عميرة هس تنتقد السلطة الفلسطينية بشدة على تقاعسها ضد سياسة الحصار
نشر بتاريخ: 05/08/2005 ( آخر تحديث: 05/08/2005 الساعة: 14:25 )
بقلم / عميرة هس
الى جانب التوسع الاستيطاني الذي لم يتوقف منذ 1990 ، يعتبر الانجاز الاكبر لاسرائيل على الفلسطينيين في الخمس عشرة سنة الماضية هو سياسة الحصار ، وهي نظام موانع حركية وقيود على الفلسطينيين القاطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة ... والمغزى ، ان كل الفلسطينيين من سكان اراضي القطاع والضفة المحتلين يمنع عليهم الحركة بين البحر والنهر ، ومنذ شهر يناير 1991 تتعامل اسرائيل مع حرية الحركة كإمتياز تمنحه لبعضهم بواسطة اذون وتصاريح خاصة ، وفقط قلة من ابناء الشعب الفلسطيني ، وفق احتياجات ضرورية ، تعطيهم سلطات الاحتلال هذه التصاريح مثل ( عمال ، تجار ، مرضى ، اعضاء القيادة الفلسطينية والمخابرات الفلسطينية ، والعملاء .... ) وقد بلغت هذه السياسة ذروتها في السنوات الخمس الماضية حتى اصبحت تلحق الضرر في العلاقة بين قرية وقرية ومدينة واخرى وخلقت فصلاً عنصريا - ابارتهايد - ولتصبح المستوطنات والحصار القاعدة الماثلة للوجود او الكيان المجزأ الذي يربط بين هذه الفجوات المقطعة كنظام سياسي .....
وفيما تحصد المستوطنات اراضيهم ، وتمنع على الفلسطينيين من امكانية اقامة دولة قابلة للعيش ، فإن سياسة الحصار تمنع عنهم البعدين المكاني والزماني ، وهي تسرق منهم الساعات ، والايام والاشهر والسنين ، وتأخذ منهم حق التخطيط للحياة والمستقبل ، ولقد فقد جميع الفلسطينيين الفضاء والافق ، وحرية الحركة ، وحق التنزه والتجول والاستمتاع بالمناظر الطبيعية ، او لتهدئة خواطرهم ..... والحق يقال ، انه في يوم من الايام سيستعيد الفلسطينيون ارضهم ولكنهم لن يتمكنوا من استعادة الوقت الذي كان بالامكان ان يستغلوه في التعليم والعمل والمرح وفي الابداع الخلاق وتطوير الشخصية والاسرة ، فهذا لن يتمكنوا من استعادته ، وهذا سينسحب على كل فرد فلسطيني وعلى كل جماعة ايضاً او على المجتمع ككل ...
ومن دون التطرق الى جدوى التظاهرات والشجب ضدّ المستوطنات ، وضدّ سياسة الاغلاق ، لم يفعل الفلسطينيون شيئاً ، والعالم لا يعرف اساساً حجم الدمار الذي تسبب فيه سياسة الحصار والاغلاق الاسرائيلي ، وفي السنوات الخمس الماضية ، يمنع مئات آلاف الفلسطينيين يومياً من حق السير والحركة ويحتجزون على الحواجز او يحاولون الالتفاف حولها ، ويسيرون مشياً على اقدامهم لساعات وساعات ، ويتسللون بين الدبابات والثكنات العسكرية للوصول الى مدارسهم ويبيتون لاسابيع خارج منازلهم ( فقط كيلا يفصلوا من وظائفهم ) وهذا على الصعيد الشخصي فقط ومحاولة التكيف والبقاء بصورة قاسية فرضت عليهم ، ولكن وعلى المستوى العام لم يفعل الفلسطينيون اي محاولة للقيام بمعارضة جماعية منظمة ومبادرة طويلة الامد على قاعدة شعبية واسعة .
وان اسباب ذلك كثير والمكان هنا لايتسع لذكرها بالتفصيل ولكن هذه الاسباب متصلة بالقيادة الفلسطيينية التي تولت القيادة بعد اوسلو ، وبالاحتكارات والاستثمارات الاقتصادي التي ادارتها قيادة السلطة منذ عام 1995 ، والتي تربح من خلال بقاء الحصار وتحرم الناس الذين لا يربطهم صلة بأسياد السلطة ، انها اسباب تتعلق بالحقيقة التي يجري تسويقها للجمهور سياسياً واقتصادياً واكاديمياً ، حيث يحصل القادة على VIP ، وبالتالي فهم ليسوا متعجلون في محاربة سياسة الاغلاق والحصار والتي تدمر كل جوانب حياة شعبهم .
كما انها اسباب تتعلق بأولويات السياسة الاسرائيلية والتي تفترض ان سياسة الامر الواقع تجدي نفعاً ، وانها هي قادرة على خلق وقائع عن طريق القيام بتجارب على الفلسطينيين على طريقة التجربة والخطأ ، ولم تجابه بهبة شعبية واضحة ضدها ولو مرة واحدة تجبرها على التراجع وكما يحدث في قضايا اخرى عديدة ، مثل الترانسفير الهادىء في القدس حيث ثار الفلسطينيون واشتكوا للمحاكم الدولية والاسرائيلية وحظوا بمساعدات اسرائيلية ودولية لوقفها ، ان نجاح سياسة الاغلاق الاسرائيلية لم يعتمد على قوة وذكاء اسرائيل وسلطاتها وانما يعتمد ايضاً على غياب المبادرة الخلاقة الفلسطينية ضدّ هذه السياسة .