي التوقف أمامها والبحث عن الأسباب التي أدت لتراجع سلطات الاحتلال عن العدد الإجمالي للأسرى في الدفعة الثانية والذي كان من المفترض أن يتضاعف عن الدفعة الأولى .

وثانياً البحث عن أسباب تغيب عدد من الأشخاص الذين وردت أسمائهم في قائمة المسموح لهم بالزيارة الأولى والثانية وكان من المفترض أن يتوجهوا للزيارة ولم يتوجهوا ، وهل كان تغيبهم قسري بسبب الوفاة ، أم اضطراري بسبب المرض وعدم القدرة على تحمل معاناة السفر ومشقة الزيارات ، أم احترازي وخشية من الاعتقال ..؟

بتقديري وأكاد أن أجزم هنا بأن الاحتمالات الثلاثة واردة لطالما أن سلطات الاحتلال هي من تحدد قائمة الزوار وفقاً لبيانات ومعلومات قديمة تعود لأكثر من خمس سنوات ، واستناداً لمعاييرها المجحفة ، ومزاجها الظالم ، وانتقائيتها الغير مقبولة ن في وقت لم يسمح فيه للأهالي بالاستبدال .

فالزيارة الثانية من حيث التحسينات والإجراءات لم تتغير عن الأولى التي قيل بأنها تجريبية واستكشافية ، وأن أعداد الأسرى متقاربة جداً ، فيما أن معدل الزوار في الثانية ( 1,4 ) شخص لكل أسير ، وكانوا أقل من الأولى ( 1,6 ) شخصا لكل أسير ، وهذا أقل بكثير مما هو مسموح به وفقاً القانون الإسرائيلي .
فيما استمر خلال الزيارة الثانية حرمان الأطفال من زيارة آبائهم ، ومُنع الزوار من اصطحاب أي شيء معهم بما في ذلك الملابس والأغطية والأحذية الى أبنائهم ، ولم نسمع تصريحا أو بلاغا حتى اللحظة بموعد الزيارة الثالثة وآليتها .

آلية مجحفة لم ولن تنصف الأسرى ولن تقود الى السماح لكافة أهالي أسرى قطاع غزة بزيارة أبنائهم القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي والممنوعين من زيارتهم بشكل جماعي منذ منتصف عام 2007 .
كما ولن تقود هذه الآلية بشكلها الحالي الى انتظام برنامج الزيارات وفقا لـ " القانون الإسرائيلي " الذي يسمح بالزيارة كل أسبوعين ولمن هم من فئة القرابة الأولى .

فالأسير الذي يحمل الرقم ( 473 ( وهو العدد الإجمالي لأسرى غزة ، ربما لن يصله الدور خلال عام من الآن ، وقد يأتي رمضان القادم ونحن نطالب باستكمال الزيارات ، خاصة وأن من سُمح لهم بالزيارة حتى الآن وعددهم ( 49 أسيراً ) لم يشكلوا سوى قرابة ( 10 % ) فقط من إجمالي عدد أسرى غزة ، .. ! وأن من حالفه الحظ وسمح له بالزيارة في الدفعة الأولى ربما لن تأتيه زيارة ثانية ..!

وأخشى أن يهبط سقف آمالنا ومطالبنا وأن نتكيف مع هذا الواقع ، وأن تصبح مطالبتنا هي فقط بالسماح بالزيارة ولو مرة واحدة لمن لم يحالفهم الحظ ، بدلا من مطالبتنا بانتظام برنامج الزيارات كل اسبوعين ...

إذاً نحن أمام وضع يستدعي وقفة تقييمية شاملة لفترة ما بعد الإضراب ، يشارك فيها الأسرى داخل السجون ، ومن يقف بجانب الأسرى خارج السجون ، خاصة فيما يتعلق بزيارات أهالي القطاع ، والممنوعين من الزيارة من أهالي أسرى الضفة الغربية وممن هم من الفئة الأولى بذريعة " المنع الأمني " استناداً للبند الثالث من اتفاق " إنهاء الإضراب "الذي وقع عليه ممثلي الأسرى في الرابع عشر من مايو / آيار الماضي والذي أنهى بموجبه الأسرى إضرابهم عن الطعام بعد 28 يوما متواصلة .

ومن ناحية أخرى ومع تقديرنا لأهمية دور ومكانة اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تتولى تنظيم زيارات أهالي الأسرى ، فإنها مطالبة :
- أولا : باعلان موقفها من التعامل الإسرائيلي مع قضية الزيارات ، ومصادرة هذا الحق المشروع وفقا للاتفاقيات الدولية واستخدامه كعقاب جماعي للأسرى وذويهم .

- ثانياً : مطالبة بتكثيف عملها ودورها بهذا الصدد ، وأن تضغط على سلطات الاحتلال من أجل السماح لكافة أهالي أسرى قطاع غزة بزيارة أبنائهم في السجون الإسرائيلية بعيدا عن الإنتقائية والمزاجية الإسرائيلية ، وأن تلغي ما يُسمى بـ " المنع الأمني " عن أهالي الضفة ممن هم من الفئة الأولى والسماح لهم بزيارة أبنائهم وأحبتهم أيضاً ، كحق كفلته كافة المواثيق والأعراف الدولية .

- ثالثاً : في حال أن سُمح لدفعة ثالثة من أهالي أسرى غزة بزيارة أبنائهم ، فان اللجنة الدولية للصليب الأحمر مطالبة بنشر أسماء الأسرى والزوار علانية وبشفافية ، وأن إبقائها طي الكتمان كما حصل في الدفعة الثانية يضع علامات استفهام كبيرة ..

- رابعاً : الضغط على سلطات الاحتلال كي تكون الزيارة الثالثة قريبة – والتي لم يُعلن عن موعدها لغاية الآن - ، وأن ( لا ) تكون تجريبية بل يجب أن تكون طبيعية ، وأن يُسمح خلالها للأطفال بمرافقة أمهاتهم وزيارة آبائهم الأسرى ، وأن يُسمح للأهالي باصطحاب احتياجات الأسرى الأساسية من ملابس وأحذية وإدخال أموال الكنتينا .

في الختام هنيئاً لكل من سُمح له بالزيارة ، وآمل أن تتحقق آمال الأسرى وذويهم قريبا بالسماح لهم جميعا بالزيارة دون معيقات وشوائب وبانتظام دون توقف... ولكن ليس بالتمني تتحقق الآمال ، وكما قال الشاعر " ما نيل المطالب بالتمني .. ولكن تؤخذ الدنيا غلابا " .