الأحد: 17/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل يهاجم الرئيس الامريكي ايران قبل مغادرته كرسي الرئاسة؟

نشر بتاريخ: 16/02/2007 ( آخر تحديث: 16/02/2007 الساعة: 18:12 )
بيت لحم - ترجمة معا- قال وزير الدفاع الامريكي الجديد، روبرت غيتس يوم الثاني من شباط " نحن لا نخطط لمواجهة عسكرية مع إيران " لا نستطيع أن نكون أكثر وضوحاً، في ظل وجود رئيس ضعيف ومعزول وجيش غارق في الوحل العراقي فإن الشعب الأمريكي أقل ما يكون في وضع مناسب للقتال، لكن وبالرغم من طمأنة روبرت غيتس فإن إيران والولايات المتحدة في طريقهما إلى المواجهة، ومع أن المجازفة يصعب تقديرها، إلا أن هناك إمكانية فعلية بأن يصدر الرئيس جورج بوش أوامر عسكرية بتوجيه ضربة إلى إيران قبل أن يغادر البيت الأبيض بعد سنتين من الآن .

منذ ثورة آية الله الخميني عام 1979، والولايات المتحدة في حالة صراع دائم مع إيران، لكن هناك أربعة أمور تجدد خطورة ذلك العداء القديم :

الأول : يكمن في تصميم إيران الواضح على بناء ترسانة نووية والخوف من أن يكون البرنامج النووي الإيراني قارب على مرحلة اللاعودة أو صعوبة الإيقاف ( أنظر صفحة 25-27) ..

الثاني : وصول رئيس ذو شعبية مثل أحمدي نجادي إلى الحكم، وهو الذي ينكر المحرقة ( الهولوكوست) ويدعو علناً 'لى تدمير إسرائيل، فآراوة المبشرة بالدمار قد أقنعت العديد من الناس في إسرائيل والولايات المتحدة بأن العالم يواجه هتلر جديد ذو نوايا قاتلة .

الثالثة : عبارة عن ميول حديثة العهد لدى إدارة بوش بتحميل إيران مسؤولية العديد من الصعوبات التي تواجه الولايات المتحدة ليس فقط في العراق وإنما في الشرق الأوسط عامة .

واحدة من تلك الأمور تكفي لمنع الإستقرار وإذا ما إجتمعت معاً فتكون هناك إمكانية للإنجرار نحو الحرب .. فكيف يكون الأمر إذا ما أضيف سبب رابع للمشاحنات الأمريكية الإيرانية ألا وهو مأزق بوش، الذي أصبح الآن خارج الحسابات الإنتخابية والذي يعلم أن موقعه في التاريخ ستقرره الإختيارات التي سيختارها بنفسه من خلال سياسته الخارجية المتمثلة في تصدير الديمقراطية إلى الشرق الأوسط ومنع الأنظمة الفاسدة من إمتلاك أسلحة الدمار الشامل ومن خلال رغبته المفرطة في إلقاء اللوم على إيران لمنع تحقيق الأهداف الأمريكية النبيلة في الشرق الأوسط، فقد يرى بوش أن إستباق توجيه ضربة إلى البرنامج النووي الإيراني قد يكون الطريقة الأمثل لإنهاء فترة رئاسته، وهذا سيكون خطأ .

لا تهاجم ثورة مطلقاً :

هذه الجريدة طالما أيدت الغزو الأمريكي للعراق، وقد آمنَّا أن صدام حسين كان يسعى لإمتلاك أسلحة نووية، وحكمنا أن قاتلاً جماعياً مثل صدام لا يجوز أن يمتلك مثل هذه الأسلحة الفتاكة، ولكن فيما يخص الشأن الإيراني فإن مؤشر الخطورة يشير فقط الإتجاه المعاكس .. وحتى لو إتضح أن إيران كانت على مقربة من الحصول على أسلحة نووية، فإن توجيه ضربة إلى تلك الأسلحة سيكون مقامرة خطيرة، فبدون غزو أمريكي لإيران والذي سقط من الحسابات بعد ما حدث في العراق، فإن ضربة أمريكية قد تستطيع في أفضل أحوالها أن تؤخر لا أن تنهي المطامح النووية، يمكن لهذه الضربة أن تجيش المؤيدين للنظام الإيراني الذي لا يتمنع حالياً بتأييد شعبي في إيران، ويدفعه إلى الرد داخل العراق أو ضد إسرائيل أو حتى ضد الولايات المتحدة نفسها، وبالإضافة فإنه من غير الواضح مدى خطورة الأسلحة النووية الإيرانية .

وعلى العكس من عراق صدام، فإن إيران ذات تركيبه معقدة تضم عناصر من التعددية والمحاسبة والتوازنات، ومع إدعائها الإلتزام الديني عملت منذ الثورة دور اللاعب العقلاني وقد إتبعت أساليب عدائية لتحقيق بعض أهدافها وأطماعها الإقليمية مثل الإرهاب، وقد بدأت تلوح في الأفق علامات ردة فعل ضد أحمدي نجاه الذي يحاول جلب الإنتباه، ومثلما حدث مع الإتحاد السوفيتي يمكن للقوة النووية في إيران أن تردع .

ولكن لا تقللوا من خطورة إيران :

كل ما ورد يشير إلى أنه من الخطأ توجيه ضربة لإيران، لكن من يقول أن إيران ليست خطيرة إذا ما أصبحت قوة نووية وأهم جداً لأنها ستكون شديدة الخطورة .. بداية هناك خطورة أن تفكر إسرائيل - التي تمتلك الإسلحة النووية - رغم عدم تصريحها بذلك في توجيه ضربة إستباقية لإيران، حيث أن إسرائيل التي ينادي أحمد نجاه بمسحها عن الخريطة لن يطمئنها القول بانه يمكن ردع إيران، وحتى لو قررت إسرائيل توجيه ضربة لإيران فإن القوة النووية الإيرانية قد تقضي على ما تبقى من إتفاقية الحد من الأسلحة النووية، طالما واجهت الدول العربية مثل مصر والسعودية صعوبة في التعايش مع القوة النووية غير المعلنة لدى إسرائيل، وإذا ما إستطاع خصمهم الإيراني إمتلاك واحدة أخرى فقد يبدأ قريباً التسابق لديهم على إمتلاك قوة نووية، وعلى رأس المخاطر إمكانية أن تحاول إيران بعد إمتلاك السلاح النووي نشر ثورتها خارج الحدود الإيرانية .

يجب أن تبذل كافة الجهود لمنع القنبلة النووية الإيرانية، ولكن هناك طريق أفضل من الضربة العسكرية، في سنة 2002 قام السيد بوش بتصنيف كل من إيران والعراق وكوريا الشمالية " محور الشر" وفي سنة 2004 ونظراً لغياب البدائل الجيدة، كان بوش يدعم جهود بريطانيا وفرنسا وألمانيا في الحوار مع إيران بدل من إستخدام القوة حول المسألة النووية، وتدعي إيران أن برنامجها النووي معد لأغراض مدنية فقط، وفي السنة الماضية حاول الأوروبيون كشف الخداع الإيراني عندما عرضوا على إيران التجارة والمساعدة في الطاقة المدنية المدنية، ووعدوا بالحديث مع الولايات المتحدة إذا ما توقفت إيران عن تخصيب اليورانيوم الذي ينتج عنه الوقود للقنبلة النووية، وعندما رفضت إيران ذلك قرر مجلس الأمن فرض عقوبات إقتصادية على إيران .

هذه طريقة ناجعة، فدبلوماسية الأمم المتحدة تتقدم بخطى بطيئة جداً، ولكن الإعتقاد السائد أن إيران بحاجة إلى سنوات لإنتاج القنبلة النووية، أما الآن وبعد أن وقفت كل من أمريكا وأوروبا وروسيا والصين في خندق واحد فإن المطلوب هو زيادة الضغط الإقتصادي على إيران مصحوباً بوعد لا غموض فيه من السيد بوش بأن لا يحاول إسقاط النظام الإيراني إذا ما عادت إيران إلى قبول القوانين الدولية الخاصة بالقوة النووية .

وحتى لو حصل ذلك فقد يقدر لإيران وأمريكا أن يتواجها في الشرق الأوسط إلا أن الإقليم والعالم سيكون في وضع أكثر أماناً في غياب شبح القنبلة النووية الإيرانية .