الجمعة: 08/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

رئيس الاتحاد المالطي :مستعدون للعب مع المنتخب الفلسطيني

نشر بتاريخ: 15/10/2012 ( آخر تحديث: 15/10/2012 الساعة: 19:58 )
مالطا- معا - ابراهيم ربايعة - في مالطا يختلف عليك كل شي، جزيرة صغيرة وادعة في حضن الأبيض المتوسط وعلى مرمى حجر من شواطيء تونس وليبيا، يسكنها شعب مبتسم ودود يقارب بتعداده الأربعمائة وخمسين ألفاً على مسافة متواضعة تقل عن مساحة محافظة جنين بمائة كيلومتر أي حوالي 316 كيلومترا مربعاً، في ذات المكان كنت منذ ست سنوات لكن اختلافاً بارزاً شدني ودفعني للاستكشاف، فمنذ وصول الطائرة سماء الجزيرة بدت الملاعب الخضراء منتشرة بكثرة في هذه الجزيرة، وظهر ذلك جلياً خلال تنقلي من موقع لآخر.

الشارع مولع بالساحرة المستديرة ، وداء " الريال والبرشا" يحمل معه روح تشلسي والمانان " السيتي واليونايتد" أضف إلى ذلك السيدة العجوز " اليوفي " صاحب الشعبية الجارفة هنا، هذا ما تجده من رموز الأندية المنتشرة في كل مكان، وشاشات العرض التي لا تمل من البساط الأخضر.

لقائي الأول كان مع السيد كامانزولي رئيس اتحاد الصحافة الرياضية، وهو رجل يحمل روحاً مرحة وثقة كبيرة، ساعة ونصف حملت حكايات لا تنتهي عن واقعنا الرياضي الذي يعرف هذا الرجل الكثير عنه، وعن الواقع في مالطا الذي أثار لدي الكثير من التساؤلات المتدحرجة، فهنا تجد الإعلام الرياضي لا ينتهي عند الساحرة المستديرة لكنه قد يبدأ معها لتمتد إلى كرة السلة والرجبي وسباقات السيارات والألعاب المائية والألعاب الفردية المختلفة، وتستغرب من حالة إعلامية رياضية مزدهرة تصقل طلاب برامج الإعلام بشراكة مباشرة مع الجامعات والمعاهد وتفتح لهم الطريق ليثبت أصحاب الموهبة علو كعبهم وبقائهم، أما الأفق فهو واسع رحب تقوده عشرات الصحف والمواقع الإلكترونية والفضائيات والإذاعات الناطقة بالمالطية والإنجليزية أو المازجة بينهما.

هذه البداية ولدت العديد من التساؤولات التي كان لا بد من اجابات عليها، وهذا ما بحثت عنه لدى رئيس اتحاد كرة القدم السيد نورمان ديماجو، ومن جديد لفتني انتشار المساحات الخضراء على طول الطريق المؤدية لمقر اتحاد الكرة والذي يعد من ملحقات الملعب الوطني، ولدى وصولك لهذا الملعب تجد واجهة زجاجية ضخمة ، خاصرتها اليسرى تحوي مقر الاتحاد فيما يحتضن الجناح الأيمن مسبحاً ضخماً يعود بمداخيله لصالح الملعب، وفي الداخل تتجول لتجد أمامك ملعباً طبيعي العشب بمقاعد تصل لحوالي السبعة عشر ألفاً ، فيما تقابلك على الناحية الأخرى مرافق متخصصة ومتنوعة تتصل باللاعبين والمدربين والحكام.
|192378|
قادني أحدهم لمكتب رئيس الاتحاد ، المطل على البساط الأخضر مباشرة، وهناك فاجأتني حفاوة الاستقبال من السيد ديماجو ، طلب مني الاستماع لواقع الرياضة بفلسطين ، لألحظ على وجهه الاستغراب تارة والإعجاب تارة أخرى، ليضع أمامه خارطة يربط من خلالها الكلمات بالموقع، تحدثنا عن النهضة الرياضية الفلسطينية وواقع البطولات المنتظمة خلال السنوات الأخيرة والمعيقات الإسرائيلية خاصة على مستوى العلاقة الرياضية بين الضفة والقطاع ، لكنه كان معجباً ببعض ما حدثته عن كرتنا الفلسطينية مثل منجزات الكرة النسوية والشاطئية والحضور الجماهيري ووجود دوري محترفين منتظم.
ثم كان لنا هذا الحوار:
- سيد ديماجو هل كيف هي شعبية كرة القدم المحلية بمالطا
- كما لاحظت الشعب هنا مجنون بكرة القدم ، الكل يمارس الكرة في كل مكان ولا تكاد تخلو قرية من وجود فريق محلي لها ، وفي كل مكان تجد الجميع يتحدث عن الكرة، لكن الدوري المحلي ليس بذلك الدوري القوي ليجذب الأنصار والمشجعين.

- كيف ذلك؟
- يعني لا تجد خلف الفرق إلا عدد محدود جداً من المشجعين وهم بضعة عشرات في احسن الأحوال فهنا الفرق لا تقدم مستويات قوية ولا تستقطب محترفين على مستويات عالية ، فالدوري هنا هو دوري هواة يضم 12 فريق في كل من الدرجتين الممتازة و الأولى و14 فريق في الثانية و15 فريق في الثالثة ، فيما يتكون الدوري النسوي من درجتين فقط،

- وهذا الواقع الرياضي يخرج منتخبات ضعيفة ؟
- بكل تأكيد ، المنتخب الوطني حالياً ورغم التطور الكبير في أدائه والذي ظهر في اللقاء الأخير أمام أيطالياً ، حيث أننا ورغم الخسارة إلا أن المستوى الذي قدمه اللاعبون كان قوياً وكافياً لإحراج بطل العالم الأسبق ، لكن تلقينا هدفاً مبكراً قتل القدرة على تحقيق نتيجة أفضل ، نحن لا نزال بحاجة للمزيد من اجل ان نصبح قادرين على مقارعة المنتخبات الأوروبية العريقة.

- اذن منتخبكم هو نتاج الدوري المحلي المتواضع
- بشكل عام نعم، فنحن الان لا نمتلك اكثر من خمسة لاعبين يلعبون خارج الديار ، وهم لا يلعبون في أندية الصفوة الأوروبية، دعني اشرح لك أنا اعتقد أن الدوري القوي يحتاج لأموال طائلة وهذا ما لا نمتلكة.

- إذن ما هي خطتكم؟
- عندما وصلت لموقعي في رئاسة الاتحاد منذ عامين كان أمامي تحدي كبير يتمثل في رفع مستوى اللعبة بمالطا، وتوظيف الشغف العام باللعبة بشكل سليم وصحيح ، وهذا ما وضعت من أجله خطة قامت على ثلاثة ركائز: تطوير البنية التحتية، وتطوير الكادر البشري، ورفع عدد المحترفين بالخارج.

- لنتحدث عن كل نقطة على حدى...أولاً كيف تعملون على تطوير البنية التحتية؟
- "يشير إلى لوحة في زاوية المكتب تحوي صور عدد من الملاعب " قبل عامين كان لدينا خمسة ملاعب فقط منها ملعب او اثنان يصلحان للمباريات الرسمية، خطتي كانت تقوم على إيجاد ملعب في كل قرية وفي كل حي حتى يتسنى للجميع لعب كرة القدم بانتظام وإفراز مواهب بصورة مستمرة، فلا أحد يرسل أولاده للعب في ملاعب غير ملائمة ، ولذلك قامت هذه الخطة على إنشاء وتطوير 52 ملعباً يحوي كل منها على مرافق صحية وخدمات مساندة ويضم بعضها مدرجات ، وهذا العدد بعدد الأندية المسجلة لدينا ، اليوم أنجزنا حوالي 42 ملعباً بالكامل ونقوم بإتمام البقية.
|192377|

- هذا مشروع ضخم بحاجة لأموال طائلة ؟
- بكل تأكيد ولكن لا تستطيع أن تبدأ في عالم كرة القدم بدون وجود القاعدة الأساسية وهي أرض الملعب ، الاتحاد الأوروبي " الويفا" وفر لنا جزء جيد من التمويل المطلوب ، لكن استكمال هذا المشروع تطلب منا اللجوء للبنوك والاقتراض وهذا ما فعلناه ، المهم اننا على وشك انجاز هذه الخطوة المهمة والتي بدأنا بحصد ثمارها من خلال الارتفاع الكبير في أعداد مرتادي الملاعب والأندية وهذا ما سهل علينا الوصول للمواهب.

- وهذا ما تزامن مع تطوير الكادر البشري؟
- بكل تأكيد ، فقد أطلقنا عملية واسعة جداً لتأهيل الكوادر الرياضية في كافة المجالات، فأنشأنا مدرسة للحكام خرجنا من خلالها أفواج من الحكام المؤهلين بالاستعانة بمحاضرين على أعلى المستويات من الاتحاد الأوروبي ، كذلك الأمر فيما يتعلق بالتدريب ، فلم نكن نمتلك مدربين على مستويات عالية بل ما كان لدينا مجموعة من المدربين الهواة بالمجمل، اليوم أصبح لدينا أكاديمية للتدريب تخرج أفواجاً من المدربين والمدربات الحاصلين على شهادات الاتحاد الأوروبي “A,B,C” إضافة لابتعاثنا مجموعة من الكفاءات أيضاً إلى الخارج.

- وماذا عن تأهيل اللاعب المالطي؟
- على مستوى اللاعبين عملنا بطريقة مختلفة ونوعية، بدأنا بالاستثمار بالمستقبل ، استقدمنا المدرب الارجنتيني سيرخيو سوليدانو بالإضافة لمدرب أيطالي على مستوى عال و من أصحاب الاختصاص بقطاعات الناشئين، وقمنا باستقطاب عدد من أميز اللاعبين الشبان على مستوى الدولة من مواليد 1998 و 1997 ، وبدأنا معهم عملية اعداد عالية المستوى هنا في الملعب الوطني، حيث يجتمعون ثلاثة مرات أسبوعياً ليوم كامل بحضور مساعدين اكاديميين واجتماعيين ورياضيين ، حيث نتكفل بجمعهم بحافلاتنا الخاصة ونقوم بمساعدتهم اكاديماً في أيام تجمعهم ونحرص على تحصيلهم العلمي، فيما يقوم المدربان بالعمل على رفع كفاءة اللاعبين وتطوير قدراتهم وتعليمهم فنون الكرة ، وهذا الجيل هو استثمار المستقبل حيث اننا نهدف لتوفير فرص احتراف مميزة لما لا يقل عن 15 من هؤلاء اللاعبين.

- هل توفرون لهم فرص احتكاك خارجي؟
- صحيح، فالاحتكاك مطلوب خاصة مع الاندية التي نرى انها قد تستثمر بهؤلاء اللاعبين، لأن الانظمة الأوروبية تسمح بالتعاقد مع اللاعب عند عمر السابعة عشرة، وكلما زاد احتكاكهم ازداد مراقبتهم من قبل كشافي اللاعبين، هذا الفريق بآخر لقاءاته لعب مع صفوة الأندية الأروبية وفازوا بنتائج مميزة وصلت لثمانية أهداف دون رد وستة أهداف دون رد وجاءت الخسارة الوحيدة من ميلان في الوقت القاتل بهدفين لهدف ، وهذا ما دفع النادي الإيطالي لابداء اهتمامه بلاعبين من المجموعة، إضافة للاعبين آخرين أصبحوا ضمن دائرة الرصد لأندية ايطالية أخرى، ونحن نعلم ان اللاعب المالطي سيصبح هدفاً للأندية الإيطالية لأن البيئة والأجواء متشابهة ولا يوجد معيقات اجتماعية تحول دون التحاق لاعبينا بهذه الأندية، الخبر الأفضل أننا سنحتضن البطولة الأوروبية تحت 17 بعد عامين ، وهذا ما سيمنحنا فرصة ذهبية لمقارعة الكبار حيث أننا لن نخوض التصفيات التمهيدية وسنكون بالنهائيات مباشرة بحضور ثمانية من أفضل المنتخبات الأوروبية.

- إذن هذا أيضا العنصر الثالث بخطتكم برفع عدد المحترفين؟
- هو العنصر الثالث والأساسي ، ولن نقف بعملية التأهيل عند هذه المجموعة بل ستكون عملية مستمرة هدفها ديمومة توفير الكوادر الرياضية للأندية المحلية والاحتراف الخارجي.

- إذن ننتظر قريباً منتخبات مالطية مميزة؟
- طموحنا أن نكون قادرين على مقارعة المنتخبات الأوروبية الكبيرة وأن نصبح من الفرق المنافسة على مستوى القارة التي تحتوي أفضل المنتخبات العالمية ، ونحن نثق بقدرتنا على ذلك بوقت قصير.

- بعض الدول التي المشابهة لكم من حيث عدد السكان تلجأ للتجنيس من أجل حل مشكلة غياب المواهب ، ماذا رأيكم؟
- اللاعب المجنس لن يلعب لك بذات الحرار التي يلعب بها من يدافع عن ألوان علم دولته، ولن يكون هذا الحل بأي شكل من الأشكال مستداماً كونه حل مؤقت مرتبط بتوفر امكانات مادية عالية تدفعها للاعب المجنس، نحن نعتقد أن الاعتماد على أبناء الدولة هو الحل الأنسب بكل تأكيد.

- وماذا عن تصفيات كأس العالم ؟ طويتم صفحة إيطالياً والان إلى التشيك ؟
- سنلعب امام التشيك من أجل الفوز أعدك بذلك ، لعبنا امام ايطاليا بشكل رائع وأدينا مباراة كبيرة لكن الحظ خاننا، دوماً الأمل موجود من أجل الفوز ورغم أن هذه مباراة خارجية وعلى أرض الخصم لكن قد نفعلها.
|192376|

- هل انت على اطلاع بمستوى كرة القدم بفلسطين والمنطقة المحيطة؟
- نحن على اطلاع بشكل عام ونعلم أن مستوى كرة القدم قد تطور في منطقتكم بشكل جيد خلال السنوات الأخيرة، لكننا غائبون عن التفاصيل لغياب الاحتكاك واختلاف المرجعية القارية، لكن ما سمعته الآن يعد مصدراً للفخر بالنسبة لكم فأنتم تمتلكون الطاقة والإرادة على تقديم وجه حضاري لشعبكم من خلال الرسالة الإنسانية لكرة القدم ، لكن على المستوى الشخصي كنت في مدينة بيت لحم العام الماضي ولم اتمكن من الوصول لمناطق فلسطينية أخرى لضيق الوقت.

- لماذا لا تكون زيارتكم القادمة بهدف لعب مباراة ودية ؟

- نحن نرحب بلعب لقاء ودي أمام المنتخب الفلسطيني سواء كان في فلسطين أو هنا وبكل تأكيد ستحمل هذه المباراة مضامين إنسانية اخلاقية، ومستعدون للترتيب لهذا اللقاء خلال العام القادم إن سنحت الفرصة لذلك.

- واجهتم المنتخب الأردني قبل سنوات ؟
- حدث ذلك قبل سنوات لكن الأردن الآن تقدمت أيضاً بشكل لافت على مستوى كرة القدم ، واعتقد أن الاهتمام بكرة القدم بالمنطقة كبير وسيجلب المزيد من التطور، ومن المفيد مواجهة المنتخب الأردني أيضاً ضمن زيارتنا للمنطقة ان تمكننا من الترتيب لها.

- وفي الختام هل من كلمة؟

- احملك تحياتي للشعب الفلسطيني ولرئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم اللواء جبريل الرجوب ، وانا سعيد بهذه المقابلة، واعتقد أننا متلهفون للعب امام الجماهير الغفيرة التي وصفتها لي، وأرجوا ان نتمكن من ذلك.

غادرت مقر الاتحاد وأنا أحمل إعجاباً بالحالة التي يمثلها هذا الاتحاد، وكل ثقة بأنه قادر على تحويل شكل الكرة المالطية على المستوى الأوروبي من "كوبري" إلى سد منيع، لكنني كنت فخوراً أكثر بالحالة الفلسطينية التي يتكامل بها الجمهور مع الاتحاد والأندية مع الإعلام لتشكل نسيجاً قل نظيره .