اريحا الجنة المفترضة على الارض تنهي عام الجفاف السابع
نشر بتاريخ: 23/02/2007 ( آخر تحديث: 23/02/2007 الساعة: 21:50 )
بيت لحم- معا- انهت اريحا جنة الله على الارض وملاذ الهاربين من برد الشتاء القارس وقبلة الباحثين عن الشمس الدافئة عامها السابع في ظل الحصار الخانق الذي حرمها من زوارها ومريديها .
هكذا استهل الصحفي الاسرائيلي " يوفال هايمان " تحقيقه عن اقدم مدن العالم واكثرها انخفاضا عن سطح البحر الذي بدأه من ساحة المواطن الريحاوي داود ابو داهوك الذي استضافه على فنجان من القهوة العربية تخلله شرحا طويلا عن معاناة المدينة التي بدات منذ عام 2002 لدرجة ان صوت ابوداهوك اختلطت دون تنسيق مع صوت الصحفي الاسرائيلي حين صرخا قائليين " يمكن ان تكون جنة الله على الارض او واحة صحراوية جميلة " ويقصدان مدينة اريحا التي خنقها الحصار الاسرائيلي.
وتجثم مدينة اريحا على ابواب بحيرة طبريا وهضبة الجولان ولا يوجد يهودي واحد لم يزر هذه المدينة السياحية خلال ذهابه الى تلك المواقع او ايابه منها لا حيث كان التعايش وصناديق البندورة الرخيصة واخيرا الكازينو الذي حولها الى هدف السياح الاول بعد ايلات ورأس الناقورة ومن ثم جاءت انتفاضة الملايين التي ادخلت المدينة في نفق التدهور والانحطاط الاقتصادي والسياحي .
وقال مرافقنا الفلسطيني ان المدينة تعاني نقصا في السياح والاموال والعمل ويعيش سكانها قريبا لمستوى الصفر وهي في طريقها الى الانفجار اذا استمر هذا الوضع .
ويضيف الصحفي ان طابع سكان اريحا يميل الى الهدوء والسلام لذلك تجد المدينة هادئة وادعه منذ زمن طويل جدا لدرجة ان الفلسطينيين يصنفون سكانها كشكل مختلف عن نمطهم القتالي العنيف وبعيد عن كرههم المتأصل للاسرائيليين كما هو الحال في غزة او نابلس على سبيل المثال وتناقلوا النكات فيما بينهم عن طابع اريحا المسالم والمهادن .
وتتميز اريحا بطابع سياسي محدد اللون والاتجاه حيث صوت اكثر من 90% من سكانها لصالح فتح وحين سألت مرافقي عن سبب صعود حماس وتأثره عليهم قال لي " تأثير زفت منذ ان فازت حماس لا يوجد لدينا تصاريخ للخروج من المدينة ولا يوجد فلوس ، اسمع، ايضا اسرائيل تتحمل مسؤولية لانها لم تعطي حماس فرصة ".
وعاد الصحفي الى ساحة منزل ابو داهوك في مخيم عقب جبر مقابل الكازينو واستمر في حديثة ووصفه للاوضاع في اريحا وقال " ابو داهوك درس القانون في جامعة بيروت ولم يمارس المهنة لاكثر من ستة اشهر حيث عاد الى مهنة تربية المواشي وجميع مشاكل ابو داهوك تتعلق بموضوع معيشته وماشيته ويشتكي من قلة الاعلاف والاغلاق المستمر , قال " لا يوجد طعام ولا اموال واسرائيل اغلقت الطرق والمعابر ان الوضع شبيه بالعيش داخل السجن واسرائيل لا تعطينا هواء للتنفس وهنا لا يوجد هواء ماذا نفعل؟ هل تعرف كم يكلف طن الشعير في اسرائيل؟ يكلف 700 شيكل اما هنا فيكلفنا 1200 شيكل على الاقل اسرائيل تدعم هذه السلعه وتساعد المزارعين اما هنا لايوجد اي شيئ انهم لايساعدون اي انسان لايوجد خدمات بيطرية ولهذا انخفضت اسعار اغنامي حيث كان سعر الكبش 1000 شيكل اما الان فيشترونه مني بـ300 شيكل المزارع الاسرائيلي يدفع ثمن السلعة التي يشتريها بعد شهريين او ثلاثة اشهر حتى يتمكن من جمع بعض النقود اما هنا فانني ادفع كل شيئ نقدا وعدا كيف استطيع العيش في هذه الظروف ؟".
وفي معرض رده على سؤال حول من المسؤول عن هذه الاوضاع قال ابوداهوك " الطرفيين مسؤوليين لقد كان ياسر عرفات واتسحاق رابين رجال حقيقيين كذلك شارون اليوم من يحرك الامور مثلهم؟ من يجرؤ على اتخاذ قرارات وعمل سلام؟ اولمرت!؟ لقد كان جيدا كرئيس بلدية لكن ليس رئيس وزراء ، رئيس بنات الليل يستطيع عمل سلام!؟!ويقصد الرئيس كتساف ، ايضا ابو مازن ضعيف جدا ولا يستطيع عمل سلام احكيلك بصراحة، انا ما بهمني لا الفلسطينيين ولا الاسرائيليين انا بدي اعيش ".
في طريقنا الى منزل ابو داهوك مررنا بالكازينو حيث وقف جندي فلسطيني امام بوابته التي لايمر عبرها احد ولاحظنا المباني الهائلة والمتراصة والمهجورة التي استثمرت فيها الاموال الطائلة والتي كانت رمزا لبداية الانفراج والرفاه بعيد اتفاقيات اوسلو حيث كان يدخل الى اريحا مليون دولار يوميا بما يزيد كثيرا عن قدرة سكان اريحا الخمسة وعشرين اف خلال شهر كامل الى ان جاء الحصار والحاجز العسكري الذي يفصل المدينة عن القدس ومحيطها وحولها الى اطلال تعصف بها رياح الجفاف وعيون اهل المدينة الجاحظة نحوها بفضول وشوق للايام الخوالي حيث العمل والمال والسياح والكازينو ورواده .