الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

وثيقة إسرائيلية رسمية: 2279سعرا حراريا للمواطن بغزة حتى لا يموتوا جوعا

نشر بتاريخ: 17/10/2012 ( آخر تحديث: 18/10/2012 الساعة: 17:09 )
بيت لحم- معا - في ختام صراع قضائي لجمعية "چيشاه - مسلك" امتد لثلاث سنوات ونصف السنة، كشفت وزارة الأمن الإسرائيلية عن وثيقة "استهلاك الغذاء في القطاع- الخطوط الحمراء" التي احتوت على معلومات عن سياسة تقييد ادخال الغذاء لقطاع غزة، والتي كانت سارية المفعول بين العام 2007 والعام 2010. واستلمت جمعية "چيشاه - مسلك" الوثيقة خلال عيد العرش الفائت، بعد أن رفضت المحكمة العليا، بتاريخ 5 أيلول - سبتمبر، استئناف الدولة المطالب بعدم نشر الوثيقة.

وتدعي الوثيقة، وهي بصيغة العرض التقديمي "باور بوينت"، التي سلمت بنسختين، كلاهما من شهر يناير - كانون الثاني 2008، أنها تلخّص عمل قام به الجهاز الأمني بمشاركة وزارة الصحة بهدف "تحديد نقطة التي تستوجب التدخّل لمنع حدوث حالة سوء تغذية في القطاع". تشمل الوثيقة جداول مفصلة للاستهلاك الغذائي في القطاع وفقا لأنواع الغذاء، الوزن والقيم الغذائية. تم إعداد الجداول على خلفية قرار المجلس الأمني الوزاري المصغر بتاريخ 19.9.2007 الذي طبق رسميُا قرار تشديد الاغلاق على قطاع غزة إثر سيطرة حركة حماس عليه في يونيو - حزيران في نفس العام. القرار عرّف القطاع على أنه "منطقة معادية" وفرض عليه "قيودًا مشددة في المجال المدني"؛ ومنها فرض القيود على إدخال البضائع إلى القطاع، بما في ذلك المواد الغذائية.

ووفقا للوثيقة، وجد المركز الذي عمل على إعدادها، أنه يكفي إدخال 106 شاحنات إلى القطاع يوميًا (5 أيام عمل) لتزويد سكان القطاع "بالوجبة الإنسانية اليومية"، والتي تشمل المواد الغذائية الأساسية، الأدوية، الأجهزة الطبية، منتجات نظافة صحية، والمواد الزراعية. للمقارنة فقط، نذكر أنه في شهر يونيو - حزيران 2007 دخلت القطاع أكثر من 400 شاحنة يوميا. وفي وثائق إضافية، تم الكشف عنها في أعقاب النشاط القضائي لجمعية "چيشاه – مسلك"، عرضت قوائم تمنع إدخال بضائع مثل الحمص المتبّل، اللحوم الطازجة، الكسبرة والطحينة. على أرض الواقع، وفي الفترة المذكورة، دخلت القطاع حوالي 65 شاحنة بالمعدل خلال يوم العمل.

ويتضح من الوثيقة أن الجهاز الأمني كان يعرف أن القيود التي فرضت على إدخال المواد الزراعية وبيض التفريخ، سوف تلحق الضرر بالإنتاج المحلي للخضروات والدجاج المعد للطعام. حيث جاء في وثيقة الخطوط الحمراء: "كمية الخضروات المنتجة في القطاع آخذة في الانخفاض في ظل عدم توافر المدخلات الزراعية، وفي أعقاب انخفاض التوقعات في امكانية التسويق الزراعي إلى إسرائيل". الهدف المعلن لهذه السياسة كان "حربا اقتصادية" تشل الاقتصاد في القطاع، كما ادعت وزارة الأمن، من أجل الضغط على سلطة حماس.
|192492|
وعلى مدار هذه المواجهة القضائية لنشر الوثائق، وأيضًا من خلال رسالة ملحقة أرفقت للوثيقة عند تسليمها لجمعية "چيشاه - مسلك"، ادعى مكتب منسق أعمال الحكومة في المناطق أن "الوثيقة هي عبارة عن مسوّدة، ولم تستخدم في أية مرحلة كقاعدة لتنفيذ السياسة المدنية في قطاع غزة". مع ذلك، ذكر في الوثيقة بنسختيها بشكل واضح بأنه "من أجل توفير مقومات حياتية اساسية في القطاع، وافق نائب وزير الأمن على إدخال 106 شاحنات محملة بمنتجات إنسانية إلى القطاع". السؤال المفروض هنا هو: على أي أساس أقر نائب الوزير فلنائي "نموذج الـ 106" (كما أطلق عليه في الوثيقة) إذا لم يقرّه على أساس العمل الذي تلخّصه الوثيقة.

ويذكر أن السياسة الاسرائيلية الخاصة بالجانب المدني تجاه القطاع تغيرت في أعقاب أحداث الاسطول التركي الى غزة في أيار 2010، بحيث لم تعد إسرائيل تفرض تقييدات على إدخال المواد الغذائية إلى القطاع. مع ذلك، لم يتغير موقف الجهاز الأمني القائل بأن إسرائيل ملزمة بالحد الادنى من الواجبات تجاه سكان القطاع. وتعتمد إسرائيل حاليا "سياسية الفصل" تجاه القطاع، وفي إطارها تقيد حركة الناس وتنقلهم بين القطاع والضفة الغربية "للحالات الإنسانية الاستثنائية" وتمنع تسويق بضائع القطاع في الضفة وإسرائيل اللتين تشكلان %85 من سوق هذه البضائع. ويذكر أن حكومة إسرائيل امتنعت حتى الآن عن شرح أهداف هذه السياسة، ومن وضعها، وبذلك تجهز على أية فرصة لعرضها للنقاش العام.

وقالت المدير العامة لجمعية "چيشاه - مسلك"، ساري بشي: "على هذه الوثيقة أن تذكّر بالـ"الخطوط الحمراء" التي على الدولة عدم تخطيها. إن التقليص المقصود والمدروس لتزويد المدنيين بالمواد الغذائية، من أجل الضغط على السلطة، هو خرق واضح للخطوط الحمراء، وهو خرق كان متاحًا بسبب إصرار الحكومة على إخفاء سياستها. هذا ما كان في 2008، وهذا ما نشهده الآن مع "سياسة الفصل" التي تمنع حركة المدنيين الضرورية لتوفير حياة منتظمة وطبيعية في قطاع غزة".