الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

فياض: تقرير البنك الدولي حسم الجدل حول الجاهزية الوطنية لإقامة الدولة

نشر بتاريخ: 21/09/2012 ( آخر تحديث: 21/09/2012 الساعة: 07:57 )
بيت لحم- معا- وفا- اعتبر رئيس الوزراء سلام فياض أن المجالس المحلية تشكل الحلقة الأهم في منظومة الحكم والإدارة بسبب تماسها المُباشر مع المواطنين، ودورها في تلبية احتياجاتهم وإدراكها لتطلعاتهم، مما يجعلُها الأقدر على تحديد الأولويات الكفيلة للنهوض بواقع المجتمعات المحلية، من خلال تعزيز المشاركة الشعبية على أسس ديمقراطية في بلورة القرار التنموي وبما يمكنها من تحديد هذه الأولويات والاحتياجات والمشاريع التنموية، وهي بهذا المعنى فهي أيضاً تشكل الركيزة الأساسية لدعم صمود المواطنين وتثبيتهم على أرضهم.

وأشاد فياض بعلاقات الشراكة والتعاون بين الهيئات المحلية والقطاعات المختلفة، الأمر الذي ساهم في تطوير مؤشرات التنمية المحلية، وشجع البلديات المتجاورة على العمل المشترك في تنفيذ المشاريع التنموية المشتركة، بالإضافة إلى تشجيع القطاع الخاص والمؤسسات الأهلية على مشاركة هيئات الحكم المحلي في تنفيذ مثل هذه المشاريع، وإدارتها على أساس رفع مستوى الكفاءة وتخفيض التكلفة.

جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها رئيس الوزراء في احتفال المئوية لبلدية بيت جالا لمناسبة مرور مئة عام على تأسيسها عام 1912، وذلك بحضور محافظ بيت لحم عبد الفتاح حمايل، ورئيس بلدية بيت جالا راجي زيدان، وقائد المنطقة ومدراء المؤسسة الأمنية في المحافظة، وعدد واسع من المسؤولين ورؤساء المجالس المحلية وممثلي المؤسسات الأهلية، وكلاً من رئيس بلدية جينا الألمانية ورئيس بلدية أوبرفيليه الفرنسية.

وأشاد فياض خلال كلمته بالانجازات التي حققتها بلدية بيت جالا خلال السنوات الماضية، معبراً عن أمله في أن يواصل المجلس القادم ترسيخ هذه الانجازات وتطوير واقع المدينة والنهوض بالخدمات المقدمة لمواطنيها، وأكد على أن عملية النهوض بالهيئات المحلية، والارتقاء بدورها وكفاءتها وتوسيع صلاحياتها شكل أولويةً رئيسية في برنامج عمل السلطة الوطنية، حيث حرصت الحكومة على تطوير دور هذه الهيئات في العملية التنموية، وبما يمكنها من التصدي للتحديات التي يواجهها المواطنون، سيما تلك الناجمة عن انتهاكات الاحتلال وممارساته التعسفية، والمتمثلة في مصادرة الأراضي وهدم البيوت، وتخريب الممتلكات، ومصادرة المياه، ومحاولة اقتلاع المواطنين من أرضهم، وإحكام قبضة الاحتلال على أرضنا ومواردنا الطبيعية، واستهداف الوجود الفلسطيني خاصة القدس والمناطق المُسماة (ج).

وأكد رئيس الوزراء أن الارتقاء بدور مجالس الحكم المحلي يعتبر مكوناً ومؤشراً جوهرياً على مدى التقدم في الجاهزية الوطنية لإقامة دولة فلسطين التي يسعى شعبنا إلى تجسيدها واقعاً على الأرض.

وتطرق إلى الإقرار الدولي بهذه الجاهزية، وبقدرة مؤسسات السلطة الوطنية على إدارة مؤسسات دولة، وتقديم أفضل الخدمات لمواطنيها، مشيراً إلى التقرير الأخير الصادر عن البنك الدولي، والذي حسم الجدل حول جاهزية السلطة الوطنية وقدرة مؤسساتها على إدارة مؤسسات دولة بأفضل معايير الحكم والإدارة في دول قائمة، وإلى أن هذا التقرير حسم أيضاً محاولات الخلط بين الجاهزية الوطنية لإقامة الدولة من ناحية، وبين صعوبة الوضع الاقتصادي الناجمة عن ممارسات الاحتلال من ناحية ثانية، وقال' لقد حسم التقرير الجدل الذي ساد قبل حوالي شهرين حول مدى جاهزية السلطة الوطنية لإقامة الدولة، وبين صعوبة الأوضاع الاقتصادية الناجمة بشكل رئيسي عن ممارسات الاحتلال وسيطرته على مواردنا، حيث عزى التقرير صعوبات الوضع الاقتصادي بشكل رئيسي إلى نظام التحكم والسيطرة التعسفي الإسرائيلي، وما يتضمنه من قيود على حرية الاقتصاد الوطني وإعاقة التنمية في المنطقة المُسماة (ج)، بالإضافة إلى الحصار المفروض على قطاع غزة'.

واعتبر فياض أن هذا التقرير وغيره من تقارير المؤسسات الدولية المختصة سيما صندوق النقد الدولي والأمم المتحدة، إنما أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أو الالتباس أن العقبة الوحيدة أمام قدرة مؤسسات السلطة الوطنية للعمل في إطار دولة مستقلة تتمثل في الاحتلال بصورة رئيسية.

وفي هذا السياق أكد رئيس الوزراء الترابط العضوي بين مهام البناء المؤسسي والديمقراطي، ومهام التحرر الوطني، داعياً إلى ضرورة استنهاض الطاقات والارتقاء بالمسؤولية الوطنية من اجل حشد كافة الجهود وعناصر القوة الذاتية الكفيلة بتقريب لحظة الخلاص من الاحتلال.

وشدد رئيس الوزراء على أن الانتخابات المحلية تتجاوز في أهميتها كونها انتخابات لهيئات خدماتية، على أهمية ذلك، معتبراً أنها تؤكد مدى تطلع شعبنا لتكريس نهج الممارسة الديموقراطية في حياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبما يُمكنه من استنهاض كامل طاقاته في معركة البناء الديموقراطيّ والتحرر الوطنيّ اللذين لا ينفصلان. وقال 'بالقدر الذي نتمكنُ فيه من تجديد وإعادة بناء نظامنا السياسيّ على أسسٍ ديموقراطية، فإننا نُطلق الطاقة الايجابية الهائلة الكامنة لدى أبناء شعبنا'.

وشدد على أهمية تركيز البرامج الانتخابية والحملات الدعائية، على احتياجات المواطنين والنهوض بالخدمات المُقدمة لهم، وبما يُمكنها من الإسهام في تعزيز قدرة شعبنا على الصمود في مواجهة مخططات الاحتلال، مشيراً على أن الانتخابات تشكل جزءاً هاماً من عملية النهوض بالوعي المجتمعيّ القائم على احترام الرأي والرأي الآخر والإسهام الفاعل من قبل كافة المواطنين في صون المبادئ الديموقراطية.

كما شدد فياض على ضرورة أن ينصب التنافس الانتخابي على كسب ثقة المواطن، وضمان انخراطه الفعاّل والإيجابيّ في العملية الانتخابية لهذه المجالس.

وجدد دعوته لوسائل الإعلام المحلية، الرسمية منها والخاصة، إلى إتاحة الفرصة المتساوية لكافة القوائم المتنافسة كي تعرض برامجها وتوجهاتها.، معتبراً ذلك جزء من التمكين المشروع للجميع في التنافس في الوصول إلى صوت المواطن وكسب ثقته.

وأكد أن الانتخابات تشكل ليس فقط حقاً للمواطن واستحقاقاً على النظام السياسي برمته، بل هي أيضاً رسالة مهمة لشعبنا أولاً، وللمجتمع الدولي كذلك، بأن روح الديمقراطية وحرية الاختيار والتعددية هما الخيار السياسي والاجتماعي للنظام السياسي الفلسطيني والوسيلة لإعادة تسليط الضوء على قضيتنا الوطنية، وإعادة وضعها في صدارة الاهتمام الدوليّ. وأنها تشكل الرافعة الأساسية لضمان إشراك شعبنا وجميع قواه وفئاته واتجاهاته وانخراطها في عملية تعميق الجاهزية لإقامة الدولة، بكل ما يتطلبه ذلك من استنهاض طاقات شعبنا في معركة الخلاص من الاحتلال، مُشيراً إلى أنه بات من الضروري إفساح المجال أمام كافة المواطنين للإسهام في إنجاز هذا الأمر المُلّح.

واعتبر فياض أن الاستخلاص الأبرز من الاحتجاجات التي شهدتها محافظات الضفة الغربية مؤخراً يتمثلُ في مدى الحاجة إلى إعادة فتح قنوات المشاركة الشعبية الفاعلة، وبشكل رسمي ّعلى أسسٍ ديمقراطية لتصويب المسار، واستنهاض الطاقات في المواجهة الجماعية للتحديات الماثلة أمامنا.

وقال 'ليس هناك من طريق لتحقيق ذلك سوى تعزيز المشاركة الديمقراطية واستنهاض الطاقة الإيجابية لدى المواطنين من خلال نجاح سير الانتخابات المحلية، والتقدم بخطى ثابتة نحو إجراء الانتخابات العامة'.

وأضاف 'رغم أهمية الحوار، إلاّ أنه وبعد عدم تمكن جولات الحوار المتعاقبة من إنهاء الانقسام‘ فلا بد من التقدم نحو إجراء الانتخابات العامة باعتبارها بوابة لإنهاء الانقسام وليس نتيجتها'. وشدد رئيس الوزراء على أن ما افتقدته عمليه البناء التي شهدها الوطن خلال السنوات الماضية، والإصلاحات الهامة التي تم تحقيقها، تمثل في غياب الرقابة والمساءلة الرسمية من قبل المجلس التشريعي'، وقال 'لقد افتقدت كثيراً خلال السنوات الخمس الماضية وجود مجلس تشريعي فاعل وقادر على المراقبة والمساءلة وتصويب المسار'.

ومن الجدير ذكره أن بلدية بيت جالا التي تحتفل بمرور مائة عام على تأسيسها، كانت قد تأسست جالا عام 1912 بفرمان تركي. وتعود تسميتها إلى اللغة الآرمية والتي تعني 'أرض الشعب والزهور والمراعي، وبلغ عدد سكانها في عام 2012 (15.670) نسمة. وهي تمثل نموذجاً للتعايش والانسجام بين المسلمين والمسيحيين. وتُعتبر من أهم مراكز الاصطياف والسياحة وفيها عدد من المواقع الأثرية والدينية المهمة عالمياً. (كنائس ومساجد)، كما تعتبر تؤاماً لمدينة بيت لحم وامتداداً طبيعياً لها خاصةً في مجالات السياحة والاصطياف والتعليم والصحة، وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية للمدينة 7500 دونم من الأراضي الخصبة، وتعتمد المدينة في إطار نشاطها الصناعي على الصناعات الحرفية ذات الطابع السياحي، ويوجد في المدينة خمس مدارس حكومية وسبع خاصة، وفيها المقر الإقليمي لجامعة القدس المفتوحة والتي تشمل حوالي 3500 طالب، وفيها أيضاً مكتبة عامة تخدم سكان المدينة والقرى والمخيمات المجاورة إضافة إلى أكاديمية للموسيقى، مجموعة من الجمعيات والمؤسسات التي تقدم خدماتها الثقافية والرياضية والفنية والاجتماعية لأهالي المدنية والمناطق المجاورة. وقد أخذت البلدية على عاتقها، ومنذ إنشائها، مسؤولية تقديم الخدمات، وتلبية احتياجات وتطوير حياتهم اليومية من خلال وضع وتنفيذ الخطط والبرامج التطويرية وصيانة المرافق العامة بالإضافة إلى تنظيم حركة العمران في المدينة، وجمع النفايات، وتعمل البلدية على تمتين علاقاتها مع أبناء المدنية في المهجر حتى أنها أنشأت 'بيت العودة' لتمكينهم من الإقامة فيه وتعلم اللغة العربية، ولبلدية بيت جالا علاقات صداقة وتوأمة مع عدد من المدن في أوروبا وأمريكا اللاتينية.

وكان رئيس الوزراء في وقت سابق قد قام بزيارة المقر الجديد لمعهد إدوارد سعيد للموسيقى، حيث قام بتفقد المقر، وأشاد بالجهود التي يقوم بها القائمين على هذا المعهد، والدور الهام الذي يلعبه في تعليم وتطوير الموسيقى للشباب الفلسطيني.