مانديلا: "سفير الحرية" ينجح بالهروب من السجن ويخرج للحياة والحرية
نشر بتاريخ: 12/09/2012 ( آخر تحديث: 12/09/2012 الساعة: 11:59 )
رام الله- معا- استطاع الطفل مهند كسر كل القيود والمسافات والأسلاك الشائكة والمنظومة الأمنية المعقدة لإدارة مصلحة السجون الإسرائيلية والاختباء فى رحم أمه دلال تسعة شهور والخروج للحياة حاملاً معه احلام والده الاسير عمار الزبن رغم ثقل القيد وقساوة الحكم لتتحول لرسالات وطنية وأخلاقية وإنسانية، وعزيمة لا تلين وإرادة لا تقهر وليكون كما اختار له والده ان يكون سفير الحرية لكل الأسرى داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية الذين احتفلوا بالمناسبة وشاركوا رفيق سجنهم ودربهم مشاعر الفرح التي انتظرها طويلا وكرمه الله بتحققها وفق ما حلم وراى وخطط دوما وفق ما روى لاول مرة عن تفاصيل تلك التجربة لرئيسة مؤسسة "مانديلا " المحامية بثينة دقماق التي زارته امس في سجن "هداريم ".
نشأة الفكرة:
ووفق توثيق مؤسسة "مانديلا " ، منذ سنوات بدأ الأسرى بالتفكير في الإنجاب من خلال تهريب النطفة ليتم تلقيحها فى بويضة الزوجة وبدأ بعض الأسرى بذلك ولكن تلك المحاولات لم يكتب لها النجاح، خلال ذلك تبلورت الفكرة منذ عام 2006 لدى الأسير الزبن وزوجتة التي كانت أكثر حماسا .
الزبن وهو من مدينة نابلس والذي يقضى حكما بالسجن المؤبد المتكرر 27 مرة و 25 عام والمعتقل مذ أكثر من 15 عاما،قرر الخطوة الاولى ووفى أواسط عام 2011 تمكن من تهريب النطفة وتم تلقيحها في بويضة الزوجة وبمشيئة الله تكللت عملية التلقيح بنجاح ورزق بالأسير المحرر الطفل مهند بتاريخ 13/8/2012 .
نصر استئنائي:
وفي وصفها لحالة الاسير الزبن في حديثه لاول مرة عن تجربته ،تقول دقماق لمراسل " القدس": " ارتسمت مشاعر الفرح والسعادة في كل كلمه للاسير الزبن الذي بدى كمن يعيش عرسا وفرحا ونصر استثنائيا بعدما اصبح الحلم حقيقة وفتح الطريق امام كل الاسرى اصحاب الاحكام العالية لتكرار التجربة وتعزيز الفكرة ونصرها كاحد اشكال التحدي والصمود في وجه الاحتلال وسياسة الموت للفلسطيني بالاعتقال ".
الفرحة العظيمة:
في مستهل حديثه مع المحامية دقماق ، قال الاسير الزبن " كانت فرحتي عظيمة بعد معرفتي بأن الحمل تم بنجاح بعد التجربة الثالثة، ولكن الفرحة الأعظم التي كانت تنتظرها زوجتي وابنتي بشائر وبيسان وأنا عندما علمنا أنه ولد وقررنا أن نكتم الأمر عن الإعلام حتى نتأكد من كل شيء"،ويضيف " اخترنا له اسم مهند تيمناً بصديقي الشهيد مهند الطاهر رحمه الله الذي استشهد عام 2002 ولتجديد السيرة له ولأمثاله من العظماء".
الانتظار وامانة الوفاء:
بين الحلم والخوف والواقع ، لزم عمار الصمت واختار ان يحتمل النتائج منتظرا بصبر ترافقه دعوات شاركته فيها زوجته التي تحدت كل الصعاب لتكمل المشوار وتحقق الحلم بامانة ووفاء ، ويتابع الاسير عمار حديثه للمحامية دقماق " كنت أعلم بموعد الولادة تاريخاً وجلست أرتقب ولم يكن عندي وسيله سوى الراديو ولكني لم أستطع الجلوس في الغرفة وخرجت إلى الساحة وفي اللحظة التي فتحت بها المذياع على صوت النجاح، سمعت الدكتور سالم أبو خيزران يقول إن الأم دلال والمولود مهند بخير والحمد لله، فسجدت فوراً على الأرض شاكرا لله"، ويضيف " وفوجئت بجميع الأسرى ينقضوا علي ِ عناقاً بعد أن عرفوا الخبر وأقاموا احتفالا بهذه البشرى العظيمة وشعرت أن مهند أبنا ل 4000 أسير وليس لي فقط وغدا الجميع يتسابقون في توزيع الحلوى والاحتفاء بيوم حرية جديد نكرسه على طريق الحرية ".
الاستمرار بالنهج:
ويؤكد الزبن بأن الأموربدأت تأخذ منحى جدي عند كل من كان يتردد في مسألة الإنجاب وخاصة بعد أن شاهدوا مهند على التلفاز، ويقول "الحقيقة أن للأمر دلالتان، الأولى: هو النصر الذي تحقق بهذا الطفل الذي تحرر وخرج للحياة رغم المنظومة الأمنية وكافة الإجراءات التي تخنقنا منذ عشرات السنين والتي لم تستطع من أن تمنع سفير الحرية من الانطلاق لتمثيلنا وتذكير شعبنا بنا وبمعاناتنا"، أما الثانية كما يضيف " فهي الغصة في القلب التي رأيتها على وجه الإخوة كريم يونس وعبد الناصر عيسى وأبو غازي وهم من الأسرى الذين تجاوزوا من العمر الخمسين عام وبعضهم يكاد يمضي عقدة الثالث في الأسر بدون زوجة وأولاد وأمهاتهم تستعد للرحيل من الدنيا، ويطرح الوجع نفسه من المسئول عن بقائنا داخل الأسر ومن يجب أن يتهم ؟ هل يكفي أن نحمل الاحتلال المسؤولية ونكتفي، أم هناك قادة يجب أن يحاكموا ولا نستثني أحداً ".
مستقبل الأسرى:
الاسير الزبن الذي لم يدرج اسمه في الصفقة ويعاقب الاحتلال زوجته بالمنع الامني ويواصل الصمود والتحدي ، تابع حديثه للمحامية دقماق قائلا " إن واجب تحرير الأسرى أمانة في أعناق من يتصدرون المشهد السياسي الآن بغض النظر عن انتماءاتهم التنظيمية وأن التاريخ لن يرحم من ترك خيرة أبناء الشعب الفلسطيني عشرات السنوات داخل الأسر"، واضاف " إن القادة الفلسطينيون يحسنون الكلام ولكن هذا الأمر لا يعنى أمهات وزوجات وأبناء الأسرى وما يعنيهم ويعنينا الفعل الحقيقي الذي يؤتى ثماره وبموجبه يستحق القادة هذا اللقب، لأن القائد الحقيقي لا يترك جنده ينزفون في الميدان هكذا للأسف علمنا المحتل".
ويسترسل الزبن كلامه قائلاً: "ليس مصادفة أن يأتي أبني مهند في هذا الوقت ونحن نعيش الذكرى السنوية الأولى لصفقة التبادل، حيث يتجدد الألم لدى كل أسير بقي داخل الأسر والسؤال العرضي الذي يطرح نفسه ؟ هل سينتظر الأسرى المتبقون داخل الأسر 25 سنة أخرى حتى تحدث صفقة جديدة كما انتظر نائل وفخري البرغوثي بعد صفقة أحمد جبريل عام 85 ؟، اما بخصوص عدم إدراج اسمه في الصفقة، فقال "إن الجواب معقد، فمن السهل القول بأن الاحتلال رفض إطلاق سراحي وهذا جزء من الحقيقة ولكن الجزء الأخر لا زلت انتظر الإجابة عليه من الذين اشرفوا على صفقة التبادل".
شوق وحنين:
عبر وسائل الاعلام ، تابع الزبن والاسرى لحظات ولادة مهند ولكنه ينتظر اجمل لحظة وهي رؤيته وزيارته ، ويقول " أنا عملياً ممنوع من الزيارة إلا القليل، حيث تأخذ زوجتي تصريحاً أمنياً كل سنة مرة واحده بعد أن كانت ممنوعة بالمطلق مدة 5 سنوات متواصلة، وحاليا انتظر زوجتي ومعها الضيف الجميل بفارغ الصبر"، وواصل مازحا "بأن الأسرى متخوفون من اعتقال مهند فور حضوره لزيارتي بتهمة الهروب من السجن ويجب أن يعود".
لحظة تاريخية:
وقالت دقماق ، ان الاسير عمار وخلال حديثه اشار الى فرحته بسبب دعم وفرحة الاسرى التي كانت لا توصف بعد ولادة مهند ، ويضيف " في كل يوم يحتفلون بطريقة منذ ولادة مهند ، ولكنهم يرددون دوما لقد سجلنا على الاحتلال نقاط لا تعد ولا تحصى ولكن ولادة مهند هي النصر العظيم وولادة فجر جديد"،ويضيف " فسماع خبر ولادة مهند كان بمثابة لحظة تاريخية من عمر الحركة الأسيرة وكان احتفالا عظيما لجميع الأسرى لأن الحدث لم يكن يعنيني وحدي وإنما يعنى الجميع، حيث الكل متشوق للفرحة بعد كل المآسي المتلاحقة التي تقع على الأسرى يومياً والتي كان أخرها وفاة والد الأسير جمال أبو محيسن ومن قبله محمد جابر عبدة الذي يسكن معي بالغرفة وتوفت والدته بعد آخر زيارة لها مباشرة"،واكمل " إضافة إلى أن الأسرة لا يزالوا يعيشون آثار صفقة التبادل وتحديدا الذين بقوا في الأسر حيث أن الحرية حق ينبغي أن يحصل عليه الجميع ولا يسأل الأسير عن الكيفية وإنما واجب تحريره ملقى على عاتق من رضي أن يكون في الصفوف الأولى".
ووجه الاسير عمار عبر مؤسسة "مانديلا"، شكره لجميع الذين تفاعلوا مع ولادة مهند ( سفير الحرية ) الذي وصفه ببشارة النصر إن شاء الله ،وخص بالذكر الأسرى ووسائل الإعلام والدكتور سالم أبو خيزران وطاقمه الطبي.