الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

ماذا تريد إيران من فلسطين؟!

نشر بتاريخ: 26/08/2012 ( آخر تحديث: 26/08/2012 الساعة: 01:27 )
القدس- معا- انباء موسكو - أشرف كمال- الانقسام الفلسطيني آفة مازالت تؤثر سلباً في الحراك السياسي للفصائل الفلسطينية على اختلاف مشاربها، وتركيز الجهد والوقت والمال في الحصول على الحقوق المغتصبة ومواجهة التعنت الإسرائيلي وازدواجية الغرب في التعامل مع تسوية سلمية وفق المرجعيات المتفق عليها والتي تعيد بعضا من حقوق شعب فلسطين.

والقاهرة ومنذ سنوات تسعى إلى خلق مناطق وفاق بين الفصائل الفلسطينية خاصة أن ما يمكن الاتفاق عليه أهم وأكثر من تلك التي قد تكون محل خلاف بين فصائل لا يمكن لأحد أن يشكك في وطنيتها وسعيها إلى نيل الشعب الفلسطيني كامل حقوقه.

وفي مناسبات مختلفة كانت موسكو تحث الفصائل الفلسطينية على إدراك ضرورة إنهاء الانقسام، وهي مستمرة في مواصلة المشاورات في هذا الاتجاه، فبينما تتمتع موسكو بعلاقات جيدة مع الرئيس محمود عباس، فهي تحتفظ بعلاقات وثيقة مع رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل سعياً لتوحيد الصف الفلسطيني.

كما تعتبر السفارة الفلسطينية في موسكو تجسيداً على أرض الواقع لاعتراف موسكو بالدولة الفلسطينية، وان مراسم اعتماد سفير فلسطين نفسها التي تتبع لدى اعتماد سفراء غيرها من الدول.

وبين القاهرة وموسكو، يأتي موقف طهران، التي دعت رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة "إسماعيل هنية" لحضور مؤتمر قمة دول عدم الانحياز المقرر خلال أيام قليلة في العاصمة طهران، في الوقت الذي دعت فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس لحضور القمة.

دعوتان رسميتان تجسدان الانقسام الفلسطيني ولا توحيان بشيء سوى الرغبة في السير عكس اتجاه رغبة الشعب الفلسطيني ومحاولة للقفز على جهود المصالحة المستمرة من القوى المختلفة تحقيقاً لمصالح إقليمية لا ناقة فيها لشعب فلسطيني ولا جمل.

فمن المتعارف عليه في أروقة العلاقات الدولية والدبلوماسية أن السلطة الوطنية الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني أمام الخارج من دول ومؤسسات دولية مختلفة. وأن تجاهل طهران لهذا العرف الساري منذ سنوات يشير إلى أن لطهران مآرب أخرى من استمرار الانقسام الفلسطيني.

فلا يمكن أن تفهم دعوة رئيس الحكومة المقالة في غزة سوى أنها تأتي اعترافاً رسمياً من ظهران بشرعية هذه الحكومة في حين أن تعامل الكثير من العواصم مع قيادات حركة "حماس" في الداخل والخارج لا يتعدى كونها فصيلا سياسيا وفي إطار المساعي الحميدة لإنهاء الانقسام، لا لتمثيل الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية.

والجميع في انتظار رد رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية على دعوة طهران لحضور مؤتمر قمة عدم الانحياز، خاصة وأن الدعوة الإيرانية تمثل تغييراً واضحاً في الموقف الإيراني تجاه القضية الفلسطينية ومسألة توحيد صف القوى الوطنية الفلسطينية وضرباً لدور السلطة الوطنية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني أمام المنظمات الدولية المختلفة.

وتشير الأنباء الواردة من قطاع غزة ومن خلال تصريحات صحفية نسبت إلى محمد عوض وزير الخارجية في الحكومة المقالة أن حكومة "حماس" تبدي رغبتها في التعاون مع السلطة الفلسطينية في الضفة من أجل تمثيل موحد لفلسطين في مؤتمر دول عدم الانحياز.

وقال عوض:" لا بد أن نتعاون فيما بيننا في هذه الخطوة من أجل إخراج رؤية فلسطينية موحدة، ولننقل هذه الرؤية بالاتجاه السياسي وباتجاه معاناة الشعب الفلسطيني".

الجميع يدرك الخلافات بين الفصائل الفلسطينية المختلفة ولكنها في النهاية خلافات داخل البيت الواحد وأنه بجهود الأشقاء والأصدقاء يمكن التغلب على هذه الخلافات، على أن يبقى الهدف واحدا أمام الجميع في استعادة حقوق الشعب الفلسطيني وإنهاء معاناة الفلسطينيين في الداخل والخارج لا السعي إلى مزيد من الانقسام وشرذمة القوى بما يخدم سلطات الاحتلال في التنصل من واجباتها تجاه سكان الأراضي المحتلة.

الدور الذي تلعبه حركة "حماس" في تاريخ النضال الفلسطيني لا يمكن أن ينكره أحد أو ينتقص من دور قادتها على مر الزمن، وإنها باتت فصيلا سياسيا هاما في الحراك الفلسطيني فلا يمكن تجاوزه في المعادلة السياسية لمستقبل فلسطين ومسيرة النضال في اتجاه تحرير الأرض واستعادة الحقوق.

ولكن لا يمكن لأحد أيضا أن يتجاهل أن هناك قوى سياسية خارجية تسعى للاستفادة من الانقسام الفلسطيني لتحقيق مصالح إستراتجية في صراعها مع الدول الكبرى، وهذا ما يمكن أن يقودنا إلى الإجابة على السؤال المطروح ماذا تريد إيران من فلسطين؟!