عيد بأيِ حالٍ عُدتَ يا عيد !؟
نشر بتاريخ: 14/11/2012 ( آخر تحديث: 14/11/2012 الساعة: 18:27 )
بقلم : محمد النخالة
مراسل قناة الكاس
"لم يحضر أحد !" هذه العبارة باختصار يمكن كتابتها على المقاعد التي كانت خالية في عيد الإعلاميين العرب المنعقد في رام الله والتي كان من المفترض أن يجلس عليها الإعلاميون الرياضيون المشاركون من قطاع غزة , ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن !
ورغم أن المسافة بين الدوحة ورام الله أكثر من 1700 ك م وبين الأخيرة و دبي أكثر من 1300 ك م إلا أن تلك العواصم العربية تبدو أقرب إلى رام الله من جارتها وشقيقتها الفلسطينية غزة التي تبعد عنها حوالي 80 كيلو متراً فقط ولا يفترض أن تستغرق زيارتها أكثر من ساعتين بالسيارة !
تلك المعطيات الجغرافية لا تعني شيئاً على أرض الواقع , فما هو متجسد حقيقة يدفعنا للقول أن غزة ابعد إلى رام الله من أي عاصمة في العالم , فحواجز الاحتلال حالت دون حضور أي احد من قطاع غزة إلى هذا العرس الإعلامي الرياضي العربي الكبير في حين مُثلت بعض الدول العربية بأكثر من شخص !
في الحقيقة لقد تحضَرتُ لعرس الإعلاميين هذا كما يتحضر الطفل الصغير للعيد , فذهبت لشراء ملابس جديدة حتى أبدوا أثناء حضوري هناك بأبهى حلة , وخاصة وأني أزور مكاناً لم تطأه قدماي أبداً , ولكن تحولت هذه الحماسة وذلك الشوق بغمضة عين إلى حزن وأسى وتعاسة وغضب بعد أن قال لي الاحتلال كلمة واحدة هي كلمة "لا" !
وحتى تكون الصورة واضحة فان ثمة معبر يفصل بين غزة والضفة يدعى معبر "ايريز" و هو معبر يقع في أقصى شمال قطاع غزة وهو تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة ويستخدم حالياً لنقل المرضى والمصابين للعلاج في الأردن أو إسرائيل أو الضفة الغربية ومرور بعض التجار والقليل من البضائع ولا يمكن لأحد عبوره إلا من خلال امتلاكه تصريحاً خاصاً بذلك تمنحه إسرائيل , وحتى الحصول عليه ليس كفيلاً وضامناً للدخول وهو ما حدث من عدد من الإخوة الصحفيين و على رأسهم رئيس رابطة الصحفيين الرياضيين الفلسطينيين حسين عليان الذي حصل على التصريح ولم يدخل !
إن المنع من الدخول عبر المعبر لم يكن هاجسي وهاجس زملائي الإعلاميين الغزيين الوحيد , بل كان شبح الاعتقال هناك يخيم علينا أيضاً , ولنا في قضية اللاعب محمود السرسك خير مثال , حيث اختطفه الاحتلال على المعبر واعتقله لـ 3 سنوات دون تهمة أو جرم سوى أنه كان ينشد خوض تجربة الاحتراف في كرة القدم عبر الدوري في الضفة !
نحن لا نطلق الرصاص ولا الصواريخ ولا نقوم بما يصفونه بالإرهاب , نحن فقط نحاول تأدية عملنا في مجال الصحافة الرياضية بكل أمانة وإخلاص قدر المستطاع من خلال أقلامنا وعدسات الكاميرا وغيرها من الوسائل , ولكن يبدو أن هذا يزعج الاحتلال الإسرائيلي و يؤرق مضجعه , فلا يريد لنا توثيق واقع ما تعانيه رياضتنا على الأرض , ويريد أن يعاقبنا على تغطيتنا للعديد من القضايا السابقة والمشابهة لقضيتنا , وكأن لسان حاله يقول : "تجرعوا من نفس الكأس التي ذاقها من تهتمون لأمرهم " .
قبل شهر قام الاحتلال باختطاف اللاعب إبراهيم وادي من غزة أثناء تنقله مع فريق جبل المكبر في الضفة وقام بإبعاده عبر ذات المعبر "ايريز" قسرياً إلى غزة , وكتب له نهاية فصول قصة احترافه القصيرة هناك , وقبلها قام بإبعاد لاعب منتخبنا الوطني إسماعيل العمور ومنع اللاعب إبراهيم العمور من اللعب في نادي الأمعري ومنع العديد من لاعبي مختلف المنتخبات الوطنية من غزة في الانضمام لأقرانهم في الضفة مما كان ولا زال يؤثر سلباً على قوة ولحمة منتخباتنا في مختلف الرياضات !
ما قام به الاحتلال وما سيستمر بقيامه - في حال غياب من يحاسبه – هو جريمة مكتملة الأركان بحق الإعلام الرياضي الفلسطيني المناضل و أستغرب جداً موقف المنظومة الرياضية الدولية التي تقف موقف المتفرج إزاء ذلك .
ومن هنا أطالب الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية ممثلاً برئيسه السيد "جياني ميرلو" بأن يقف كيانه وقفة صارمة إزاء هذه التعديات الخطيرة بحق الصحفيين الرياضيين الفلسطينيين .
كما و أطالب الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا ورئيسه "جوزيف بلاتر" بفتح تحقيق فوري لرصد التعديات التي تقوم بها إسرائيل بحق لاعبي كرة القدم الفلسطينيين .
و أهيب بالاتحاد الأوروبي لكرة القدم اليويفا و رئيسه السيد "ميشيل بلاتيني" بممارسة ضغوط على الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم المنضوي تحت مظلته , وان يوصل لهم رسالة شديدة اللهجة ليوصلوها هم بدورهم لحكومتهم ومفادها أن ممارساتهم المارقة بحق الكيان الرياضي الفلسطيني ستؤثر على اتحادهم وستطال إسرائيل بالضرر , بل ويجب على اليويفا تهديد تل ابيب بسحب تنظيم بطولة أمم أوروبا للشباب 2013 منها فمن غير المنطقي أن تبدو إسرائيل وكأنها واحة ديموقراطية غنَّاء للشباب الرياضي الأوروبي , بينما تُطبِق بكماشتها على الرياضيين والإعلاميين الشباب في فلسطين !
أما البلجيكي السيد "جاك روغ" الذي يتبوء منصب رئيس اللجنة الأولمبية الدولية فأقول له : أبشر يا سيدي فميثاقكم الأولمبي الدولي معمول به في كل بلدان العالم إلا في فلسطين , التي تأن وترزح طريدة وحيدة بين براثن محتل لا يرحم حتى الرياضة وهذا ليس بخاف عليكم , فهل ستفعل يا سيد "روغ" شيئاً يوماً ما !؟
أما رسالتي للإعلاميين العرب في عيدهم السادس , فأقول لهم كل عام وأنتم بألف خير و أحسن حال إن شاء الله , لكن حال زملائكم في فلسطين وغزة سيبقى كما هو وربما يزداد سوءاً ما لم تناصروهم وتقفوا إلى جانبهم بما أتيتم من وسائل وهي كثيرة .
و أشكر كل إعلامي عربي لمعت في مقلتيه بارقة أمل للمشاركة والزيارة لكنه لم يتمكن لعدم صدور التصريح , وأحيي كل إعلامي عربي تحرق شوقاً للمشاركة ولم تتم دعوته بسبب الظروف القاهرة , وأُعز و أُجل كل إعلامي خرج من مكان عمله وتوجه إلى العاصمة الأردنية عمان كمحطة تسبق رام الله وتكبد عناء السفر , ولهفة الانتظار ولم يُكتَب له الدخول وعاد إدراجه دون أن يحقق حلمه بزيارة الأراضي المقدسة وتحقيق حلم أرضنا وأهلنا بمعانقته ورؤياه .
وختاماً أقول كما قال المتنبي :عيد بأي حال عدت يا عيد !؟