فياض: ماضون في إنهاء أي تداخل في صلاحيات السلطتين التنفيذية والقضائية
نشر بتاريخ: 26/09/2012 ( آخر تحديث: 26/09/2012 الساعة: 14:34 )
رام الله- معا - أكد رئيس الوزراء سلام فياض، أن ترسيخ العدل والشعور بالإنصاف لدى المواطنين يُمثل أحد أبرز وأهم أولويات السلطة الوطنية الفلسطينية، بكل ما يستدعيه ذلك من تعزيز الاهتمام بقطاع العدالة بكل مكوناته، وبما يُكرس هيبة واستقلال القضاء ونزاهته وقدرته على تحقيق العدالة وترسيخ شعور المواطنين بالإنصاف.
وقال، "إذا كان هذا الأمر يُشكل الركيزة الأساسية للحكم الرشيد والإدارة الفاعلة في إطار دولة المؤسسات وسيادة القانون والفصل الكامل بين السلطات، فإنه في الواقع الفلسطيني يكتسب أهمية إضافية لاستنهاض طاقات شعبنا وتعزيز صموده في مواجهة الاحتلال ومخططاته وهجمته الاستيطانية".
وأكد فياض خلال حديثه الإذاعي، الذي خصصه هذا الأسبوع حول رؤية السلطة الوطنية لترسيخ استقلال القضاء واحترام القانون وتوسيع فضاء الحريات وصونها "أن تعميق شعور المواطنين بالعدل والإنصاف يُطلق الطاقة الايجابية لأبناء شعبنا، ويُمكنهم من الإسهام الفعّال في المجتمع، وفي معركة البناء الديموقراطي والتحرر الوطني، كما ويكسبُ السلطة الوطنية ثقة المواطن بها".
وشدد على أنه وفي إطار سعي السلطة الوطنية لإحداث الفصل الفعليّ بين السلطات، وتكريس استقلالية القضاء إيماناً بالمبادئ الدستورية الواردة في القانون الأساسيّ، فقد ناقش مجلسُ الوزراء باستفاضة في جلسته التي عُقدت الأسبوع الماضي تصوراً شاملاً بشأن قطاع العدالة، لتحقيق الفصل التام بين السلطتين القضائية والتنفيذية، وأقر التنسيب للرئيس بإجراء المقتضى القانوني لترسيم تغيير بنيوي في قطاع العدالة، يشمل تولي وزير العدل بحكم الموقع مهام النائب العام، واستثناء وزارة العدل من عضوية مجلس القضاء الأعلى، وإعطاء المجلس الصلاحية التامة في إدارة المحاكم وكل ما يتصل بعملها، لضمان تكريس استقلالية السلطة القضائية وإدارتها لمنظومة المحاكم وفق أسسٍ من النزاهة والحيادية والنجاعة.
وأكد فياض على أن هذه القرارات تتزامن مع مواصلة بناء المؤسسة الأمنية المهنية والقيام بكل ما من شأنه تعزيز ثقافة احترام القانون ومبادىء حقوق الإنسان، مُشيراً إلى أن هذا التغيير سيُنهي أي تداخل في صلاحيات السلطتين التنفيذية والقضائية وبما يعزز من استقلالية القضاء.
وأكد رئيس الوزراء أن سيادة القانون والفصل بين السلطات هما مكونان أساسيان في بناء النظام السياسيّ الديموقراطيّ الذي نسعى إلى تحقيقه، وبما يُرسي القواعد الأساسية لاستقراره، ويُحقق العدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، ويكفلُ صون حقوقهم وممتلكاتهم وحرياتهم الخاصة والعامة، ويُرسخ في ذات الوقت، قواعد وأسس المواطنة من حيث الحقوق والواجبات. وشدد على أن السلطةُ التنفيذية تمكنت من تحقيق تقدم ٍملموس في فرض سيادة القانون والنظام العام، مُشيراً إلى ما قامت به الشرطةُ الفلسطينية من دورٍ حيويّ وملموس في تنفيذ قرارات المحاكم.
وأكد فياض على أن هناك صعوبات كبيرة تواجه السلطة الوطنية وهي تسعى لاستنهاض طاقات شعبنا في مواجهة التحديات الكبرى التي يواجهها، والمُتمثلة أساساً في الاحتلال وممارساته وهجمته الاستيطانية، وما يُرافق ذلك من انسدادٍ في الأفق السياسي واستمرار حالة الانقسام، إضافةً إلى صعوبة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الناجمة أساساً عن الاحتلال الإسرائيلي، ونظام التحكم والسيطرة التعسفيّ المتصل به، وما يتضمنه من قيودٍ تحُد من قدرة اقتصادنا الوطنيّ على النهوض بكامل طاقاته بالإضافة إلى الحصار المفروض على شعبنا في قطاع غزة.
وقال: "إن هذه التحديات، وما تتطلبه من توزيعٍ عادل ليس فقط للموارد، بل أيضاً للأعباء الناجمة عن الاحتلال أيضاً، تفرض علينا، وفي إطار استنهاض طاقات شعبنا، إطلاق الحريات والتقيد بمبادئ حقوق الإنسان والتقدم بخطواتٍ جذرية لتطوير قطاع العدالة"
واعتبر رئيس الوزراء أن النهوض بقطاع العدالة أولويةً لا يمكن التراجع عنها أو تأجيلها، وشدد على أهمية المراكمة على ما حققه هذا القطاع من إنجازاتٍ هامة، وقال: "إن هذه الإنجازات تتطلب، فيما تتطلب، موضوعياً، ومن منطلق حساب الربح والخسارة عندما يتوجب علينا أن نختار بين إطلاق العنان للحريات دون قيود، أو تقييدها نوعاً ما من باب الحرص على حرية الآخرين، فإن علينا دوماً أن نختار إطلاق الحريات بأقصى درجةٍ مُمكنة، وتابع: "إذا كان لا مناص من الوقوع في الخطأ، ونحن نتوخى هذا التوازن، فليكن الخطأ لجهة إطلاق حرية الرأي والحق في التعبير وليس في اتجاه تقييدهما. وذلك من منطلق الحرص على ترسيخ التقاليد والأعراف التي تُمكننا من وضع المعايير التي تؤشر باتجاه الكيفية التي تُمارس بها الصلاحيات التقديرية، وبما يُفضي في النهاية إلى تأصيل هذه التقاليد والأعراف التي تُرسخ أسس العدالة في المجتمع، وتُطلق العنان للحريات، وبما يستنهض طاقات شعبنا في معركة البناء الديمقراطي والتحرر الوطني".
وفي ختام حديثه، شدد فياض على أن السلطة الوطنية لن تتهاون مع الجرائم التي هزت مجتمعنا في الآونة الأخيرة، وخاصةً الجريمة البشعة التي راح ضحيتها الطفل "خالد بديع برهم" من بلدة "مثلث الشهداء" في جنين بصورة ٍهمجيةٍ ودنيئةٍ، مؤكداً على أن هذه الجرائم تُحتم على السلطة الوطنية الاستمرار في فرض سيادة القانون وترسيخ احترامه، وقال: "إن مثل هذه الجرائم تضعنا جميعاً، أمام مسؤولياتنا لاجتثاث عناصرها التي تُهدد تماسك مجتمعنا وأمنه واستقراره، بل وتحتمُ علينا المزيد من حث الخطى للاستمرار في فرض سيادة القانون وترسيخ ثقافة احترامه، والقيام بكل ما من شأنه صون تماسك مجتمعنا ونسيجه الوطني، وصولاً إلى نيل الحرية والكرامة والاستقلال الوطني الناجز".