زهرات طوباس يسترّجعن انتفاضة الأقصى و"يُحاكمن" غياب إدوارد سعيد
نشر بتاريخ: 29/09/2012 ( آخر تحديث: 29/09/2012 الساعة: 09:11 )
نابلس- معا - أحيت زهرات من مدينة طوباس، ظهر الخميس، الذكرى السنوية الثانية عشرة لاندلاع شرارة انتفاضة الأقصى والسنوية التاسعة لرحيل المفكر إدوار سعيد، التي تصادف في الخامس والعشرين من أيلول.
وتتبعت المُشاركات في الورشة التي نظمتها وزارة الإعلام بالتعاون مع مديرية التربية والتعليم، القصص والحكايات والمشاهدات لأحداث انتفاضة الأقصى، من وحي ما سمعنه أو نقل إليهن عن لحصار والشهداء والأسرى ومنع التجول وحواجز الاحتلال وجدران الفصل.
فيما قدمت الصغيرات تفسيرات عن سبب غياب إدوار سعيد في الشارع والمدرسة والكتاب والأسرة والإذاعة المدرسية ووسائل الإعلام.
وقالت همسة محمد، التي ولدت قبل سنتين من اندلاع انتفاضة الأقصى، إنها ذاكرتها لا تنسى ما شاهدته من تصفية للطفل محمد الدرة في حضن والده بغزة، كما أن ذكرى الشهيدة الطفلة ميس التي سقطت في طوباس، لا تغادر حكايات الأمهات بعد.
تضيف: كنا نسير في الجبال حينما ننتقل إلى نابلس، بسبب حواجز الاحتلال وقطعه طرقاتنا، ونقلت لي أمي حكايات منع التجول والحصار التي شهدتها طوباس قبل أن أدخل الروضة.
وتوثق شهد بيكاوي حكاية اعتقال عمها حمادة، ولحظات إطلاق جنود الاحتلال للرصاص قرب منزلنا، وطلبهم من عائلتها بوحشية مغادرة البيت، وقصة اختبائها داخل خزانة الملابس، خوفاُ من الرصاص.
وتصف سلسبيل صلاح لحظات حصار طوباس وغيرها من المدن والبلدات، كما كانت تشاهد في التلفاز. ولا تُسقط الأحاديث والصور للشهيدة هبة عزام، وصارت تعرف بالتدريج سبب اشتعال الانتفاضة، بعد اقتحام إرئيل شارون للمسجد الأقصى في زيارة استفزازية.
وتصف رزان خراز معاناة عائلة جيران عائلتها، حين اقتحم جنود الاحتلال منزلهم، واعتقلوا ابنهم مازن، قبل إبعاده.
مما لا يفارق ذاكرتها، ما وصل إليها من قصص تشير إلى معاناة الوصول إلى المدرسة، والاقتحام المتكرر للمدن، وإطلاق الرصاص والقنابل الصوتية والمسيرات وجنازات الشهداء وحملات الاعتقال.
فيما جسدت نتاليا شريم الانتفاضة قبل أيام بمشهد مسرحي أمام زميلاتها في الإذاعة المدرسية، وتحدثت عن جريمة شارون وساحات الأقصى.
تقول: بفضل التلفاز عرفت الكثير من قصص الانتفاضة والمواجهات مع الاحتلال، وعاش أهالي مدينتا في ظروف قاسية.
وجاءت أحاديث نور بيكاوي، وهلا مرهج، ورانيا دراغمة، ورؤى صوافطة، وأنصار عبد الرازق، وصابرين صوافطة، وعلياء ضبابات، وزينب نمر، ومجد سلامة، متماثلة بعض الشيء، حين تذكرن عدد الشهداء، وسبب اشتعال الانتفاضة، وقتل الأطفال: إيمان حجو وسارة عبد الخالق ومحمد الدرة، وحظر التجوال، وتفتيش المنازل، وإقامة الحواجز، وتدمير الطرقات، وقتل المواطنين دون تمييز، وإعادة تسليم جثمان الشهيدة هبة دراغمة بعد احتجاز لعدة سنوات، وسقوط ابن طوباس العائد من جامعته شهيداً.
وتسترد فاتن دراغمة، ما أحدثته الانتفاضة من نتائج كبناء الاحتلال لجدار الفصل العنصري، وسقوط أكثر من أربعة آلاف شهيد، فيما لا زالت قصص انقطاع التواصل بين العائلة والابن-الأخ الذي يدرس في جامعة النجاح حاضرة في بيت أسرتها.
تقول سجى مسلماني: نقلت لي أمي الكثير من ذكريات الانتفاضة، وقصّت لي تفاصيل منع التجول الذي كان يُفرض على المدينة، ونتذكر في الإذاعة المدرسية الشهداء الأطفال، والأمهات الصابرات اللواتي فقدن أولادهن تحت التراب وفي الزنازين.
بعدها، قرأت الزهرات مقاطع لخصت سيرة المفكر الفلسطيني إدوار سعيد، ونتاجاته العديدة، ومراحل حياته، وتوقفن عند اللغات التي كان يتقنها ويكتب بها.
وحلّلن أسباب غياب أستاذ الأدب المقارن في جامعة كولومبيا، فقلن إن الإعلام المحلي مُقصر في ذلك، إذ يركز على الأغاني والنجوم والرياضة أكثر من المبدعين، كما أن الإذاعة المدرسية لا تتذكره، والحال نفسه في المناهج المدرسية، ونحتاج لتخليده بتسمية مدرسة وأكثر على اسمه، مثلما يساهم في ذلك غياب المراكز الثقافية عندنا.
وأشار منسق وزارة الإعلام في طوباس عبد الباسط خلف إلى سعي الوزارة الدائم في إحياء المناسبات الوطنية، واسترداد حكايات المبدعين والمفكرين، بقالب مختلف ومستمد من ذكريات الجيل الذي لم يُعاصر الحدث نفسه.
وقال إن الوزارة تكرس قسماً من أنشطتها لجمع روايات شفوية حول النكبة، وتوثيق قصص شهداء الحرية وأسراها، وتخليد المحطات البارزة في تاريخ شعبنا.
بدوره، ذكر رئيس قسم التقنيات التربوية في مديرة طوباس عوني ظاهر، أن النشاط يهدف إلى ترسيخ المفاهيم الوطنية في أذهان الطالبات، واسترجاع مشاهداتهن وما نًقلن إليهن، مثلما يحاول دق جرس إنذار للقادة بما يُفكر به الجيل القادم، ويتتبع قدرة الواقع القاسي على محو بطولات شعبنا والقفز عن مبدعيه.