الجمعة: 08/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

ما هي الفوائد السياسية والقانونية والاقتصادية للدولة غير العضو ؟

نشر بتاريخ: 29/11/2012 ( آخر تحديث: 29/11/2012 الساعة: 15:26 )
رام الله - خاص معا – يقدم الرئيس محمود عباس، مساء اليوم الخميس، مشروع قرار لرفع مكانة فلسطين إلى دولة غير عضو، للتصويت عليه في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وأوضحت مصادر فلسطينية مطلعة في نيويورك أنّ القرار الفلسطيني سيحصل على نسبة كبيرة من الأصوات لتتجاوز نسبة الحسم، رغم إعلان بعض الدول رفضها ومعارضتها للقرار.

ويوجد في الأمم المتحدة دولة واحدة تتمتع بهذه الصفة حالياً، وهي دولة الفاتيكان، أما منظمة التحرير الفلسطينية فهي كيان بصفة مراقب في الأمم المتحدة منذ العام 1974، واستعيض عن تسمية منظمة التحرير الفلسطينية بتسمية بعثة المراقبة الدائمة لفلسطين بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1988.

وقد تم اختيار يوم 29 تشرين الثاني لتقديم الطلب الفلسطيني، لكونه يصادف اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، في الذكرى 65 لقرار تقسيم فلسطين في 29 تشرين الثاني 1947.

وللتوجه بطلب عضوية الدولة غير العضو ميزات خاصة، حيث لا يتطلب الحصول على وضع دولة غير عضو بصفة مراقب، إلا على غالبية بسيطة في الجمعية العمومية للأمم المتحدة والتي تضم 193 دولة، ولا يمكن للدول الكبرى في مجلس الأمن استخدام "الفتيو" لإجهاض الطلب، كما هو الحال بالنسبة لوضع دولة كاملة العضوية.

ووفقاً للوفد الفلسطيني المتواجد في نيويورك حيث مقر الأمم المتحدة، فإن مشروع القرار الفلسطيني سيتمكن من جمع غالبية تسمح له بالتحول إلى عضو مراقب، في ظل وجود عشرات الدول، التي تتعاطف مع الشعب الفلسطيني، والتي سبق لها الاعتراف بفلسطين كدولة، فضلاً عن أن دول عظمى ومحورية عديدة أعلنت عن دعم مشروع القرار الفلسطيني، كفرنسا، إسبانيا، روسيا، الصين، اندونيسيا، والبرتغال، بالإضافة إلى دول عديدة أخرى.

ولكن بعيداً عن لغة الأرقام، فإن الشارع الفلسطيني لا يزال غير مدرك تماماً لفوائد رفع تمثيل فلسطين إلى دولة غير عضو، وذلك على النواحي السياسية والاقتصادية والقانونية.

د. عريقات: الدولة غير العضو يرفع وضع فلسطين سياسياً

وقال رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، د. صائب عريقات، في دراسة له: تحظى دولة فلسطين اليوم باعتراف 133 دولة، وإن الحصول على وضع دولة غير عضو على حدود الرابع من حزيران عام 1967، سيرفع من وضع فلسطين السياسي في المنابر الدولية، ويؤهلها لمواجهة ممارسات الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني بشكل أفضل، ويساعد في ترسيخ الإجماع الدولي المتزايد حول حل الدولتين.

وأكد د. عريقات أن هذا الوضع لدولة فلسطين لا يجحف بشرعية ووحدانية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية للشعب الفلسطيني، وحق العودة للاجئين الفلسطينين استناداً لقرار الجمعية العامة (194)، كما أن القرار يعتبر ضم القدس الشرقية المحتلة لإسرائيل، وكافة أشكال الاستيطان الإسرائيلي لاغية وباطلة وغير قانوينة، ولا تخلق حقاً ولا تنشئ التزاماً، بل أنه يثبّت كافة قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية.

وأوضح د. عريقات إن الدولة الفلسطينية ستنهي الجدل حول وجود دولة فلسطين كشخصية قانونية دولية، ويوسع المجال أمام عضوية فلسطين في هيئات ومنظمات دولية أخرى والتي تكون عضويتها مقتصرة على الدول فقط مثل منظمة الصحة العالمية والمحكمة الجنائية الدولية، ويفتح الباب أمام إمكانية أن تصبح فلسطين طرفاً في العديد من المعاهدات المقتصرة المشاركة فيها على الدول.

وفيما يخص بأثر عضوية فلسطين غير الكاملة، قال د. عريقات: سيتسنى لنا نسج وإنشاء علاقات مع الدول، وكذلك إنشاء علاقات دبلوماسية ثنائية، والحصول على الإعتراف الدولي، وتلك تعتبر ادوات محورية لدعم وتعزيز الحقوق الفلسطينية وتحقيق أهدافها وإبقاء قضية فلسطين حاضرة وحية على الأجندة الدولية.

وأشار د. عريقات إلى احتمالية أن تشجع هذه الخطوة عدداً أكبر من الدول لتعترف بشكل ثنائي بفلسطين، و دعم وإعلاء حقوق وتطلعات الشعب الفلسطيني الوطنية مثل حق تقرير المصير وحق ممارسته بموجب أحكام القانون الدولي، الحق في السيادة، الاستقلال، وغيرها. كما سيكون باستطاعة فلسطين الانضمام إلى بعض الاتفاقيات والمعاهدات الدولية مثل معاهدة جنيف الرابعة، ويمكّنها من أن تصبح طرفاً في قضايا ينظر فيها من قبل محكمة العدل الدولية.

وشدد د. عريقات على أن رفع وضع فلسطين في الأمم المتحدة لصفة "دولة مراقبة" لن يغير حقيقة الاحتلال الإسرائيلي للأرض، إلا أن الاحتلال في هذه الحالة سيتم النظر إليه من قبل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على أنه احتلال لدولة من قبل دولة أخرى عضو في الأمم المتحدة، مما سيخلق ديناميكية سياسية وخطاباً سياسياً مختلفين، بين إسرائيل وباقي الدول الأعضاء، كما سيعزز قدرة القيادة على إلزام إسرائيل بتحمل مسؤولياتها وواجباتها كقوة إحتلال بإستخدام ادوات وآليات دولية وقانونية جديدة تصبح متوفرة أمام فلسطين.

د. عبد الكريم: يجب تغيير الاطار السياسي لتتغير العلاقة الاقتصادية

من جهته، أكد الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت، الدكتور نصر عبد الكريم، إن الفلسطينيين جاهزون لتغيير الواقع الحالي من إلحاق الاقتصاد الفلسطيني بنظيره الإسرائيلي. ولكنه أشار إلى أن ما يقف عائقاً أمام هذا التغيير هو استمرار اتفاق اوسلو، باعتباره الحاكم للعلاقة الاقتصادية بين الجانبين.

وأضاف د. عبد الكريم: إن تم تغيير الاطار السياسي، ستتغير العلاقات الاقتصادية، بأن تسيطر الدولة الفلسطينية الوليدة على المعابر والحدود، وتصبح حرة في بناء علاقاتها الاقتصادية، وربما قد تتوجه إلى العلاقة مع العالم العربي.

وكشف د. عبد الكريم أن هذا التحرر عن الاقتصاد الإسرائيلي يعتمد على الموقف الإسرائيلي والدول الحليفة لها، والتي تبدي معارضة شديدة لخطوة الحصول على العضوية غير الكاملة.

وأردف د. عبد الكريم: على الأرض لا يمكن تغيير العلاقة، إلا إن أقرت إسرائيل بالدولة الفلسطينية، وإلا فإن الأمر سيبقى على حاله، وقد تتعقد الأوضاع الاقتصادية، من خلال فرض العقوبات من باب المناكفة والضغط والعقاب.

وأوضح د. عبد الكريم أن العلاقات الاقتصادية ستبقى على حالها لأن إعلان الدولة غير كافٍ لتغيير اللعبة السياسية، لأن هناك دولة تحتل أراضي دولة أخرى، وبالتالي فإن الانسحاب من هذه الأراضي يحتاج إلى مفاوضات، كما أن الحدود والانسحاب من المعابر والحدود أيضاً تحتاج إلى مفاوضات، وكذا كف يد الاحتلال عن سيطرتها على الموارد الطبيعية الفلسطينية.

وأوضح د. عبد الكريم أن فك الارتباط بين الجانبين هي عملية طويلة، رغم أن الفلسطينيين جاهزين تماماً لتولي السلطة الاقتصادية على مناحي الدولة، والمعول على الموقف الإسرائيلي.

وقال د. عبد الكريم إن تغيير التعامل الاقتصادي بين إسرائيل والدولة الفلسطينية الوليدة يعتمد قرار الأمم المتحدة بقدر ما يتبع القرار على أرض الواقع، وكيف تتعامل إسرائيل والعالم مع الدولة الوليدة، فإن قررت إسرائيل بأن الدولة موجودة على الأرض وليست حبراً على ورق، فمن الطبيعي أن تتغير العلاقات الاقتصادية إلى علاقات ندية، من علاقات تبعية الاقتصاد الفلسطيني لنظيره الإسرائيلي، بسبب الاحتلال.

وأكد د. عبد الكريم أن العلاقات يجب أن تتغير لأن فلسطين ستصبح دولة تحت الاحتلال، وإسرائيل هي الدولة التي تقوم بالاحتلال، فبالتالي العلاقات الاقتصادية بين الطرفين لها طقوسها وأسسها ومعاييرها.

وأشار د. عبد الكريم إلى أن أول ما ينجم عن التغيير في التعامل هو وقف العمل باتفاق باريس باعتباره اتفاق ذو طابع مرحلي، وكونه هو الذي يحكم حالياً الولاية الاقتصادية، مشيراً إلى أنه من الطبيعي أن ترسم الحدود، ويتم الاتفاق على التعامل عبر المعابر التجارية بين الجانبين.

وأضاف د. عبد الكريم: بالتالي يجب أن يحدث أن تُجبى الجمارك والضرائب على المعابر من أجهزة فلسطينية مختصة، فضلاً عن تغيير التعامل في التجارة وانتقال العمالة لتصبح محكومة بأسس ومعايير جديدة، ولا يبقى الاقتصادان كما لو أنهما اقتصاد واحد وكيان واحد، وبالتالي تحكم العلاقة الاقتصادية بين الجانبين تجارة السوق الحرة بدلاً من الغلاف الجمركي الحالي، أو التوافق على صيغة وسيطة.

وشدد د. عبد الكريم على أن كل العلاقات الاقتصادية يجب أن يتم التعاطي معها، وتغييرها وفقاً للإطار السياسي والقانوني، فإن تغير هذا الإطار، سيُجلي التغيير كذلك على الإطار الاقتصادي، وحتى لا يظل الاقتصاد الفلسطيني تابعاً لنظيره الإسرائيلي، ولا تظل السوق الفلسطينية معبراً للسلع الإسرائيلية بدون رقيب، فيتحول التعامل إلى التعامل بالمثل، وهذا ما نطلبه.

وخلص د. عبد الكريم إلى أن مجمل منظومة العلاقات الاقتصادية بين الدولتين ستتغير، إذا ما قدر لهذه الدولة أن تصبح على الأرض، وهذا هو الهام، فإن مستوى العلاقة لن يكون تلقائياً، لأن الاقتصاد الفلسطيني اقتصاد تابع، أو جزء من الاقتصاد الإسرائيلي، وقيام الدولة يحرر الاقتصاد من تبعيته.

عيسى: لأول مرة فلسطين تصبح دولة

من جهته، أكد خبير القانون الدولي الإنساني، د. حنا عيسى أن انضمام فلسطين إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة كدول غير عضو بالغ الأهمية من ناحية التسمية، لأن الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي تشمل الضفة الغربية، وقطاع غزة، والقدس الشرقية ستصبح لأول مرة أراضي دولة تحت الاحتلال.

وأكد د. عيسى أن هذا الانضمام يعني أن فلسطين ستصبح طرفاً في الاتفاقيات الدولية، وعضواً في المنظمات والوكالات التابعة للأمم المتحدة، وبالتالي من الممكن توجه منظمة التحرير إلى محكمة الجنايات الدولية، أو محكمة العدل الدولية.

وأكد د. عيسى: ستبقى فلسطين دولة تحت الاحتلال، ولكنها دولة غير عضو، وهي مرحلة نضالية مهمة لتقرير المصير، ومشروع الرئيس محمود عباس أشار إلى أنه يريد البدء في قضايا المرحلة النهائية وفقاً لاتفاق أوسلو، حيث ستبقى منظمة التحرير هي الراعي لحين الوصول إلى حق تقرير المصير.

وقال د. عيسى: لو أن الفيتو غير موجود، لكنا حصلنا العام الماضي على دولة كاملة العضوية، ولكن الفيتو الأمريكي هو الذي أعاق هذا الحق، خاصة أن 132 دولة تعترف بنا كدولة، ورفعت مستوى تمثيلنا لديها إلى سفارة.

ورأى عيسى أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد في منظمة التحرير الفلسطينية، وهي التي ستقدم مشروع القرار في الأمم المتحدة، وليست السلطة الوطنية الفلسطيني، التي جاءت نتاج اتفاقية ثنائية بين إسرائيل ومنظمة التحرير.

وأكد د. عيسى أن إسرائيل إذا ما أخلت بالتفاوض، يكون لدى الدولة الفلسطينية الوليدة إمكانية لمحاسبتها دولياً، والقيادة الفلسطينية تدرس الخيارات المتوفرة لها، ولكن القيادة تقول دوماً أن لا تزال تؤمن بخيار المفاوضات للحصول على الحقوق الفلسطينية، ولا يمكن للقيادة الفلسطينية أن تفاوض وتتوجه إلى القضاء الدولي.

ونوه د. عيسى إلى أن الدولة الفلسطينية الوليدة ستكون قادرة على محاكمة إسرائيل على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني، كما أن إسرائيل ستصبح قادرة على محاكمة المقاومة الفلسطينية على عملياتها ضد الأهداف الإسرائيلية، إلا أن إسرائيل تخشى كثيراً من ذهاب فلسطين إلى محكمة العدل الدولية، أو محكمة الجنايات الدولية، إلا أنه أكد أن القيادة الفلسطينية وضعت هذا الشرط بغية إجبار إسرائيل على العودة إلى طاولة المفاوضات.