الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مجدلاني يدعو الأشقاء العرب للوفاء بالتزاماتهم تجاه الشعب الفلسطيني

نشر بتاريخ: 24/09/2012 ( آخر تحديث: 24/09/2012 الساعة: 17:19 )
رام الله -معا- دعا وزير العمل الفلسطيني أحمد مجدلاني رئيس الدورة (39) لمؤتمر العمل العربي اليوم الأشقاء العرب الى الوفاء بالتزاماتهم تجاه الشعب الفلسطيني والسلطة الوطنية التي تتعرض لأقسى الظروف الاقتصادية وعوامل الضغط والابتزاز السياسي الهادف لمنع شعبنا من ممارسة حقه بالتوجه الى الأمم المتحدة، للمطالبة بانضمام فلسطين الى الأمم المتحدة، كدولة غير عضو، أسوة بباقي الشعوب الحرة والمستقرة.

جاء ذلك خلال كلمة ألقاها صباح اليوم في افتتاح حفل إطلاق التقرير العربي الثالث حول "التشغيل والبطالة في الدول العربية".
وهذا نص الكلمة:
أصحاب المعالي وزراء العمل في الدول العربية الشقيقة المحترمون
د. أحمد لقمان المدير العام لمنظمة العمل العربية المحترم
الضيوف الكرام
السيدات والسادة مع حفظ الألقاب والمقامات

يسعدني باسمي وبإسم الحكومة الفلسطينية، وبصفتي رئيساً للمجموعة العربية للدورة (39) لمؤتمر العمل العربي، التي اليوم أتشرف بتمثيلها، أن أتوجه إليكم بالتهنئة القلبية، بمناسبة إطلاق التقرير العربي الثالث حول "التشغيل والبطالة في الدول العربية"، حيث يأتي إطلاق هذا التقرير، في ظل ظروف وتطورات بالغة الحساسية والأهمية، يشهدها عالمنا العربي الناهض قُدماً نحو الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، التي تاقت لها الشعوب العربية طويلاً.

وبهذه المناسبة، لا يفوتني أن أتوجه بالشكر والتقدير للمدير العام د. أحمد لقمان ولأسرة منظمة العمل العربية، على جهودهم الدؤوبة والمستمرة لتطوير عمل المنظمة ورفدها بكل ما يلزم، لجمع المعلومات وانجاز الدراسات والتقارير البحثية والفنية، التي تساعد الخبراء وأصحاب القرار من راسمي السياسات التشغيلية في العالم العربي، على اتخاذ القرارات والتوجهات ورسم البرامج والسياسات الفاعلة المتوازنة والمتناسبة التي تساعد على تقليل نسب البطالة والفقر في الوطن العربي، ولتطوير أدائنا المهني، عبر تمكيننا من مواكبة كافة التطورات والمتغيرات، وامتلاك المعلومات اللازمة لتحسين أداء الاقتصاديات وأسواق العمل العربية على نحو تكاملي في عالمنا المعاصر.

إن شعوبنا العربية على اختلاف ظروفها وامكانياتها، وبالرغم مما يحيق بها من تحديات وصعوبات جمة، مصممة اليوم وأكثر من أي وقتٍ مضى على الدفاع عن حقوقها وأحلامها في العيش الكريم كباقي شعوب العالم المتحضِّر.

أيتها الأخوات والأخوة
إن ما تمر به البلدان العربية من ظروف وأزمات غير مسبوقة من الاضطراب وعدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي والأمني، انما يتأتى عن حقائق واقعة على الأرض، تدلل على أن تطور المجتمعات البشرية وتقدم الأمم، ينبثق ويدور في إطار جملة المتغيرات ذات العلاقة بالحداثة المواكبة لعجلة التطور العلمي والاجتماعي، كسمة مميزة لسنن الحياة والعصر، وباحتياجات الشعوب الطامحة للأمن والاستقرار والرفاه بحياةٍ أفضل. فالحق في العمل اللائق والعيش الكريم، بات يشكل حقا أساسيا من حقوق الإنسان في عصرنا الراهن، وهو ما يتطلب تكاتفاً وتكاملاً في الجهد ما بين شعوب الدول جمعاء.

كما يأتي هذا التحدي الكبير في وقت ما زالت الحكومة الإسرائيلية تواصل تعنتها في تعطيل المفاوضات وإحباط عملية السلام برمتها، عبر ممارساتها اللا مشروعة في الأراضي العربية المحتلة، عبر انتهاكها لحقوق الإنسان ومصادرتها للموارد الطبيعية، وبشكل مخالف لكافة القوانين والأعراف الدولية وفي المقدمة منها اتفاقيات جنيف الرابعة.

الحضور الكريم
إن البطالة والفقر، وفقدان الأمل بالمستقبل، كانت من أهم الأسباب التي أدت إلى اندلاع الثورات العربية في أكثر من بلد عربي شقيق، ما جعل قضايا التشغيل تتصدر أولويات الخطط والبرامج التنموية للحكومات في معظم الدول العربية ومنذ سنوات، وذلك بهدف توفير أكبر عدد ممكن من فرص العمل للشباب العربي. إلا أن الدراسات والإحصاءات الصادرة عن الدوائر ذات الاختصاص في العالم العربي، تشير إلى أن نسب البطالة، وخاصة بين الشباب، لا زالت مرتفعة إذ تصل إلى 15 % وفي بعض الدول مثل فلسطين تفوق الـ 30% وهذه المعدلات في نسب البطالة، في ظل الوضع الراهن والمدى المنظور، مرشحة للازدياد، لا سيما خلال الأعوام القليلة القادمة، حيث يتوقع أن تصل إلى 18% في المجمل وفي بعض الدول ربما تتخطى حاجز الـ 50%، ويعود السبب ليس لاستمرار حالة عدم الاستقرار السياسي في المنطقة وحسب، وإنما لعدم الاستقرار الاقتصادي والمالي والتذبذب في نمو الاقتصاد العالمي أيضا، والذي سيترتب عليه آثاراً سلبية تظلل عموم الوطن العربي على وجه الخصوص.

كل هذا وغيره، يحتم على دولنا العربية في ظل هكذا ظروف صعبة، أن توحد جهودها وتعيد الاعتبار لمسألة العمل والتعاون العربي المشترك، بحيث نحشد ونعبئ طاقاتنا وقدراتنا البشرية ومواردنا الطبيعية، للزج بها نحو مزيد من الاستثمار الاقتصادي المنتج و توليد فرص عمل جديدة ومجزية للشباب العربي، يحققون من خلالها آمالهم المشرقة بمستقبل واعد وحياة كريمة.

تعلمون جميعاً أننا في فلسطين نتعرض اليوم لأزمة خانقة وظروف اقتصادية معقدة ومركبة، لذا فإنني ومن على هذا المنبر، أدعو جميع الأشقاء العرب الى الوفاء بالتزاماتهم تجاه الشعب الفلسطيني والسلطة الوطنية التي تتعرض اليوم لأقسى الظروف الاقتصادية، وعوامل الضغط والابتزاز السياسي، الهادف لمنع شعبنا، من ممارسة حقه بالتوجه الى الأمم المتحدة، للمطالبة بالانضمام الى الأمم المتحدة، كدولة غير عضو، أسوة بباقي الشعوب الحرة والمستقرة. كما أدعو إلى فتح الأسواق العربية أمام المنتجات والسلع العربية، وتسهيل انسياب الأيدي العاملة بين أسواق العمل العربية، وفي هذا الطريق الأقوم والأسلم، الذي سيقربنا في النهاية من بناء اقتصاد عربي مشترك وسوق مشتركة بمنظور تكاملي يحفظ مصالح شعوبنا أولاً وقبل أي أحد. وفي هذا المقام وسياقاته، أود أن أنوه لما تقوم به وتبذله منظمة العمل العربية في إطار منظومة العمل العربي المشترك، من أجل صياغة إطار عربي شامل لسياسات التشغيل، بهدف خلق فرص عمل جديدة وتحقيق حلمنا في خفض معدلات البطالة إلى النصف مع نهاية العام 2020. ومن هنا، فإنني أثمن عالياً هذه الجهود الطيبة، التي تبذلها منظمة العمل العربية، في سياق انسجامها واستجابتها لقرارات القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية في دورتها الأولى التي عقدت في الكويت العام 2009 ، والتي أكدتها القمة الثانية بشرم الشيخ في العام الماضي 2011. وبالتالي فإنني أعتقد بأن مثل هذه الجهود المثابرة التي تسعى لها منظمة العمل العربية تستحق كل الدعم والاسناد والتعاون المتكامل، لتمكين شعوبنا من تحقيق أهدافها التنموية وأحلام شبابها على حد سواء. فشبابنا العربي يستحق منا كل هذه العناية والدعم وأكثر، لأنهم يجسدون مستقبل هذه الأمة وعنوان كرامتها وتحضرها وعنفوانها.

السيدات والسادة الحضور
إننا نجتمع اليوم، لنحتفل بإطلاق التقرير الثالث، حول "التشغيل والبطالة في الدول العربية" والذي أعدته الأمانة العامة لمنظمة العمل العربية. وإذ أقدر عالياً أهمية هذا التقرير والجهد المبذول به، فإنه لا بد لنا من صياغة خطة عمل واضحة، لتجسيد مضمونه وتحقيق أهدافه المرجوة. ومن هنا، فإنني أود التأكيد على أهمية المعطيات الواردة في هذا التقرير، والذي استعرض المشكلة بكل جوانبها، ووضع خطوطا عريضة لمكافحة آفتي البطالة والفقر، اللتين تعصفان في العالم العربي، الأمر الذي وضعنا أمام مسؤولياتنا التاريخية الوطنية والأدبية، تجاه شعوبنا والتزاماتنا بالعمل العربي المشترك، وتجنيد كافة طاقاتنا ومواردنا، لتحقيق مستقبل واعدٍ أفضل لشبابنا.

إننا نحتفل بإطلاق هذا التقرير على هامش الندوة القومية لمخططي التشغيل، في ضوء الأوضاع العربية الراهنة. ما يجعل من الأهمية بمكان ومقام، التأكيد من جانبنا على أبرز أستهدافات هذه الندوة، والتي تتلخص بالآتي:
1. ضرورة التعرف وبشكل أعمق، على أثر المتغيرات العربية الراهنة، التي طرأت على معدلات التشغيل والبطالة في الدول العربية، وذلك لمساعدة المخططين والمشرعين، على رسم خطط وتشريعات، تساعد على التقليل من نسب البطالة المرتفعة في عالمنا العربي.
2. الوقوف على الإجراءات التي تم اتخاذها أو الشروع في اتخاذها، خلال الانتفاضات والاحتجاجات الشعبية العربية، من أجل دعم سياسات التشغيل وتعزيز التوجه نحو الإصلاح الحقيقي والعدالة الاجتماعية وتوفير فرص العمل ومواجهة مشاكل البطالة والفقر معاً.
3. التأكيد على الدول العربية، لتوفيق وموائمة تصنيفاتها الوطنية مع التصنيف العربي المعياري للمهن الصادر في العام 2008 ، تنفيذا لقرارات الأجهزة الدستورية للمنظمة كونه يشكل أداة ولغة مشتركة، في بناء قواعد بيانات سوق العمل وكمرجعية أساسية في التشغيل.
4. تبادل الخبرات والتجارب الرائدة بين المشاركين، وذلك من خلال استعراض التجارب الناجحة للدول، حول خططها وسياساتها الوطنية لدعم التشغيل والحد من البطالة.
5. إيجاد آليات جديدة لصياغة سياسات التشغيل، بحيث تستجيب لمتطلبات التحولات الاقتصادية والاجتماعية العربية الجديدة، التي فرضتها التطورات والثورات الشعبية الجارية.

أيتها الأخوات والأخوة
إننا نؤمن بأن الحوار الاجتماعي الباعث على خلق فرص العمل اللائق، وحفظ حقوق العاملين، وتعزيز الحماية والضمان الاجتماعيين، عبر تنمية شاملة ومستدامة، هو الضامن الأكبر للعدالة الاجتماعية والسلم الأهلي والمجتمعي في مجتمعاتنا ديمقراطياً.

أخيراً، أتوجه ببالغ الشكر والتقدير لأسرة منظمة العمل العربية ومديرها العام د. أحمد لقمان، على ما بذلوه وأبدوه من تعاون ومساعدة شاملة في تطوير وتعزيز سياسات التشغيل، وإدارة وتنظيم أسواق العمل ورفع قدراتها في البلدان العربية، بالإضافة الى دعم سبل حماية الحقوق والحريات النقابية، وتنمية الموارد البشرية وتعزيز الجهود المبذولة في مكافحة البطالة، لا سيما وسط هذه الظروف المأزومة والمعقدة، التي ما زالت تعصف باقتصاديات بلداننا وبأسواق العمل العربية عموماً.

أشكر لكم حسن استماعكم، وأتمنى أن نحقق كامل الأهداف المرجوة من هذا اللقاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،