خبير الديمغرافيا برنارد سابيلا : الاسرائيليون يفرضون بعدهم الديمغرافي على خارطة القدس القديمة
نشر بتاريخ: 06/08/2005 ( آخر تحديث: 06/08/2005 الساعة: 15:43 )
القدس-معا- حذر الدكتور برنارد سابيلا استاذ علم النفس الاجتماعي المشارك في جامعة بيت لحم والخبير الديمغرافي من تداعيات المخطط الاسرائيلي بناء حي استيطاني يهودي في البلدة القديمة من القدس على مستقبل الوجود العربي الاسلامي والمسيحي في المدينة المقدسة مطالبا باستراتيجية فلسطينية تجابه هذا المخطط ، وتشكل ردودا عملية منطقية على نتائجه الكارثية المتوقعة .
وقال ان المخطط الاسرائيلي بناء حي استيطاني يهودي في باب الساهرة داخل أسوار المدينة المقدسة يضع البعد الديمغرافي اليهودي بقوة على خارطة البلدة القديمة الأمر الذي لم يكن قائما حتى الآن مشيرا الى أن أعداد اليهود داخل أسوار المدينة المقدسة عشية سقوط القدس في العام 67 صفر ، لكنهم اليوم يعدون ما يقرب الاربعة آلاف مستوطن غالبيتهم يقطنون ما يعرف بالحي اليهودي الذي اقيم على أنقاض حارة الشرف فيما يتوزع الآخرون على البؤر الاستيطانية الأخرى الموزعة في مناطق متفرقة من البلدة القديمة .
وأضاف سابيلا ان بناء الحي الاستيطاني الجديد سيضاعف اعداد المستوطنين مما يعني اضعاف البعد السكاني الفلسطيني وتهميشه متزامنا ذلك مع اضعاف هذا الوجود في محيط البلدة القديمة خاصة في سلوان حيث تعتزم البلدية هدم نحو تسعين منزلا هناك بهدف انشاء متنزه اسرائيلي.
واتهم د. سابيلا الاسرائيليين بأنهم يلجأوون ألى أساليب ووسائل ادارية لفرض هذا الواقع الديمغرافي على المدينة المقدسة، من خلال ترسيمهم الجديد لهذا الواقع ولحدود المدينة جغرافيا ومن خلال بناء جدار الفصل.
وللتدليل على ما يذهب اليه أورد د. سابيلا معطيات إحصائية حول أعداد اليهود في البلدة القديمة من القدس، حيث بلغت نسبتهم في العام 1995ما مجموعه 5% فقط، ثم ارتفعت في العام 2002 لتصل الى 11%، في حين يقدر إجمالي عدد السكان هناك 34 ألف نسمة، موزعين على النحو التالي:
70% مسلمين، 20% مسيحيين، و10% يهود.
وعن الاجراءات الاسرئيلية التي سبقت توجههم الحالي في المجال الديمغرافي، قال د.سابيلا : -"الاشكالية الكبرى التي شاهدناها منذ بداية الاحتلال هو منع المواطنين ابناء الضفة الغربية وقطاع غزة من الوصول الى أماكنهم المقدسية، حتى أن هذا الاجراء بات يطال المقدسيين أنفسهم من خلال تحديد أعمار من يسمح لهم بالوصول والدخول اليها. فالاسرائيليون يعطون الآن تصاريح دخول للقدس وفي رمضان للمسلمين، وتصاريح إقامة لمدة أسبوع للمسيحيين، ما يناقض في الواقع القوانين الدولية التي تضمن حقوق الأفراد والمجموعات في ممارسة شعائرها الدينية وطقوس العبادة. أي أن اسرائيل وضعت شروطاً على هذه الحقوق، حين تقرر أن اليوم الفلاني ممنوع الذهاب فيه الى القدس للصلاة، بذريعة الإغلاق أو الدواعي الأمنية المختلفة.
وحذر سابيلا من أن استمرار هذا الوضع سيفضي أيضا الى إضعاف مكانة الأماكن المقدسة لدى المسلمين والمسيحيين مما سيفتح شهية المتطرفين اليهود لاستهداف هذه الأماكن المقدسة وتحديدا الإسلامية. وقال "أنا أنظر الى هذه الأماكن باعتبارها أماكن حضارية وتراثية تمسّنا جميعا وعلينا أن ننتبه وأن لا ندع الامور وكأنها تسير بخير، بل علينا كفلسطينيين وكعرب أن ننهض بالقدس حتى على صعيد الخدمات الاجتماعية والشبابية ودعم الأندية وتفعيل المهرجانات، وخلق حالة من الحراك في المجتمع المقدسي.
ويرسم د. سابيلا صورة قاتمة للواقع الحالي الذي تعيشه القدس بفعل الاجراءات الاسرائيلية فيها، وربط الانسحاب من غزة بمخططات المستقبل ازاء المدينة المقدسة وفي هذا يقول " من الواضح أن هدف الانسحاب من غزة هو تعزيز السيطرة على مناطق فلسطينية خاصة مدينة القدس، ومحاولة التخلص من أكبر عدد ممكن من المقدسيين. والمضحك المبكي في كل هذه الخطوات الاسرائيلية، هو أن المقدسي مستقبلا لن يتمكن من العمل في رام الله أو بيت لحم، ما يعني قطع صلاته الانسانية والحياتية مع امتداده الطبيعي في هذه المناطق، ورسالة الاسرائيليين للمقدسيين واضحة: " نريد التخلص منكم رغم أنكم تحملون البطاقة الزرقاء" .
وأضاف :" هي محاولة أيضا من قبل الاسرائيليين لتحويل القدس الى مجمع سكاني بلا حياة ثقافية أو إجتماعية قائمة بحد ذاتها. وفي الواقع فان حالة انهيار القيم وتفشي المخدرات، وغيرها من الظواهر، يذكرني بيافا وعكا، بمعنى أن هناك محاولة لجعل الناس جميعا هنا في المدينة المقدسة عاطلين عن العمل، لا ينظرون للمستقبل بمنظور ثقافي وحضاري وإنساني، وبالتالي فما حدث هو تدمير للنسيج الاجتماعي المقدسي ، بالاضافة الى النتائج السياسية التي يريد الاسرائيليون حصادها. وهو أسرلة المدينة المقدسة وتهويدها، استباقاً لأي حلّ سياسي يتأتى عبر المفاوضات.
وحّذر سابيلا بأن اضعاف الوجود العربي الاسلامي والمسيحي في القدس هدف يجمع عليه الحزبان الكبيران في اسرائيل "الليكود" " والعمل" وسياستهما تقوم منذ احتلال المدينة المقدسة على التخلص من أكبر عدد ممكن من المقدسيين، وهو ما يحققه لهم في هذه المرحلة الجدار في محيط القدس والمتوقع أن يؤدي الى التخلص من 100 ألف مقدسي.
ويرى د. سابيلا أنه بالامكان تعزيز الوجود العربي الفلسطيني في القدس من منطلق حضاري ما يدعم بقاء المواطنين وصمودهم، مشيرا على وجه التحديد الى احياء الليالي الرمضانية كل عام، والتأكيد على الاحتفالات المسيحية والاسلامية، والعناية أكثر بأندية الشباب وتجمعاتهم، والعمل على جمع الشباب في " حارة النصارى" "والواد" في فعاليات ومهرجانات مختلفة. علماً بأن النشاط القائم في القدس حاليا يقتصر على بضع مؤسسات، واذا قارنتها برام الله على سبيل المثال، فهي تفتقر للعديد من النشاطات.