مدينة صفد العربية : حي عربي كامل عاد للظهور فدفن من جديد وعمليات محو لاثارها وطمس لمعالمها بعد تهجير سكانها
نشر بتاريخ: 13/02/2007 ( آخر تحديث: 13/02/2007 الساعة: 21:07 )
رام الله- معا- دأبت الدولة العبرية ومن قبلها طلائع اليهود الذين تسللوا الى فلسطين على فرض سياسة الامر الواقع من خلال تكريس وتوسيع استيطانهم وسلب املاك وتراث وتاريخ الفلسطينيين ورسم معالم يهودية "مزورة" لايجاد رابط وهمي بينهم وبين هذه الارض وفي الوقت ذاته محاولة اخفاء المعالم الواضحة التي تدل بشكل جلي على العلاقة الوطيدة بين الفلسطينيين وبلادهم على مدى عصور بعيدة في قلب التاريخ .
الاثار العربية الفلسطينية في الجزء المحتل من فلسطين في العام 1948 كثيرة وتبرز في كل زاوية من زوايا البلاد حيث اضحى من الصعب ان تطمس بسهولة وان طمست المباني فيبقى الشجر والذي ان اقتلع تبقى المآذن شامخة حتى وان تحولت المساجد الى متاحف او حانات او حظائر لتربية الحيوانات كما هو حاصل ، فتبقى الحقيقة التي تتناقلها الاجيال من جيل الى جيل .
اخبار التدمير للاثار العربية ...
اديب شاب من قرية في الجليل الاسفل ويعمل في شركة اسرائيلية للحفر وترميم البلدة القديمة لمدينة صفد الواقعة شمال فلسطين ، اديب الذي يبلغ من العمر 25 عاما ، تحدث بداية عن الزلزال الذي ضرب المنطقة حوالي العام 1836 وادى الى طمر احياء كامله من مدينة صفد الواقعة على قمم جبال الجليل الاعلى قرب الحدود اللبنانية الفلسطينية .
مراسلنا التقى الشاب اديب وعدد آخر من عرب 48 المتواجدين هناك .
شد الرحال للمدينة ...
ويروي الاهالي " قبل السفر هناك ، كان قد ترامى الى مسامعنا انباء عن اكتشاف حي عربي كامل مدفون تحت الارض في الحي القديم من مدينة صفد جعل ذلك الحنين والحب المخزن في قلب كل فلسطيني تجاه كل جزء من فلسطين التاريخية ، دافعا لنا لنشد الرحال الى الجليل ووجهتنا مدينة صفد المتشوقين لرؤيتها للمرة الاولى ".
ويتابع الاهالي " الطريق كله جميل في سهول وجبال الجليل وكلما تعمقت اكثر كانت الصورة اجمل واكمل واوضح الى ان بدأت تظهر مدينة صفد المعلقة على جبال دائمة الخضرة ، وفي مدخلها مئذنة بلا مسجد فقد دفنت تحت التراب وعبدت الشوارع فوقه .
وتقدم اكثر لترى المسجد الكبير يربض بمئذنته الشاهقة ، فهممنا بالدخول اليه واذ بلافتة باللغة العبرية على مدخله الامر الذي دفعنا للفضول وحب الاستطلاع لقراءتها فنطقت تقول : "هذا المسجد الذي رمم في المرة الاخيرة عام 1901 كان يشهد الكثير من التحريض ضد اليهود في خطب الجمعة ومنه خرج الكثير من المشاغبين العرب ونكلوا بيهود المدينة " .
دخلنا المسجد ، واجهنا فناء واسعا يعج بالصور والتماثيل التي انتشرت في رحاب المسجد الخالي في تلك اللحظة من الزائرين عدا تلك الروسية التي تجلس على مقعدها في المدخل ومهمتها الحرص على عدم المساس بالصور المعلقة ومنع التصوير داخل المسجد , لم نتجول كثيرا في المسجد الذي لم يعد مسجدا ، خرجنا واذ بمجموعة مستوطنين يتناولون اقداح الخمر في القسم الاخر من المسجد الذي تحول لحانة يرتادها اليهود .
الحفريات ودفن الاحياء العربية من جديد ...
خرجنا وسألنا عن الاحياء التي كان يسكنها العرب غير هذه المنطقة التي محيت آثارها تدريجيا ، قيل لنا من بعض الشبان العرب الذين يعملون هناك ان الاثار كلها محيت وان مالم يمح دفن تحت الارض .
بعض العمال العرب ووسط اصوات الجرافات والحفارات التي تعمل في المنطقة من اجل تمديد خطوط مياه لبيوت اليهود التي انتصبت فوق البيوت العربية في تلك المنطقة, ولكننا كنا قد قدمنا للبحث عن الحي العربي الذي كشف عنه تحت الشارع خلال الحفريات ، الا ان سياج وحواجز معدنية مضروبة حول المكان غير اننا تقدمنا من طرف الشارع المحفور فتراءت لنا فتحة بقطر متر لم تصلها بعد عملية الاغلاق السريع وبعد امعان النظر بداخلها ظهر حائط بلون اخضر وطرف باب لغرفة .
الحي العربي المدفون تحت الارض .
اقتربنا من احد العمال العرب وهو شاب في بداية العشرين من عمره سألناه عن الحي وماذا يحصل ،؟ قال "هنا كلها بيوت عربية تحت الارض واشعر باحاسيس غريبة في هذا المكان فرائحته عربية ودائما خلال الحفريات اذا وجدنا مباني عربية يقومون بدفنها بالاسمنت ومن ثم التراب ويعبدون الشارع عليها اما ان كانت غير عربية يتم وقف العمل والاحتفاظ بها وترميمها ."
واضاف مشيرا بيده الى الجهة الغربية من صفد ، كان هناك مسجد فهدموه وخلال عملية ازالة الركام وجدوا قطعة نقدية فنادوني لاقرأ ماهو مكتوب عليها وبعد ان نظفتها وجدت عليها كلمة (مملوكي او مملوكية) " .
وتدخل عامل اخر وقال "انها نقود من العهد المملوكي هنا حدث زلزال كما يقول تاريخ صفد وكل هذا الحي دفن جراء انهيار التربة اينما ذهبتم في صفد القديمة هناك اثار عربية وفلسطينية تحت الارض وهذا الحي الذي كشفناه من فترة خلال عملنا سيقومون بدفنه بالاسمنت والتراب وبعد تمديدات المياه والصرف الصحي سيعبد الشارع " .
ويضيف " نحن هنا نعمل بشركة حفريات في مدينة صفد لانجاز اعمال الترميم والصيانه لهذه المباني التي يسكنها يهود ودائما هناك مراقبون من سلطة الاثار يتابعون كل شيء ويأخذون كل الموجودات ويقررون ان كانت الاثار ستدفن وبالطبع ان كانت عربية او ابقائها ان كانت غير عربية " .
حي عربي باكمله دفن من جديد تحت الارض وفوقه تطاول البنيان اما العمال العرب من قرى الجليل فبدأوا يتحدثون عن ايام جميلة قبل النكبة .
اما اليهود ممن اتوا من اصقاع الارض للسكن في صفد على انقاض اصحابها فحديثهم كان يدور عن الارقام الصعبة ونسيان حكومتهم لصفد وكيف جعلتها عرضة للصواريخ تتساقط عليها من لبنان .
الخوف كان باد على وجوههم ليس من الصواريخ فحسب بل الاكثر من البيوت العتيقة والمساجد .