الأحد: 29/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

أيها الإعلاميون ! حرب إسرائيل الرياضية بدأت .. والبادي أظلم !

نشر بتاريخ: 03/11/2012 ( آخر تحديث: 03/11/2012 الساعة: 17:35 )
بقلم : محمد النخالة

لطالما اتخذ الصراع الفلسطيني والعربي مع الاحتلال المنحى الرياضي , كون الرياضة تحتل مرتبة متقدمة جداً من حيث الأهمية على سلم أولويات الشعوب في عصرنا الحالي لا سيما الشعب العربي المتيم بكرة القدم على وجه التحديد .

لكن الفلسطينيين دائماً ما كانوا في موضع الضحية والمغلوب على أمرهم في أتون هذا الصراع , فتعرضت رياضتهم لكافة أنواع البطش الإسرائيلي , دون حراك يذكر من اللجنة الأولمبية الدولية أو الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا , أو حتى إخوتهم العرب الذين بيدهم الكثير ليفعلوه !

ألوان معاناة الفلسطينيين الرياضية يمكن تلخيصها بدئاً باستهداف أرواحهم حيث بلغ عدد شهداء الرياضة منذ الاحتلال أكثر من 400 شهيد ومروراً بالاعتقال والإبعاد والمنع من السفر للتمثيل الخارجي وليس انتهاءاً بقصف وتدمير البنية التحتية الرياضية .. الخ من شتى صنوف العدوان المخالف بشكل واضح للقوانين الدولية و مواثيق حقوق الإنسان , التي تُجرِّم التعرض للرياضة والرياضيين .

هذه الحرب الرياضية التي أعلنتها إسرائيل بلا هوادة على الفلسطينيين بدأت تتطور مؤخراً لتستعمل أساليب أكثر ذكاءاً ومكراً وأشد خطورة , فخطفت مؤخراً لاعب منتخب فلسطين ونادي جبل المكبر المهاجم علي الخطيب بشكل غير قانوني ليلعب في صفوف نادي هبويل حيفا الإسرائيلي ولا يلام في ذلك الاحتلال لوحده بكل تأكيد !

وتطورت تلك القضية ليبتز الاحتلال ناديه الأم على أن يتنازل الجانب الفلسطيني عن حقوقه في اللاعب بينما يسمح اللاعب بعودة لاعبه ابراهيم وادي ابن غزة الذي رحله الاحتلال ظلماً وعدواناً من المحافظات الشمالية الى الجنوبية وحرمه من الاحتراف الداخلي !

فصل جديد من فصول هذا الصراع , وجه فيه الاحتلال سهامه نحو الشقيقة جمهورية مصر العربية , حيث استغلت إسرائيل - التي تجمعها مع مصر اتفاقية كامب ديفيد للسلام 1987 – توقف الدوري المصري بسبب غياب الأمن ومشاكل مصر الداخلية وقامت بخطب ود لاعبين من هذا الدوري وقدمت لهم عروضاً احترافية خرافية لخطفهم للعب في الدوري الإسرائيلي , وذلك يعتبره الشارع المصري والعربي والفلسطيني على حد سواء بكل تأكيد شكلاً من أشكال التطبيع المرفوض !

الخطير في الأمر أن بعض اللاعبين المصريين أبدوا تحمساً للفكرة وكان آخرهم حارس مرمى بتروجيت مهدي سليمان الذي اعترف بموافقته على عرض من نادي هبويل تل أبيب لحراسه عرينه لمدة موسم واحد , ونفى الأخير أن يكون ذلك تطبيعاً مع اليهود متعللاً بقيام "الرسول صلى الله عليه وسلم" بالتعامل معهم بشكل طبيعي وأكد أيضاً أنه اضطر إلى ذلك لضيق الحال وتوقف الدوري !

الأمر لم يتوقف على سليمان فقط حتى نقول انه حالة شاذة ولا تستحق تسليط الأضواء عليها فهناك قائمة مبدئية تضم سبعة لاعبين مرشحين لـ اللعب هناك وهم : أدهم بنادي (مكابي تل ابيب) - حسن توفيق (نادي إيلات) - ميخائيل يونان وصفوت حليم وجرجس فوزي ومحمود عباس (هابويل حيفا) وجورج أمسيس (نادي بني يهودا) .

ناقوس الخطر بدأ يدق اذاً وتفوق الاحتلال في الصراع الرياضي الذي فرضه علينا بات واقعاً أيضاً , وإذا كان لا بد من تحميل أحد المسؤولية فالكل يتحملها , من حكومات و كيانات رياضية و اتحادات و أندية ولاعبين لكن أخطر شريحة تتحمل المسؤولية هي فئة الإعلاميين لما يحملوه من تأثير كبير في الرياضة وخاصة في الألفية الجديدة مع ظهور قنوات رياضية متخصصة و إذاعات و مواقع الكترونية وصحف ومجلات تلقى قبولاً واهتماماً ومتابعة كبيرة من الشارع العربي .

هؤلاء الإعلاميون يجب عليهم أن يحاربوا تلك الظواهر الغير صحية التي تحاول أن تقتحم سماء رياضتنا لتعكر صفوها , ويجب عليهم إثارة محاولة التطبيع الإسرائيلية المريبة هذه بشكل كبير والتحذير منها .

وكما شاهدنا حراك إعلامي رياضي عربي ايجابي في قضية ماراثون القدس الذي قامت برعايته شركة أديداس وكان وقتها يتعامل مع المدينة المقدسة كعاصمة لدولة إسرائيل اليهودية ولا يعترف بحق الفلسطينيين فيها , يجب القيام بالمثل و أكثر إزاء هذه القضية الشائكة والحساسة .

إن خطورة هذه الأمور تتجاوز مجرد كونه تطبيعاً رياضياً , بل هو سخرية من أرواح الشهداء وتلاعب بمشاعر أهالي الأسرى و إنكار لحق اللاجئين بالعودة و اعتراف بحق إسرائيل في الوجود على حساب أهل فلسطين .

قد يقول بعض الإعلاميين العرب والمصريين والفلسطينيين إن خلط الرياضة بالسياسة أمر مرفوض وأن الرياضة وجدت للترفيه والتنافس ولتصلح ما أفسدته السياسة , ولكن من واجب الإعلامي أيضاً أن لا يدفن رأسه في التراب كما النعامة وأن يتعامل مع الواقع كما هو ويسعى إلى تغييره إذا كان ضاراً بالعقول والأبصار والأفئدة التي يعمل لخدمتها , لأنها أمانة وستكون بعدها ندامة في حال ضيعناها !

أيها الإعلاميون خذوا مقاعدكم الأمامية في مقدمة الصفوف واربطوا أحزمة الأمان جيداً واستعدوا , فالحرب بدأت .. والبادي أظلم !