الخميس: 07/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

رحيل إعلامي كبير

نشر بتاريخ: 30/10/2012 ( آخر تحديث: 30/10/2012 الساعة: 18:35 )
بقلم: محمد جميل عبد القادر

منذ أن بدأت الكتابة في الصحف عام 1967 في جريدة الدفاع اليومية ثم الرأي – الدستور – الشعب – الأسواق – العرب اليوم – جوول – الغد الآن .. لم أكتب كلمتي كاملة في رثاء أو مدح إنسان مهما كان موقعه مني أو في المجتمع خوفاً من أي تفسير أو تأويل ..

أما اليوم فإنني أخصص كل كلمتي لرثاء إنسان بسيط رحل عنا إلى الدار الآخرة كأطهر ما يكون الإنسان إنه عزيز على كل إعلامي رياضي بل الكل رياضي في بلدنا والوطن العربي

عمل بصمت واقتدار وكان عطاؤه مثمراً وإنجازاته كثيرة وبصماته واضحة

أربعين سنة من عمره وشبابه وهبها للصحافة محرراً ومعلماً لجيل كبير من الشباب الذين اقتدوا به وتأثروا بأسلوبه الساحر الساخر بالكتابة التي حملت مضامين موضوعية إيجابية في قوالب تحترم الإنسان وفكره وتفكيره دون أن تجرحه أو تؤذيه حيث كان أخاً كبيراً وأباً بكل ما تعنيه الكلمة لجيل تخرج من مدرسته يحمل صفات مهنية في أصعب مهن الحياة ..

أبو السلم (سليم حمدان) وصف بأنه الأب الروحي لنادي الوحدات لأنه كان من الأوائل القلائل الذين آمنوا بضرورة أن يكون لمركز الوحدات التابع في ذلك الوقت (السبعينات) لوكالة غوث اللاجئين دور في الحياة الرياضية الأردنية رغم الإمكانات الضئيلة والمخصصات البسيطة المتوفرة لهذا المركز ..

تحقق هذا الطموح بفضله وفضل مجموعة من زملائه الذين عملوا بجد وإخلاص سنوات طويلة حتى أصبح نادي الوحدات منارة من المنارات المضيئة في حياة الرياضة الأردنية خاصة في لعبة كرة القدم .

أما في مجال الصحافة الرياضية فيطلق عليه أرشيف الصحافة الرياضية المحلية والعربية لأنه كان يتابع كل شاردة وواردة في الرياضة الأردنية والعربية ويؤرشفها ويقدمها لمساعدة كل من يريد أن يطلع على هذا الأرشيف ..وأنا شخصياً من الذين عادوا إلى المرحوم للاستفادة من هذا الأرشيف ..

لقد قاد صحيفة الوحدات النادوية بكل جدارة واقتدار فأصبحت مرجعاً لأنصار نادي الوحدات ولكل من يعشق رياضته..

لم يستسلم أبو السلم للمرض أو الإعاقة أبداً بل كان يتحدى ذلك بالمزيد من العمل والإنتاج والإبداع والإصرار على إعطاء نموذج عملي بأن لا شيء يقف في طريق الإنسان النشيط المجتهد المصمم على الإنجاز لأنه كان ذو عزيمة حديدية في هذا الأمر ..

كنت أود أن يرى الجميع مقدار الحب والتقدير والأسى والحزن معاً في الجنازة المهيبة التي صاحبته إلى مكان مثواه الأخير ليس فقط من مسؤولي وأنصار الوحدات وعائلته وإنما من كل القطاعات الرياضية لأنه حب وحزن حقيقي نابع من القلب فالمرحوم ذهب خالي الوفاض لا يملك مالاً او نفوذاً أو جاهاً أو سلطة رغم أنه أعطى أضعاف أضعاف الكثيرين ولم يأخذ إلا هذا الحب الكبير وهو أغلى حب في الحياة والممات ..

لقد طلب مني قبل أشهر قليلة أن يشارك في ملتقى الإعلام الرياضي الذي عقد في فلسطين وقال لي من يعلم إذا كنت سأعيش لأرى فلسطين مرة أخرى وقد كان له ما أراد حيث ذهب إلى فلسطين معززاً مكرماً من الجميع .

الخسارة كبيرة حيث ترجل فارس قدير من فرسان الصحافة الرياضية المهنية لكن ذكراه وتراثه الصحفي كبير جداً لن ينس أبداً رحمه الله .