تقرير- الجريمة ستتصاعد في فلسطين بحال تواصل ارتفاع مستوى المعيشة
نشر بتاريخ: 07/09/2012 ( آخر تحديث: 07/09/2012 الساعة: 11:39 )
بيت لحم- تقرير معا- حذر خبراء اقتصاديون وفي علم الاجتماع من زيادة الجريمة في فلسطين في حال تواصل ارتفاع مستوى المعيشة واستمرار معدلات البطالة بالتصاعد في صفوف الشباب، اضافة الى ازدياد نسبة الفقر "التي شهدت تراجعا خلال العامين السابقين".
وطالب الخبراء من الجهات ذات الاختصاص ببذل اكبر جهد ممكن من اجل تخفيف العبء على كاهل المواطنين ودعم السلع الاساسية وإيجاد فرص عمل.
قال استاذ علم الاجتماع د. محمد نعيم فرحات في حديث لـ"معا": "ان الفقر هو الموطن والبيئة المناسبة للجريمة، وبمقدار ما ان الفقر هو منتج اقتصادي، اجتماعي، سياسي، ثقافي، ونفسي فان الجريمة هي كذلك".
وأضاف "ان العلاقة بين الجريمة والفقر هي علاقة توليد، حيث يوجد الفقر يجب ان تولد الجريمة".
ويخشى من ارتفاع نسبة الجريمة في الاراضي الفلسطينية في الوقت الذي تتزايد فيه الاحتجاجات الشعبية المناهضة لارتفاع الاسعار، حيث زادت حالات الانتحار خلال الفترة الاخيرة، ولجأ عدد من المواطنين الى التعبير عن سخطهم اتجاه الغلاء الفاحش بمحاولة اضرام النار في اجسادهم، وكان اخرها قيام احد المواطنين من قطاع غزة بإضرام النار في نفسه في مدينة رام الله احتجاجا بحسب قوله "على الوضع الاقتصادي الذي يمر به"، وسبقه الشاب ايهاب ابو ندى الذي اشعل النار في نفسه وتوفي بعد ايام.
وأضاف فرحات لـ"معا"، "يمكن فهم توسع الجريمة في المجتمع الفلسطيني وارتفاع وتيرتها في السنوات الاخيرة كنتاج لتوسع وتعمق الفقر نفسه، مؤكدا انه لا يجب ان نرى الجرائم التي تحصل في المجتمع بصفتها فعلا فرديا، بل هي "تعبير الفرد عن ازمة اجتماعية".
وطالب فرحات السياسيين بقراءة تصاعد الجريمة باعتباره شكل من اشكال التعبير المنحرف عن الاحتقان العام الذي يعيشونه المواطنين بسبب ضائقة الفقر.
وحذر فرحات من انتقال التعبير عن الرأي الى العنف السياسي عندما قال "ليس بالضرورة ان يبقى اتجاه التعبير فقط في الجريمة الجنائية لأنه من الممكن ان ينتقل الى حقن المعارضة او العنف السياسي".
وأشار فرحات الى ان حجم الاهتمام المعرفي والعام من طرف كافة المؤسسات المعنية بالشأن العام بمسألة الفقر والجريمة هو حجم اهتمام قاصر حتى هذه اللحظة والمطلوب ادراك اعمق في هذه الظاهرة من خلال احصائها وفهمها وتصنيفها وتفسيرها، لان تفاقمها سيكون له اثار وتداعيات وخيمة.
وأكد ان حل مشكلة الفقر والجريمة يتطلب من مؤسسات السلطة العامة وهيئاتها وأجهزتها دراستها بشكل اعمق لإيجاد حلول جدية وجذرية عن طريق العدالة الاجتماعية ووضع حد للفساد، والمساواة امام القانون، وتتبع الفقر حيثما كان، والتثقيف والتربية، وإرساء العدالة الاجتماعية، والمساواة في الفرص والحظوظ.
وطالب بضرورة بلورة استراتيجية للتنمية والضمان الاجتماعي تركز على الاسرة والطفل والبطالة، فكل الاجراءات السابقة من شانها ان تحاصر الفقر وتجففه كمصدر للجريمة.
من جانبه اشار مدير معهد ابحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس" د. سمير عبد الله الى امكانية ارتفاع مستوى الجريمة في حال زاد الفقر قائلا "دائما اينما كان الفقر يرفع من مستوى الجريمة"، فالمواطن الغير قادر على سداد احتياجاته وتلبيتها يصاب بحالة من الاضطراب النفسي، ويصبح غير قادر على التفكير السليم ويسعى الى الانتقام والبحث عن وسائل لتأمين حاجياته من خلال الجريمة".
وأكد عبد الله لـ"معا"، "انخفاض نسبة الفقر في فلسطين خلال عامي 2010 و 2011 في شقي الوطن لكنه اكد ان الوضع الحاصل حاليا من احتجاجات وزيادة الاقبال على العنف سببه انخفاض النمو الاقتصادي في الوقت الذي يزداد فيه نمو السكان اضافة الى ارتفاع ثمن السلع والمحروقات ما يؤدي الى ارتفاع مستوى المعيشة وهذا سيرفع من نسبة الفقر.
وقال ان السلوك الاسرائيلي غير الانساني الذي تمارسه دولة الاحتلال مع المواطنين الفلسطينيين وعنف المستوطنين في الوقت الذي يتراجع فيه الاقتصاد الفلسطيني خلق حالة من الغضب والإحباط لدى المواطنين.
من طرفه طالب استاذ الاقتصاد د . نصر عبد الكريم من السلطة الفلسطينية بإيجاد حلول جذرية للازمة الاقتصادية من اجل امتصاص غضب الجماهير التي يمكن ان تتفاقم في المستقبل.