الثلاثاء: 19/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

وزارة الاسرى تسلط الضوء على مسيرة الأسير محمد الطوس

نشر بتاريخ: 04/10/2012 ( آخر تحديث: 04/10/2012 الساعة: 10:28 )
رام الله- معا- سلطت وزارة شؤون الأسرى والمحررين الضوء على مسيرة الأسير محمد أحمد عبد الحميد الطوس أبو شادي 55 عاما، سكان قرية الجبعة قضاء الخليل، متزوج وله ولدان وبنت، اعتقل بتاريخ 6/10/1985 وحكم عليه بالسجن مدى الحياة، وذلك بمناسبة دخوله العام الثامن والعشرين في الأسر.

حكاية الأسير الطوس تشبه الأسطورة، وهو بعد ربع قرن من اعتقاله لا يصدق انه مازال حيا، بعد أن نصب له ولزملائه في مجموعته العسكرية كمينا محكما وأطلقت عليهم زخات من الرصاص لإعدامهم، فسقط الجميع شهداء باستثناء محمد الطوس الذي أصيب بجراح بليغة.

مجموعة جبل الخليل، اسم له صدى، وخاصة في سنوات الثمانينات، وهي مجموعة فدائية مطاردة قامت بسلسلة من العمليات العسكرية ضد جنود الاحتلال، وأصبح هدف إلقاء القبض عليها أو إعدامها، هدفا إسرائيليا مركزيا.

وكان الناس يروون قصصا مثيرة عن هذه المجموعة السرية، التي اتخذت من جبال وكهوف الخليل مأوى لها، وسببت الخوف والفزع في صفوف جنود الاحتلال، وكتبت الصحف العبرية وقتها الكثير عن هذه المجموعة التي أصبحت المطلوب رقم واحد لجهاز الأمن الإسرائيلي.

كان الأسير محمد الطوس عامل بناء، لم تتح الفرصة له لاستكمال تعليمه، فخرج من المدرسة ليعمل كي يساعد أسرته على سد رمق عيشها، فاعتقل عام 1982 وكان عمره 18 عاما، وحكم عليه بالسجن عشرة أشهر، فخرج من مدرسة السجن أكثر صلابة وتشبعا بروح المقاومة.

إنه مشوار نضالي جديد للأسير الطوس، من خلال مجموعة جبل الخليل التي شكلها ونظمها مستفيدا من تجربته الاعتقالية وخبرته النضالية، وقد استهدفوا في عملهم المستوطنين الإسرائيليين والجنود، فتم مطاردتهم والتضييق عليهم وملاحقتهم في كل مكان في منطقة الخليل، مستخدمة اسرائيل كل إمكانياتها البشرية والأمنية والعسكرية في سبيل إلقاء القبض عليهم أحياءا أو أمواتا.

المجموعة ضمت خمس مناضلين هم محمد حسن سعيد ومحمد عدوان ومحمود النجار وعلي خلايلة إضافة الى محمد الطوس، تعرضت لمجزرة و قتل بدم بارد، عندما حاولت المغادرة الى خارج البلاد بالاتفاق مع أحد الادلاء، حيث نصب كمين موت لهم في الطريق قرب الحدود مع الأردن، استخدمت فيه الطائرات وكل أنواع الأسلحة.

محمد الطوس يتذكر اللحظات الأولى عندما أنصب الرصاص والقنابل فوق رؤوسهم داخل السيارة التي كانوا يستلقونها، و يقول أنه كان بالإمكان إلقاء القبض علينا، ولكنهم أرادوا إعدامنا عن سبق إصرار.

لم يستيقظ إلا بعد مدة طويلة في المستشفى، ومن هناك اقتادوه مصابا الى التحقيق، ليخضع لفترة قاسية من العذاب، كانت الدماء تنزف من جروحه ، وكانت الصدمة صعبة عليه بعد أن علم أن كافة رفاقه قد استشهدوا.

زوجته أم شادي قالت أننا لم نعلم أن أبو شادي على قيد الحياة إلا بعد ستة شهور، فكافة الأخبار وخاصة الإسرائيلية أعلنت أنها قتلت كافة أفراد المجموعة، وجرى تعتيم واسع، ولم يسمح لنا ولا للصليب الأحمر الدولي لمعرفة ما جرى، وعشنا في حالة نفسية قاسية للغاية.

وتروي أم شادي كيف حاصر الجنود المنزل، وفرضوا حظر التجول على قرية جبع، وقاموا بهدم المنزل عن بكرة أبيه، وكانت حاملا وأولادها لازالوا صغارا، لتتشرد الأسرة وتعيش في ظروف مؤلمة، ولم يكتف الاحتلال بهدم منزل أبو شادي وإنما أيضا قام بهدم منزل شقيقه انتقاما وحقدا.

وبعد أن قام أهالي قريته ببناء المنزل، قام جنود الاحتلال مرة أخرى بإعادة هدمه، وكأنه أراد أن يحكم على أسرة الأسير الطوس بالبقاء في العراء عقابا لها، بسبب بزوغ فدائي بطل من هذه الأسرة المكافحة والصابرة.

أبو شادي الذي حكم عليه مدى الحياة، لم يقف أمام القاضي في المحكمة، معلنا أنه لا يعترف بشرعية وقانونية هذه المحكمة الظالمة والتي لا يوجد فيه أي روح للعدالة وللقضاء السليم.

تنقل من زنزانة إلى أخرى، ومن سجن إلى سجن، ولا زال بعد 25 عاما من اعتقاله يتمتع بروح الفدائي والمقاتل، يحظى بشخصية القائد والمربي، ويمتاز بالصلابة والعنفوان، دخل كل المعارك النضالية في السجون في سبيل تحسين شروط الحياة الإنسانية للأسرى ولا يهدأ ولا يستكين.

أحمد الطوس الذي كان مشروع شهادة، نجا من الموت بأعجوبة، لا زالت روح الحياة وأصوات العاصفة تتردد في جسده وكيانه، انه رجل حقيقي، كان وفيا لمصيره نحو الشهادة، ولا زالت وفيا لمصيره نحو الحرية والاستقلال.