مطالبة بالإسراع في إقرار قانون للضمان الاجتماعي
نشر بتاريخ: 28/07/2012 ( آخر تحديث: 28/07/2012 الساعة: 14:57 )
رام الله -معا- طالب مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية، الحكومة بالإسراع في اقرار قانون للضمان الاجتماعي، على اعتبار أن من شأن ذلك أن يسهم في تقوية المجتمع، وتعزيز صمود الناس في مواجهة الاحتلال "الإسرائيلي" واجراءاته ومخططاته المختلفة.
وأكد المرصد في تقرير صادر عنه، أن وجود قانون للضمان الاجتماعي أمر أساسي لتكريس مبدأ الحماية الاجتماعية على أرض الواقع، وحماية الفقراء والطبقات المهمشة.
وأوضح أن الحكومة مطالبة بتفعيل دور الفريق الوطني الخاص بملف الحماية الاجتماعية، والذي كان رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض، قد أعلن عن تشكيله قبل فترة، منوها إلى أن إنجاز قانون الضمان الاجتماعي يعد مهمة وطنية من الدرجة الأولى.
وأشار إلى ضرورة أن يجري إقرار القانون، استناداً إلى حوار وطني شامل، بمشاركة كافة الأطراف المعنية، من أجل ضمان خروج القانون بأفضل صورة، وضمن أوسع توافق مجتمعي ممكن.
وقال: إن انخراط مختلف الأطراف في وضع تصوراتها ورؤيتها للقانون المنشود، مسألة في غاية الأهمية لبلورة قانون عصري يستجيب لمتطلبات كافة الأطراف.
وأوضح أنه لا بد عقب صدور القانون، المباشرة بإنشاء مؤسسة للضمان الاجتماعي، مؤكدا ضرورة أن تتمتع هذه المؤسسة باستقلالية تامة عن أية جهة حكومية أو غيرها.
ولفت إلى أن تصريحات الحكومة ووزارة الشؤون الاجتماعية، بخصوص هذا الملف، ينبغي أن تتحول إلى أفعال، مبيناً أن قانون الضمان الاجتماعي مطلب أساسي لشرائح واسعة من المجتمع.
واستذكر تصريحات صحافية كانت أدلت بها وزيرة الشؤون الاجتماعية ماجدة المصري، قبل فترة، أشارت خلالها إلى أن موضوع الضمان الإجتماعي مطروح على طاولة مجلس الوزراء ويلقى اهتماماً خاصاً من رئيس الوزراء ووزارة الشؤون الاجتماعية.
ونقل التقرير عن المصري قولها: إن الحماية الإجتماعية هي الهدف الاستراتيجي الثالث في استراتيجية قطاع الحماية الاجتماعية، حيث كان الهدف الأول تقليص الفقر، والثاني كان للتأمينات والضمان الاجتماعي، بهدف الوصول للضمان الاجتماعي الشامل، حيث أنه في حال تطبيق نظام الحماية الاجتماعية، سيخف العبء على وزارة الشؤون الاجتماعية، علماً بإن توجه الوزارة ينصب على إنشاء هيئة مستقلة للضمان الاجتماعي.
وتوقف التقرير عند ما ورد في كتاب "اصلاح أنظمة التقاعد في فلسطين" للخبير الاقتصادي والمالي للدكتور عاطف علاونة، وكيل وزارة المالية سابقاً، وأشار فيه إلى أن السبب الرئيسي لاختلاف مكونات أنظمة التقاعد في فلسطين "يعود إلى غياب رؤية واضحة للسلطة الوطنية الفلسطينية حول موضوع الضمان الاجتماعي بشكل عام، والتقاعد بشكل خاص، من حيث أهمية دوره الاقتصادي الاجتماعي والمالي، وبالتالي دور السلطة في إصلاح الأنظمة القائمة وإنشاء أنظمة جديدة في الضفة الغربية وقطاع غزة، مما انعكس في انعدام إستراتيجية إصلاح واضحة تنبثق عنها سياسات وأهداف واضحة ومحددة متفق عليها، وقابلة للقياس، بل بالعكس فقد لوحظ وجود سياسات وأهداف مختلفة في صفوف السياسيين وأصحاب القرار حول إصلاح أنظمة التقاعد في الضفة والقطاع، مما أدى إلى تفريخ متزايد في أنظمة التقاعد سواء بالنسبة للقطاع العام أو بالنسبة إلى القطاع الخاص".
كما ركز التقرير على موقف العديد من الأطراف العمالية وغيرها، التي أكدت أهمية سن قانون للضمان الاجتماعي.
وفي هذا الإطار، نقل عن أمين عام الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين شاهر سعد، إشارته إلى أن عدم تطبيق الضمان الاجتماعي، استنادا إلى المرسوم الرئاسي الصادر العام 2003، يمثل عقوبة جماعية لكل الطبقة العاملة الفلسطينية.
وأفاد بأنه لا بد تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية الذي كان ألغي العام 2007، استجابة لمذكرة مقدمة من البنك الدولي، مبينا أن تذرع البنك الدولي بأن القانون سيضيف أعباء اقتصادية على السلطة الوطنية، وأن الصندوق الخاص به لن يكون قادراً على العمل بعد عدة سنوات من اطلاقه، أمر في غير محله، وعار عن الصحة.
وقال: لقد عبرنا في السابق عن معارضتنا لموقف البنك الدولي، وخرجنا في فعاليات احتجاجية عديدة، وقد أكدنا منذ سنوات ضمن سياساتنا بأنه لا بد أن يقترن اعتماد الحد الأدنى للأجور، بوجود نظام للضمان الاجتماعي.
وأضاف: إن عدم تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية، أدى إلى خسارة عشرات الآلاف من الدولارات على العمال، خاصة اولئك الذين تعرضوا لإصابات عمل.
وأردف: طالبنا مجلس الوزراء -ولا نزال- بتطبيق القانون، لكن للأسف لم يستجب لدعوتنا حتى الآن، ورغم حديث الحكومة عن مسألة الحماية والضمان الاجتماعي، فإننا لم نلمس شيئاً على أرض الواقع، وبالتالي فما يحدث مجرد تصريحات اعلامية.
وأضاف: إذا كانت الحكومة جادة في موقفها فما الذي يمنعها من تفعيل قانون التأمينات الاجتماعية، بما يصار إلى تطوير قانون الضمان الاجتماعي الشامل.
وأكد أن مسألة الضمان الاجتماعي، والصندوق الخاص به، يجب أن يدار من خلال مؤسسة مستقلة، وليس أية جهة أخرى.
وأوضح أنه يمكن أن تتوفر للصندوق موادر مالية ضخمة، حيث يمكن الاستفادة من مقتطعات العمال التي يحتفظ بها الجانب الإسرائيلي تحت اطار ما يعرف بـ "التأمين الوطني"، مضيفاً "إن اتفاق باريس الاقتصادي، ينص على تحويل هذه المقتطعات من الجانب الإسرائيلي، إلى صندوق الضمان الاجتماعي فور إنشائه".
وقال: إن مقتطعات العمال التي يحتفظ بها الجانب الاسرائيلي تقدر بملياري دولار، وبالتالي فإن مثل هكذا مبلغ يمكن أن يشكل أرضية قوية لانطلاق نشاط صندوق الضمان الاجتماعي ونجاحه، علماً بأن موارد الصندوق ستغطى أيضاً من قبل اشتراكات العمال وأصحاب العمل.
وأكد أن الاتحاد سيواصل تحركاته من أجل حمل الحكومة على اقرار قانون للضمان الاجتماعي، بحيث يشمل اصابات العمل، والبطالة، والشيخوخة، والبطالة، والأمومة، إلى غير ذلك.
من جهته، أشار رئيس لجنة القضايا الاجتماعية في المجلس التشريعي قيس عبد الكريم، إلى أن هناك مشروع قانون خاص بالضمان الاجتماعي، قدم لمجلس الوزراء قبل فترة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية، "وإن مشروع القانون هذا جيد، وينسجم مع مسودة أعدتها مؤسسة (مواطن)".
وقال: لقد أقر مجلس الوزراء مبدأ الضمان الاجتماعي، حيث تم تشكيل فريق وطني برئاسة رئيس الوزراء وعضوية عدد من المسؤولين وذوي العلاقة، ورغم أن هذا الفريق شكل منذ عدة أشهر إلا أنه لم يجتمع حتى الآن، وهناك مساع متواصلة لدعوته للاجتماع في أسرع وقت ممكن.
وأضاف: هناك شعور جدي لدى الحكومة بشكل عام، بأهمية هذا الموضوع، وإن كان هذا لا يعني أن المشروع سيمر بسهولة، لكن مواصلة الضغط النقابي، والسياسي والاجتماعي، فإن الحكومة ستكون مطالبة بأن تنته من هذه المهمة في أسرع وقت ممكن، وأن تفعل الفريق الوطني لإنجاز الصيغة النهائية للقانون.
وأردف: يجب أن تتولى إدارة مسألة الضمان الاجتماعي مؤسسة مستقلة، يجري انتخاب ادارتها من قبل جمهور المستفيدين، وأن تكون خاضعة لرقابة المجلس التشريعي، وديوان الرقابة المالية والإدارية وبالتالي فإن المؤسسة يجب أن تكون بصيغة مستقلة عن الإدارة الحكومية، لنضمن عدم التدخل الحكومي في التصرف بأموالها، أو الخدمات التي تقدمها.
وقال: موارد الضمان الاجتماعي يجب أن تأت من مساهمات المستفيدين، وأرباب العمل، والحكومة، إلى جانب مورد آخر مهم، وهو الخصومات المقتطعة من العمال من قبل الجانب الاسرائيلي تحت بند التأمين الوطني، والتي رهن اتفاق أوسلو، إعادتها بوجود صندوق للضمان الاجتماعي، لذا فإن تأسيس هذا الصندوق يجب أن يتم فورا، للضغط على الحكومة الاسرائيلية لإعادة هذه الأموال إلى الجانب الفلسطيني.
واستطرد: في حال عودة هذه الأموال، يمكن أن تشكل نقطة انطلاق مهمة، تمكن الصندوق من تحقيق استقلالية مالية، والقدرة على الاستمرارية.
وبين أن اقرار قانون للضمان الاجتماعي والبدء بتطبيقه، يجب أن يتم بغض النظر عن اشكالية الانقسام القائم في الساحة الفلسطينية، مضيفا "الخدمات التي سيقدمها صندوق الضمان الاجتماعي، لا يجب أن تقف عند حدود الضفة، بل ينبغي أن تشمل قطاع غزة أيضاً".
كما تناول التقرير موقف الاتحاد العام للنقابات المستقلة، ممثلاً بأمينه العام محمود زيادة، والذي قال: السؤال المطروح لدى النقابيين هو من أين سيبدأ الحوار بخصوص ملف الضمان الاجتماعي؟، فنحن نعتقد أنه مثلما أن ضمان الحقوق والحريات النقابية شرط أو معيار لحوار اجتماعي جدي، وفاعل ومنتج، نعتبر أن البدء بالحوار والنقاش حول سبل تطوير قانون التقاعد رقم (5) لسنة 2007، المدخل لحوار جدي ومنتج نحو قانون ضمان اجتماعي.
وأردف: من المنطقي البدء بقانون التقاعد، لأنه يقوم على أساس الاشتراكات من العمال وأصحاب العمل، وكان قد صدر قانون التقاعد بمرسوم رئاسي العام 2007، لكن منذ ذلك الوقت لم يتم وضعه موضع التطبيق، وهو ما اقترن بإلغاء قانون التأمينات الاجتماعية الصادر العام 2003.
وقال: باعتقادي فإن القانون لم يطبق نتيجة الضغوط التي مارسها القطاع الخاص، إلى جانب غياب الإرادة السياسية لدى السلطة.
ونوه إلى أن القطاع الخاص يعمل منذ فترة من أجل اقرار قانون للتقاعد، يقوم على إنشاء شركة لإدارة الأموال المقتطعة من الموظفين والاستثمار فيها، مؤكداً أن الاتحاد سبق وأن أبلغ مجلس الوزراء، ووزارة العمل رفضه مثل هذا الإجراء، لأنه يعني رفض الحق في التقاعد، عدا أنه يتناقض مع معايير العمل العربية والدولية، ويفرغ موضوع التضامن والتكافل المجتمعي وقانون التقاعد من محتواه، وذلك استناداً إلى حجج ومبررات يراد بها إنكار الحقوق الأساسية للعمال.
وبين أن وجود قانون للضمان الاجتماعي مسألة ملحة، وكان ينبغي اقراره منذ فترة طويلة، خاصة في ظل الظروف الصعبة السائدة في الأراضي الفلسطينية، والحاجة إلى تكريس مفهوم التكافل الاجتماعي.
فيما عين بعض الجهات الرسمية تتطلع لتطبيق توصية بورتلاند ترست حول خصخصة نظام التقاعد في فلسطين، والتي تقضي بإيجاد شركة خاصة لإدارة أموال التقاعد للمؤسسات الأهلية والشركات الكبرى والمتوسطة والصغيرة تديره شركة واحدة يتم التعاقد معها، وليس بالضرورة أن تكون تلك شركة خاصة محلية فالمجال مفتوح أيضاً لشركات أجنبية للتنافس على إدارة أموال صندوق" التقاعد الموحد". وفي تصريح لمرصد السياسات الاجتماعية رفضت الوزيرة ماجدة المصري خصخصة صناديق التقاعد.