فياض: جرائم قتل النساء تتطلب عقوبات رادعة بحق منفذيها
نشر بتاريخ: 08/08/2012 ( آخر تحديث: 08/08/2012 الساعة: 15:18 )
رام الله- معا- أكد رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض على أن عودة مظاهر العنف في مجتمعنا الفلسطيني وخاصةً ظاهرة قتل النساء على خلفيات متعددة تُشكل خطراً اجتماعياً يمُس النسيج المجتمعي، ويتطلبُ من الجميع التوقف أمامها لاستخلاص العبر، وتحمل كامل المسؤولية للتصدي لها والقضاء عليها.
وشدد على أن جريمة قتل السيدة نانسي زبون بصورة ٍهمجيةٍ ودنيئةٍ على يد زوجها في مدينة بيت لحم، والظروف التي نُفذت فيها، وما سبقها من فشلٍ في الاستجابة لاستغاثة المرحومة، وتوفير الحماية لها إنما يدقُ ناقوس الخطر، ويستدعي المراجعة واستخلاص العبر إزاء دور المؤسسات المعنية بذلك من جهة، ومسؤولية المجتمع والمواطنين جميعاً، من ناحيةٍ أخرى.
وشدد فياض على أن متطلبات إعادة النظر في التشريعات والقوانين ذات الصلة والكفيلة بترسيخ قواعد المساواة الكاملة في الحقوق بين المرأة والرجل وتوفير الحماية الاجتماعية والاقتصادية للمرأة لم تعد تحتمل أي تأخير، وقال: "لقد دقت هذه الجريمة البشعة ناقوس الخطر بقوة، وما زاد من وقع الصدمة إزاء هذه الجريمة البشعة أنها تمت في وضح النهار، وأمام أعين المواطنين، ودون أن يُحرك أي منهم ساكناً لإنقاذها من سكين القاتل"، وتابع: "إن هذا الأمر يُظهر للأسف الشديد حالة عجز لا بد من الاعتراف بها، بعد أن فشلت الجهات المعنية في الاستجابة لمناشدات المرحومة، وتوفير الحماية لها من العنف الأسريّ الذي كانت تتعرضُ له وتتوسلُ الحماية منه.
جاء ذلك خلال الحديث الإذاعي الأسبوعي الذي أفرده رئيس الوزراء حول ظاهرة العنف الأسري وما يُرافقها من خطر الصمت والحيادية والتواطؤ في بعض الأحيان، لتسليط الضوء على مسؤوليات توفير المزيد من الحماية لاجتثاث العنف الأسريّ والمجتمعيّ خاصةً الذي تتعرضُ له النساء". وقال:" إن وقع هذه الجريمة البشعة وملابساتها، وضرورة أن نتحمل جميعاً مسؤولية التصدي لأسبابها، هو ما دفعني لأن يكون حديثي الأسبوعي اليوم حول هذه الظاهرة، وما يُرافقها من خطر الصمت والحيادية، لا بل والتواطؤ في بعض الأحيان، الأمر الذي شجع ويُشجعُ مثل هؤلاء القتلة على التمادي واختطاف حياة النساء، وبما بات يُهدد تماسك المجتمع وأمنه واستقراره".
وشدد فياض على أهمية المضي قدماً بالإنفاذ الفوري للتعديل القانوني القاضي بإلغاء الأسباب المخففة لجرائم قتل النساء على خلفية ما يسمى بجرائم الشرف أو أية أعذار أخرى، بالإضافة إلى ضرورة الإسراع في إنجاز قانون العقوبات، لما يوفره هذا القانون الجديد من حقوقٍ متساويةٍ للمرأة، ويستبعدُ كل الأعذار المخففة لجرائم القتل ضد النساء. وقال: "آن الأوان للتعامل مع هذه الجرائم كجرائم ضد حياة الإنسان بغض النظر عن الجنس أو المبررات، ولإنزال العقوبات الرادعة بحق القتلة المجرمين".
وأشار رئيس الوزراء إلى ضرورة تنبه كافة المؤسسات الرسمية والأهلية لمخاطر الانزلاق إلى ما يُهدد تماسك المجتمع ووحدة نسيجه. وإلى ضرورة تنبه الإعلاميين والأكاديميين وكل ذوي الاختصاص للانخراط في أوسع حملةٍ مجتمعيةٍ ضد هذه الظاهرة بهدف القضاء عليها واستئصال جذورها الكامنة في ثقافة الإقصاء وثقافة الاستخفاف بحياة النساء، وقال: " أتوجه هنا إلى نساء فلسطين ولكل أبناء شعبنا، وأؤكد لهم جميعاً بأن السلطة الوطنية مصممةٌ على العمل بأقصى ما لديها من طاقة لترسيخ قواعد وأسس المساواة بين الرجل والمرأة، وتوفير كل السبل والإمكانيات لتمكينها وصون مكانتها في المجتمع، ترسيخاً لمبادئ المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، وما يتطلبه ذلك من ضرورة تعزيز الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني وخاصةً المؤسسات النسوية في كافة قضايا النوع الاجتماعيّ".
وشدد فياض خلال حديثه على أنه لم يعد من المقبول المرور على انتهاكات حقوق المرأة بغض النظر عن طبيعتها وكأنها جزء من الموروث الاعتيادي. مؤكداً على أن الاعتداء على حياة المرأة هو جريمة قتلٍ أو شروعٍ به، وإن انتهاك أي حق من حقوقها لا بد أن يكون له رادع بمستوى الجريمة والانتهاك الذي تتعرض له.
واعتبر رئيس الوزراء أن مهمة القضاء على مظاهر العنف التي تتعرضُ لها المرأة، واحترام حياتها ومكانتها، وإنصافها من خلال ترسيخ كامل حقوقها، تحتل الأولوية في برنامج عمل السلطة الوطنية، وأكد أنها جزء رئيسي من مكونات عملية البناء الشاملة التي تقوم بها مؤسسات السلطة الوطنية. وهي تستدعي رزمةً متكاملةً من الإجراءات والسياسات العاجلة على كافة الأصعدة.
ودعا فياض المؤسسة الأمنية والسلطة القضائية للقيام بكامل مسؤولياتهما في تحقيق وترسيخ معادلة الأمن والعدالة والإنصاف، وبما يحمي المجتمع والنسيج الوطني ويُوفر كل أشكال الأمن والطمأنينة.
وقال: "السلطة الوطنية وحدها هي صاحبة الحق في فرض القانون وترسيخ قواعد الأمن والإنصاف لكافة المواطنين، وبما يُساهمُ في إطلاق مكونات الخير والتضامن والقيم الإنسانية النبيلة في مجتمعنا، وعليها أن تقوم بدورها هذا وفق القانون. وشدد رئيس الوزراء على أهمية إجراء تطويرات وتعديلات جذرية في بنية التشريعات لتكريس مبدأ المساواة المنصوص عليه في القانون الأساسي، وبما يشمل قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات، وبما يُحقق العدالة والمساواة وينبذ أي انتقاص من حقوق المواطنة والأهلية القانونية للمرأة، وقال: "ما نسعى إليه هو دولة عصرية تقدمية تستندُ إلى مبادئ العدل والمساواة والقيم الإنسانية، وفي مقدمتها مبادئ حقوق الإنسان".
وشكر فياض المؤسسات العاملة على تطوير واقع المرأة وحماية حقوقها وتعزيز مكانتها، مُجدداً التزام السلطة الوطنية بكافة الاتفاقيات الدولية، بما فيها اتفاقية إلغاء كافة مظاهر التمييز ضد المرأة (سيداو) وغيرها من القرارات الدولية ذات الصلة، وقال: "هذه حاجة وطنية مُلحة، ونحن مصممون على أن نرتقي بمجتمعنا وبمعايير حقوق الإنسان والمرأة في فلسطين إلى أعلى المعايير الدولية. وكلي ثقة في أن شعبنا قادر على ذلك".
وأكد رئيس الوزراء في ختام حديثه تصميم السلطة الوطنية على مواصلة العمل لترسيخ هذه القيم حتى القضاء الكامل على العنف الذي تتعرض له المرأة، ولضمان حقوقها الكاملة في المساواة. وقال: "رحم الله السيدة نانسي، ولعائلتها ولكل أبناء وبنات شعبنا أحر التعازي".