الخميس: 19/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

اعمار الخليل: الاحتلال يواصل مساعيه لتحويل الخليل الى منطقة يهودية

نشر بتاريخ: 17/10/2012 ( آخر تحديث: 17/10/2012 الساعة: 08:26 )
الخليل-معا- دعت لجنة إعمار الخليل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) لبذل كافة الجهود الممكنة لمنع تهويد البلدة القديمة من الخليل وطمس تراثها التاريخي والحضاري، ومنع مصادرة ممتلكات المواطنين، ومنع تسليم مبنى الرجبي للمستوطنين الإسرائيليين لما يشكل ذلك من تهديد حقيقي للطابع التاريخي والثقافي لمدينة الخليل وطمس هويتها الحضارية والثقافية، كما يشكل ذلك خطورة بالغة على حقوق المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم.

وقالت اللجنة في بيان لها حول الانتهاكات التي تمارسها سلطات الاحتلال والمستوطنين في البلدة القديمة: إن سلطات الاحتلال تعمل جاهدة لتفريغ البلدة القديمة من سكانها وتحويلها لمنطقة يهودية، من خلال الاستيلاء على المنازل من قبل المستوطنين والادعاء بأنهم قد قاموا بشرائها، وبتواطؤ من قادة جيش الاحتلال ووزيرهم، فإنهم ماضون في تنفيذ مخططاتهم.

حارة السلايمة:
تتعرض هذه المنطقة من البلدة القديمة لإنتهاكات يومية من قبل الإحتلال الإسرائيلي تمارس ضد الممتلكات التاريخية والثقافية، وحقوق المواطنين الفلسطينيين في تلك المنطقة، وذلك بحكم أهمية موقعها الجغرافي، حيث تقع حارة السلايمة وجابر بالقرب من الحرم الإبراهيمي الشريف، وأن إستهداف هذه الحارات من قبل الإحتلال الإسرائيلي يرمي للسيطرة على العديد من الممتلكات هناك من أجل تهويد المنطقة وطمس معالمها التاريخية والثقافية، وتشديد الخناف على الحرم الإبراهيمي الشريف كمعلم ديني وتاريخي بارز، حيث تتعدد الإنتهاكات الإسرائيلية في تلك المنطقة، فتارة يقومون بهدم مباني تاريخية عريقة من أجل شق طرق إستيطانية لتسهيل وصول المستوطنين الإسرائيليين من مستوطنة كريات أربع للحرم الإبراهيمي الشريف والبؤر الإستيطانية الأخرى الواقعة في قلب مدينة الخليل، وتارة أخرى يقومون بإغلاق الشوارع والمنافذ الواقعة في تلك الحارات والمؤدية للحرم الإبراهيمي الشريف من خلال وضع كتل أسمنتية وسواتر من الخرسانة وبراميل الحدديد، كما ويمنعون لجنة إعمار الخليل من ترميم مئات المباني التاريخية الآيلة للسقوط هناك بهدف هدمها وإندثارها و مسحها من التاريخ.

لذلك نلقي الضوء في هذا التقرير المقتضب على إنتهاكين جسيمين يشكلان تعدياً سافراً على حقوق جميع سكان الحارات المذكورة، ويهددان ممتلكاتها التاريخية والحضارية، وذلك على النحو التالي:

1- إقامة جدار في مداخل حارة السلايمة:
أصدرت سلطات الإحتلال الإسرائيلي ممثلة بالقائد العسكري بتاريخ 20/9/2012 أمراً عسكرياً يقضي بمصادرة أراضي للمواطنين الفلسطينيين تقع في حارة السلايمة شرقي الحرم الإبراهيمي الشريف، وذلك من أجل إقامة جدار إسمنتي يعلوه شبك حديدي بحيث يفصل ما بين المناطق السكنية الواقعة شرقي الحرم الإبراهيمي والمناطق الواقعة غربيه بحجج و ذرائع أمنية واهية سبق وأن إستخدمها الإحتلال ولا يزال لتمرير مخططاته الإستيطانية في البلدة القديمة.

يقام هذا الجدار الغير شرعي في الشارع الرئيسي المؤدي للحرم الإبراهيمي الشريف من جهة حارة السلايمة والذي إستغله المستوطنون للوصول من مستوطنة كريات أربع للحرم الابراهيمي الشريف، وكانت سلطات الإحتلال قد عمدت الى شق هذا الشارع عام 2002 من خلال الشروع بهدم ثلاثة وثلاثين مبنى تاريخي من أجل تسهيل حركة المستوطنين، فتقدمت لجنة إعمار الخليل وبلدية الخليل ومجموعة من المواطنين أنذاك بإلتماس للمحكمة العليا الإسرائيلية لمنع الهدم، حيث قلصت المحكمة عدد المباني التي كانت مستهدفة بالهدم من 33 مبنى الى ثلاثة مباني، فيأتي هذا الجدار التفاف على قرار المحكمة العليا ودليل على استهداف المنطقة بمخطط مسبق للتوسع الإستيطاني بهدف تهويد البلدة القديمة و تهجير سكانها الأصليين.

إن إقامة هذا الجدار الغير قانوني يعتبر إستكمالاً لسياسة الإغلاقات المستمرة في البلدة القديمة منذ بدء زرع البؤر الإستيطانية في قلب الخليل لتهويدها وتقطيع أوصالها، إذ أنه يفصل المناطق السكنية شرق الحرم عن غربها مما سيمنع أكثر من سبعون عائلة من الوصول لمساكنهم ومركز الخدمات الصحية ورياض الأطفال الموجودة هناك، وسيمنع الطلبة من الوصول لمدارسهم وسيشل الحياة في المنطقة ويعيق مشاريع لجنة إعمار الخليل في تأهيل المباني التاريخية هناك وعلى رأسها المباني الآيلة للسقوط ، مما يجعلها في خطر الضياع والسيطرة من قبل سلطات الإحتلال الإسرائيلي والجماعات الإستيطانية، كما أن هذا الجدار سيعرض المواطنين الفلسطينيين القاطنين في المنطقة للخوف على عائلاتهم وممتلكاتهم ويجعلهم عرضة لزيادة وتيرة اعتداءات المستوطنبن ضدهم خاصة أولئك القادمين بشكل مستمر من مستوطنة كريات أربع الى داخل البؤر الإستيطانية في البلدة القديمة.

ولمواجهة هذا الإنتهاك تقدمت لجنة إعمار الخليل بتاريخ 16/9/2012 بإعتراضات بإسم المواطنين المتضررين للمستشار القانوني للإدارة المدنية الإسرائيلية، والذي بدوره رفض قبول هذه الإعتراضات تحت مسببات أمنية واهية وغير واقعية، بعدها تقدمت لجنة إعمار الخليل وبالتعاون مع بلدية الخليل والمالكين الفلسطينيين بطلب إستصدار أمر إحترازي قضائي من المحكمة العليا الإسرائيلية لمنع بناء هذا الجدار، حيث تعامل قضاة المحكمة العليا الإسرائيلية مع هذا الطلب بإستهتار وقاموا بالمماطلة والتأخير بنظر الإلتماس ليوم كامل مما أعطى مساحة زمنية كافية لسلطات الإحتلال لإستكمال بناء الجدار وإعتباره أمر واقع، كما أن القضاة إستمروا في مسلسل التواطؤ مع جيش الإحتلال والجماعات الإستيطانية من خلال إصدار قرار باهت في وقت متأخر من يوم تقديم الإلتماس هو 24/9/2012، يعبرون من خلاله عن عدم قناعتهم بمطالب المواطنين الفلسطينيين و بالتالي يرفضون إصدار أمر إحترازي بوقف البناء ويأجلون النظر بالقضية لتاريخ 1/11/2012 .

2- قضية مبنى الرجبي في الخليل القديمة:
وصف المبنى:
هو عبارة عن بناية ضخمة تبلغ مكونة من أربعة طوابق تبلغ مساحتها قرابة 3500 متر مربع و تعود ملكية المبنى لعائلة الرجبي في الخليل، يقع المبنى في منطقة حي الراس شرقي الحرم الإراهيمي الشريف في البلدة القديمة من الخليل، كان مبنى الرجبي محط أنظار الجماعات الإستيطانية لتمتعه بموقع استراتيجي جيوسياسي مهم، لهذا كان مطمعا لهم بهدف جعله نقطة تواصل تربط ما بين كبرى المستوطنات كريات أربع - التي يسكنها أكثر من 7000- مستوطن والمستوطنات الواقعة في قلب مدينة الخليل، لذا كان للجماعات الإستيطانية تسميتهم الخاصة لهذا المبنى، إذ سموه "مبنى التواصل" كدليل على أطماعهم بالإستيلاء عليه كمقدمة لربط البؤر الإستيطانية ببعضها البعض وتهويد البلدة القديمة وتهجير سكانها الأصليين.

إقتحام المستوطنين للمبنى:
في 19/3/2007 إقتحم مجموعة من المستوطنين مبنى الرجبي وإستولوا عليه بشكل غير قانوني، وقاموا بتعزيز وجودهم فيه وربطه بشبكة الكهرباء والقيام بأعمال الترميم والبناء من أجل تثبيت وجودهم بالمبنى وتحويله الى بؤرة إستيطانية مزودة بجميع الخدمات اللازمة، ومنذ اغتصاب المبنى ازدادت الاعتداءات على الفلسطينيين في المنطقة المذكورة وإنتهاك حقوقهم والتعدي على ممتلكاتهم من قبل المستوطنين وقوات جيش الإحتلال التي انتشرت لحماية أمن المستوطنين.

متابعة القضية أمام المحكمة العليا الإسرائيلية:
تقدمت لجنة إعمار الخليل والمالكين الفلسطينيين آنذاك بإلتماس للمحكمة العليا الإسرائيلية، وبعد جدال قانوني شاق إستطاعت اللجنة الحصول على قرار قضائي بتاريخ 16/11/2008 يقضي بإخلاء المستوطنين من المبنى و وضعه تحت حيازة جيش الإحتلال الإسرائيلي لحين البت في موضوع الملكية، و ذلك بعد أن تم إثبات تزوير الوثائق والمستندات المقدمة من المستوطنين بشكل قاطع من قبل معمل البحث الجنائي لدى شرطة الإحتلال الإسرائيلي و تم تأكيد حصول التزوير والتلفيق بالوثائق من النيابة العامة الإسرائيلية.

على إثر قرار الإخلاء شن المستوطنون هجمة شرسة إنتقامية على أهالي المنطقة و قاموا بإحراق منازل المواطنين وتخريب ممتلكاتهم وترويع الأهالي، و قاموا بإطلاق النار على المواطنين بشكل مباشر مما أدى إلى إصابة مواطنين بإصابات حرجة، وتنفيذاً لقرار المحكمة قام جيش الإحتلال بإخلاء المستوطنين من المبنى و وضعه تحت حيازته لحين البتّ في ملكية المبنى وإعلانه منطقة عسكرية مغلقة، وكعادته تنصل جيش الإحتلال من مسؤوليته القانونية في حماية المواطنين من اعتداءات المستوطنين المتطرفين، مما حول الحياة في ذلك الحي لمعاناة لا تطاق، فاضطرت بعض العائلات الفلسطينية إلى بناء أسوار و وضع سياج في محيط منازلهم لحمايتها من المستوطنين، وعدم إيقاف سياراتهم في محيط المبنى المغتصب خوفاً من إحراقها أو تخريبها.

متابعة القضية أمام المحكمة المركزية:
تابعت لجنة إعمار الخليل مسيرة الدفاع القانوني عن المبنى و حقوق مالكيه لدى المحكمة المركزية الإسرائيلية، مستندة في ذلك على ثبوت زيف وتزوير وثائق الملكية المقدمة من المستوطنين أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، إلا أن قاضي المحكمة المركزية تعامى عن الحقيقة و ضرب بعرض الحائط جميع معايير التقاضي العادلة، إذ اصدر في 13/9/2012 قراراً تعسفياً عنصرياً يقضي بملكية المستوطنين للمبنى و أوعز لحكومة الإحتلال بتسليمه للمستوطنين خلال 30 يوماً، وقد أعتبرت لجنة إعمار الخليل هذا القرار مجحفاً و يشوبه الكثير من المغالطات القانونية وفيه مخالفة صارخة للأحكام القضائية السابقة خاصة ذلك القرار الصادر عن المحكمة العليا الإسرائيلية والذي قضى بعدم جواز تسليم حيازة المبنى لأي طرف من الأطراف إلا بعد الحصول على قرار قطعي وإستيفاء كافة درجات التقاضي بما في ذلك إمكانية الإستئناف على قرار المحكمة المركزية لدى المحكمة العليا الإسرائيلية، وقد كان من المفاجىء أن تقرر المحكمة المركزية تسليم المبنى للمستوطنين قبل نظر الإستئناف أمام المحكمة العليا الإسرائيلية والوصول بالحكم الى الدرجة القطعية، كما أن هنالك العديد من الشواهد التي تؤكد تحيز قضاة المحكمة للمستوطنين وذلك بعد أن إعتمدوا في إصدار حكمهم على وثائق ومستندات ثبت تزويرها بشكل قاطع، كما أن قضاة المحكمة أصدروا حكمهم في القضية دون دراسة المرافعات والردود الكتابية المقدمة من محامي المالكين الفلسطينيين حيث كانوا قد أعدوا حكمهم مسبقاً إستناداً لآرائهم الشخصية و ليس لحقائق وأدلة قانونية دامغة.

قرار وزير جيش الإحتلال بتسليم المبنى للمستوطنين:
وحيث كانت لجنة إعمار الخليل تستعد لتقديم إستئناف ضد قرار المحكمة المركزية خلال المدة المحددة حسب القانون وهي 45 يوم، فاجأنا وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي إيهود باراك بإصدار قراراً سياسياً مساء يوم الخميس الموافق 11/10/2012 يقضي بالسماح للمستوطنين بدخول المبنى المذكور والاستيلاء عليه.

على إثر ذلك تقدمت لجنة إعمار الخليل صباح اليوم التالي الموافق 12/10/2012 بالتماس عاجل للمحكمة العليا الإسرائيلية لإلغاء قرار وزير الجيش الإسرائيلي ومنع دخول المستوطنين للمبنى، إلا ان المحكمة رفضت الالتماس مشيرة الى ضرورة مراسلة وزير الجيش الإسرائيلي قبل اتخاذ إجراءات قضائية لدى المحكمة، وقد إعتبرت لجنة إعمار الخليل رفض هذا الإلتماس إستكمال لحلقة المؤامرة على الحقوق الفلسطينية ما بين القضاء الإسرائيلي و حكومة الإحتلال.

الإستيطان في مبنى الرجبي ينذر بكارثة إنسانية:
إننا ننظر ببالغ الخطورة لقرار تسليم مبنى الرجبي للمستوطنين ونحذر من عواقبه الوخيمة على الطابع التراثي والجغرافي والسياسي، إذ أن ذلك يعني إنشاء مستوطنة جديدة في قلب الخليل تربط ما بين مستوطنة كريات أربع والبؤر الإستيطانية داخل البلدة القديمة، وأن ذلك ينذر بإرتكاب المستوطنين إنتهاكات جسيمة يومياً لحقوق سكان المنطقة من أطفال ونساء وكبار السن على غرار ما إرتكبه المستوطنون من إعتداءات على أهالي المنطقة عند إخلائهم من المبنى عام 2008 كإحراق المنازل وتخريب الممتلكات وترويع الأهالي، و إطلاق النار بشكل مباشر على المواطنين و إصابة البعض منهم بإصابات حرجة، كما أن سيطرة المستوطنين على المبنى ستؤدي الى زيادة معاناة الأهالي وضيق عيشهم نتيجة لما ستفرضه سلطات الإحتلال من إغلاقات جديدة في المنطقة وإجراءات متعددة لتقييد الحركة كالحواجز والنقاط العسكرية والتنكيل اليومي بالمواطنين، وستحول حياة المواطنين الى كابوس يستحيل معه العيش بسلام وأمان.