الذكرى الـ 28 لاعتقال الأسيرين هزاع السعدي وعثمان بني حسن
نشر بتاريخ: 26/07/2012 ( آخر تحديث: 26/07/2012 الساعة: 12:55 )
رام الله- معا- تنشر وزارة شؤون الأسرى والمحررين نص الرسالة التي وجهها الأسيرين الفلسطينيين هزاع محمد هزاع السعدي، سكان مخيم جنين 46 عاما والمحكوم بالسجن المؤبد ، والأسير عثمان بني حسن 45 عاما سكان قرية عربونة قضاء جنين وذلك بمناسبة مرور 28 عاما على اعتقالهما منذ 28/7/1985، وهم من الأسرى القدامى المعتقلين مع أكثر من 120 أسيرا ما قبل اتفاقيات أوسلو.
وفيما يلي نص الرسالة: عام آخر ... تقويم مختلف، يسير بلا شمس ولا قمر، يتحرك بين قيودنا، يشد على معاصمنا، نتذكر أن زمنا طويلا مضى، ولا نعرف عمر الوقت في السجون، ولا نستطيع أن نقول سوى إلى متى.
نحن أسرى ما قبل أوسلو ، المظلومين في النصوص والإرادات .. المعفرين بالحرب التي ذهبت، والمقتولين بالسلام الذي لم يأت، الخاضعين لشروط الاحتلال ومعاييره التي ذبحت أعمارنا وأجسادنا، لا تعترف بوجودنا لا ماضيا ولا حاضرا ولا مستقبلا، فمن نكون نحن إذا
أيها العام الجديد المقيد بالسلاسل ، الداخل علينا ثقيلا ثقيلا كثقل القيود في معاصمنا وأرواحنا، نتطلع إليك بعد أن وصل الزمن الإنساني إلى نهاياته لتكون عاما آخر، وأن تتوقف ولا تسير إلى الأمام محاولا أن تتلفت إلى كائنات بشرية يسحقها الوقت والظلام في سجون ومعسكرات دولة لا تؤمن بحق الحياة لمن ناضل في سبيل الحياة، ولا تعترف أن للعدالة الإنسانية في هذا الكون مكانة يحملها الإنسان ويقاتل في سبيلها من اجل الجميع.
السجن ليس جدران وعزل عن المحيط البشري فقط، بل السجن هو تدمير للنفس والروح وتطويع الإنسان لكي لا يكون إنسانا، انه القضاء على كل أمل ورجاء ، وحرب على الأحرار والمفاهيم الإنسانية والقانونية الدولية، وهذا هو السجن في المفهوم الإسرائيلي، أن ترى قبرك محفورا لك ويتسع كل يوم وينتظرك أن تدفن فيه وتكون جزءا من النسيان.
أيها العام الجديد، نحن أسرى الحرية في سجون الاحتلال الإسرائيلي ، القابعون في الساحة الخلفية لهذا العدوان المتواصل على حق شعبنا في تقرير المصير والحياة، فهل تكون ربيعا جديدا لنا بكل ما فيك من مكونات القناعة والإيمان بأن هناك ظلم تاريخي يقع على هذا الجزء الخفي من الدنيا، نتطلع أن تستخدم مؤسساتك الحقوقية وعهودك واتفاقياتك لتكون قوة عالمية لوقف هذا العدوان على البشر والحقوق والمستقبل.
نحن الأسرى الذين نعيش بين الجدر الصمّاء، لا نعرف الليل من النهار، لا نرى الربيع ولا الصيف ولا نسمع طيرا ولا مطرا ولا صوت صلاة، المظلومين والمذبوحين تحت إجراءات قمعية وتعسفية لا مثيل لها، ولا أحد يتطلع أو يسألنا أو يسمعنا أو ينصفنا، لا السياسة ولا الحرب ولا الصفقات ولا مفاهيم العدالة في الكون، فهل نستسلم للموت البطيء، ونقتنع أن الأرض ملك للمحتلين والمستوطنين، هل نتخلى عن أحلامنا ومشاعرنا وذكرياتنا كأننا خطيئة أو فائض بشري ولد بالخطأ على هذه الأرض.
أيها العام الجديد، لم نرتكب جريمة سوى أننا ناضلنا من اجل حريتنا وحرية شعبنا، من اجل أن نعود إلى حياتنا التي دمرت على يد الاحتلال ، لا نريد أن نبقى لاجئين بلا هوية ولا مكان، لا نرى جنودا يقتلون شعبنا ولا مستوطنات تسرق أرضنا، لا نريد أن نرى أطفال شعبنا سوى سعداء ككل أطفال العالم، هذه هي تهمتنا في الزمن الإسرائيلي الذي لا يريد أن نكون موجودين لا لغة ولا تاريخا ولا طموحا.
أيها العام الجديد، نحن أسرى فلسطين، المشحونون بما رأينا لأكثر من ربع قرن من تعذيب وتنكيل وموت صامت بين القضبان، الفائضون بالوجع والدم، فإن كنت عاما للسلام العادل والحقيقي فليكن سلام الحرية وإنهاء عصر الاحتلال والقيود، وإن كنت عاما لإنصاف الحياة على هذه الأرض فلتكن عاما لشعب لا يريد سوى الحياة الطبيعية فوق أرضه وسيدا على حياته وأحلامه.
لا نريد من العالم الجديد سوى أن يتحرك أصحاب الضمائر في كل مكان وينتصروا لثقافتهم ومبادئهم ويضعوا حدا لاستهتار إسرائيل بهم ويتخذوا قرارا بان سلام الشعوب هو من سلام شعب فلسطين، وأن عذابات شعبنا ستبقى لعنة على كل فرد ومؤسسة وعهد وميثاق ما دام هذا الليل يجري في دمنا وهذا العذاب يسري في أجسامنا وهذا السجان يتربص بأحلامنا المشروعة.
ثمانية وعشرون عاما نبدأها الآن بين القضبان، مندهشين من ذاكرة قصيرة، ومن فرح بمناسبة ذكرى اعتقال أسير يذوب سنة وراء سنة في صهاريج الظلام، ونحن لا نطلب أن تطلقوا علينا عمداء الأسرى ، فكلما سمعنا ذلك شعرنا أن الاحتلال الطويل القامة سجونا ومعسكرات هو العميد.
ثمانية وعشرون عاما ولا نعرف التاريخ القادم، لا تقويم بالسجون، لا رزنامة ولا مواعيد، كل شيء مؤجل كالموت في حياتنا العجيبة، ولا تقولوا لنا انتظروا، لا روح بقيت قادرة على الانتظار، زهقت ألف مرة وهي تحاول أن تتحرر من أجسادنا لتكون قادرة على الطيران، فمتى تطلقونا أحياءا أو شهداءا .. متى تطلقونا.