الأسير السوري صدقي المقت: نعيش في قبور مجهَّزة للاحياء.. لا نرى الدنيا ولا نسمح الا صوت السجانين
نشر بتاريخ: 11/02/2007 ( آخر تحديث: 11/02/2007 الساعة: 11:02 )
بيت لحم- معا- تحدث الاسير العربي السوري صدقي المقت والمعتقل منذ أكثر منذ 22 عاما في سجون الاحتلال الاسرائيلي، عن ظروف العزل القاسية التي يعيشها وزملاؤه الاسرى في عدة سجون اسرائيلية, واصفاً تلك الزنازين بانها قبور للاحياء تعزلهم عن الدنيا وتحرمهم ابسط حقوقهم الانسانية.
جاءت أقوال الاسير المقت خلال زيارة قامت بها محامية وزارة شؤون الأسرى والمحررين شيرين عيساوي له، حيث نقلت فيها المحامية رسالة من الوزير وصفي قبها وزير شؤون الأسرى والمحررين إلى الأسير تدعوه للصبر والتحمل وتعد بالعمل على تفعيل قضية الاسرى في سجون الاحتلال.
وأكد الاسير المقت أن عدد الأسرى المعزولون يبلغ 12 أسيراً، ويتم وضع كل اثنين معا في نفس الغرفة, ويبقيان معا طوال فترة العزل, ولا يتم تغيير الأشخاص المتواجدين في الغرفة الواحدة إلا إذا انتقل احدهما إلى سجن آخر, ويبقى الأسرى مدة 23 ساعة في الغرفة التي يتواجد فيها أسرَّة للنوم والحمام, لا يملكون عمل شيء إلا متابعة الأخبار أو القراءة هذا إن توفرت الكتب.
وعن مدة الفورة (الفسحة) اكد المقت أنها ساعة واحدة فقط وتكون الساعة 7 صباحا, ولا يخرجون للفورة معا, فحسب تعليمات الإدارة فانه يتم إخراج أسيرين اثنين وهما المتواجدين معا في نفس الغرفة لوحدهما وذلك منعا لالتقاء المعزولين معا، وكذلك فان هذه المدة غير كافية لتنشيط الجسم من خلال ممارسة الرياضة الأمر الذي سبب الأمراض للمعزولين كآلام المفاصل والظهر, وأحيانا تيبس العضلات, ولم يخرج الأسير صدقي ومن معه للفورة منذ 4 أيام بسبب الأمطار والبرد القارص.
وتحدث عن تقييد الأيدي للخلف وكذلك تقييد الأرجل عند أي تنقل للمعزولين, فعند خروجهم للفورة يتم تقييدهم ولا يفك القيد إلا عند دخولهم لساحة الفورة وإغلاق الباب, وعندها يخرجون أيديهم من فتحة خاصة في الباب ويتم فك القيود, وكذلك أثناء زيارة المحامين فإنهم يبقون مقيدين من الأرجل والأيدي, مع وجود حراسة مشددة عليهم. بالإضافة إلى انتهاك ابسط حقوق الإنسان أثناء الخروج لعيادة الطبيب أو للمحامي فانه يتم تقييد يدي الأسير الآخر المتواجد في الغرفة قبل فتح الباب.
أما بالنسبة لباب الغرفة فهو مغلق كليا ولا يوجد به سوى فتحة صغيرة تفتح فقط عند إدخال الطعام منها, ويوجد نافذة صغيرة جدا لا تدخل منها أشعة الشمس بسبب الحواجز فوق وأمام النافذة, ولا يستطيع الأسرى معرفة الوقت هل هي ليل أم نهار, صيف أم شتاء إلا من خلال نشرات الطقس في التلفاز. كما تمنع الزيارات بين الغرف, ويمنع نقل أي غرض من غرفة لأخرى حتى لو كان كأسا فارغا.
ويضيف الاسير المقت أن مساحة الغرفة صغيرة جدا (160×180) سنتمتراً ولا يوجد مساحة للحركة الحرة فيها ويبقون جالسين أو ممدين على السرير, والحركة ممكنة فقط لشخص واحد منهما وإذا أراد الذهاب للحمام فعلى الأسير الآخر الصعود على السرير حتى يتمكن الآخر من المرور, وكذلك الأمر بالنسبة للصلاة فلا إمكانية للحركة إلا لأسير واحد فقط. أما بالنسبة لنوعية الطعام فهي سيئة جدا, يتم إعادته دائماً للإدارة.
كما أوضح الأسير سبب عزله وهو مقال كتبه أثناء الحرب على لبنان, واتهمته إدارة السجون بأنه يؤيد بشار الأسد وحزب الله, وقد قامت ضابطة الاستخبارات لدى إدارة السجون ( بيتي ) بزيارة تفقدية للسجن وقد احتد النقاش بينها وبين الأسير صدقي واتهمته انه محرض يؤيد الأسد وكان رده على هذه الاتهامات انه مواطن سوري يؤيد الأسد ومن حقه أن يؤيد زعامات بلده سوريا, وما كان منها إلا أن أبلغته أنها ستقدم ملفا سريا للمحكمة وان المحكمة ستحكم عليه بالعزل مدة سنة كاملة وهذا اكبر دليل أن المحاكم صورية والقرار دائما للمخابرات.
وأضاف الأسير المقت انه رغم جميع ما ذكر أعلاه فان معنويات الأسرى المعزولين عالية جدا, إلا انهم يتألمون اشد الألم حينما يرون أبناء شعبهم يتقاتلون, ويقول المقت انه لا العزل ولا إدارة السجون ستغير قناعاتنا وتمسكنا بحقنا في فلسطين.
وأكد الأسير المعزول المقت أن هدف إدارة السجون من عزل الأسرى في هكذا ظروف هو وضع الأسير تحت المساومة المباشرة حتى يتخلى عن قناعاته مقابل فك العزل, حيث المطلوب من الأسير المعزول أن يتحدث بطريقة تحظى برضاهم وان يتجرد من مبادئه وقناعاته, وهذا أمر مرفوض ومستحيل بالنسبة للأسير صدقي ولكافة الإخوة والأسرى المعزولين مهما طالت مدة العزل, لذلك طالب بتحرك من كافة الجهات التي تعنى بالأسرى من اجل التركيز على قضية الأسرى المعزولين من اجل إنهاء عزلهم في هذه القبور التي تدعى غرف العزل.
من جهة أخرى أشار الاسير المقت الى أن هناك عشرين أسيراً يعانون نفس الظروف في زنازين العزل الانفرادي موزعين على عدة سجون منها عزل عسقلان ومنهم الشيخ جمال أبو الهيجاء, واحمد المغربي, ومحمد جابر عبده, ومازن ملصه, وإبراهيم حامد، وهناك ثلاثة أسرى في عزل كفار يونا وهم: الشيخ صالح العاروي, وحسام عياد, ورياض عياد، بالإضافة إلى عزل أيشل السبع وهم: عبد الله البرغوثي, وصالح دار موسى، وحسن سلامة, ومحمود عيسى، وموسى دودين.
وفي ذات السياق وجه المهندس وصفي قبها "صرخة" إلى كل المؤسسات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان وكل الجمعيات القانونية للعمل من اجل إخراج هؤلاء الأسرى من سجون الاحتلال, والذي مضى على عزلهم "ودفنهم" في هذه المقابر منذ أعوام.
وقال قبها يريدون لهم الموت وهم أحياء.. يريدون أن يصبحوا هياكل بلا روح.. يسعون لقتل الإنسان بداخلهم.
كما قال قبها تتعامل إسرائيل مع هؤلاء وكأنهم حيوانات مفترسه تريد ترويضها فتعزلها عن العالم وتفقدهم حسهم بالليل والنهار بالصيف والشتاء.
ويؤكد قبها أن الظروف القاسية التي يعاني منها الأسرى في سجون الاحتلال وبالذات في العزل, تعجز الجبال عن تحملها إلا أن أصحاب المبادئ والهمم العالية أصحاب الحق والأرض المغتصبة تهون عليهم أرواحهم وما يهونون وتسمو من الألم والضنك نفوسهم ولا يتنازلون, هم الرجال في زمن عز فيه الرجال.
كما يؤكد قبها أن هناك حملة كبيرة ستطلقها الوزارة قريبا من اجل الأسرى وكل المعزولين والمرضى ستفضح فيها الوزارة كافة الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى العرب والفلسطينيين في سجون الاحتلال.
وفي هذا السياق شكر الأسير المقت الوزير على تواصله واهتمامه ودعاه لتفعيل قضية الأسرى بكافة الوسائل والطرق وبالذات الأسرى المعزولين.