الجهاد تحيي ذكرى انطلاقتها بمهرجان سياسي في مخيم البارد
نشر بتاريخ: 16/10/2012 ( آخر تحديث: 16/10/2012 الساعة: 10:20 )
لبنان- معا- ضمن فعاليات إحياء الذكرى 25 للإنطلاقتها الجهادية، والذكرى 17 لاستشهاد مؤسسها الدكتور فتحي الشقاقي، أقامت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، مهرجاناً سياسياً حاشداً في مخيم نهر البارد، حضره ممثلون عن الفصائل والقوى الفلسطينية والأحزاب اللبنانية، وممثلو اللجان الشعبية والمؤسسات المدنية، ووجهاء المخيم وشخصيات لبنانية، وحشد غفير من الأهالي والفعاليات.
وتناوب على إلقاء الكلمات في المناسبة كل من أمين عام حركة التوحيد الإسلامي، الشيخ بلال شعبان، والعضو القيادي في الجبهة الشعبية، حسين لوباني (أبو جابر)، وممثل حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الحاج أبو عماد الرفاعي.
وقد أطلق ممثل حركة الجهاد الإسلامي، الحاج أبو عماد الرفاعي، سلسلة من المواقف في المناسبة، منها ما يتعلق بالصراع مع العدو فوق أرض فلسطين، ومنها ما يتعلق بالشأن الفلسطيني في لبنان. وكان الرفاعي قد استهل كلمته بالتوجه الى أهالي مخيم نهر البارد، جاء فيها: "أنتم الذين تحملتم الكثير، وصبرتم وكافحتم وناضلتم، فأفشلتم من خلال التضحية والصبر مخططاً كان يراد من ورائه النيل من شعبنا في لبنان، وهو مشروع تذويب الفلسطينيين في المدن والقرى والمجتمع اللبناني الشقيق.. لقد أفشلتم بوعيكم وصبركم مشروع الوطن البديل، .. وإن اصراركم على العودة الى المخيم هو تأكيد على تمسككم بحق العودة، لأن مخيماتنا هي الشاهد على جريمة اقتلاع شعبنا من أرضه."
وتطرق الرفاعي الى انطلاقة الحركة واستشهاد مؤسسها الدكتور الشقاقي، فقال: "لقد استطاع الدكتور الشهيد رحمه الله أن يعيد بجهاده وبصيرته القضية الفلسطينية الى عمقها العربي والإسلامي من خلال حل التناقض بين الوطنية والإسلام.. وحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين هي هذا الرابط الذي يعيد فلسطين الى قلب الأمة."
وحذّر الرفاعي من الأخطار المحدقة بالقضية الفلسطينية عبر الاستفراد بالشعب الفلسطيني وفصل القضية الفلسطينية عن عمقها العربي والإسلامي، وقال: "في ظل وصول طريق المفاوضات الى حائط مسدود يعجز أصحابه عن إيجاد مخرج منه، تبقى المقاومة هي السبيل الوحيد العملي والواقعي، الذي من شأنه الارتقاء بالتضحيات الكبيرة التي يقدمها الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وعلى امتداد الوطن، من أجل إعادة وضع القضية على رأس أولويات الشعوب العربية والإسلامية. فجوهر المقاومة وغايتها هو إبقاء جذوة الصراع مع العدو متوقدة الى أن تستعيد الأمة نهضتها، وتصوغ مشروعها نحو التحرير الكامل."
وفي شأن المتغيرات في العالم العربي، رأى الرفاعي أن هذه المتغيرات تصب على المدى البعيد في صالح القضية الفلسطينية، وهو الأمر الذي يخيف الغرب الذي يسعى الى عرقلة الثورات عبر محاولة إشغالها بأوضاعها الداخلية واختلاق صراعات جانبية، وقال: "الغرب يعمل على تفجير صراعات مذهبية وطائفية وعرقية في كل الدول العربية، وإذا عجز عن ذلك، أو إذا كانت طبيعة الدولة وتركيبتها السكانية لا تسمح بذلك، فإنه يلجأ الى تفجير صراعات من طبيعة مختلفة، كالصراع القبلي، أو الصراع بين العلمانيين والإسلامييين، أو الصراع بين المعتدلين والمتشددين.. ويبقى الهدف الوحيد للغرب هو ضمان تفوق إسرائيل وأمنها، لأنها إذا فقدت هذا الدور ينتفي مبرر وجودها، وضمان تدفق النفط العربي الى الأسواق الغربية بأبخس الأثمان، وأحياناً بلا ثمن." وأضاف: "علينا أن ندرك أن ما تعيشه المنطقة اليوم هو أخطر بكثير مما كنا نعيشه في الماضي."
ونبّه الرفاعي من تداعيات الإساءة الى النبي، صلى الله عليه وسلم، على مستوى الصراع مع العدو الصهيوني، معتبراً أن "هذه الإساءة جاءت في ظل سعي صهيوني محموم لتهويد القدس، وطرح مشاريع لتقاسم المسجد الأقصى، تماماً مثلما حصل للحرم الإبراهيمي"، وأضاف: "إذا أصبحت الإساءة الى المقدسات الإسلامية أمراً عادياً، ولم تترك صدى أو احتجاجاً في العالم العربي والإسلامي، فإن ذلك سيشجع الصهاينة على تنفيذ مخططاتهم، وصولاً الى هدم المسجد الأقصى المبارك."
وفي الشأن الفلسطيني في لبنان، أشار الرفاعي الى وجود "مشاريع تستهدف الشعب الفلسطيني من خلال التضييق عليه وحرمانه وجعله يعيش البؤس والحرمان من خلال تشتيته ومحاولة تذويبه من أجل إنهاء قضيته وحرمانه من العودة الى دياره."
وقال الرفاعي إن هدف هذه المخططات هي أن " نكون جزءاً من تجاذب لبناني داخلي أو اقليمي، وإغراق الشعب الفلسطيني في هذه الصراعات، وتحميله تبعات كل ما يجري"، بهدف إراحة الكيان الصهيوني من عبء قضية اللاجئين، التي تقف حجر عثرة في وجه كل مخططات التسوية وإنهاء الصراع، وأضاف: "لذلك علينا كفلسطينيين أن نكون دوماً في اتجاه فلسطين.. نحن كفلسطينيين لا مصلحة لنا في الدخول في أي نزاع حزبي أو مذهبي مع أي طرف كان، وعلينا أن نسقط بالتالي ما يتم التحضير له لجر شعبنا الى صراعات يجب أن نعيها جيداً، وأن لا ننجر وراءها."
واحتلت مسألة المرجعية الموحدة جزءاً مهماً من الشأن الداخلي في كلمة الرفاعي، الذي قال إن: "أحد أهم المخاطر التي تواجهنا في لبنان هو عدم وجود مرجعية سياسية فلسطينية موحدة", وأضاف: "المطلوب منا اليوم هو أن نبحث عن اّليات عملية للضغط على الفصائل الفلسطينية من أجل تشكيل مرجعية سياسية موحدة"، من خلال "حراك جدي وعملي وفاعل للضغط على كل الفصائل الفلسطينية، ووضعها أمام مسؤولياتها بتشكيل مرجعية سياسية والابتعاد عن كل الرهانات والمحسوبيات، وعن كل الأطر التي تعمل عليها بعض الفصائل لإبقاء الوضع على ما هو عليه"، مشدداً في الوقت ذاته بأن "الفصائل الفلسطينية ستبقى سقف الشعب في لبنان، برغم كل ما يشوب الفصائل أحياناً من ضعف أو تراجع"، معتبراً أن "عدم وجود مرجعية سياسية فلسطينية موحدة حتى الآن هو السبب الرئيس لعدم تجاوب الأونروا أو الحكومة اللبنانية بمنحنا حقوقنا المدنية، واتخاذ غياب المرجعية ذريعة لعدم معالجة الإشكاليات الكثيرة التي تعاني منها المخيمات".
واختتم الرفاعي خطابه بالدعوة الى ممارسة الضغط على أصحاب القرار للإسراع في تشكيل المرجعية، لاستكمال إعمار مخيم نهر البارد، والضغط على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا), وعلى الحكومة اللبنانية من أجل إقرار الحقوق كافة، والتخفيف من الإجراءات الأمنية خاصة عند مداخل المخيمات، مشدداً على أن العلاقة بين المخيمات والجيش اللبناني "جيدة وطيبة, في إطار ما يقوم به الجيش من دور وطني في حماية الحدود ومواجهة العدو صهيوني ودعم خيارات المقاومة في لبنان، ودعم الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه ومقدساته، ودعم حقه في العودة".
وألقى الشيخ بلال شعبان، كلمة حركة التوحيد الإسلامي، قال فيها: "هذا اللقاء هو لقاء الجهاد ولقاء التأسيس والشهادة.. لننطلق في مشروع سورة الإسراء .. في مشروع الإسلام العظيم والقرآن الكريم، الذي يقول "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله" .. وأضاف: "ليس لنا بعد ذلك أن ننطلق صوب أولويات التجزئة التي يراد لنا من خلالها أن نختلف وأن نتصارع.. ستبقى القدس قبلة جهادنا ولن نضل الطريق في زواريب السياسات والمماحكات الداخلية التي يراد لنا من خلالها أن نتصارع عرقياً ومذهبياً ومناطقياً وسياسياً لكي تبقى إسرائيل بمنأى عن كل ضرباتنا، وفي منأى عن مواجهتنا."
وتوجه الى الشعب الفلسطيني بالقول: "“أيها الشعب الفلسطيني.. أنتم البوصلة وأنتم المؤشر.. وكل حراك لا يتجه صوب القدس وصوب فلسطين هو حراك مشبوه."
وختم الشيخ شعبان كلمته بالقول: " الشكر كل الشكر لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، والى مزيد من التضحية والتقديم والفداء .. فحركة يستشهد أمينها العام حركة لن تموت بإذن الله."
وألقى عضو الهيئة القيادية في الجبهة الشعبية، حسين لوباني، كلمة الفصائل والقوى الفلسطينية، متوجهاً بالتحية الى الشهيد الشقاقي، قائلاً: "عندما نحيي هذه الذكرى فإننا نستذكر أن الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي رفض أوسلو، وآمن بفلسطين كل فلسطين، فكان مدرسة في تقديم الاستشهاديين، ومدرسة في كتابة تاريخ فلسطين بالدم، وقد سعى منذ اللحظة الأولى الى تعزيز طريق الكفاح المسلح."
وتطرق اللوباني الى الوضع الفلسطيني بالقول: "الوضع الفلسطيني معقد جداً: فلا أصحاب المفاوضات وصلوا الى نتيجة، ولا من جمعوا السلطة مع المقاومة نجحوا.. علينا أن نتحدث بصراحة.. المرحوم الشهيد عرفات قاوم وفاوض ومع ذلك قتلوه، لذلك يجب أن نفهم أن العدو لن ينفع معه إلا الكفاح المسلح"، داعياً الى توافق فلسطيني شامل على استراتيجية المقاومة، ومؤكداً على وجوب إنهاء الانقسام الفلسطيني ووقف سياسة الاعتقالات.
وبعد انتهاء المهرجان، قام الرفاعي بجولة زيارات في المخيم، شملت منزلي والدي الشهيدين أحمد قاسم وفؤاد لوباني, اللذين استشهدا في الأحداث الأخيرة في البارد، ثم زار عائلة الحاج أحمد لتقديم واجب العزاء بوفاة الحاج أبو صدقي، والد الشهيد عادل الحاج أحمد، أحد شهداء حركة الجهاد الإسلامي في لبنان، كما قدم واجب العزاء للأخ أبو هشام ليلى بوفاة ولده.