أمد- قراءة أولية في "اتفاق القاهرة" بين اسرائيل والفصائل
نشر بتاريخ: 22/11/2012 ( آخر تحديث: 22/11/2012 الساعة: 20:51 )
أمد للاعلام- من الضروري أن يتم قراءة "اتفاق القاهرة" لوقف اطلاق النار بين اسرائيل والفصائل الفلسطينية، قراءة سياسية بعيدا عن "اجواء الاحتفالات" لهذا أو ذاك، لما في ذلك من أهمية خاصة تتصل بالقضية الفلسطينية وانعكاس الاتفاق عليها في المرحلة المقبلة، قراءة تعتمد "النص المصري المعرب" كما وزعنه الرئاسة المصرية ونشرته وسائل اعلام مصر الرسمية وغير الرسمية، وايضا نصا نشرته وكالة أنباء "الأناضول" الرسمية التركية – حكومية -، وبالتالي لا مجال للتشكيك في نص "بنود الاتفاق" المستندة لها هذه القراءة السياسية، علما بأن اي من قيادة حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي" وكذا" الرئاسة المصرية" لم تنف أو تشكك بما تم نشره منذ ساعات طويلة..
بداية يمكن ملاحظة أن نصوص الاتفاق السياسي أو "ورقة التفاهم" لا يتوافق ولا يقترب من حجم الانجاز مع البعد العسكري للفصائل الفلسطينية، ودون تفاصيل فالمعركة العسكرية شهدت سوابق جديدة في الرد الفلسطيني الذي اعاد رسم صورة "القدرة العسكرية" الفلسطينية، فيما الاتفاق السياسي تمكن من تقزيم ذلك..
*"الاتفاق"ساوى بين الطرفين في المسؤولية المستقبلية ووضعهما على قدم المساواة..
*هو اول اتفاق مكتوب، ومتفق عليه، بخصوص وقف اطلاق النار، وكان هذا شرطا اسرائيليا دائما، في السابق، لكن الفصائل جميعها، بما فيها حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي" كانت ترفض اي نص مكتوب ومتفق عليه وتصر أن تكون التفاهمات شفوية لدى المخابرات المصرية..
ولم يكن ذلك من باب الترف السياسي، بل حرصا واضحا بأنه لا يجوز أن تكون "دولة الاحتلال" متساوية مع "الفصائل" في اتفاق وقف اطلاق النار، كما انه يسمح لها بمرونة أعلى في التعامل مع أي رد فعل أو فعل عند الضرورة الوطنية، لكن "اتفاق القاهرة" أعاد "تموضع" الطرفين على ذات المسافة والمسؤولية، ما يشكل "مكسبا سياسيا لاسرائيل..
*الأعمال العدائية: وقد وقع الموافقون على "الاتفاق" في خطيئة سياسية غير مسبوقة في تاريخ "الاتفاقات" بين اسرائيل ومنظمة التحرير او السلطة الوطنية، فلم يرد يوما مثل هذا الوصف للعمل العسكري الفلسطيني بـ"الأعمال العدائية"، وبالتالي لم يعد هناك مكان لوجود" المقاومة" في قطاع غزة او منها، وجرمتها الى حد اعتبارها "عملا عدائيا" ضد دولة مجاورة، نص لا يحدث سوى في "اتفاقات بين دول" وليس بين "فصائل مسلحة" لا تزال ارضها محتلة وبين دولة لا تزال تحتل أرضا، ولم تعد ملتزمة باي من ألاتفاقات الموقعه معها، من اتفاق اوسلو الى أخر اتفاقات حدثت أو تفاهمات في طابا عام 2001..
نص ستراه دولة الاحتلال نصرا كبيرا لها في ثقافة مواجهة الشعب الفلسطيني ، وخاصة في الساحة الدولية، وسيدخل مقاومة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية في دائرة من "التشكيك " "والحرب" ..خاصة وأنه لا يوجد فصل بين الضفة والقطاع كونهما لا زالا محتلين، وهو نص ستحاول اسرائيل استخدامه لمصلحتها في معركتها القادمة ضد القيادة الفلسطينية، وخطوة الأمم المتحدة، باعتبار قطاع غزة خارج من سياقها في "اتفاق خاص"..
*ابقاء المنطقة الأمنية العازلة:الاتفاق" لم يتطرق اطلاقا لوجود "المنطقة الأمنية العازلة" التي تفرضها اسرائيل على طول حدود قطاع غزة من بيت حانون شمالا حتى رفح جنوبا بعمق يمتد وفقا للمساحة، من 500 متر الى 1000 داخل الأرض الفلسطينية، بند كان من بنود اتفاق غزة أريحا عام 1994، الا أنه لم يعد قائما بحكم خروج قوات الاحتلال من قطاع غزة، في نهاية شهر آب عام 2005 وبات باطلا ، منطقة لا يحق للفلسطني البناء بها أو التحرك فيها، الا ضمن شروط توافق عليها اسرائيل، وهي مسألة حاولت "حماس" طوال السنوات الماضية عدم التطرق لها، وكان مفروضا ان يتم الغاءها مع توقيع "الاتفاق"، لكن ذلك لم يحدث، ليضفى عليها" شرعية جديدة" بعد أن باتت لاغية وباطلة بخروج القوات الاسرائيلية من قطاع غزة عام 2005.. وكل ما يطمح له الآن قادة حماس هو تحسين "شروط تحرك المواطنين بها" لا أكثر..
*الحصار: خلى "الاتفاق" من شرط رفع الحصار، بل ولم ترد هذه العبارة مطلقا في نصه، بعد أن كانت "شرطا ملزما لأي اتفاق في مواقف حماس، قبل لحظات من التوقيع، واستبدلته بنص غامض لا يحمل اي دلالة، " فتح المعابر وتسهيل حركة الأشخاص والبضائع وعدم تقييد حركة السكان" كما ورد حرفيا وهو نص لا صله بالشرط الالزامي لرفع الحصار عن غزة من الجانب الاسرائيلي
* الخروج عن التفاهمات: التزام كل طرف بعدم القيام بأي أفعال من شأنها الخروج عن هذه التفاهمات، وهو نص يحمل اشارة كبيرة لمسألة "تهريب السلاح" الى قطاع غزة، الى جانب ما يمكن تفسيره من كل طرف موقع، لكنه بند يحمل الاشارة البارزة لمسألة "تهريب السلاح".. قضية لم توافق يوما عليها الفصائل الفلسطينية..
*الالية التنفيذية: كتبت كما يلي" حصول مصر على ضمانات من كل طرف بالالتزام" وهي صيغة تحمل دلالات غامضة وكل غموض لا يخدم الطرف الفلسطيني، وفقا للتجربة التاريخية، مع اسرائيل، كما ان البنود اعلاه المتفق عليها تشير ان الضمانات قد تكون أكثر على الطرف الفلسطيني..
* "القضايا الأخرى": ورد نص يتحدث عن " يتم تناول القضايا الأخرى إذا ما تم طلب ذلك"،دون اي توضيح لما هي القضايا الأخرى، وكيف يمكن أن يتم ذلك وعبر أي آلية، وهل هناك "نصوصا سرية" لم يراد الكشف عنها منعا للإحراج. بند يحمل "شكوكا سياسية"..
وفي الختام يحدد "الاتفاق" بأنه اذا وجدت ملاحظات في التفيذ يتم العودة الى مصر، قيد على أي رد فعل لانتهاك من اي طرف.. نص نترك للزمن القادم آلية تنفيذه..
وملاحظة تحتاج لتوضيح من موقعي الاتفاق والمشرفين على تطبيقه في قطاع غزة، مهي جريمة من لا يتقيد بـوقف الأعمال العدائية، بعد اليوم في قطاع غزة..وما هي "المحكمة الموكلة محاكمة من يخترقه"..
ونهاية للقراءة فإن الاتفاق اعلاه، لا يمكن اعتباره أو وصفه بأي حال بأنه "مكسب أو نصر"، ودون الدخول في اطلاق الألقاب نترك لمن يقرأ التاريخ أن يوصف هذا "الاتفاق " كما يستحق الوصف..!