عائلة دوابشة الضريرة... قسى عليها الزمن دون إهتمام
نشر بتاريخ: 30/09/2012 ( آخر تحديث: 30/09/2012 الساعة: 11:55 )
سلفيت- معا- عهود الخفش- يمسك سماعة الهاتف يوميا.. الجواب لا جديد.. يضع يده على رأسه ليكون في حيرة من أمره يعجز عن التصرف, يفكر في حل, فيعيد العملية الحسابية عدة مرات ولكن تخونه النتيجة.. غير قادرا على توفير إحتياجات إبنه الضرير , يتملل تنقبض قسمات وجهه تنطق عيناه بالحزن يترجمها بنظرات الغضب يعلو صوته عاليا... أين ؟ وإلى متى ؟ الأم يائسة ليس لقدر إبنها فقط وإنما من عدم قدرتها على مساعدته.. الإبن هدفه تحقيق حلمه في التعليم ومواجهة عجزه بالقلم والورقة ليحافظ على درع النجاح والتفوق ككل عام ... لتكون أمنية وأحلام الطالب "قصي طارق دوابشة" في الحصول على إحتياجاته المدرسية هي آخر شيء يمتلكه..
بنبرة الإستياء تحدث والد قصي من قرية دوما جنوب شرقي مدينه نابلس عن المشكلة التي يعاني منها إبنه الضرير قائلا": منذ بداية العام الدراسي أنا أطالب بكتب وآله وورق "بريل" وهي خاصة بالطلبة ذووي الإحتياجات الخاصة, ويضيف "يوميا أتصل بمدريرية التربية والتعليم في نابلس وأحيانا اخرى أتصل على الوزارة للإستفسار عن وصول هذه الإحتياجات ليكون الجواب بوعودات, أنه خلال أسبوع أو أسبوعين,وأستمر هذا الوضع لغاية الآن, شهرا مضى على الفصل الدراسي ولما يبقى غير شهرين, وما يزيد من همي أنه خلال العام الماضي لم يتم توفير كتب بريل من التربية وكان قصي يعتمد على السمع, مما يزيد من معاناته في عدم قدرتنا أحيانا من عدم توصيل المعلومة له بالشكل الصحيح "
ما أصعب أن يكون أمامك من هو بحاجتك ولم تملك القدرة على مساعدته, وبحسرة الأب يواصل والد قصي حديثه": الكتب والاوراق وآله بريل مكلفه, وليس بمقدوري توفيرها,تقريبا تكلف ال1000 شيقلا,أتلقى من الشؤون الاجتماعية 750 شيقلا كل ثلاثة شهور وهذا المبلغ لا يكفي ابنائي الضرير" فهمي وقصي" حتى من دفع المواصلات, وأنا أعمل في البناء بأجر ضئيل من أجل توفير إحتياجات أسرتي " ولو كنت أملك المال لما أنتظرت لغاية الآن, لأنهيت معاناة إبني, وأرتحت نفسيا ولكن ما باليد حيلة"
صمت وأغرورقت عيناه وبألم يواصل " ليس قصي وحده الضريرمن أبنائي الخمسة كذلك أخيه فهمي ضريرا وأخته تعاني من ضعف في النظر,وبداية كان فهمي وقصي يعانوا من ضعف في النظر وانحراف, وقمت بعلاجهم ولكن لعدم وجود كفاءة طبية, أصبحا ضريران ونسبة عجزهما 100% "
وتنهيدة يكمل حديثه قائلا": خلال الأعوام السابقة كنا نعاني مع فهمي كمعانتنا مع قصي الآن ولكن منذ عام يتم توفير الكتب الخاصة به منذ بداية العام,ويضيف" قبل سنتين كان هناك دراسة من قبل أهالي ذوي الإحتياجات الخاصة, في منطقتنا والقرى المجاورة لبناء مدرسة خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة, وتم رفع كتاب الى مديرية التربية والتعليم من أجل توفير الدعم لهذا المشروع ولكن ما من مجيب , لذلك كأب لأبناء إثنين من ذوي الإحتياجات الخاصة أناشد السلطة والمعنين بتوفير دعم لبناء مثل هذا المشروع , وأناشد من أجل "
تناول سيجارة وأشعلها وبدأ ينفث دخانها بغضب, أطرافه تتحرك بدون إرادته ,ونظراته توزع في كل الأتجاهات ,ربما يريد أن يقول لنا شيئا ولم يستطع, صمت يسود المكان ليكسره صوت حذاء زوجته اثناء نزولها عن الدرج, وبعدها فهمنا الوضع الذي كان فيه عندما قال بلهفة": كنت خائفا أن قصي سمع حديثنا", لتكمل زوجته الحديث معنا وبدون توجيه سؤال لها قائلة":أعاني كثيرا مع قصي,أكرس معظم وقتي له, أنا من تقوم بتدريسه,لأنه يعتمد على السمع, وهناك مواضيع لم أفهمها وبالتالي أجد صعوبة في توصيل المعلومة له, وقصي طالب مجتهد وذكي وأتمنى أن تتوفر إحتياجاته بأسرع وقت من التربية"
يتحسس طريقه.. يسيربإتجاه مكان جلوسنا.. يجهد أذنيه في التركيز... يمد يده لمصافحتنا, جلس بالقرب منا وأخذ يحدثنا بكلمات الطفولة قائلا": أنا بحب التعليم وأصبحت في الصف الرابع,ولكن المدرسة ما أعطتني كتبي وأوراقي وآلة بريل لغاية هذا اليوم,ويكمل" أواجه صعوبة في تلقي المعلومة بالرغم من إهتمام بعض الأساتذه بي, و أعتمد على السمع, وفي كثير من الأحيان لم أستطيع متابعة الأساتذه أثناء شرح الدرس,أحمل حقيبتي فارغة من كتبي الخاصة بي , ولكن من أجل أن تكون مليئة أضع فيها الكتب العادية ولا حاجة لي فيها, ويكمل العام الماضي لم يعطوني كتب بريل وأعتمدت على السمع فقط, وكنت متفوقا في الدراسة, وتم تكريمي خلال حفل قامت به مديرية التربية والتعليم وطلبت خلال الإحتفال توفير كتبي وآلة بريل منذ إفتتاح الفصل الدراسي ولكن لم يوفروا لي شيئا,
ويبقى سؤال بحاجة الى إجابة.. هل التقصير من وزارة التربية والتعليم هو غياب للمسؤولية؟ أم قلة في الموارد؟ أم غياب من هم قائمين على ذلك؟... ومن سيوفر لقصي وأقرانه ما يحتاجونه ؟؟؟؟