عائلة الأسير العويوي.. مسلسل يروي مرارة الانتظار وحكاية الأسر المتجدد
نشر بتاريخ: 06/10/2012 ( آخر تحديث: 06/10/2012 الساعة: 09:25 )
الخليل- معا - معاناة الأسير أحمد العويوي "30 عاما", هي معاناة متجزئة هنا وهناك, داخل السجن هنا وبين حديث النفس والقلب, وخارج السجن هناك في البيت وبين الزوجة والأطفال, فكم مرة يسكب دموعاً حارقة حزناً على أطفاله الذين غاب عنهم كثيراً ويتشوق لرؤيتهم لكنهم محرومون من زيارته, وكم مرة تتألم الزوجة وتضغط على قلبها الذي شبع بكاءً وانتظاراً, وكم تمنت الأم المكلومة أن تتخلص من آلام الفراق لكنه لا يزال يلحق بها, هكذا صنع السجان الحزن لتلك العائلة الحزينة والتي يسلط مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان الضوء على حكايتها:
مسلسل حياته
يمكث اليوم في سجون الاحتلال, ليقضي حكماً لا يدري متى نهايته , وكثيراً ما يحب الجلوس مع نفسه ليعود قليلاً إلى الماضي ويتذكر مسلسل حياته التي كبر بها على مر الاحتلال وتنغيصاته, يتذكر حينما كان يعود من المدرسة ليجد أمامه دوريات الاحتلال تلاحق هذا وذاك وتطلق النار على أي أحد تراه أمامها, يتذكر طفولته التي تعارك بها كثيراً مع قنابل الغاز والرصاص الصائب, يتذكر أول اعتقال له وهو ابن ثمانية أعوام ليقضي يوماً واحداً لكنه بالنسبة لطفل قد يعد عشرات السنين, فحياته أصبحت مسلسلاً حلقاته هي الاحتلال والاعتقال.
أما موعده مع الاعتقال الثاني الذي صادف 20 يناير عام 1998م, ولم يكن حينها يتجاوز ال16 عام من عمره حيث كان يقوم بشراء ما يلزمه من احتياجات مدرسية اختطفه جنود الاحتلال وكعادتهم في التنغيص على الفلسطيينيين في كل مناسباتهم, وألقوه قيد الاعتقال الاداري ليقضي ستة شهور.
أطفاله الثلاثة
العويوي قيدته الأسلاك الحديدية, و ترك ثلاثة أطفال وهم" عبد الكريم "5 أعوام", سوار "عامان", عمر "8 شهور", وقد اشتدت حيرة الأم المسكينة عجزاً عن إجابتها لسؤال أبنائها "أريد بابا, لن أذهب إلى الروضة إلا أن يوصلني بابا", فلا يكن أمامها سوى البكاء والدعاء للزوج بأن يفك الله قيده.
العويوي هو الابن الاكبر من الذكور لعائلته المكونة من 4 ذكور و6 إناث ، ولم يكن الأسر عائقاً أمام مسيرة حياته حيث أنجز الثانوية العامة وهو بالأسر, والتحق بجامعة القدس المفتوحة بعد الإفراج عنه عام 2006 لكن الاعتقال الإداري ظل يلاحقه إلى يومنا هذا, ولا يزال يتحلى بالمعنويات العالية والوقوف والصلابة أمام بطش السجان, ويتمتع برجاحة عقله التي اكتسبها من وراء المعاناة التي لاحقته منذ طفولته.
ولا يزال يروي لزملاء الأسر حكاية الاعتقال الثالث التي كانت خلال اجتياح مدينة الخليل في 29 إبريل عام 2002, حينما كان في بيته آمناً وفوجئ بمداهمة المنزل ومحاصرته واقتياده بدبابة إسرائيلية إلى مركز التحقيق في عسقلان, والتي لقى بها أقسى أنواع التعذيب طيلة الثلاثة شهور التي قضاها ليصدر بحقه حكم جائر عليه بالسجن أربعة أعوام قضى معظمها في زنازين العزل الانفرادي.
وتحدث أيضاً عن اعتقاله عام 2006 لمدة أسبوع مع دفع كفالة تقدر ب ثلاثة آلاف شيكل, وكان ينتظره اعتقال مثيل له عام 2007 لمدة أسبوعين آخرين, خلال شهر رمضان, وفي تلك الفترة تزوج العويوي دون أن يدري أن مسلسل الاعتقالات لن يتوقف, فما أن أنجبت زوجته طفله الأول " عبد الكريم " حتى أعيد اعتقاله مرة أخرى في بداية العام 2008 ليمضي عامين آخرين في الاعتقال الإداري, عانى به من الضغط النفسي والحزن الشديد لبعده عن طفله الصغير الذي يكبر بعيداً عنه.
عودة إلى السجن
تقول شقيقة العويوي سوزان لمركز أحرار أطلق سراح أخي عام 2010 فرحنا بعودته إلى زوجته وطفله وأهله, لكنها كانت على موعد مع تنغيص جديد في اعتقال جديد للأسير العويوي في 17 سبتمبر عام 2011, ليعود إلى كنف الاعتقال الإداري وحتى يومنا هذا, لكن هذه المرة ترك ثلاثة أطفال بدلاً من الواحد.
عاش الأسير أحمد العويوي حياة الأسر في معظم سجون الاحتلال متنقلاً بين عسقلان وبئر السبع ونفحة والنقب وجلبوع ومجدو وعوفر ومبنى المقاطعة في الخليل وعتصيون وسجون تل الربيع المحتلة, وفي كل سجن حكاية وذكريات جديدة تؤلمه ناهيك عن الحرمان من زيارة الأهل سوى الأم.
وقد تحدث لمركز أحرار عن أكثر ما ينغص قلبه وهو اليوم داخل السجن, وهو أنه محروم من زيارة الزوجة والأطفال تحت حجج واهية, قائلاً:" أوشكت أن أنسى طفلتي سوار لقد كبرت وتغيرت ملامحها اليوم, كم يبكي قلبي حزناً على أطفالي الذين يكبرون وهم بحاجة لي وأنا لا أزال بعيداً عنهم".
عبد الكريم الابن الأكبر كثيراً ما يرافق جدته لزيارة والده, تلك الجدة التي ما تركت سجناً إلا وزارت فيه ابنها, متى ستنتهي عذاباتها, ففي كل زيارة تقول:" إن شاء الله يخرج أحمد وتكون تلك هي آخر زيارة".
ولا تزال هذه الأم الحزينة تنتظر الزيارة الأخيرة التي تتمناها, كما هي الزوجة التي تتمنى أن تجيب على أسئلة أطفالها, كما هم الأطفال الذين يتمنون أن يعود لهم حضن الأب الحنون وتنتهي معاناتهم.
من جهته قال فؤاد الخفش مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان أن الاعتقال الإداري سيف مسلط على رقاب الفلسطينيين والأسرى المحررين ويجب أن تقوم المؤسسات الحقوقية بدورها الحقيقي والفاعل من أجل تسليط الضوء على معاناة هؤلاء الأسرى الفلسطينيين .