اطلاف المرحلة الثانية من مشروع "الصحة النفسية"
نشر بتاريخ: 11/10/2012 ( آخر تحديث: 11/10/2012 الساعة: 11:55 )
رام الله- معا- صادف العاشر من تشرين أول اليوم العالمي للصحة النفسية، وقد أطلقت وزارة الصحة الفلسطينية ومنظمة الصحة العالمية مبادرة لمشروع لمدة 3 سنوات وبتكلفة 1.5 مليون دولار، ممول من الاتحاد الأوروبي، من أجل تحسين خدمات الصحة النفسية المجتمعية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ستقدم منظمة الصحة العالمية الدعم التقني للمشروع، الذي سيتم تطبيقه في 48 مرفق صحي تابع لوزارة الصحة في الضفة الغربية وقطاع غزة. وذلك تمشيا مع الاستراتيجية الوطنية للصحة النفسية للعام 2012-2014. ويهدف المشروع أيضا إلى تعزيز وصول المرضى النفسيين الى الخدمات النفسية من خلال تعزيز مشاركة المجتمع المدني في تقديم الخدمات ومحاربة الوصمة والتمييز.
ولقد قامت منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة بالعمل معا على مدى العقد الماضي، وكان آخرها مشروع تحسين خدمات الصحة النفسية المجتمعية في الضفة الغربية وقطاع غزة، المرحلة الأولى (2008-2011)، بتمويل من الاتحاد الأوروبي بهدف إعادة تشكيل خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي من النهج التقليدي الذي يعتمد على تقديم الخدمة من خلال المؤسسات الكبيرة الى النهج المجتمعي في تقديم الخدمات.
وتهدف المرحلة الثانية للمشروع والممولة كذلك من الاتحاد الأوروبي الى البناء على ما تم البدء به في المرحلة الأولى من جهود الوقاية واكتشاف وعلاج الحالات التي تعاني من الأمراض النفسية الشائعة. هذه الخدمات سوف تقدم من خلال منظومة متكاملة من الرعاية النفسية تبدأ بالرعاية الصحية الأولية حيث سوف يتم تقديم خدمات التقييم والتدخل المبدئي، وستقدم مراكز الصحة النفسية المجتمعية تدخلا متخصصا للحالات الحادة بينما سوف يتم انشاءاقسام صحة نفسية في المستشفيات العامة لتقديم خدمات الدخول والمبيت وكذلك سيتم تعزيز الخدمات التأهيلية في المستشفيات النفسية.
وقد قال وزير الصحة الدكتور هاني عابدين " في فلسطين، المرض النفسي ينتج معاناه من الممكن تجنبها وعبئا على الأفراد والأسر. سنواصل العمل على تحسين خدمات الرعاية النفسية الأولية ليتمكن المريض النفسي من الوصول بسهولة للرعاية النفسية التي يحتاجها. وبالتالي يجب علينا تعزيز النهج المجتمعي في تقديم الخدمة. أشعر بكثير من الرضى والإمتنان للجهود التي تبذلها كل من منظمة الصحة العالمية والاتحاد الأوروبي لدعم هذا البرنامج".
أنشطة المشروع الرئيسية 2012-2015:
سوف يعمل المشروع الحالي على تعزيز دمج الصحة النفسية في الرعاية الأولية لتصبح المقدم الأول للخدمات النفسية في فلسطين. وسوف تشمل عملية دمج الصحة النفسية في الرعاية الأولية 28 مركز رعاية أولية في الضفة الغربية وغزة. بحيث سيتم تدريب 180 طبيب وممرض من العاملين في الرعاية الأولية في هذه المراكز. كذلك سوف يتم تطوير دليل ارشادي في التدخل مع الامراض النفسية الشائعة في الرعاية الأولية وكيفية التحويل واستخدام الأدوية النفسية.
كذلك سيتم تدعيم مراكز الصحة النفسية المجتمعية من خلال تقديم التدريب المتخصص والإشراف ل90 مهني من العاملين في هذه المراكز. وكذلك سيعمل المشروع على تطوير خطة للنهوض بالقوى العاملة في الصحة النفسية في فلسطين وكذلك سيتم تطوير سياسات تشغيلية لتسيير العمل في مراكز الصحة النفسية وفقا للمعايير العلمية الموجودة. وكذلك سوف يتم تطوير سياسات التأهيل المجتمعي والذي سيعمل المشروع علي تعزيز دور المراكز المجتمعية في تقديمه.
سيعمل المشروع أيضا على انشاء وحدتين للتأهيل النفسي في المشتشفيات النفسية التابعة لوزارة الصحة. كذلك سيتم العمل على انشاء اقسام للصحة النفسية في اثنين من المستشفيات العامة في قطاع غزة لتعزيز وصول المرضى النفسيين لخدمات الصحة النفسية المتخصصة. وسوف يتم تعزيز التواصل ما بين المستويات المختلفة في تقديم الخدمة من خلال انشاء نظام معلومات للصحة النفسية، وكذلك من خلال تطوير قواعد ممارسة العمل للعاملين في الصحة النفسية وكذلك تطوير نظم تحويل الحالات.
وسيعمل المشروع ايضا على تشجيع الأفراد على التوجه للخدمات النفسية من خلال تعزيز امكانية الوصول لهذه الخدمات. سيدعم المشروع عمل جمعيات أهالي المرضى النفسيين القائمة في الضفة الغربية وكذلك سيعمل على انشاء أول جمعية لأهالي المرضى النفسيين في قطاع غزة. وسيقدم المشروع الدعم لمؤسسات المجتمع المدني للقيام بحملات لمكافحة الوصمة وتعزيز الوعي الصحي لدى الجمهور.
يقول مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في الأرض الفلسطينية المحتلة: " المرضى الذين يعانون من أمراض نفسية غالبا ما يوصموا ويعاملوا بطريقة سيئة من قبل القطاع الصحي العامل في الأرض الفلسطينية ، وكذلك الحال في المنطقة وفي غالب دول العالم. هذا البرنامج يهدف الي تحسين الخدمات المقدمة لهؤلاء المرضى وتغيير اتجاهات العاملين الصحيين تجاههم. وبذلك فإن كل الجهود الفردية مطلوبة للوصول لهذا الهدف".
الصحة النفسية في فلسطين:
في الضفة الغربية وقطاع غزة، الأمراض النفسية مثل الإكتئاب والقلق وكذلك الأمراض الأكثر حدة مثل الفصام تعاني من نقص في التوثيق والإحصاء كما تعاني من نقص في الموارد وأدوات التدخل. إن الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية والحصار الخانق المفروض على قطاع غزة والعنف والفقر والبطالة يسهمون بشدة الى زيادة العبء الناتج عن الأمراض النفسية في فلسطين. وغالبا ما تكون الفئات المهمشة، مثل النساء والأطفال والشيوخ واليافعين أكبر المتأثرين بهذه الأمراض.
لا توجد معلومات موثقة حول مدى انتشار الأمراض النفسية بشكل عام، ومع ذلك تقدر منظمة الصحة العالمية أن 25% من السكان يمكن أن يطوروا مرضا نفسيا في أحد مراحل حياتهم، والبعض يكون عرضة للإصابة بمرض نفسي خطير.
وعند مقارنة الدراسات المحلية مع الاحصاءات التي تقوم بها منظمة الصحة النفسية في مناطق الصراعات المسلحة فإن منظمة الصحة العالمية تقدر ما نسبته 5-10% من السكان الذين يعيشون في الأرض الفلسطينية يعانون حاليا من أحد الأمراض النفسية الشائعة، أقل من 20% من هؤلاء الاشخاص الذين هم بحاجة للتدخل النفسي يقصدون خدمات الصحة النفسية، فحسب تقارير وزارة الصحة فإن 4500 شخص فقط يقصدون خدمات الصحة النفسة كل عام.
العديد من المواطنين في الاراضي الفلسطينية لا يقصدون الخدمات النفسية بدافع التجاهل أو خوفا من الوصمة والتمييز. مع الأخذ بالاعتبار أنه لو تمت زيارة مراكز تقديم الخدمة النفسية بحيث يلقى المستفيدين خدمات تشخيص وعلاج مناسبة فإن معظم الأمراض النفسية يمكن علاجها في مراكز الصحة النفسية المجتمعية وبكلفة قليلة للغاية.
اليوم العالمي للصحة النفسية: التركيز على الإكتئاب النفسي:
450 مليون شخص ممن يعيشون في العالم النامي والمتطور يعانون من أمراض نفسية، هذا العدد الهائل من المرضي يسهم وبشدة الي زيادة العبئ العالمي للاعاقة الناتجة عن الأمراض. ومن المهم ذكره أن خمسة مسببات للعبئ العالمي للإعاقة من اصل 10 تعود للأمراض النفسية. وكذلك فإن الأمراض النفسية والعصبية تشكل ما نسبته 12% من النسبة العالمية للعبئ المرضي الذي يسبب فقدان سنوات من حياة الانسان بسبب الإعاقة التي تحدث غالبا من اصابات أو أمراض خطيرة والتي تتسبب بالمقابل بالكثير من المعاناة والإعاقة والخسارة الاقتصادية.
تعتبر منظمة الصحة النفسية أن الإكتئاب هو المرض النفسي الأكثر شيوعا بالعالم، وأنه مسبب رئيسي للإعاقة، وكذلك يعتبر أحد عوامل الخطر التي ممكن أن تؤدي الى الفقر. في حلول عام 2020، من المتوقع أن يتصدر الاكتئاب قائمة الأمراض المسببة للعبئ العالمي، يلي أمراض القلب المزمنة.
المحددات الاجتماعية للصحة النفسية:
تعرف منظمة الصحة العالمية الصحة على أنها: "هي حالة من اكتمال السلامة بدنياً وعقلياً واجتماعياً، لا مجرّد انعدام المرض أو العجز". الصحة النفسية هي حالة من الرفاهية التي تمكن الفرد من ادراك قدراته والتكيف مع الضغوط العادية للحياة وأن يعمل بكفاءه بحيث يسهم في بناء مجتمعه. بناءا على هذا التصور الايجابي، فإن الصحة النفسية تشكل الأساس لتمتع المرء بالرفاهية وكذلك هي الاساس في خلق مجتمعات منتجة.
وعليه فإن الرفاهية النفسية تتطلب أن يتمتع الفرد بقدر من الأمن والحرية التي تضمنها مبادئ حقوق الانسان الأساسية. من أهم العوامل التي تعزز القابلية للاصابة بالامراض النفسية هي التغيير الاجتماعي المفاجئ وضغوط العمل القاسية والتمييز المبني على النوع والإقصاء الاجتماعي واتباع اساليب غير صحية للعيش، والعنف والإصابة بأمراض جسدية و انتهاك حقوق الانسان. وكذلك هناك عوامل أخرى تعزز القابلية للاصابة بالامراض النفسية منها عوامل نفسية واستعدادات شخصية محددة و بعض المسببات البيولوجية كالعوامل الجينية والإختلالات الكيميائية بالدماغ.