الأربعاء: 02/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

الموت غلَب حلم الحاجة أم يحيى باحتضان إبنها الأسير

نشر بتاريخ: 07/08/2012 ( آخر تحديث: 08/08/2012 الساعة: 11:43 )
غزة- معا- "وقتيش أكحل عيني بحبيب قلبي يحيي وأطمن عليه وأعرف أحوالوا قبل ما أموت", هذا أخر ما نطق به لسان الحاجة أم يحيى إصليح، وهي في طريقها إلى زيارة ابنها داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي التي طالما انتظرت ذاك القرار الذي يسمح بزيارتها له لمدة لا تتجاوز النصف ساعة بعد فترة من الترقب والشوق واللهفة لكن الحاجة عائشة إصليح بسكتة قلبية وهي في إحدى الحافلات التي كانت ستغادر لنقل أهالي الأسرى من الدفعة الرابعة لزيارة ذويهم بالسجون الإسرائيلية.

وبعبارات يملؤها الألم والحرقة على فقدان أم يحيى يقول أحد أقربائها ناهض إصليح "لم تكد تصدق الحاجة أم يحيى نبأ زيارة ابنها التي طالما انتظرتها منذ سنوات متشوقة لرؤيته بعد غيابه منذ عام 2008 حتى هذه اللحظة مجهزة أمتعتها للسفر لتسعد برؤياه ولكن وقع خبر موتها فاجأنا جميعا".

ويتابع إصليح "نحمل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن وفاة الحاجة أم يحيى نتيجة لممارساته التي تتنافي مع قواعد القانون الدولي إذ يحرم ذوي الأسرى من زيارة أبنائهم"، مطالبا المؤسسات الدولية والحقوقية بمساندة ذوي المعتقلين داخل السجون الإسرائيلية.

أما عن أحوال الأسير يحيى داخل السجن فأوضح إصليح أن الخبر وقع عليه كالصاعقة لا سيما وأنه كان يتجهز للقاء والدته التي اشتاق كثيرا لرؤيتها وعناقها بعد هذا الفراق الطويل.

بالدموع والآلام والحزن الشديد استقبلت أم عمر مسعود خبر وفاة الحاجة أم يحيى إصليح وقالت: "أم يحيى كانت تداوم كل يوم اثنين كباقي أمهات الأسرى في مقر الصليب الأحمر بغزة لتتضامن مع ابنها الأسير وكانت تتحدث لأمهات الأسرى عن اشتياقها لاحتضان ولدها يحيى.

تقطّع صوت الحاجة أم عمر ليطغوا عليه نبرات الحزن والأسى وتضيف: "كانت أم يحيى تأتي على العكاز وتجلس في المقدمة وتقول نفسي يا أم عمر أشوف أبني قبل ما يتوفاني الموت وقتيش بدنا نزور: "ساق الله على هاليوم إللي راح أشوف فيه ابني".

وأضافت "اليوم توفيت الحاجة أم يحيى دون أن تتحقق أمنيتها بزيارة ابنها في سجون الاحتلال، ونحن أيضاً- أمهات الأسرى- ننتظر زيارة أبنائنا متمنية أن لا يدركها الموت قبل أن ترى ابنها الأسير.

إن أكثر من تقع عليه حرقة وألم فراق الأسير والدته ثم زوجته وأبناؤه، وهذا كان حال الأم الحاجة ام يحيى إصليح التي حلمت بلحظة دخول ولدها عليها، لتضمه إلى صدرها، وتكحل عينيها برؤيته وتراه أمام ناظرها، وتفرح به، حيث باتت أيام وليالي تراودها الأحلام به وصورته لا يفارق خيالها، كانت ممن تتردد كثيراً ما بين المؤسسات الحقوقية والمحاميين لأجل أن تحصل على أي خبر يطمئنها ويطفئ نار حرقتها وشوقها على ولدها، في كل اعتصام كانت من اوائل ذوي الاسرى المتواجدين هناك في الإعتصامات والمسيرات، فكانت تسير وصورة ولدها بين ذراعيها، وملامح الحزن والألم ترتسم خطوطها في كل زاوية من جسدها، وقبل ساعات تفصلها عن رؤية ابنها الحبيب التي لم تحظ بزيارته ولا رؤية حريته وعودته لأحضانها فارقت تلك الأم التي قضت أنفاسها الأخيرة بالدفاع عن قضية ابنها وحقه بأن يعيش بحرية.

تلك القصة كانت من بين آلاف قصص المعاناة التي يعيشها أهالي الأسرى التي مهما حاولنا الحديث عنها فلن نستطيع أن نرسم الصورة الحقيقية لتلك المعاناة الدائمة، التي لن ترسمها ريشة رسام مبدع، ولن تخطها كلمات كاتب معبر، بل تبقى المشاعر مكبوتة بين زوايا النفس، لتختنق وحدها بعيدا عن رسم الخيال وإبداعه.